الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمُ السُّكُوتِ:
4 -
تَعَرَّضَ الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ لِحُكْمِ السُّكُوتِ فِي مُخْتَلَفِ الْمَسَائِل: وَفِيمَا يَلِي نَذْكُرُ أَحْكَامَهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، بَادِئِينَ بِ
الْحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ
، ثُمَّ حُكْمِ السُّكُوتِ وَأَثَرِهِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْعُقُودِ وَالدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ نُبَيِّنُ مَا ذَكَرَهُ الأُْصُولِيُّونَ إِجْمَالاً مَعَ التَّعَرُّضِ لِحُكْمِ الإِْجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
5 -
السُّكُوتُ مُبَاحٌ غَالِبًا، وَتَعْتَرِيهِ الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ الأُْخْرَى حَسَبَ الأَْحْوَال، وَقَدْ تَعَرَّضَ الْفُقَهَاءُ لِحُكْمِ السُّكُوتِ التَّكْلِيفِيِّ فِي مَسَائِل، مِنْهَا:
سُكُوتُ الْمُقْتَدِي:
6 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ السُّكُوتُ عَلَى الْمُقْتَدِي عِنْدَ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا، فَيَسْتَمِعُ إِذَا جَهَرَ الإِْمَامُ، وَيُنْصِتُ إِذَا أَسَرَّ. فَإِنْ قَرَأَ كُرِهَ تَحْرِيمًا، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (1) وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الآْيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: كُنَّا نَقْرَأُ خَلْفَ الإِْمَامِ
(1) سورة الأعراف / 204.
فَنَزَل {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنْ الْبَحْرِ: الْمَطْلُوبُ بِالآْيَةِ أَمْرَانِ: الاِسْتِمَاعُ وَالسُّكُوتُ، فَيُعْمَل بِكُلٍّ مِنْهُمَا. وَالأَْوَّل يَخُصُّ الْجَهْرِيَّةَ، وَالثَّانِي لَا، فَيُجْرَى عَلَى إِطْلَاقِهِ، فَيَجِبُ السُّكُوتُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا (1) . اهـ. وَقَال الْكَاسَانِيُّ: الاِسْتِمَاعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا عِنْدَ الْمُخَافَتَةِ بِالْقِرَاءَةِ فَالإِْنْصَاتُ مُمْكِنٌ عِنْدَ الْمُخَافَتَةِ بِالْقِرَاءَةِ، فَيَجِبُ بِظَاهِرِ النَّصِّ. وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ مَشْهُورٍ: إِنَّمَا جُعِل الإِْمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ. فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا (2) . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَةُ الإِْمَامِ قِرَاءَةٌ لَهُ (3) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَا تَجِبُ عَلَى الْمُقْتَدِي الْقِرَاءَةُ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الصَّلَاةُ جَهْرِيَّةً أَمْ سَرِيَّةً، لَكِنَّهُمْ قَالُوا بِاسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا لَا
(1) ابن عابدين 1 / 366، والبدائع 1 / 111.
(2)
حديث: " إنما جعل الإمام ليؤتم به. . . ". كذا أورده الكاساني، وهو عند مسلم بلفظ:" إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا. . إلى أن قال في رواية: وإذا قرأ فأنصتوا ". مسلم (1 / 303 - 304 - ط الحلبي) من حديث أبي موسى الأشعري.
(3)
البدائع 1 / 111. وحديث: " من كان له إمام فقراءة. . أخرجه ابن ماجه (1 / 277 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 175 - ط دار الجنان) .