الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السُّكْنَى مَعَ الْمُعْتَدَّةِ:
16 -
يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُل الْمُطَلِّقِ مُسَاكَنَةُ الْمُعْتَدَّةِ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الرَّجْعِيَّةِ وَالْبَائِنِ، إِلَاّ إِذَا كَانَتِ الدَّارُ لَهُمَا وَمَعَهُمَا مَحْرَمٌ، يُشْتَرَطُ فِيهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ مُمَيِّزًا بَصِيرًا، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى.
فَإِنْ كَانَ الَّذِي مَعَهُمَا مَحْرَمًا لَهُ، فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ أُنْثَى، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا مَحْرَمٌ لَهُ إِنْ كَانَ ذَكَرًا (1) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَجُوزُ لِلرَّجُل الدُّخُول عَلَى مُطَلَّقَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْفَظُهَا، وَلَا يُبَاحُ لَهُ السَّكَنُ مَعَهَا فِي دَارٍ جَامِعَةٍ لَهَا وَلِلنَّاسِ. وَحُجَّتُهُمْ فِي تَحْرِيمِ الاِخْتِلَاءِ بِهَا أَنَّ الطَّلَاقَ مُضَادٌّ لِلنِّكَاحِ الَّذِي قَدْ سَبَّبَ الإِْبَاحَةَ وَالإِْبْقَاءَ لِلضِّدِّ مَعَ وُجُودِ ضِدِّهِ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ إِذَا وَجَبَ الاِعْتِدَادُ فِي مَنْزِل الزَّوْجِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَسْكُنَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ إِذَا كَانَ الْمُطَلِّقُ عَدْلاً، سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا. وَالأَْفْضَل أَنْ يُحَال بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْنُونَةِ بِسِتْرٍ، إِلَاّ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ فَاسِقًا
(1) ` زاد المعاد 4 / 219، البجيرمي 4 / 85، كشاف القناع 3 / 276.
فَيُحَال بَيْنَهُمَا بِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ تَقْدِرُ عَلَى الْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُمَا. وَإِنْ تَعَذَّرَ فَلْتَخْرُجْ هِيَ وَتَعْتَدَّ فِي مَنْزِلٍ آخَرَ. وَكَذَا لَوْ ضَاقَ الْبَيْتُ. وَإِنْ خَرَجَ هُوَ كَانَ أَوْلَى، وَلَهُمَا أَنْ يَسْكُنَا بَعْدَ الثَّلَاثِ، إِذَا لَمْ يَلْتَقِيَا الْتِقَاءَ الأَْزْوَاجِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ خَوْفُ فِتْنَةٍ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِلْمُطَلِّقِ السُّكْنَى مَعَ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ، كَمَا أَنَّ لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ، وَلَا تَحْصُل الرَّجْعَةُ بِمُبَاشَرَتِهَا مِنَ الْقُبْلَةِ وَنَحْوِهَا، لَكِنْ تَحْصُل بِالْوَطْءِ، وَأَمَّا الْبَائِنُ فَلَا سُكْنَى لَهَا، وَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ. فَلَوْ كَانَتْ دَارُ الْمُطَلِّقِ مُتَّسَعَةً لَهُمَا، وَأَمْكَنَهَا السُّكْنَى فِي غُرْفَةٍ مُنْفَرِدَةٍ، وَبَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ (أَيْ بِمَرَافِقِهَا) وَسَكَنَ الزَّوْجُ فِي الْبَاقِي جَازَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَابٌ مُغْلَقٌ وَوُجِدَ مَعَهَا مَحْرَمٌ تَتَحَفَّظُ بِهِ جَازَ، وَإِلَاّ لَمْ يَجُزْ (1) .
سَكَنُ الْحَاضِنَةِ:
17 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي سُكْنَى الْحَاضِنَةِ، إِذَا لَمْ تَكُنْ هِيَ الأُْمَّ فِي حَال كَوْنِهَا فِي عِصْمَةِ الأَْبِ.
فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهُ تَجِبُ لَهَا السُّكْنَى فِي مَال الْمَحْضُونِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَاّ فَعَلَى مَنْ
(1) البحر الرائق 4 / 168، تبيين الحقائق للزيلعي 3 / 37، الخرشي 4 / 85، 86، كشاف القناع ط الرياض 5 / 343، 434، المبسوط للسرخسي 5 / 209، البحر الرائق 4 / 220.