الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفُقَهَاءِ، أَوْ حَقًّا لِلْعَبْدِ عِنْدَ فَرِيقٍ آخَرَ مِنْهُمْ، لَكِنِ الْجَمِيعُ يَتَّفِقُونَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْكَنِ الَّذِي أَلْزَمَتْ نَفْسَهَا بِالْقَرَارِ فِيهِ.
(2)
وَفِي الْمُخْتَلِعَاتِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِّ السُّكْنَى، فَيَرَى الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْمُخَالِعُ الْبَرَاءَةَ مِنَ السُّكْنَى لَمْ يَجُزِ الشَّرْطُ؛ إِذِ السُّكْنَى فِي بَيْتِ الزَّوْجِ فِي الْعِدَّةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ إِسْقَاطُهُ، لَا بِعِوَضٍ وَلَا غَيْرِهِ
وَخَالَفَ الْحَنَابِلَةُ مَذْهَبَ الْجُمْهُورِ وَقَالُوا بِجَوَازِ أَنْ يُخَالِعَ الرَّجُل امْرَأَتَهُ الْحَامِل عَلَى سُكْنَاهَا وَنَفَقَتِهَا، وَيَبْرَأَ مِنْهَا (1) .
وَأَمَّا حَقُّ الْعَبْدِ فِي السُّكْنَى فَيَتَمَثَّل فِي كُل تَصَرُّفٍ يَكُونُ الْقَصْدُ مِنْهُ مَصْلَحَةَ الْعَبْدِ، كَهِبَةِ السُّكْنَى أَوْ بَيْعِهَا أَوْ إجَارَتِهَا، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ جَرَيَانُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مُتَّفِقًا مَعَ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُنَظِّمَةِ لَهَا؛ لأَِنَّ تَنْظِيمَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى.
(1) رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين 3 / 611، جامع الفصولين لابن قاضي شحاده 1 / 200، 201 شرح الخرشي على مختصر خليل 3 / 155، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج 6 / 398، وإعلام الموقعين عن رب العالمين لابن قيم الجوزية 4 / 37.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسُّكْنَى:
أَوَّلاً: السُّكْنَى كَحَقٍّ عَلَى الْغَيْرِ:
سُكْنَى الزَّوْجَةِ:
4 -
السُّكْنَى لِلزَّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَاجِبَةٌ، وَهَذَا الْحُكْمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَل لِلْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ السُّكْنَى عَلَى زَوْجِهَا. قَال تَعَالَى:{أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (1) فَوُجُوبُ السُّكْنَى لِلَّتِي هِيَ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ أَوْلَى. وَلأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الْمُعَاشَرَةَ بَيْنَ الأَْزْوَاجِ بِالْمَعْرُوفِ، قَال تَعَالَى:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (2) وَمِنَ الْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهِ أَنْ يُسْكِنَهَا فِي مَسْكَنٍ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا، كَمَا أَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَسْتَغْنِي عَنِ الْمَسْكَنِ؛ لِلاِسْتِتَارِ عَنِ الْعُيُونِ وَالاِسْتِمْتَاعِ وَحِفْظِ الْمَتَاعِ. فَلِذَلِكَ كَانَتِ السُّكْنَى حَقًّا لَهَا عَلَى زَوْجِهَا، وَهُوَ حَقٌّ ثَابِتٌ بِإِجْمَاعِ أَهْل الْعِلْمِ (3) .
الْجَمْعُ بَيْنَ زَوْجَتَيْنِ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي دَارٍ لِكُل وَاحِدَةٍ بَيْتٌ فِيهِ:
5 -
اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ
(1) سورة الطلاق / 6.
(2)
سورة النساء / 19.
(3)
بدائع الصنائع 4 / 15، المجموع شرح المهذب ص 256، تحفة المحتاج 7 / 443. مع حاشية الشرواني، والشرح الكبير للدردير 2 / 509، الفروع لابن مفلح 5 / 577.