الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومقتهم عِنْد الله تَعَالَى وَحقّ المنتسب إِلَيْهِم مَتى عصم من ظلهم شكر الله على ذَلِك واستغفاره لَهُم أَن كَانُوا مُسلمين
السَّادِس كَثْرَة الْأَوْلَاد والأقارب والأتباع اعْتِمَاد عَلَيْهِم ونسيانا للتوكل على رب الأرباب وينفيه بتحققه أَن النَّصْر من عِنْد الله وَأَن الْكَثْرَة مِنْهُم لَا تغنى عِنْد حُضُور الْمَوْت شَيْئا
السَّابِع اعتدادا بِهِ وتعويلا عَلَيْهِ ونفيه علمه أَن المَال فتْنَة وَأَن لَهُ آفَات مُتعَدِّدَة وَأَن الْأَكْثَرين هم الأقلون يَوْم الْقِيَامَة
الثَّامِن الرَّأْي الْخَطَأ توهما أَنه نعْمَة وَهُوَ فِي نفس الْأَمر نقمة
قَالَ تَعَالَى {أَفَمَن زين لَهُ سوء عمله فَرَآهُ حسنا} قَالَ {وهم يحسبون أَنهم يحسنون صنعا} وينفيه على جهد جهيد للْجَهْل بِهِ اتهام رَأْيه من حَيْثُ هُوَ من جملَة الْبشر الْوَاقِع مِنْهُم الْخَطَأ كثيرا
الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة
سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد
وَفِيه طرفان
الطّرف الأول
فِي الحقد
وَفِيه مسَائِل
الْمَسْأَلَة الأولى حَقِيقَة إِضْمَار الشَّرّ المتوقع دَائِما لمن عجز عَن التشفي مِنْهُ بغضة لَهُ واستثقالا وَالْفرق بَينه وَبَين الموجدة من وَجْهَيْن
الْوَجْه الأول أَن الموجدة إحساس بالمولم وتحرك من النَّفس فِي دفْعَة فَهُوَ كَمَال بِخِلَاف الحقد الْمُفَسّر بِمَا ذكر
الْوَجْه الثَّانِي الموجدة لما ينالك مِنْهُ والحقد لما يَنَالهُ مِنْك
قَالَ ابْن قيم الجوزية فالموجدة سريعة الزَّوَال مَعَ صلابة الْقلب وَقُوَّة نوره والحقد لَا يزَال أَثَره فِي الْقلب مَعَ ضَيفه واستيلاء ظلمَة النَّفس عَلَيْهِ
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة من ثَمَرَات الحقد الْحَسَد ومزيد الشماتة بالمحسود وهجر الْمُسلم ومصارمته والإعراض عَنهُ وَالْكَلَام فِيهِ بِمَا لَا يحل من غيبَة وَكذب وإفشاء سر وهتك ستر واستهزاء وسخرية وَضرب وإيلام وَمنع حُقُوق
قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ وكل ذَلِك حرَام
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة للحقود عِنْد الْقُدْرَة أَحْوَال أَن يسْتَوْفى حَقه من غير زِيَادَة وَلَا نقص وَهُوَ الْعدْل وَأَن يحسن إِلَيْهِ بِالْعَفو والصلة وَهُوَ الْفضل وَأَن يَظْلمه بِمَا لَا يسْتَحقّهُ وَهُوَ الْجور
قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ وَالْأولَى دَرَجَة الصَّالِحين وَالثَّانِي اخْتِيَار الصديقين وَالثَّالِث اخْتِيَار الأرذال
الطّرف الثَّانِي فِي الْحَسَد
وَفِيه مسَائِل
الْمَسْأَلَة الأولى عد الْحُكَمَاء هَذَا الْوَصْف من الْخِصَال الَّتِي لَا تغتفر من السُّلْطَان قَالَ الطرطوشي لِأَنَّهُ إِذا كَانَ حسودا لم يشرف أحدا وَإِذا ضَاعَت الْأَشْرَاف هَلَكت الإتباع
قلت ولوجوه آخر وَهُوَ قَول أفلاطون حسد الْملك يخفى بهجة الْملك
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة مِمَّا يدل على ذمَّة فِي الْجُمْلَة أَمْرَانِ
أَحدهمَا عده فِي الْجُمْلَة الصِّفَات الْمنْهِي عَنْهَا فَفِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إيَّاكُمْ وَالظَّن فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث وَلَا تجسسوا وَلَا تنافروا وَلَا تنافسوا وَلَا تباغضوا وَلَا تدابروا وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا الْمُسلم أَخُو الْمُسلم لَا يَظْلمه وَلَا يَخْذُلهُ وَلَا يتحقره التَّقْوَى هَا هُنَا التَّقْوَى هَاهُنَا التَّقْوَى هَاهُنَا يُشِير إِلَى صَدره بِحَسب أمريء من الشَّرّ أَن يحقره أَخَاهُ الْمُسلم على الْمُسلم حرَام دَمه وَعرضه وَمَاله
الثَّانِي أكله للحسسنات فَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إيَّاكُمْ والحسد فَإِن الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا بِأَكْل النَّار الْحَطب الرَّقِيق أَو قَالَ العشب رَوَاهُ أَبُو دَاوُود قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَرَوَاهُ ابْن ماجة من حَدِيث أنس رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب الرَّقِيق وَالصَّدَََقَة تُطْفِئ الْخَطِيئَة كَمَا يُطْفِئ المَاء النَّار وَالصَّلَاة نور الْمُؤمن وَالصِّيَام جنَّة من النَّار
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة من أعظم آفاته العاجلة أَمْرَانِ
أَحدهمَا حمله على ارْتِكَاب الشرور المتناهية الذَّم كتملقه فِي الْحُضُور واغتيابه فِي المغيب وشماتته فِي الْمُصِيبَة
قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ وحسبك أَن الله تَعَالَى أَمر بالاستعاذة من شَرّ الْحَاسِد إِذا حسد
فَقَالَ {وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد} حَتَّى لَا مستعان عَلَيْهِ إِلَّا بِاللَّه رب الْعَالمين
الثَّانِي مَنعه من الظفر بالمراد وخذلانه عِنْد الِانْتِصَار على الْأَعْدَاء فقد قيل الْحَاسِد غير مَنْصُور
قَالَ الْغَزالِيّ كَيفَ يظْهر بمراده وَمرَاده زَوَال نعم الله على عباده الْمُسلمين أَو ينصر على أعدائه وهم عباد الله الْمُؤمنِينَ
الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة حَقِيقَته كَرَاهَة النِّعْمَة وَحب زَوَالهَا عَن الْمُنعم عَلَيْهِ فَتخرج المنافسة إِذْ لَا كَرَاهَة فِيهَا للنعمة وَلَا حب لزوالها بل غايتها تمني النَّفس مثلهَا فَحسب وَلذَلِك أَمر فِيمَا هُوَ دين كَقَوْلِه تَعَالَى {وَفِي ذَلِك فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافسُونَ} وَحرم الْحَسَد بِكُل حَال قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ إِلَّا نعْمَة كَافِر أَو فَاجر يَسْتَعِين بهَا على فَسَاد فَلَا يضر كراهتها ومحبة زَوَالهَا
الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة للحسد مَرَاتِب أَن يحب زَوَال النِّعْمَة وَإِن كَانَت لَا تنْتَقل إِلَيْهِ يجب انتقالها من حَيْثُ هِيَ مَطْلُوبَة لَا مُجَرّد زَوَالهَا نولا يُرِيد عينهَا بل مثلهَا فَإِن عجز عَن ذَلِك أحب زَوَالهَا لِئَلَّا يفوتهُ بهَا أَو يُرِيد مثلهَا فَإِن عجز لم يحب زَوَالهَا وَهَذِه الْأَخِيرَة قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ مَعْفُو عَنْهَا فِي الدُّنْيَا ومندوب إِلَيْهَا فِي الدّين وَالثَّالِثَة فِيهَا مَذْمُوم وَالثَّانيَِة أخف من الثَّالِثَة وَالْأولَى غَايَة الْخبث
الْمَسْأَلَة السَّادِسَة أَسبَاب الْحَسَد أَنْوَاع
أَحدهمَا الْعَدَاوَة وَهُوَ أقواها وَتُؤَدِّي إِلَى التَّنَازُع وضياع الْعُمر فِي إِعْمَال الْحِيلَة فِي زَوَال النِّعْمَة
الثَّانِي خَوفه من ترفع غَيره عَلَيْهِ بِنِعْمَة فيريد سلبها ليحصل التَّسَاوِي فَيَأْمَن مَكْرُوه الْكبر عَلَيْهِ
الثَّالِث خشيَة أَن لَا يحْتَمل ذُو النِّعْمَة المستجدة مَعْهُود الترفع عَلَيْهِ فيتمنى زَوَالهَا لِئَلَّا يفوتهُ ذَلِك أَو يُسَاوِيه بهَا فَيَعُود متكبرا بعد أَن كَانَ متكبرا عَلَيْهِ
الرَّابِع تعجبه من رُتْبَة خص بهَا غيرَة كَقَوْل بعض الْكَفَرَة مَا أَنْتُم إِلَّا بشر مثلنَا تَعَجبا من تَخْصِيص بشر مثلهم بمزية الرسَالَة
الْخَامِس خوف فَوت الْمَقَاصِد وتختص بمتزاحمين على مَقْصُود وَاحِد كالغزاة والتلاميذ وخواص الْمُلُوك وَنَحْوهم
قَالَ البلالي وَأما الْغِبْطَة ومحبة نِهَايَة لَا تدْرك فَحسن
السَّادِس حب الِانْفِرَاد بالرياسة بِحَيْثُ إِذا تخْتَص بِصفة كَمَال وَسمع فِي أقْصَى الْعَالم بنظير أحب مَوته أَو زَوَال النِّعْمَة الَّتِي بهَا الْمُشَاركَة
السَّابِع خبث النَّفس وردائتها فَيشق عَلَيْهِ إِذا وصف أحد بفضيلة ويرتاح لذكر رذائل النَّاس وَمَا هم عَلَيْهِ من النقائض
قَالَ الْغَزالِيّ فَهُوَ أبدا يحب الأدبار لغيره وَيبْخَل بِنِعْمَة الله على عباده
تبصرة
قَالَ البلالي مُخْتَصرا لكَلَامه ومنشأ هَذِه الْأَسْبَاب حب الدُّنْيَا لضيقها فَارْحَمْ نَفسك بنعيم لَا زحام فِيهِ وَهُوَ معرفَة الله تَعَالَى وعجائب ملكوته وَبهَا تُدْرِكهُ فِي الْآخِرَة وَمن قلت فِيهَا رغبته فَلَيْسَ بِرَجُل إِذْ شوقه
بعد ذوقه وَمن يذقْ لم يشتق وَمن لم يشق لم يطْلب وَمن لم يطْلب لم يدْرك وَمن لم يدْرك بَقِي من المحرومين
الْمَسْأَلَة السَّابِعَة يَكْفِي مِمَّا يَنْفِي الْحَسَد أَمْرَانِ
أَحدهمَا عمله بِعُود ضَرَره عَلَيْهِ وَدُنْيا فَفِي الدّين بمفارقة الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ ومشاركة أَعدَاء الله تَعَالَى بتسخط قَضَائِهِ وَكَرَاهَة قسمته لِعِبَادِهِ وَحب زَوَالهَا عَن الْمُؤمن ونزول الْبلَاء بِهِ مَعَ الْوُقُوع فِيهِ غَالِبا بالغيبة وَنَحْوهَا وَفِي الدُّنْيَا بتألمه بتوالي الغموم عَلَيْهِ مِمَّا يرى من نعْمَة على محسودة تمنى محبته بزوالها عَنهُ فتعجل لَهُ المحنة الدائمة بغمة وكربه وكمده
الثَّانِي مَعْرفَته بنفع الْمَحْسُود بِهِ دنيا ودينا فَفِي الدّين بِنَقْل حَسَنَاته إِلَيْهِ إِذْ هُوَ مظلوم لَهُ مِمَّا وصل مِنْهُ إِلَيْهِ وَفِي الدُّنْيَا بمحبته العائدة عَلَيْهِ وَلذَلِك لَا يتَمَنَّى مَوته بل طول حَيَاته لَكِن فِي غم الْحَسَد وأليم عَذَابه
قَالَ الشَّاعِر
(لامات أعداؤك بل خلدوا
…
حَتَّى يرَوا مِنْك الَّذِي يكمد)
(لَا زلت محسودا على نعْمَة
…
فَإِنَّمَا الْكَامِل من يحْسد)
الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة قَالَ الْغَزالِيّ لَك فِي أعدائك ثَلَاثَة أَحْوَال
أَحدهمَا أَن تحب مساءتهم بطبعك وَتكره حبك لذَلِك وتود زَوَاله من قَلْبك وَهَذَا مَعْفُو عَنهُ إِذْ لَا يدْخل تَحت الِاخْتِيَار أَكثر مِنْهُ
الثَّانِي وَأَن تحب ذَلِك مظْهرا للفرح بِهِ وَهُوَ الْحَسَد الْمَحْظُور وَأَن تحسد بقلبك من غير إِنْكَار على نَفسك وَلَكِن تحفظ جوارحك عَن طَاعَة الْحَسَد من مقتضاها
الثَّالِث وَهُوَ مَحل الْخلاف وَالظَّاهِر أَنه لَا يَخْلُو عَن إِثْم بِقدر شدَّة ذَلِك الْحبّ وَضَعفه
قلت وَبِه جزم الشَّيْخ عز الدّين قَائِلا لِأَن الْحَسَد من أَفعَال الْقُلُوب وَقد يتجوز بِهِ إِلَى آثاره وَإِنَّمَا نهى عَنهُ لِأَن تَمْكِينه فِي الْقلب يحمل على الْمُعَامَلَة بآثاره فَيكون تَحْرِيمه من بَاب تَحْرِيم الْوَسَائِل
الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة قَالَ الشَّيْخ عز الدّين الْحَسَد بِالْقَلْبِ ذَنْب بَين الْحَاسِد وَبَين الرب تَعَالَى لَا تقف صِحَة التَّوْبَة عَنهُ على تَحْلِيل الْمَحْسُود بِخِلَاف آثاره فَإِنَّهَا اذاية للمحسود فَلَا تصح التَّوْبَة عَنْهَا إِلَّا بِالْخرُوجِ عَن عهدتها لِأَن الضَّرَر لَيْسَ بِمُجَرَّد الْحَسَد وَإِنَّمَا هُوَ بتعاطي آثاره
الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي هَذَا الْخلق
الْحَسَد جرح لَا يبرأ
ويحسب الْحَاسِد مَا يلقى الْحَاسِد لَا ينَال من الْمجَالِس إِلَّا مذمة وذلا وَلَا من الْمَلَائِكَة إِلَّا لعنة وبغضة وَلَا من الْخلق إِلَّا خزيا وغما وَلَا عِنْد النزع إِلَّا شدَّة وَهولا وَلَا فِي الْموقف إِلَّا فضيحة ونكالا
لَا يرْتَفع الْحَسَد عَن أحد إِلَّا لحقته رَحْمَة النَّاس
والحاسد إِذا رأى أَدَاء النِّعْمَة قد فعل جميلا لم يرضه إِلَّا أَن يكون أفضل أَنْوَاع الْجَمِيل وَلَيْسَ على فَاعل الْجَمِيل أَن يبلغ أقْصَى مَنَازِله وكل مَا أَتَاهُ مِنْهُ فَهُوَ مَحْمُود عَلَيْهِ الحسود ظَالِم ظلوم ضَعِيفَة يَده عَن انتزاع مَا حسدك عَلَيْهِ فَلَمَّا قصرت عَنهُ بعث إِلَيْك بأسفه
والغر من المتنعمين يتَأَذَّى بِهِ كَمَا يتَأَذَّى برائحة الثوم الَّذِي لَا يَنْفَعهُ مِنْهُ
الْأَطْعِمَة المستطابة والحازم يفرح بِهِ وَيَوَد زِيَادَته
من أَرَادَ أَن يشجى حاسده من غير حجَّة تلْحقهُ فليزدد فِي الْفَضِيلَة الَّتِي حسده عَلَيْهَا
الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة من المتعظ بِهِ فِي عود مضرَّة الْحَسَد على صَاحبه مَا يحْكى أَن رجلا كَانَ يغشى بعض الْمُلُوك فَيقوم بحذاء الْملك وَيَقُول أحسن إِلَى المحسن بإحسانه والمسيء ستكفيه مساويه فحسده رجل على ذَلِك الْمقَام وَالْكَلَام فسعى بِهِ إِلَى الْملك فَقَالَ إِن هَذَا الَّذِي يقوم بحذائك وَيَقُول مَا يَقُول بزعم أَن الْملك أبخر
فَقَالَ لَهُ الْملك وَكَيف يَصح ذَلِك عِنْدِي قَالَ تَدْعُو بِهِ إِلَيْك فَإِذا دنا مِنْك وَوضع يَده على أَنفه لِئَلَّا يشم ريح البخر فَقَالَ لَهُ انْصَرف حَتَّى أنظر فَخرج من عِنْد الْملك فَدَعَا الرجل إِلَى منزله فأطعمه طَعَاما فِيهِ ثوم فَخرج الرجل من عِنْده وَقَامَ بحذاء الْملك فَقَالَ أحسن إِلَى المحسن بإحسانه والمسيء ستكفيه مساويه فَقَالَ لَهُ الْملك أدن مني فَدَنَا مِنْهُ فَوضع يَده على فِيهِ مَخَافَة أَن يشم الْملك مِنْهُ رَائِحَة الثوم فَقَالَ الْملك فِي نَفسه مَا أرى فلَان إِلَّا وَقد صدق
قَالَ وَكَانَ الْملك لَا يكْتب بِخَطِّهِ إِلَّا جَائِزَة أَو صلَة فَكتب لَهُ كتابا بِخَطِّهِ إِلَى عَامل من عماله إِذا أَتَاك حَامِل كتابي هَذَا فاذبحه واسلخه واحش جلده تبنا وَابعث بِهِ إِلَيّ فَأخذ الْكتاب وَخرج فَلَقِيَهُ الرجل الَّذِي سعى بِهِ فَقَالَ مَا هَذَا الْكتاب قَالَ خطّ الْملك لي بصلَة فَقَالَ هبة لي فَقَالَ هُوَ لَك فَأَخذه وَمضى إِلَى الْعَامِل فَقَالَ الْعَامِل فِي كِتَابه أَن أذبحك وأسلخك قَالَ إِن الْكتاب لَيْسَ هُوَ لي الله الله فِي أَمْرِي حَتَّى أرجع إِلَى الْملك فَقَالَ لَيْسَ لكتاب الْملك مُرَاجعَة فذبحه وسلخه وحشا جلده تبنا وَبعث بِهِ ثمَّ عَاد الرجل إِلَى الْملك كعادته وَقَالَ مثل قَوْله فَعجب الْملك وَقَالَ مَا فعل الْكتاب فَقَالَ لَقِيَنِي فلَان فاستو هبني إِيَّاه فَوَهَبته فَقَالَ الْملك أَنه ذكر لي أَنَّك تزْعم أَنِّي أبخر قَالَ مَا قلته قطّ قَالَ فَلم وضعت يدك على فِيك لم أدنيتك وقربتك قَالَ كَانَ أَطْعمنِي طَعَاما فِيهِ