الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَنْ يَفُكُّ حَجْرَ السَّفِيهِ:
9 -
السَّفَهُ - كَمَا تَقَدَّمَ - نَوْعَانِ: نَوْعٌ اسْتَمَرَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَآخَرُ طَرَأَ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا.
أَمَّا إِذَا كَانَ قَدِ اسْتَمَرَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ: فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي زَوَال الْحَجْرِ عَنْهُ عَلَى ثَلَاثَةِ آرَاءٍ:
أَحَدُهَا: إِنَّهُ يَزُول بَعْدَ زَوَال السَّفَهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى حُكْمِ حَاكِمٍ، أَوْ فَكِّ وَلِيٍّ، أَوْ إِذْنِ زَوْجٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَوْل مَنْ لَا يَرَى لُزُومَ حُكْمِ الْحَاكِمِ فِي الْحَجْرِ عَلَيْهِ.
وَعَلَّلُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ بِدُونِ حُكْمِ حَاكِمٍ فَيَزُول بِغَيْرِ حُكْمِ حَاكِمٍ كَالْحَجَرِ عَلَى الْمَجْنُونِ (1) .
وَثَانِيهَا: لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ فِي زَوَالِهِ، وَهُوَ الْقَوْل الثَّانِي لِلشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ الرُّشْدَ يَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ.
وَعُلِّل ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَجْرِ الْقَاضِي عَلَيْهِ فَلَا يُفَكُّ إِلَاّ بِقَرَارٍ مِنْهُ.
وَثَالِثُهَا: إِنْ كَانَ وَلِيُّهُ الْوَصِيَّ أَوْ مُقَدَّمَ الْقَاضِي
(1) مغني المحتاج 2 / 170 والمبدع 4 / 331 والمبسوط 24 / 163 وبلغة السالك 2 / 130.
فَلَا يَحْتَاجُ فَكُّهُمَا الْحَجْرَ عَنْهُ إِلَى إِذْنِ الْقَاضِي بَل هُمَا يَفُكَّانِهِ.
أَمَّا إِنْ كَانَ الأَْبُ فَإِنَّهُ يَفُكُّ عَنْهُ بِرُشْدِهِ، إِلَاّ إِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْل الرُّشْدِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (1) .
وَإِنْ طَرَأَ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى مَذْهَبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ لِفَكِّهِ قَضَاءُ قَاضٍ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَبِهِ قَال أَبُو يُوسُفَ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَبِهِ قَال الشَّافِعِيَّةُ، وَجَمِيعُ مَنْ يُشْتَرَطُ لِحَجْرِهِ حُكْمُ حَاكِمٍ.
وَعَلَّلُوا ذَلِكَ: بِأَنَّهُ ثَبَتَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ فَلَا يَزُول إِلَاّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ (2) .
وَثَانِيهِمَا: لَا يُشْتَرَطُ قَضَاءُ الْقَاضِي لِزَوَالِهِ بَل يَكْفِي انْتِفَاءُ السَّفَهِ عَنْهُ لاِعْتِبَارِهِ رَشِيدًا وَهُوَ قَوْل أَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُ حَجْرٌ سَبَبُهُ السَّفَهُ وَقَدْ زَال كَالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ (3) .
(1) الدسوقي 3 / 296 ومواهب الجليل 5 / 65.
(2)
المبدع 4 / 342 والدر المختار مع حاشية ابن عابدين 6 / 152 ومغني المحتاج 2 / 170 تكملة المجموع 13 / 382.
(3)
المبدع 4 / 342.