المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ديوان العمل والجباية - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: ‌ديوان العمل والجباية

‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

‌ديوَان الْعَمَل والجباية

وفيهَا مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى قَالَ ابْن خلدون وَهِي وَظِيفَة ضَرُورِيَّة للْملك وجزء عَظِيم مِنْهُ بل هِيَ ثَلَاثَة أَرْكَانه لِأَنَّهُ لَا بُد لَهُ من الْجند وَالْمَال والمخاطبة لمن غَابَ عَنهُ فَيحْتَاج صَاحبه إِلَى أَوَان فِي أَمر السَّيْف والقلم وَالْمَال فينفرد صَاحبهَا بِجُزْء من رياسة الْملك فِي الْقيام على أَعمال الجباية وَحفظ حُقُوق الدولة فِي الدُّخُول وَالْخُرُوج وإحصاء العساكر وَتَقْدِير أَرْزَاقهم وَصرف أَعطيتهم فِي وَقتهَا وَالرُّجُوع فِي ذَلِك إِلَى القوانين الَّتِي لَا يقوم بهَا إِلَّا المهرة من أَرْبَاب يلك الْعمَّال وَيُسمى كتابها بالديوان وَكَذَا مَكَان جُلُوس الْعمَّال والمباشرين لَهما

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي أصل هَذِه التَّسْمِيَة وَجْهَان

أَحدهمَا أَن كسْرَى نظر يَوْمًا إِلَى كتاب ديوانه وَهُوَ يحسبون مَعَ أنفسهم كَأَنَّهُمْ يحادثون فَقَالَ ديوانه أَي مجانين بلغَة الْفرس فَسمى موضعهم بذلك وحذفت الْهَاء لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال فَقيل ديوَان ثمَّ نقل هَذَا الِاسْم كتاب الْأَعْمَال

الثَّانِي أَنه اسْم للشَّيْطَان بِالْفَارِسِيَّةِ فَسمى الْكتاب بِهِ لسرعة نفوذهم فِي فهم الْأُمُور ووقوفهم على الجلى مِنْهَا والخفى وجمعهم مَا شَذَّ مِنْهَا وتفرق ثمَّ نقل إِلَى مَوضِع جلوسهم

ص: 283

قَالَ ابْن خلدون فعلى هَذَا يتَنَاوَل اسْم الدِّيوَان كتاب الرسائل وَمَكَان جلوسهم بِبَاب السُّلْطَان

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

قَالَ فقد تفرد هَذِه الْوَظِيفَة بناظر وَاحِد ينظر فِي سَائِر الْأَعْمَال وَقد ينْفَرد كل صنف مِنْهَا بناظر كَمَا يفرد فِي بعض الدول فِي أعطيات العساكر أَو غير ذَلِك على حسب مصَالح الدولة وَمَا قره أسلافنا

قلت قَالَ ابْن حزم إِن رَأْي الإِمَام أَن يفرق الْأَعْمَال فَحسن كَمَا ولي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَعمال الْيمن جمَاعَة وَإِن رأى أَن يجمعها أَو بَعْضهَا لوَاحِد فِي بلد وَاحِد فَحسن كَمَا جمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عمان كلهَا لعَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنه

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

أَن أول من وضع ديوَان الْجَيْش فِي الدولة الإسلامية عمر رضي الله عنه وَذكر فِي سَببه وَجْهَان

أَحدهمَا أَن أَبَا هُرَيْرَة رضي الله عنه أَتَاهُ بِمَال من الْبَحْرين فاستكثروه وتعبوا فِي قسمه فتشوفوا إِلَى إحصاء المَال وَضبط عطائه فَأَشَارَ خَالِد بن الْوَلِيد رضي الله عنه بالديوان قَائِلا رَأَيْت مُلُوك الشَّام يدونون فَقبل مِنْهُ عمر رضي الله عنه

الثَّانِي الهرمزان الَّذِي أَشَارَ بذلك لما رأى بعث الْبعُوث بِغَيْر

ص: 284

ديوَان قَالَ وَمن يعلم بغيبة من يغيب مِنْهُم وَإِنَّمَا يضْبط ذَلِك الْكتاب فَأثْبت الدِّيوَان وَسَأَلَ عمر رضي الله عنه عَن اسْمه ففسر لَهُ وَلما أجمع عَلَيْهِ أَمر عقيل بن أبي طَالب ومخرمة بن نَوْفَل وَجبير بن مطعم فَكَتَبُوا ديوَان العساكر على تَرْتِيب الْأَنْسَاب مُبْتَدأ من قرَابَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَا بعْدهَا الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب وَكَانَ ذَلِك فِي الْمحرم سنة عشْرين

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

قَالَ ابْن خلدون وَأما ديوَان الْخراج والجبايات فبقى بعد الْإِسْلَام على مَا كَانَ عَلَيْهِ ديوَان الْعرَاق بِالْفَارِسِيَّةِ وديوان الشَّام بالرومية وَكتاب الدَّوَاوِين من الْفَرِيقَيْنِ فَلَمَّا اسْتَحَالَ الْأَمر ملكا وَأَنْتَقِلَ من غَضَاضَة البداوة إِلَى رونق

ص: 285

الحضارة وَمن سذاجة الأمية إِلَى حذق الْكِتَابَة والحسبان أَمر عبد الْملك بن مَرْوَان سُلَيْمَان بن سعد وَالِي الْأُرْدُن أَن ينْقل ديوَان الشَّام إِلَى الْعَرَبيَّة فأكمله لسنة يَوْم من ابْتِدَائه ووقف عَلَيْهِ سرجون كَاتب عبد الْملك فَقَالَ لكتاب الرّوم اطْلُبُوا الْعَيْش فِي غير هَذِه الصِّنَاعَة فقد قطعهَا الله عَنْكُم

قَالَ وَأما ديوَان الْعرَاق فَأمر الْحجَّاج كَاتبه صَالح بن عبد الرَّحْمَن وَكَانَ يكْتب بِالْعَرَبِيَّةِ والفارسية أَن يَنْقُلهُ من الفارسية إِلَى الْعَرَبيَّة فَفعل وَرَغمَ لذَلِك كتاب الْفرس وَكَانَ عبد الحميد بن يحي يَقُول لله در صَالح مَا أعظم مننه على الْكتاب

قَالَ ثمَّ جعلت هَذِه الْوَظِيفَة فِي دولة بني الْعَبَّاس مُضَافَة إِلَى من كَانَ

ص: 286

لَهُ النّظر فِيهَا كبني برمك وَبني سهل وَغَيرهم من وزراء تِلْكَ الدولة

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

إِذا كَانَ الْقَصْد بِهَذِهِ الْوَظِيفَة حفظ المَال فَمن الْحق فِيهِ بعد ذَلِك قَالَ الطرطوشي أَن يُؤْخَذ من حق وَيُوضَع فِي حق وَيمْنَع من سرف وَلَا يُؤْخَذ من الرّعية إِلَّا مَا فصل من معاشها ومصالحها ثمَّ ينْفق فِي الْوُجُوه الَّتِي يعود عَلَيْهَا نَفعهَا قلت وَفِي العهود اليونانية وَاعْلَم أَن الَّذِي يجب من الْخراج لَك هُوَ مَا وظفته الشَّرِيعَة عَلَيْهِم فِيمَا بِأَيْدِيهِم فَإِن اجتيح بِآفَة قصرت بِتِلْكَ الْوَظِيفَة كَانَ لَك من فضل من مؤونتها وكل مَا قصر عَن ذَلِك فَإِنَّهُ دَاعِيَة اختلال وتعطيل عمارتهم

الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

الرِّفْق فِي استجباء مَال الجباية وَالْخَرَاج وَاجِب ونفعه فِي ذَلِك مشهود بِهِ

قَالَ الطرطوشي مر جباة الْأَمْوَال بالرفق ومجانبة الْخرق فَإِن الْعلقَة تنَال من الدَّم بِغَيْر أَذَى وَلَا سَماع مَا لَا تناله الْبَعُوضَة بلسعتها وصوتها قَالَ وَفِي منثور الحكم من جَاوز فِي الْحَلب حلب الدَّم وَفِي الْمثل إِذا استقصى الْعجل مص أمه وقصته

قلت وَفِي العهود اليونانية وَأعلم أَن استجباء الْخراج بالعنف ممحقة

ص: 287

على من طُولِبَ بِهِ ويستهلك مَنَافِعه وبركته وَاسْتِعْمَال الهوينا فِيهِ يطْمع فِي عشيرة وَيمْنَع من دروره وتوفيره

حِكَايَة لما عزل عُثْمَان عَمْرو بن الْعَاصِ رضي الله عنهما عَن مصر وَاسْتعْمل عَلَيْهَا ابْن أبي السَّرْح فَحمل من المَال أَكثر مِمَّا كَانَ يحملهُ عَمْرو فَقَالَ عُثْمَان يَا عمر أشعرت أَن اللقَاح درت فَقَالَ عَمْرو وَذَلِكَ لأنكم أجحفتم أَوْلَادهَا

قلت المظنون بعثمان غير هَذَا وَلَكِن عمروا أعلمهُ بعاقبة الِاسْتِقْصَاء دفعا للتُّهمَةِ عَن نَفسه وهم برَاء مِنْهَا رضي الله عنهم

الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة

يجب أَن يكون الِاعْتِدَاد بِمَا يبْقى بأيدي الرّعية فَوق يستخلص مِنْهَا لبيت المَال بِهَذَا الْحِفْظ لِأَنَّهَا مَادَّة وفوره ونمائه

قَالَ الطرطوشي كن بِمَا يبْقى فِي أَيدي رعيتك أفرح مِنْك بِمَا يَأْخُذ مِنْهَا فَلَا يقل مَعَ الصّلاح شَيْء وَلَا يبْقى مَعَ الْفساد شَيْء وصيانة الْقَلِيل تربية للجيل فَلَا مَال لَا خرق وَلَا عيلة لمصلح

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة

التَّعَدِّي فِي جباية الْأَمْوَال بِمَا يخل بِحِفْظ الْعِمَارَة قَاض بخراب الدول فَأَجره على مَا تقدم برهانه فَيجب هُنَا استحضاره وَقد قَالَ جَعْفَر بن يحي الْخراج عَمُود الْملك وَمَا استغزر بِمثل الْعدْل وَمَا استنزر بِمثل الْعدْل وَمَا استنزر بِمثل الظُّلم وأسرع الْأُمُور فِي خراب الْبِلَاد وتعطيل الْأَرْضين وانكسار الْخراج الْجور والتحامل

ص: 288