الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سُكُوتُهُ رِضًا وَإِذْنًا بِالْبَيْعِ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يُعْتَبَرُ هَذَا السُّكُوتُ إِذْنًا وَلَا يَلْزَمُ بِهِ الْبَيْعُ، وَذَلِكَ لِقَاعِدَةِ: لَا يُنْسَبُ إِلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ (1) . وَعَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا، لَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ الصَّرِيحَةِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ بِيعَ مَالُهُ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَلَا يُعْذَرُ بِسُكُوتِهِ إِذَا ادَّعَاهُ. فَإِنْ مَضَى عَامٌ وَهُوَ سَاكِتٌ سَقَطَ حَقُّهُ فِي الثَّمَنِ أَيْضًا (2) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُمْ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ أَصْلاً، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَلَوْ بَاعَ مَال غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا (3) وَمِثْلُهُ مَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، قَال الْبُهُوتِيُّ: إِنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ وَسُكُوتِهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ (4) ، أَيِ الْمِلْكِ وَالإِْذْنِ.
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم مع حاشية الحموي ص 184، 185.
(2)
الزرقاني 5 / 19، والشرح الصغير للدردير 3 / 26.
(3)
نهاية المحتاج 3 / 391.
(4)
كشاف القناع 3 / 157
أَمَّا شِرَاءُ الْفُضُولِيِّ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (فُضُولِيّ) .
ب -
سُكُوتُ الْوَلِيِّ عِنْدَ بَيْعِ أَوْ شِرَاءِ مَنْ تَحْتَ وِلَايَتِهِ:
13 -
إِذَا رَأَى الْوَلِيُّ مُوَلِّيَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ التَّصَرُّفِ يُعْتَبَرُ سُكُوتُهُ رِضًا وَإِذْنًا فِي التِّجَارَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ. قَال الْمُوصِلِيُّ: لأَِنَّ سُكُوتَهُ عَنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ دَلِيل رِضًا، كَسُكُوتِ الشَّفِيعِ عِنْدَ تَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ؛ لأَِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْهُ يَتَصَرَّفُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَالْوَلِيُّ سَاكِتٌ، يَعْتَقِدُونَ رِضَاهُ بِذَلِكَ، وَإِلَاّ لَمَنَعَهُ، فَيُعَامِلُونَهُ مُعَامَلَةَ الْمَأْذُونِ. فَلَوْ لَمْ يُعْتَبَرْ سُكُوتُهُ رِضًا يُفْضِي ذَلِكَ إِلَى الإِْضْرَارِ بِهِمْ (1) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ لِلْمَالِكِيَّةِ: السُّكُوتُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُعْتَبَرُ رِضًا؛ لأَِنَّهُ يَحْتَمِل الرِّضَا وَالسَّخَطَ، فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ دَلِيلاً لِلإِْذْنِ عِنْدَ الاِحْتِمَال (2) .
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مِنْ أَصْل الْمَسْأَلَةِ سُكُوتَ الْقَاضِي فَقَالُوا: إِذَا رَأَى الْقَاضِي الصَّبِيَّ أَوِ
(1) الاختيار للموصلي 2 / 100، والبهجة شرح التحفة 2 / 295.
(2)
مغني المحتاج 2 / 100، والمغني لابن قدامة 5 / 85.