الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِشَخْصٍ آخَرَ: وَهَبْتُ لَكَ دَارِي لِلسُّكْنَى، أَوْ: مَلَّكْتُكَ سُكْنَى عِمَارَتِي. فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَكُونُ سُكْنَى الدَّارِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إِذَا تَمَّتِ الْهِبَةُ مُسْتَوْفِيَةً لِلشُّرُوطِ وَالأَْرْكَانِ اللَاّزِمِ تَوَافُرُهَا فِيهَا. وَيَجُوزُ لَهُ كَذَلِكَ أَنْ يُسْكِنَهَا لِغَيْرِهِ بِالإِْجَارَةِ أَوْ بِالإِْعَارَةِ (1) . وَمَلَكِيَّةُ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَال لِلْهِبَةِ غَيْرُ لَازِمَةٍ، فَيَجُوزُ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الإِْيجَابُ مُقَيَّدًا فَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (هِبَة، وَعُمْرَى، وَرُقْبَى) . وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ لِلْوَاهِبِ اسْتِرْجَاعُ السُّكْنَى فِيهِ إِذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِوَقْتٍ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ (2) فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَهُمْ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَاهِبِ اسْتِرْجَاعُ الْعَيْنِ الْمَوْهُوبَةِ لِلسُّكْنَى أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ، وَلَا تَتَقَيَّدُ فِي الرُّجُوعِ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ؛ لأَِنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ مِنْ قَبِيل الْعَارِيَّةِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ (3) فِي قَوْلِهِمُ الثَّانِي إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَاهِبِ هِبَةَ السُّكْنَى
(1) تحفة المحتاج 6 / 296.
(2)
بدائع الصنائع للكاساني 8 / 3673، المقنع لابن قدامة المقدسي 2 / 336، مغني المحتاج 2 / 2399.
(3)
مواهب الجليل للحطاب 6 / 61، 62، مغني المحتاج 4 / 399.
أَنْ يَسْتَرْجِعَ السُّكْنَى إِلَاّ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ. فَإِذَا مَاتَ (الْوَاهِبُ) قَبْل مَوْتِ (الْمَوْهُوبِ لَهُ) فَإِنَّ الْمَسْكَنَ يَرْجِعُ إِلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ مَوْتِ (الْمَوْهُوبِ لَهُ) . وَأَصْحَابُ هَذَا الرَّأْيِ يَعْتَبِرُونَ الْمَسْكَنَ كَالْمُعَمَّرِ.
حِيَازَةُ الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ:
22 -
الْمِلْكِيَّةُ لِلدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ تَثْبُتُ بِالْقَبْضِ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (1) ، وَتَثْبُتُ الْمِلْكِيَّةُ (2) عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ لِتَمَامِ الْعَقْدِ الْحِيَازَةَ لِلدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَإِذَا وَهَبَ شَخْصٌ لآِخَرَ دَارًا فَإِنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ تَثْبُتُ لَهُ مَلَكِيَّةُ الدَّارِ، وَتُصْبِحُ نَافِذَةً عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ بِحِيَازَةِ هَذِهِ الدَّارِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بَالِغًا رَشِيدًا.
فَإِذَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فَيَقُومُ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ نِيَابَةً عَنْهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْوَاهِبَ. فَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْوَاهِبَ فَإِنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَقُولُونَ تُخْلَى الدَّارُ الْمَوْهُوبَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَلَا يَسْكُنُهَا الْوَلِيُّ، فَإِنْ سَكَنَهَا بَطَلَتِ الْهِبَةُ (3) .
(1) المبسوط 12 / 48، مغني المحتاج 2 / 400، المقنع 2 / 332.
(2)
كفاية الطالب الرباني 2 / 215، الخرشي 7 / 105.
(3)
التاج والإكليل للمواق هامش مواهب الجليل للحطاب 6 / 60.