الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى الإِْمَامَ لِيَحْجُرَ عَلَيْهِ (1) .
الرَّأْيُ الثَّانِي: لَا يَفْتَقِرُ إِلَى قَضَاءِ قَاضٍ، لأَِنَّهُ يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ مُبَذِّرًا، كَمَا أَنَّ إِصْلَاحَهُ لِمَالِهِ يُطْلِقُهُ مِنَ الْحَجْرِ نَظَرًا لِوُجُودِ الْمُوجِبِ وَزَوَالِهِ فَأَشْبَهَ الْمَجْنُونَ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَابْنُ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَرْجُوحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (2) .
الرَّأْيُ الثَّالِثُ: التَّفْصِيل وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ زَال عَنْهُ الْحَجْرُ بِرُشْدِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ ثُمَّ سَفِهَ عَادَ بِلَا حُكْمِ حَاكِمٍ، وَإِنْ زَال عَنْهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَضَاءِ الْقَاضِي بِعَوْدَتِهِ، وَهُوَ وَجْهٌ آخَرُ لِلْحَنَابِلَةِ.
وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَمَا رُفِعَ بِقَضَاءٍ فَلَا يَعُودُ إِلَاّ بِقَضَاءٍ (3) .
إِشْهَادُ الْقَاضِي عَلَى حَجْرِهِ أَوْ إِعْلَانُهُ:
6 -
ذَهَبَ مَنْ قَال: إِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَضَاءِ قَاضٍ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي
(1) مواهب الجليل5 / 64.
(2)
مغني المحتاج 2 / 170 والمبدع 4 / 331 والمبسوط 24 / 163 وبلغة السالك 2 / 130، 140 ومواهب الجليل 5 / 64 وبدائع الصنائع 7 / 169.
(3)
المبدع 4 / 342.
أَنْ يُشْهِدَ عَلَى حَجْرِهِ وَأَنْ يُظْهِرَ ذَلِكَ وَيُعْلِنَهُ وَيُشْهِرَهُ فِي الأَْسْوَاقِ وَالْجَامِعِ؛ لِيَعْلَمَ النَّاسُ بِحَالِهِ، وَلِيَتَجَنَّبُوا مُعَامَلَتَهُ وَيُعْلِمَهُمْ أَنَّ مَنْ عَامَلَهُ فَقَدْ ضَيَّعَ مَالَهُ.
وَإِنْ رَأَى الْقَاضِي النِّدَاءَ بِذَلِكَ جَعَل مَنْ يُنَادِي بِالنَّاسِ بِحَجْرِهِ، وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ (1) .
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مِنْ قِبَل الْقَاضِي وَعَدَمِهِ مَا يَلِي:
إِذَا عَامَل السَّفِيهَ شَخْصٌ - عَلِمَ بِسَفَهِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ - بِشِرَاءٍ أَوْ إِقْرَاضٍ ثُمَّ تَلِفَ الشَّيْءُ الْمُشْتَرَى أَوْ ضَاعَ حَقُّ الْمُقْرِضِ، فَهَل يَضْمَنُ هُوَ أَوْ الضَّمَانُ عَلَى الشَّخْصِ الْمُتَعَامِل مَعَهُ؟
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِلَى أَنَّ تَصَرُّفَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مَرْدُودٌ وَلَوْ حَسُنَ تَصَرُّفُهُ، مَا لَمْ يَحْصُل الْفَكُّ عَنْهُ.
وَإِنْ تَعَامَل مَعَهُ أَحَدٌ وَهُوَ يَجْهَل فَأَفْعَالُهُ لَا تُرَدُّ بِاتِّفَاقِ فُقَهَائِهِمْ.
وَإِنْ عَلِمَ وَلَمْ يَكُنْ قَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مُهْمَلاً لَا وَلِيَّ لَهُ: فَتَصَرُّفُهُ مَاضٍ وَلَازِمٌ، فَلَا يُرَدُّ، وَلَوْ كَانَ بِدُونِ عِوَضٍ كَعِتْقٍ، لأَِنَّ عِلَّةَ الرَّدِّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَفْقُودٌ، وَهَذَا
(1) مواهب الجليل 5 / 64، تكملة المجموع 13 / 379، والمبدع 4 / 343.
قَوْل مَالِكٍ وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ.
أَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنَّهُ قَال: لَا يَمْضِي؛ لأَِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْحَجْرِ الْقَضَاءُ، وَعَلَى مَنْ يَتَوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ مُقَدَّمٍ الرَّدُّ، وَكَذَا لَهُ هُوَ الرَّدُّ بَعْدَ الرُّشْدِ.
أَمَّا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ - فَإِنَّهُ مَرْدُودٌ وَلَوْ حَسُنَ تَصَرُّفُهُ مَا لَمْ يَحْصُل الْفَكُّ عَنْهُ مِنْ وَصِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ مُقَدَّمٍ، وَهَذَا أَيْضًا عِنْدَ مَالِكٍ وَجُل أَصْحَابِهِ؛ لِوُجُودِ عِلَّةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ - وَهُوَ السَّفَهُ.
وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا رَشَدَ فَتَصَرُّفُهُ مَاضٍ قَبْل الْفَكِّ؛ لأَِنَّ الْعِلَّةَ مُجَرَّدُ السَّفَهِ وَقَدْ زَال بِرُشْدِهِ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَحْجُورًا إِلَاّ بَعْدَ قَضَاءِ قَاضٍ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَوْ أَقْرَضَهُ شَخْصٌ مَالاً - بَعْدَ الْحَجْرِ - أَوْ بَاعَ مِنْهُ مَتَاعًا لَمْ يَمْلِكْهُ؛ لأَِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الرُّشْدِ، فَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ بَاقِيَةً رُدَّتْ، وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً لَمْ يَضْمَنْهَا. عَلِمَ بِحَالِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَلَا يَضْمَنُ قَبْل فَكِّ الْحَجْرِ وَلَا بَعْدَهُ لأَِنَّهُ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِحَالِهِ فَقَدْ
(1) المواق ومواهب الجليل 5 / 66، وبلغة السالك 2 / 130.
تَعَامَل مَعَهُ عَلَى بَصِيرَةٍ وَأَنَّ مَالَهُ سَيَضِيعُ. وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَقَدْ فَرَّطَ حِينَ تَرَكَ اسْتِظْهَارَ أَمْرِهِ وَدَخَل فِي مُعَامَلَتِهِ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَعَدَمُ ضَمَانِهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ، هُوَ إِجْمَاعُ الشَّافِعِيَّةِ.
7 -
وَهَل يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ بَاطِنًا؛ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى؟
اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
الْوَجْهُ الأَْوَّل: يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ، وَبِهِ قَال الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ الْحَجْرَ لَا يُبِيحُ لَهُ مَال غَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ وَالنَّوَوِيِّ.
وَالتَّفْصِيل السَّابِقُ مُقَيَّدٌ بِمَا إِذَا قَبَضَ السَّفِيهُ الْمَال مِنْ رَشِيدٍ بِإِذْنِهِ وَتَلِفَ الْمَقْبُوضُ قَبْل مُطَالَبَةِ صَاحِبِهِ بِهِ.
أَمَّا لَوْ قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِ رَشِيدٍ أَوْ مِنْ رَشِيدٍ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ تَلِفَ بَعْدَ مُطَالَبَتِهِ صَاحِبَهُ بِهِ فَإِنَّ السَّفِيهَ يَضْمَنُ دُونَ خِلَافٍ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ مَنْ عَامَل السَّفِيهَ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مِنْ قِبَل الْقَاضِي وَأَتْلَفَ السَّفِيهُ الْمَال فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ