الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَل السُّفْتَجَةُ قَرْضٌ أَوْ حَوَالَةٌ:
؟
2 -
السُّفْتَجَةُ تُشْبِهُ الْحَوَالَةَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يُحِيل الْمُقْرِضَ إِلَى شَخْصٍ ثَالِثٍ فَكَأَنَّهُ نَقَل دَيْنَ الْمُقْرِضِ مِنْ ذِمَّتِهِ إِلَى ذِمَّةِ الْمُحَال عَلَيْهِ، وَالْحَوَالَةُ لَا تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا نَقْل الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةٍ إِلَى ذِمَّةٍ.
لَكِنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ - الْمَالِكِيَّةَ وَالشَّافِعِيَّةَ وَالْحَنَابِلَةَ وَبَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ - اعْتَبَرُوهَا مِنْ بَابِ الْقَرْضِ؛ لأَِنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَرْضِ الَّذِي يَجُرُّ مَنْفَعَةً هَل هُوَ جَائِزٌ أَوْ غَيْرُ جَائِزٍ، أَمَّا الْحَوَالَةُ فَهِيَ فِي دَيْنٍ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ فِعْلاً.
وَقَدْ ذَكَرَهَا بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ كَالْحَصْكَفِيِّ وَالْمَرْغِينَانِيِّ فِي آخِرِ بَابِ الْحَوَالَةِ مَعَ ذِكْرِهَا فِي بَابِ الْقَرْضِ أَيْضًا.
وَقَال ابْنُ الْهُمَامِ وَالْبَابَرْتِيُّ: أَوْرَدَ الْقُدُورِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هُنَا لأَِنَّهَا مُعَامَلَةٌ فِي الدُّيُونِ كَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ، وَقَال الْكَرْمَانِيُّ: هِيَ فِي مَعْنَى الْحَوَالَةِ لأَِنَّهُ أَحَال الْخَطَرَ الْمُتَوَقَّعَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ. وَهَذَا مَا قَالَهُ الْحَصْكَفِيُّ، قَال: السُّفْتَجَةُ: إِقْرَاضٌ لِسُقُوطِ خَطَرِ الطَّرِيقِ، فَكَأَنَّهُ أَحَال الْخَطَرَ الْمُتَوَقَّعَ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ فَكَانَ فِي مَعْنَى الْحَوَالَةِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ وَفِي نَظْمِ الْكَنْزِ لاِبْنِ الْفَصِيحِ:
وَكُرِهَتْ سَفَاتِجُ الطَّرِيقِ وَهِيَ إِحَالَةٌ عَلَى التَّحْقِيقِ. قَال شَارِحُهُ الْمَقْدِسِيُّ: لأَِنَّهُ يُحِيل صَدِيقَهُ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ يَكْتُبُ إِلَيْهِ (1) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 -
الْقَرْضُ مِنَ الْقُرَبِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهَا، وَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ، شُرِعَ لِلتَّعَاوُنِ بَيْنَ النَّاسِ وَتَفْرِيجِ كُرَبِ الْمُحْتَاجِينَ بِمَا يَبْذُلُهُ الْمُقْرِضُ لِلْمُسْتَقْرِضِ الْمُحْتَاجِ، وَهُوَ لَا يَطْلُبُ مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ سِوَى الثَّوَابَ مِنَ اللَّهِ سبحانه وتعالى، فَإِذَا طَلَبَ الْمُقْرِضُ مِنْ وَرَاءِ إِقْرَاضِهِ نَفْعًا خَاصًّا لَهُ مِنَ الْمُسْتَقْرِضِ فَقَدْ خَرَجَ بِذَلِكَ عَنْ مَوْضُوعِ الْقَرْضِ لأَِنَّهُ عَقْدُ إِرْفَاقٍ وَقُرْبَةٍ، وَلِذَلِكَ يَحْرُمُ إِذَا كَانَ يَجْلُبُ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ وَخَاصَّةً إِذَا شُرِطَ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ، كَأَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقْرِضُ زِيَادَةً عَمَّا أَقْرَضَ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الرِّبَا، وَمِنَ الْقَوَاعِدِ الْمَعْرُوفَةِ: أَنَّ كُل قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ حَرَامٌ، رَوَى ذَلِكَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ. قَال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الأَْحْمَرُ عَنْ
(1) ابن عابدين 4 / 174، 295، 296، وفتح القدير لابن الهمام وبهامشه العناية للبابر والكفاية للكرلاني 6 / 355، 356، دار إحياء التراث، والدسوقي 3 / 225، 226، والمهذب 1 / 311، والمغني 4 / 354 - 356.