الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَل يُشْتَرَطُ حُكْمُ قَاضٍ بِالْحَجْرِ لِتَرَتُّبِ أَحْكَامِهِ عَلَيْهِ
؟ .
5 -
السَّفَهُ - كَمَا تَقَدَّمَ - عَلَى نَوْعَيْنِ:
(1)
سَفَهٌ يَعْقُبُ الصِّبَا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَبْلُغَ سَفِيهًا.
(2)
وَسَفَهٌ يَطْرَأُ بَعْدَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ رَشِيدًا.
فَالأَْوَّل: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي افْتِقَارِهِ إِلَى قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَى رَأْيَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَفْتَقِرُ إِلَى قَضَاءِ قَاضٍ؛ لأَِنَّ الْحَجْرَ سَيَدُومُ، وَذَلِكَ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ دَفْعَ أَمْوَالِهِمْ إِلَيْهِمْ عَلَى إِينَاسِ الرُّشْدِ مِنْهُمْ، فَإِنْ لَمْ يُؤْنَسْ رُشْدُهُمْ فَهُمْ مَحْجُورُونَ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِمْ بِقَضَاءٍ تَحْصِيل الْحَاصِل.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ.
وَثَانِيهِمَا: افْتِقَارُهُ إِلَى قَضَاءِ قَاضٍ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَرَأْيُ أَبِي يُوسُفَ.
وَلِذَلِكَ أَجَازَ مَالِكٌ تَصَرُّفَاتِهِ قَبْل الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالسَّفِيهِ الْمُهْمَل؛ لأَِنَّ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ لِمَعْنَى النَّظَرِ لَهُ، وَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ النَّظَرِ وَالضَّرَرِ، فَفِي إِبْقَاءِ الْمِلْكِ لَهُ نَظَرٌ، وَفِي إِهْدَارِ قَوْلِهِ ضَرَرٌ، وَبِمِثْل هَذَا لَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُ
الْجَانِبَيْنِ مِنْهُ إِلَاّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي (1) .
وَأَمَّا الثَّانِي: فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ آرَاءٍ:
الرَّأْيُ الأَْوَّل: لَا يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ إِلَاّ بَعْدَ قَضَاءِ قَاضٍ بِذَلِكَ؛ لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: خُذُوا عَلَى يَدِ سُفَهَائِكُمْ (2) .
وَلِقَوْل عَلِيٍّ فِي الأَْثَرِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ: " لآَتِيَنَّ عُثْمَانَ لِيَحْجُرَ عَلَيْكَ ".
وَلأَِنَّ التَّبْذِيرَ يَخْتَلِفُ فَيَحْتَاجُ إِلَى الاِجْتِهَادِ وَإِذَا افْتَقَرَ السَّبَبُ إِلَى الاِجْتِهَادِ لَمْ يَثْبُتْ إِلَاّ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ كَالْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ.
وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِهِ قَال أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مَا عَدَا مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِمِ (3) .
وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إِلَاّ الْحَاكِمُ، فَإِذَا أَرَادَ الْوَالِدُ
(1) مغني المحتاج 2 / 170 والمبدع 4 / 331 وبلغة السالك 2 / 130 و140 ومواهب الجليل 5 / 64 وبدائع الصنائع 7 / 169 لأبي بكر بن مسعود الكاساني المتوفى 587 هـ الطبعة الأولى 1328 هـ والمبسوط 24 / 163.
(2)
حديث: " خذوا على يد سفهائكم ". تقدم تخريجه ف / 4م.
(3)
انظر المراجع السابقة.