الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتُسَنُّ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ خُصُوصًا لِنَحْوِ قُدُومِ سَفَرٍ (1) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (مُصَافَحَة) .
د -
الْمُعَانَقَةُ:
6 -
الْمُعَانَقَةُ فِي اللُّغَةِ: الضَّمُّ وَالاِلْتِزَامُ وَاعْتَنَقْتُ الأَْمْرَ: أَخَذْتُهُ بِجَدٍّ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي أَنَّ الْمُعَانَقَةَ هِيَ جَعْل الرَّجُل عُنُقَهُ عَلَى عُنُقِ صَاحِبِهِ.
وَقَدْ كَرِهَهَا مَالِكٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لأَِنَّهَا مِنْ فِعْل الأَْعَاجِمِ.
قَال الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ الْمُعَانَقَةَ، لأَِنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ فَعَلَهَا إِلَاّ مَعَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْحَبَشَةِ، وَلَمْ يَصْحَبْهَا الْعَمَل مِنَ الصَّحَابَةِ بَعْدَهُ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْمَالِكِيَّةِ مِنَ الْفُقَهَاءِ، كَالْحَنَابِلَةِ فَقَالُوا بِجَوَازِهَا، فَفِي الآْدَابِ الشَّرْعِيَّةِ لاِبْنِ مُفْلِحٍ إِبَاحَةُ الْمُعَانَقَةِ. وَمِثْلُهَا تَقْبِيل الْيَدِ وَالرَّأْسِ تَدَيُّنًا وَإِكْرَامًا وَاحْتِرَامًا مَعَ أَمْنِ الشَّهْوَةِ؛
(1) المصباح مادة (صفح) ، وابن عابدين 5 / 242 المصرية، الفواكه الدواني 2 / 424 ط حلب، حاشية القليوبي 3 / 213 ط حلب.
لِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَانَقَهُ (1) . قَال إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الرَّجُل يَلْقَى الرَّجُل، يُعَانِقُهُ؟ قَال: نَعَمْ فَعَلَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ.
وَمُعَانَقَةُ الأَْجْنَبِيَّةِ وَالأَْمْرَدِ حَرَامٌ، كَمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَمُعَانَقَةُ الرَّجُل زَوْجَتَهُ مَكْرُوهَةٌ فِي الصَّوْمِ، وَكَذَا مُعَانَقَةُ ذَوِي الْعَاهَاتِ مِنْ بَرَصٍ وَجُذَامٍ؛ أَيْ: مَكْرُوهَةٌ. وَأَمَّا الْمُعَانَقَةُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، كَمُعَانَقَةِ الرَّجُل لِلرَّجُل فَهِيَ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ خَاصَّةً عِنْدَ الْقُدُومِ مِنَ السَّفَرِ (2) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحِ (مُعَانَقَة) .
صِيغَةُ السَّلَامِ وَصِيغَةُ الرَّدِّ:
7 -
صِيغَةُ السَّلَامِ وَصِفَتُهُ الْكَامِلَةُ أَنْ يَقُول الْمُسْلِمُ: " السَّلَامُ عَلَيْكُمْ " بِالتَّعْرِيفِ وَبِالْجَمْعِ. سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا
(1) حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم عانق أبا ذر أخرجه أبو داود (5 / 389 - 390 تحقيق عزت عبيد دعاس) وأعله ابن مفلح بجهالة الراوي عن أبي ذر، كذا في الآداب الشرعية (2 / 275 - ط المنار) .
(2)
المصباح مادة (عنق) ، ابن عابدين 2 / 282 - 283، 5 / 244 ط المصرية، الفواكه الدواني 2 / 425 ط حلب، حاشية عميرة 2 / 58 ط حلب، حاشية القليوبي 3 / 213 ط حلب، الآداب الشرعية لابن مفلح 2 / 270، 272 ط الرياض.
أَوْ جَمَاعَةً؛ لأَِنَّ الْوَاحِدَ مَعَهُ الْحَفَظَةُ كَالْجَمْعِ مِنَ الآْدَمِيِّينَ وَهَذِهِ الصِّيغَةُ هِيَ الْمَرْوِيَّةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَقُول: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، بِالتَّنْكِيرِ، إِلَاّ أَنَّ التَّعْرِيفَ أَفْضَل؛ لأَِنَّهُ تَحِيَّةُ أَهْل الدُّنْيَا. فَأَمَّا " سَلَامٌ " بِالتَّنْكِيرِ فَتَحِيَّةُ أَهْل الْجَنَّةِ. كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (1) .
8 -
وَالأَْكْمَل أَنْ يَقُول: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، بِتَأْخِيرِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ، فَلَوْ قَال: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ، أَوْ: عَلَيْكَ السَّلَامُ، كَانَ مُخَالِفًا لِلأَْكْمَل؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ سُلَيْمٍ قَال: لَقِيتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُول اللَّهِ، فَقَال: لَا تَقُل عَلَيْكَ السَّلَامُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَيِّتِ وَلَكِنْ قُل: السَّلَامُ عَلَيْكَ (2) قَال الْقُرْطُبِيُّ: لَمَّا جَرَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ بِتَقْدِيمِ اسْمِ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ فِي الشَّرِّ كَقَوْلِهِمْ (عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، وَغَضَبُ اللَّهِ) نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ، لَا أَنَّ ذَاكَ هُوَ اللَّفْظُ الْمَشْرُوعُ فِي حَقِّ الْمَوْتَى؛ لأَِنَّهُ عليه السلام ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ سَلَّمَ عَلَى الْمَوْتَى، كَمَا سَلَّمَ عَلَى الأَْحْيَاءِ فَقَال
(1) سورة الرعد / 24.
(2)
حديث: " لا تقل عليك السلام ". أخرجه أبو داود (4 / 344 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث جابر بن سليم، وأخرجه كذلك الترمذي (5 / 72 - ط الحلبي) وقال: / " حديث صحيح ".
: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ.
وَهَذَا لَيْسَ عَلَى سَبِيل التَّحْرِيمِ، بَل هُوَ خِلَافُ الأَْكْمَل أَوْ مَكْرُوهٌ كَمَا قَال الْغَزَالِيُّ. وَعَلَى كُل حَالٍ فَيَجِبُ رَدُّ السَّلَامِ (1) .
ثُمَّ إِنَّ أَكْثَرَ مَا يَنْتَهِي إِلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْبَرَكَةِ فَتَقُول: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَل، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رَجُلاً سَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَال: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَقَال عُرْوَةُ: مَا تَرَكَ لَنَا فَضْلاً، إِنَّ السَّلَامَ قَدِ انْتَهَى إِلَى: وَبَرَكَاتُهُ. وَذَلِكَ كَمَا فِي رُوحُ الْمَعَانِي؛ لاِنْتِظَامِ تِلْكَ التَّحِيَّةِ لِجَمِيعِ فُنُونِ الْمَطَالِبِ الَّتِي هِيَ السَّلَامَةُ عَنِ الْمَضَارِّ، وَنَيْل الْمَنَافِعِ وَدَوَامُهَا وَنَمَاؤُهَا.
وَقِيل: يَزِيدُ الْمُحَيَّى إِذَا جَمَعَ الْمُحَيِّي الثَّلَاثَةَ لَهُ وَهِيَ السَّلَامُ وَالرَّحْمَةُ وَالْبَرَكَةُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم جَمِيعًا قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَلَّمَ
(1) حاشية العدوي على الرسالة 2 / 435 ط المعرفة، القرطبي 5 / 300 - 301 ط الأولى، الأذكار للنووي 390 ط الأولى، والفتوحات الربانية شرح الأذكار 5 / 322 والحديث:" السلام عليكم دار قوم مؤمنين " أخرجه مسلم (1 / 218 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.