الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّجَّةُ خَطَأً وَبَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ وَعَيْبٍ فِيهَا، فَفِيهَا الْمُقَدَّرُ مِنَ الأَْرْشِ أَوِ الْحُكُومَةِ عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ، وَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ بِأَنِ الْتَحَمَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَتِ الشِّجَاجُ مِمَّا قَرَّرَ الشَّارِعُ لَهَا أَرْشًا مُقَدَّرًا كَالْمُوضِحَةِ وَمَا فَوْقَهَا فَفِيهَا مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ مِنَ الدِّيَاتِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَيَّنَ هَذِهِ الدِّيَاتِ فِي كِتَابِهِ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَلَمْ يُفَصِّل.
أَمَّا مَا قَبْل الْمُوضِحَةِ وَهِيَ الشِّجَاجُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ إِذَا بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ إِلَى أَنَّ فِيهَا حُكُومَةَ عَدْلٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يُعْتَبَرَ أَقْرَبُ نَقْصٍ إِلَى الاِنْدِمَال، وَقِيل: يُقَدِّرُ الْقَاضِي النَّقْصَ لِئَلَاّ تَخْلُوَ الْجِنَايَةُ عَنْ غُرْمِ التَّعْزِيرِ.
أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَقَدْ قَال أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ بَرِئَتِ الشِّجَاجُ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ بِأَنِ الْتَحَمَتْ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا أَثَرٌ فَلَا شَيْءَ فِيهَا؛ لأَِنَّ الأَْرْشَ إِنَّمَا يَجِبُ بِالشَّيْنِ الَّذِي يَلْحَقُ الْمَشْجُوجَ بِالأَْثَرِ، وَقَدْ زَال فَسَقَطَ الأَْرْشُ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ حُكُومَةُ الأَْلَمِ، لأَِنَّ الشَّجَّةَ قَدْ تَحَقَّقَتْ وَلَا سَبِيل إِلَى إِهْدَارِهَا وَقَدْ تَعَذَّرَ إِيجَابُ أَرْشِ الشَّجَّةِ فَيَجِبُ أَرْشُ الأَْلَمِ، وَقَال مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ أُجْرَةُ الطَّبِيبِ بِسَبَبِ هَذِهِ
الشَّجَّةِ، فَكَأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ هَذَا الْقَدْرَ مِنَ الْمَال (1) .
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهُ يَجِبُ التَّعْزِيرُ فِيمَا لَوْ بَرِئَتِ الْجِنَايَةُ وَلَمْ يَبْقَ أَثَرٌ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَاتِ (الْجِنَايَة عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ - تَدَاخُل - دِيَات) .
ثَالِثًا - كَيْفِيَّةُ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي الشِّجَاجِ:
11 -
لاِسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ فِي الشَّجَّةِ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْجُرْحِ بِالْمِسَاحَةِ طُولاً وَعَرْضًا، فَلَوْ كَانَتِ الشَّجَّةُ مُوضِحَةً (وَهِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ الْقِصَاصِ بِهَا فِي الْعَمْدِ) فَإِنَّهُ يُعْرَفُ قَدْرُهَا بِالْمِسَاحَةِ طُولاً وَعَرْضًا دُونَ النَّظَرِ إِلَى كَثَافَةِ اللَّحْمِ؛ لأَِنَّ حَدَّ الْمُوضِحَةِ الْعَظْمُ، وَالنَّاسُ يَخْتَلِفُونَ فِي قِلَّةِ اللَّحْمِ وَكَثْرَتِهِ (2) .
(1) البدائع 7 / 316، وابن عابدين 5 / 379، والزيلعي 6 / 138، والدسوقي 4 / 260، والفواكه الدواني 2 / 263، وجواهر الإكليل 2 / 267، ومغني المحتاج 4 / 61، 78، وكشاف القناع 6 / 51، 58، وشرح منتهى الإرادات 3 / 326 - 327.
(2)
البدائع 7 / 309، ومغني المحتاج 4 / 31 - 32، وكشاف القناع 5 / 559، والمغني 7 / 705، والفواكه الدواني 2 / 263، والدسوقي 4 / 251، والمواق 6 / 246.