الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُتْحَمٌ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ جِهَةِ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ، وَلِذَلِكَ اسْتَلَمَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دُونَ الآْخَرَيْنِ (1) . وَعَلَى أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمَّا نَقَضَ الْبَيْتَ وَبَنَاهُ إِنَّمَا زَادَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْحِجْرِ، وَأَنَّهُ أَقَامَهَا عَلَى الأُْسُسِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي عَايَنَهَا الْعُدُول مِنَ الصَّحَابَةِ وَكُبَرَاءِ التَّابِعِينَ، وَوَقَعَ الاِتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْحَجَّاجَ لَمْ يَنْقُضْ إِلَاّ جِهَةَ الْحِجْرِ خَاصَّةً.
كَمَا اسْتَدَل بِأَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ لَمَّا هَدَمَ الْكَعْبَةَ أَلْصَقَهَا بِالأَْرْضِ مِنْ جَوَانِبِهَا وَظَهَرَتْ أُسُسُهَا وَأَشْهَدَ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَرَفَعَ الْبِنَاءَ عَلَى ذَلِكَ الأَْسَاسِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ دُخُول الشَّاذَرْوَانِ ضِمْنَ الطَّوَافِ. فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى وُجُوبِ خُرُوجِ جَمِيعِ بَدَنِ الطَّائِفِ عَنِ الشَّاذَرْوَانِ، أَيْ: أَنْ يَكُونَ دَاخِلاً فِي ضِمْنِ مَا يَطُوفُ حَوْلَهُ، وَهَذَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَخَالَفَ الْحَنَفِيَّةُ فَلَمْ يُوجِبُوا ذَلِكَ وَصَحَّحُوا الطَّوَافَ فَوْقَهُ. قَالُوا: " لَكِنْ
(1) حديث استلام النبي صلى الله عليه وسلم الركنين اليمانين، ورد في حديث ابن عمر أنه قال:" لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 473 - ط السلفية) ومسلم (2 / 924 - ط الحلبي) واللفظ لمسلم.
يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طَوَافُهُ وَرَاءَهُ خُرُوجًا مِنَ الْخِلَافِ ". لَكِنْ مِنَ الْقَائِلِينَ بِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ مَنْ لَا يَقُول: إِنَّ الشَّاذَرْوَانَ مِنَ الْكَعْبَةِ (1) . وَفَرَّعَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ فُرُوعًا أَوْرَدَهَا النَّوَوِيُّ:
(1)
لَوْ طَافَ مَاشِيًا عَلَى الشَّاذَرْوَانِ وَلَوْ فِي خُطْوَةٍ لَمْ تَصِحَّ طَوْفَتُهُ تِلْكَ؛ لأَِنَّهُ طَافَ فِي الْبَيْتِ لَا بِالْبَيْتِ.
(2)
لَوْ طَافَ خَارِجَ الشَّاذَرْوَانِ وَكَانَ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ أَحْيَانًا عَلَى الشَّاذَرْوَانِ وَيَثِبُ بِالأُْخْرَى، لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ بِاتِّفَاقِ الشَّافِعِيَّةِ.
وَوَاضِحٌ أَنَّ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ غَيْرُ وَاقِعَيْنِ الآْنَ؛ لأَِنَّ الشَّاذَرْوَانَ رُفِعَ مِنْ أَعْلَامِهِ مَائِلاً حَتَّى يَنْتَهِيَ بِمُلَاصَقَةِ جِدَارِ الْكَعْبَةِ.
(3)
لَوْ طَافَ خَارِجَ الشَّاذَرْوَانِ وَكَانَ يَمَسُّ الْجِدَارَ بِيَدِهِ فِي مُوَازَاةِ الشَّاذَرْوَانِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ، فَفِي صِحَّةِ طَوَافِهِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا يَصِحُّ (2) .
(1) انظر قول ابن قدامة: " فصل: لو طاف على جدار الحجر وشاذروان الكعبة وهو ما فضل من حائطها لم يجزئ، لأن ذلك من البيت، فإذا لم يطف به لم يطف بكل البيت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف من وراء ذلك ".
(2)
المجموع 8 / 26، وانظر الحطاب 3 / 74، والمغني 3 / 383، وابن عابدين 2 / 168.