الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِ كَأَنَّهُ غَيْرُ مَسْمُوعٍ (1) .
وَمِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى " السَّمِيعُ ".
وَالاِصْطِلَاحُ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الاِسْتِمَاعُ:
2 -
الاِسْتِمَاعُ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا: قَصْدُ السَّمَاعِ بُغْيَةَ فَهْمِ الْمَسْمُوعِ أَوِ الاِسْتِفَادَةِ مِنْهُ. أَمَّا السَّمْعُ فَقَدْ يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ الْقَصْدِ أَوْ بِدُونِهِ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الاِسْتِمَاعِ (2) .
ب -
الإِْنْصَاتُ:
3 -
الإِْنْصَاتُ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا: السُّكُوتُ لِلاِسْتِمَاعِ (3) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
4 -
السَّمْعُ - كَسَائِرِ الْحَوَاسِّ وَالْجَوَارِحِ - مِنْ أَجَل النِّعَمِ الَّتِي امْتَنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ بِهَا وَأَمَرَ بِحِفْظِهَا عَمَّا حَرَّمَهُ تَعَالَى. قَال تَعَالَى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ
(1) لسان العرب، مفردات الراغب وتعريفات الجرجاني.
(2)
المصباح، الفروق للعسكري 81، القليوبي 3 / 297.
(3)
المغرب، المصباح، النظم المستعذب للركبي 1 / 81، القليوبي 1 / 280.
وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُل أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً} (1) . وَقَال: {وَقَدْ نَزَّل عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} (2) .
وَالسَّمْعُ مِنْ أَهَمِّ حَوَاسِّ الإِْنْسَانِ وَأَشْرَفِهَا حَتَّى مِنَ الْبَصَرِ كَمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ إِذْ هُوَ الْمُدْرِكُ لِخِطَابِ الشَّرْعِ الَّذِي بِهِ التَّكْلِيفُ؛ وَلأَِنَّهُ يُدْرَكُ بِهِ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ، وَفِي كُل الأَْحْوَال، أَمَّا الْبَصَرُ فَيَتَوَقَّفُ الإِْدْرَاكُ بِهِ عَلَى الْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ (3) .
لِهَذَا يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَتَصَدَّى لأَِمْرٍ مُهِمٍّ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ الْعَامَّةِ كَالإِْمَامَةِ وَالْقَضَاءِ أَنْ يَكُونَ سَمِيعًا، فَلَا يَجُوزُ تَنْصِيبُ إِمَامٍ أَصَمَّ، وَلَا تَعْيِينُ قَاضٍ لَا يَسْمَعُ. وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِمَامَة كُبْرَى وَبَابِ: الْقَضَاءِ) .
وَيَحْرُمُ سَمَاعُ الْغِيبَةِ، وَفُحْشِ الْقَوْل، وَالْغِنَاءِ الْمُحَرَّمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ.
مَا يَجِبُ بِإِذْهَابِ السَّمْعِ بِجِنَايَةٍ:
5 -
السَّمْعُ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي لَا تَفُوتُ مَنْفَعَتُهَا
(1) سورة الإسراء / 36.
(2)
سورة النساء / 140.
(3)
نهاية المحتاج 7 / 334.
بِالْمُبَاشَرَةِ لَهَا بِالْجِنَايَةِ، بَل تَفُوتُ تَبَعًا لِمَحَلِّهَا أَوْ لِمُجَاوِرِهَا. وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا زَال السَّمْعُ بِسِرَايَةٍ مِنْ جِنَايَةٍ لَا قِصَاصَ فِيهَا تَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ (1) ، كَأَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ خَطَأً أَوْ مِمَّا يَتَعَذَّرُ مِنْهُ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَ الْجِنَايَةِ وَالْقِصَاصِ كَالْهَاشِمَةِ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ تَكَافُؤٌ بَيْنَ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنِ ابْنِ الْمُنْذِرِ قَوْلَهُ:" إِنَّ عَوَامَّ أَهْل الْعِلْمِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ فِي السَّمْعِ دِيَةً ". وَقَال: وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَبِهِ قَال مُجَاهِدٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَأَهْل الشَّامِ، وَأَهْل الْعِرَاقِ وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. قَال ابْنُ قُدَامَةَ:" لَا أَعْلَمُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ خِلَافًا لَهُمْ (2) ".
وَرُوِيَ عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: وَفِي السَّمْعِ دِيَةٌ (3) .
وَرُوِيَ أَنَّ رَجُلاً رَمَى رَجُلاً بِحَجَرٍ فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ وَلِسَانُهُ وَنِكَاحُهُ، فَقَضَى عُمَرُ رضي الله عنه بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ، وَالرَّجُل
(1) ابن عابدين 5 / 348، نهاية المحتاج 7 / 334، مواهب الجليل 6 / 248، المغني 8 / 9.
(2)
المغني 8 / 9.
(3)
حديث: " وفي السمع دية ". أورده البيهقي في سننه (8 / 85 - ط دائرة المعارف العثمانية) بلفظ: " في السمع مائة من الإبل "، وعزاه إلى أبي يحيى الساجي بإسناد ضعفه.
حَيٌّ؛ لأَِنَّ السَّمْعَ حَاسَّةٌ تَخْتَصُّ بِنَفْعٍ فَكَانَ فِيهَا الدِّيَةُ.
أَمَّا إِذَا ذَهَبَ بِجِنَايَةٍ فِيهَا الْقِصَاصُ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَجِبُ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ، فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِمِثْل فِعْلِهِ. فَإِنْ ذَهَبَ بِهِ فَقَدْ حَصَل الْمَقْصُودُ، وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أُذْهِبَ بِمُعَالَجَةٍ لأَِنَّ لِلسَّمْعِ مَحِلًّا مَضْبُوطًا، وَلأَِهْل الْخِبْرَةِ طُرُقٌ فِي إِبْطَالِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَلَكِنْ قَالُوا: إِذَا لَمْ يَبْطُل بِالْقِصَاصِ فَلَا يَبْطُل بِالْمُعَالَجَةِ بَل يَجِبُ عَلَى الْجَانِي أَوْ عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ (1) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا قِصَاصَ فِي إِبْطَال السَّمْعِ لِتَعَذُّرِ الاِقْتِصَاصِ فِيهِ (2) . وَالتَّفْصِيل فِي (الْقِصَاص)(وَالدِّيَة)(وَالْجِنَايَةُ فِي مَا دُونَ النَّفْسِ) . وَبَعْضُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَصْل مُصْطَلَحِ السَّمْعِ يُنْظَرُ فِي بَحْثِ (اسْتِمَاع)(وَأُذُن) .
(1) أسنى المطالب 4 / 25، نهاية المحتاج 7 / 286، مواهب الجليل 6 / 248، وكشاف القناع 5 / 552، 553.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 307.