الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحدهمَا استبداد الْوُلَاة بقاحية الدولة عِنْد تقلص ظلها فيستجد كل وَاحِد مِنْهُم ملكا يورثه عَنهُ أبناؤه أَو موَالِيه ويستعجل أَمرهم بالتدريج وَمن لَهُ فضل غلب على مَا بيد صَاحبه
تَمْثِيل قَالَ كَمَا وَقع فِي دولة بني الْعَبَّاس حِين تقلص ظلها عَن القاصية بأخذها فِي الْهَرم فاستبد بَنو سامان بِمَا وَرَاء النَّهر وَبَنُو حمدَان بالموصل وَالشَّام وَبَنُو طولون بِمصْر
وكما وَقع فِي الدولة الأموية بالأندلس حِين افترق ملكهَا فِي ولايتها وانقسمت دولا وممالك أورثوها قرابتهم ومواليهم
تَعْرِيف قَالَ وَهَذَا النَّوْع لاحرب فِيهِ لاقتصارهم على تملك مَا بِأَيْدِيهِم وَإِنَّمَا الدولة أدْركهَا الْهَرم فعجزت عَن الْوُصُول إِلَيْهِم
الثَّانِي خُرُوج خَارج على الدولة أما بدعوة تحمل النَّاس عَلَيْهَا أَو شَوْكَة يسمونها للتغلب على الدولة العاجزة عَن الدفاع لهرمها فَلَا يزَال يطالبها بالمحاربة إِلَى أَن يظفر بهَا
الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة
إِن الدولة المستجدة إِنَّمَا تستولي على الدولة المستقرة بالمطاولة لَا بالمناجزة غَالِبا
وَذَلِكَ حَيْثُ الْمُطَالبَة كَمَا فِي النَّوْع الثَّانِي الْمُتَقَدّم فِي الْمَسْأَلَة قبل وَسَببه أُمُور
أَحدهَا أَن قُوَّة كل من الْجَانِبَيْنِ واف بِقُوَّة الْجَانِب الآخر
ليَكُون الْحَرْب سجلا ومتكررا إِلَى أَن يَقع الِاسْتِيلَاء بالمطاولة وَلَا يحصل بالمناجزة غَالِبا
الثَّانِي إِن طَاعَة الدولة المستقرة ضَرُورِيَّة فِي النُّفُوس وَذَلِكَ عائق لمطالبها وكاسر من همم أَكثر اتباعها إِلَى الصَّبْر والمطالبة إِلَى أَن يظفر بمقصوده
الثَّالِث أَن الدولة المستقرة لما استحكم فِيهَا من ترف ملكهَا ووفور عصائبها تستظهر بِمَا ترهب بِهِ عدوها والمستجدة بمعزل فتحجم عَن الْقِتَال وتضطر إِلَى المطاولة وَرُبمَا يستحكم خلل المستقرة فِي العصبية والجباية وَإِذ ذَاك تنتهز فرْصَة الِاسْتِيلَاء عَلَيْهَا
شَوَاهِد وُقُوع من مَشْهُور مَا يعْتد لهَذَا الِاعْتِبَار وقائع مَذْكُورَة
أَحدهَا تغلب بني الْعَبَّاس على الدولة الأموية بعد عشر سِنِين من ظُهُور دعوتهم بخراسان
الثَّانِيَة اسْتِيلَاء بني عبيد على الْمغرب كُله بعد إِقَامَة داعيهم أبي عبد الله الشيعي عشر سِنِين بأقصاه وَسموا إِلَى ملك مصر فأقاموا نَحْو ثَلَاثِينَ سنة فِي طلبَهَا وَبعد ذَلِك استولوا عَلَيْهَا
الثَّالِثَة تملك السلجوقية من مُلُوك التّرْك بخراسان بعد نَحْو ثَلَاثِينَ سنة من مطالبها ثمَّ بَغْدَاد واستولوا عَلَيْهَا وعَلى الْخَلِيفَة بهَا بعد أَيَّام من الدَّهْر
الرَّابِعَة خُرُوج التتر من الْمَفَازَة أَعْوَام سَبْعَة عشر وسِتمِائَة فَلم يتم لَهُم الِاسْتِيلَاء إِلَّا بعد أَرْبَعِينَ سنة
الْخَامِسَة ظُهُور المرابطين على مُلُوك الْمغرب بعد سِنِين من خُرُوجهمْ من صحرائهم
السَّادِسَة استظهار الْمُوَحِّدين عَلَيْهِم بالدعوة المهدية ثمَّ لم يتمم أمرهَا إِلَّا بعد ثَلَاثِينَ سنة وَإِذ ذَلِك استولوا على مراكش كرْسِي ملكهم
السَّابِعَة قيام بني مرين على الْمُوَحِّدين بعد نَحْو ثَلَاثِينَ سنة مُنْذُ ملكوا فاس واقتطعوها وأعمالها من ملكهم ثمَّ بعد ثَلَاثِينَ أُخْرَى استولوا على مراكش كرْسِي سلطانهم وَهَكَذَا حَال الدول المستجدة مَعَ المستقرة فِي الْمُطَالبَة والمطاولة سنة الله فِي عباده وَلنْ تَجِد فِي سنة الله تبديلا
تَنْبِيه لايعترض هُنَا باستيلاء الدولة الإسلامية على فَارس وَالروم لثلاث أَو أَربع من وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِأَنَّهُ من معجزاته الخارقة للْعَادَة وسره استماتة الْمُسلمين استبصار بِالْإِيمَان وبوقوع الرعب