الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّتِي تَجْمَعُ الدِّمَاغَ وَتُسَمَّى خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ.
11 -
الدَّامِغَةُ: وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ الْجِلْدَةَ الَّتِي تَجْمَعُ الدِّمَاغَ وَتَصِل إِلَى الدِّمَاغِ.
وَلَا يَعِيشُ الإِْنْسَانُ مَعَهَا غَالِبًا، وَلِذَلِكَ يَسْتَبْعِدُهَا مُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ مِنَ الشِّجَاجِ لأَِنَّهَا تُعْتَبَرُ قَتْلاً لِلنَّفْسِ لَا شَجًّا. كَذَلِكَ اسْتَبْعَدَ مُحَمَّدٌ الْخَارِصَةَ لأَِنَّهُ لَا يَبْقَى لَهَا أَثَرٌ غَالِبًا. هَذِهِ هِيَ الشِّجَاجُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
وَالْمَالِكِيَّةُ كَالْجُمْهُورِ إِلَاّ أَنَّهُمْ سَمَّوْا السِّمْحَاقَ (الْمِلْطَاةَ) وَعَرَّفُوهَا: بِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ وَلَمْ تَصِل إِلَيْهِ، وَأَطْلَقُوا السِّمْحَاقَ عَلَى مَا كَشَطَ الْجِلْدَ وَزَالَهُ عَنْ مَحَلِّهِ.
وَخَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ الْجُمْهُورَ فِي تَرْتِيبِ الشِّجَاجِ فَهِيَ عِنْدَهُمْ: الدَّامِيَةُ، فَالْخَارِصَةُ، فَالسِّمْحَاقُ، فَالْبَاضِعَةُ، فَالْمُتَلَاحِمَةُ، فَالْمِلْطَاةُ، فَالْمُوضِحَةُ، فَالْمُنَقِّلَةُ، فَالآْمَّةُ، فَالدَّامِغَةُ (1) .
مَا يَتَعَلَّقُ بِالشِّجَاجِ مِنْ أَحْكَامٍ:
أَوَّلاً - مَا يَجِبُ فِي الشِّجَاجِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ أَرْشٍ:
(1) ابن عابدين 5 / 372، البدائع 7 / 296، والدسوقي 4 / 251 - 252، ومغني المحتاج 4 / 26، وكشاف القناع 6 / 51 - 52، الزاهر ص 362 - 364.
5 -
الْجِنَايَةُ فِي الشِّجَاجِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ عَمْدًا وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ خَطَأً. فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَفِيهَا قَبْل الْمُوضِحَةِ مِنَ الشِّجَاجِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَلَا يُمْكِنُ إِهْدَارُهَا فَتَجِبُ الْحُكُومَةُ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الصَّحِيحِ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيَّةِ إِنْ لَمْ تُعْرَفْ نِسْبَةُ الشَّجَّةِ مِنَ الْمُوضِحَةِ، فَإِنْ عُرِفَتْ نِسْبَةُ الشَّجَّةِ مِنَ الْمُوضِحَةِ وَجَبَ قِسْطٌ مِنْ أَرْشِهَا بِالنِّسْبَةِ، وَقِيل: يَجِبُ أَكْثَرُ مِنَ الْحُكُومَةِ وَالْقِسْطِ مِنَ الْمُوضِحَةِ، لأَِنَّهُ وُجِدَ سَبَبُ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَإِنِ اسْتَوَيَا وَجَبَ أَحَدُهُمَا.
وَالْقَوْل بِوُجُوبِ الْقِسْطِ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ إِنْ عُرِفَتْ نِسْبَةُ الشَّجَّةِ مِنْهَا هُوَ قَوْل الْكَرْخِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ قَوْل الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ قُدَامَةَ.
وَمُقَابِل الصَّحِيحِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ فِي الدَّامِيَةِ بَعِيرًا وَفِي الْبَاضِعَةِ بَعِيرَيْنِ وَفِي الْمُتَلَاحِمَةِ ثَلَاثَةَ أَبْعِرَةٍ وَفِي السِّمْحَاقِ أَرْبَعَةَ أَبْعِرَةٍ، لأَِنَّ هَذَا يُرْوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي السِّمْحَاقِ مِثْل ذَلِكَ، رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْهُمَا، وَعَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِيهَا
نِصْفُ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَالصَّحِيحُ الأَْوَّل (أَيْ عَدَمُ التَّقْدِيرِ فِيمَا قَبْل الْمُوضِحَةِ) لأَِنَّهَا جِرَاحَاتٌ لَمْ يَرِدْ فِيهَا تَوْقِيتٌ فِي الشَّرْعِ فَكَانَ الْوَاجِبُ فِيهَا حُكُومَةٌ كَجِرَاحَاتِ الْبَدَنِ، وَرُوِيَ عَنْ مَكْحُولٍ قَال: قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُوضِحَةِ بِخَمْسٍ مِنَ الإِْبِل وَلَمْ يَقْضِ فِيمَا دُونَهَا (1) .
هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْخَطَأِ فِي جِنَايَةِ الشَّجَّةِ الَّتِي قَبْل الْمُوضِحَةِ، فَأَمَّا الْخَطَأُ فِي الْمُوضِحَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الشِّجَاجِ فَفِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، فَفِي الْمُوضِحَةِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الإِْبِل فِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الإِْبِل (2) .
وَقَدْ وَرَدَ تَفْصِيل دِيَاتِ الشِّجَاجِ فِي بَحْثِ (دِيَات) مِنَ الْمَوْسُوعَةِ الْفِقْهِيَّةِ 21 83 ف 64 وَمَا بَعْدَهَا.
6 -
وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ فِي الشِّجَاجِ عَمْدًا،
(1) ابن عابدين 5 / 373، الزيلعي 6 / 133، والفواكه الدواني 2 / 263، والدسوقي 4 / 270 - 271، ومغني المحتاج 4 / 59، كشاف القناع 5 / 558 و 6 / 52، والمغني 8 / 55 - 56.
(2)
حديث: " في الموضحة خمس من الإبل ". أخرجه النسائي (8 / 58 - 59 - ط المكتبة التجارية) وخرجه ابن حجر في التلخيص (4 / 17 - 18 - ط شركة الطباعة الفنية) وتكلم على أسانيده، ونقل تصحيحه عن جماعة من العلماء.
فَإِنْ كَانَتْ مُوضِحَةً فَفِيهَا الْقِصَاصُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (1) وَلأَِنَّهُ يُمْكِنُ الاِسْتِيفَاءُ فِيهَا بِغَيْرِ حَيْفٍ وَلَا زِيَادَةٍ، لأَِنَّ لَهَا حَدًّا تَنْتَهِي إِلَيْهِ السِّكِّينُ وَهُوَ الْعَظْمُ، وَإِنْ كَانَتِ الشَّجَّةُ فَوْقَ الْمُوضِحَةِ كَالْمُنَقِّلَةِ وَالآْمَّةِ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا، لأَِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِيهَا فَلَا يُوثَقُ بِاسْتِيفَاءِ الْمِثْل مِنْ غَيْرِ حَيْفٍ بِخِلَافِ الْمُوضِحَةِ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَإِذَا امْتَنَعَ الْقِصَاصُ وَجَبَ الدِّيَةُ. لَكِنْ قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ جِنَايَةً فَوْقَ الْمُوضِحَةِ أَنْ يُقْتَصَّ مُوضِحَةً؛ لأَِنَّهُ يَقْتَصُّ بَعْضُ حَقِّهِ، وَيَقْتَصُّ مِنْ مَحَل جِنَايَتِهِ، وَإِذَا اقْتَصَّ مُوضِحَةً كَانَ لَهُ أَرْشُ مَا زَادَ عَلَى الْمُوضِحَةِ؛ لأَِنَّهُ تَعَذَّرَ الْقِصَاصُ فِيهِ فَانْتَقَل إِلَى الْبَدَل، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَبِي حَامِدٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَرْشُ مَا زَادَ عَلَى الْمُوضِحَةِ؛ لأَِنَّهُ جَرْحٌ وَاحِدٌ فَلَا يُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ قِصَاصٍ وَدِيَةٍ (2) .
وَأَمَّا الشِّجَاجُ الَّتِي قَبْل الْمُوضِحَةِ كَالدَّامِيَةِ وَالْبَاضِعَةِ وَالْمُتَلَاحِمَةِ، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَفِي ظَاهِرِ
(1) سورة المائدة / 45.
(2)
البدائع 7 / 309 وابن عابدين 5 / 373 والفواكه الدواني 2 / 264، والدسوقي 4 / 251 - 252، ومغني المحتاج 4 / 28، والمهذب 2 / 179، والمغني 7 / 710.