الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِسْمُ دَاخِلاً فِي الْقِسْمِ الأَْوَّل وَهُوَ مَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ (الشُّبْهَةَ الْحُكْمِيَّةَ) . (1)
حُكْمُ تَعَاطِي الشُّبُهَاتِ:
4 -
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى حُرْمَةِ تَعَاطِي شُبْهَةِ الْمَحَل، وَمَثَّلُوا لَهَا بِوَطْءِ الأَْمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِلإِْجْمَاعِ عَلَى حُرْمَتِهِ.
أَمَّا شُبْهَةُ الْفِعْل. فَلَا تُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ، كَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا حَلِيلَتَهُ لأَِنَّهُ فِي حَالَةِ الْغَفْلَةِ عَنِ الْحَقِيقَةِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ اتِّفَاقًا، وَمِنْ ثَمَّ حُكِيَ الإِْجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ إِثْمِهِ، وَإِذَا انْتَفَى التَّكْلِيفُ انْتَفَى وَصْفُ فِعْلِهِ بِالْحِل وَالْحُرْمَةِ، وَهَذَا مَحْمَل قَوْلِهِمْ: وَطْءُ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ.
أَمَّا شُبْهَةُ الطَّرِيقِ فَيَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِحَسَبِ مَنْ قُلِّدَ، فَإِنْ قَلَّدَ مَنْ قَال بِالتَّحْرِيمِ حَرُمَتْ، وَإِلَاّ لَمْ تَحْرُمْ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ: حُرْمَةُ تَعَاطِي شُبْهَةِ الْمَحَل إِذَا كَانَ تَحْرِيمُهَا مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَوَطْءِ الْمُخْتَلِعَةِ عَلَى مَالٍ، حَيْثُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي أَنَّ الْخُلْعَ عَلَى مَالٍ يَقَعُ بَائِنًا، وَفِيمَا مَثَّل بِهِ
(1) حاشية ابن عابدين 3 / 151 - 153، الإقناع 2 / 81 تحفة المحتاج 7 / 304، الاختيار 4 / 90.
الشَّافِعِيَّةُ لِحُرْمَةِ تَعَاطِي شُبْهَةِ الْمَحِل مِنَ الْمُجْمَعِ عَلَى حُرْمَتِهِ، وَهُوَ وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ؛ مُوَافَقَةً لِلْحَنَفِيَّةِ. أَمَّا شُبْهَةُ الْفِعْل فَيُعْتَدُّ بِهَا شَرِيطَةَ أَنْ يَظُنَّ الْحِل، كَمَنْ وَطِئَ الْمُخْتَلِعَةَ عَلَى مَالٍ ظَانًّا الْحِل.
أَمَّا شُبْهَةُ الْعَقْدِ؛ فَالْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الاِعْتِدَادِ بِهَا فِي إِسْقَاطِ الْحَدِّ، وَهُوَ قَوْل الصَّاحِبَيْنِ خِلَافًا لأَِبِي حَنِيفَةَ.
وَقَدْ حَضَّتِ الشَّرِيعَةُ عَلَى تَجَنُّبِ الشُّبُهَاتِ وَوُجُوبِ الاِسْتِبْرَاءِ مِنْهَا؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الاِحْتِيَاطِ فِي الدِّينِ. يَدُل لَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ (1) وَفِي رِوَايَةٍ: فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِْثْمِ كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِْثْمِ أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ (2) .
وَفِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قُسِّمَتِ الأَْحْكَامُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: الأَْوَّل: الْحَلَال الْبَيِّنُ، وَالثَّانِي: الْحَرَامُ الْبَيِّنُ، وَالثَّالِثُ: مُشْتَبَهٌ لِخَفَائِهِ فَلَا يُدْرَى هَل هُوَ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ، وَلِذَا يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ لأَِنَّهُ إِنْ كَانَ حَرَامًا فَقَدْ
(1) حديث: " فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ". تقدم تخريجه ف 2.
(2)
رواية: " فمن ترك ما شبه عليه. . . . ". أخرجه البخاري (الفتح 4 / 290 - ط السلفية) .