الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
امْرَأَتَيْنِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلأَِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْخُصُومَةِ الَّتِي نَهَى الشَّارِعُ عَنْهَا، وَمَنْعُ الْجَمْعِ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ حَقٌّ خَالِصٌ لَهُمَا فَيَسْقُطُ بِرِضَاهُمَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
وَذَهَبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى أَنَّ هَذَا الْحَقَّ لَا يَسْقُطُ وَلَوْ رَضِيَتِ الزَّوْجَةُ بِهِ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي دَارٍ لِكُل وَاحِدَةٍ مِنَ الزَّوْجَتَيْنِ بَيْتٌ فِيهَا فَذَهَبَ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الْقَوْل الرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. وَاشْتَرَطَ الْجُمْهُورُ لِصِحَّةِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لِكُل بَيْتٍ مَرَافِقُهُ الْخَاصَّةُ بِهِ، وَغَلْقٌ يُغْلَقُ بِهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا (1) .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ (وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ فِي مَذْهَبِهِمْ) إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي هَذِهِ الدَّارِ إِلَاّ بِرِضَاهُمَا. فَإِنْ أَبَيْنَ مِنْهُ أَوْ كَرِهَتْهُ إِحْدَاهُمَا فَلَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا.
الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَأَقَارِبِ الزَّوْجِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ:
6 -
الْمُرَادُ بِأَقَارِبِ الزَّوْجِ هُنَا الْوَالِدَانِ وَوَلَدُ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجَةِ.
(1) مجمع الأنهر 1 / 493 فتح القدير 4 / 207، نهاية المحتاج 7 / 186، كشاف القناع 5 / 196، الفروع 5 / 324، مواهب الجليل 4 / 13، الشرح الكبير 2 / 316.
فَالْجَمْعُ بَيْنَ الأَْبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ لَا يَجُوزُ (وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِنَ الأَْقَارِبِ) وَلِذَلِكَ يَكُونُ لِلزَّوْجَةِ الاِمْتِنَاعُ عَنِ السُّكْنَى مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لأَِنَّ الاِنْفِرَادَ بِمَسْكَنٍ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا حَقُّهَا، وَلَيْسَ لأَِحَدٍ جَبْرُهَا عَلَى ذَلِكَ. وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الشَّرِيفَةِ وَالْوَضِيعَةِ، وَقَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ الشَّرِيفَةِ وَالْوَالِدَيْنِ، وَبِجَوَازِ ذَلِكَ مَعَ الزَّوْجَةِ الْوَضِيعَةِ، إِلَاّ إِذَا كَانَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَضِيعَةِ وَالْوَالِدَيْنِ ضَرَرٌ عَلَيْهَا.
وَإِذَا اشْتَرَطَ الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ السُّكْنَى مَعَ الأَْبَوَيْنِ فَسَكَنَتْ، ثُمَّ طَلَبَتْ الاِنْفِرَادَ بِمَسْكَنٍ، فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، إِلَاّ إِذَا أَثْبَتَتِ الضَّرَرَ مِنَ السَّكَنِ مَعَ الْوَالِدَيْنِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِنْ كَانَ عَاجِزًا لَا يَلْزَمُهُ إِجَابَةُ طَلَبِهَا، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا يَلْزَمُهُ. وَقِيل: لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ مَا شَرَطَتْهُ عَلَيْهِ (1) .
(1) بدائع الصنائع 5 / 2213، بستان العارفين للإمام النووي ص 34، كشاف القناع 3 / 53، الشرح الكبير 2 / 474.