الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِشَيْءٍ يَسِيرٍ لَا يَرْوِي مِنَ الْعَطَشِ لَمْ تُبَحْ لِعَدَمِ حُصُول الْمَقْصُودِ بِهَا وَعَلَيْهِ الْحَدُّ (1) .
وَلَوْ عَجَنَ دَوَاءً بِخَمْرٍ أَوْ لَتَّهُ أَوْ جَعَلَهَا أَحَدَ أَخْلَاطِ الدَّوَاءِ ثُمَّ شَرِبَهَا وَالدَّوَاءُ هُوَ الْغَالِبُ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتِ الْخَمْرُ هِيَ الْغَالِبَةَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
لأَِنَّ الْمَغْلُوبَ يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِالْغَالِبِ إِذَا كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ (2) .
قَدْرُ حَدِّ السُّكْرِ وَحَدِّ الشُّرْبِ:
15 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مُطْلَقًا؛ أَيْ سَوَاءٌ سَكِرَ مِنْهَا أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَا شَرِبَهُ مِنْهَا قَلِيلاً أَمْ كَثِيرًا.
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَدْرِ الْحَدِّ الْوَاجِبِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْل الأَْوَّل:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ، (3) وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ
(1) كشاف القناع 6 / 117 - 118.
(2)
المبسوط 24 / 35.
(3)
حاشية ابن عابدين 4 / 41، البدائع 7 / 57، المبسوط 24 / 30، فتح القدير 5 / 310، حاشية الدسوقي 4 / 353، شرح منح الجليل 4 / 55، بداية المجتهد 2 / 477، المغني لابن قدامة 8 / 307، منتهى الإرادات 2 / 476، المحرر في الفقه ص 163، الإقناع 4 / 267.
عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْحَدَّ ثَمَانُونَ جَلْدَةً لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالأُْنْثَى، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ.
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي حَدِّ الْخَمْرِ فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: اجْعَلْهُ كَأَخَفِّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ، فَضَرَبَ عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكَتَبَ بِهِ إِلَى خَالِدٍ وَأَبِي عُبَيْدَةَ بِالشَّامِ.
وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا قَال فِي الْمَشُورَةِ: إِنَّهُ إِذَا سَكِرَ هَذَى وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانِينَ (1) .
الْقَوْل الثَّانِي:
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو ثَوْرٍ (2) إِلَى أَنَّ قَدْرَ الْحَدِّ أَرْبَعُونَ فَقَطْ، وَلَوْ رَأَى الإِْمَامُ بُلُوغَهُ ثَمَانِينَ جَازَ فِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى الأَْرْبَعِينَ تَكُونُ تَعْزِيرَاتٍ.
وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ عَلِيًّا جَلَدَ الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ أَرْبَعِينَ ثُمَّ قَال: جَلَدَ النَّبِيُّ
(1) أثر علي: إذا سكر هذي. . . أخرجه الدارقطني (3 / 157 - ط دار المحاسن) ، وأشار ابن حجر إلى الشك في ثبوته عن علي، كذا في التلخيص الحبير (4 / 75 - 76 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(2)
مغني المحتاج 4 / 189، نهاية المحتاج 8 / 14، حاشية الجمل 5 / 160، المغني 8 / 307، المحرر في الفقه ص 163، بداية المجتهد 2 / 477.