المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ومقتهم عِنْد الله تَعَالَى وَحقّ المنتسب إِلَيْهِم مَتى عصم من - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: ومقتهم عِنْد الله تَعَالَى وَحقّ المنتسب إِلَيْهِم مَتى عصم من

ومقتهم عِنْد الله تَعَالَى وَحقّ المنتسب إِلَيْهِم مَتى عصم من ظلهم شكر الله على ذَلِك واستغفاره لَهُم أَن كَانُوا مُسلمين

السَّادِس كَثْرَة الْأَوْلَاد والأقارب والأتباع اعْتِمَاد عَلَيْهِم ونسيانا للتوكل على رب الأرباب وينفيه بتحققه أَن النَّصْر من عِنْد الله وَأَن الْكَثْرَة مِنْهُم لَا تغنى عِنْد حُضُور الْمَوْت شَيْئا

السَّابِع اعتدادا بِهِ وتعويلا عَلَيْهِ ونفيه علمه أَن المَال فتْنَة وَأَن لَهُ آفَات مُتعَدِّدَة وَأَن الْأَكْثَرين هم الأقلون يَوْم الْقِيَامَة

الثَّامِن الرَّأْي الْخَطَأ توهما أَنه نعْمَة وَهُوَ فِي نفس الْأَمر نقمة

قَالَ تَعَالَى {أَفَمَن زين لَهُ سوء عمله فَرَآهُ حسنا} قَالَ {وهم يحسبون أَنهم يحسنون صنعا} وينفيه على جهد جهيد للْجَهْل بِهِ اتهام رَأْيه من حَيْثُ هُوَ من جملَة الْبشر الْوَاقِع مِنْهُم الْخَطَأ كثيرا

‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

وَفِيه طرفان

‌الطّرف الأول

‌فِي الحقد

وَفِيه مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى حَقِيقَة إِضْمَار الشَّرّ المتوقع دَائِما لمن عجز عَن التشفي مِنْهُ بغضة لَهُ واستثقالا وَالْفرق بَينه وَبَين الموجدة من وَجْهَيْن

ص: 526

الْوَجْه الأول أَن الموجدة إحساس بالمولم وتحرك من النَّفس فِي دفْعَة فَهُوَ كَمَال بِخِلَاف الحقد الْمُفَسّر بِمَا ذكر

الْوَجْه الثَّانِي الموجدة لما ينالك مِنْهُ والحقد لما يَنَالهُ مِنْك

قَالَ ابْن قيم الجوزية فالموجدة سريعة الزَّوَال مَعَ صلابة الْقلب وَقُوَّة نوره والحقد لَا يزَال أَثَره فِي الْقلب مَعَ ضَيفه واستيلاء ظلمَة النَّفس عَلَيْهِ

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة من ثَمَرَات الحقد الْحَسَد ومزيد الشماتة بالمحسود وهجر الْمُسلم ومصارمته والإعراض عَنهُ وَالْكَلَام فِيهِ بِمَا لَا يحل من غيبَة وَكذب وإفشاء سر وهتك ستر واستهزاء وسخرية وَضرب وإيلام وَمنع حُقُوق

قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ وكل ذَلِك حرَام

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة للحقود عِنْد الْقُدْرَة أَحْوَال أَن يسْتَوْفى حَقه من غير زِيَادَة وَلَا نقص وَهُوَ الْعدْل وَأَن يحسن إِلَيْهِ بِالْعَفو والصلة وَهُوَ الْفضل وَأَن يَظْلمه بِمَا لَا يسْتَحقّهُ وَهُوَ الْجور

قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ وَالْأولَى دَرَجَة الصَّالِحين وَالثَّانِي اخْتِيَار الصديقين وَالثَّالِث اخْتِيَار الأرذال

الطّرف الثَّانِي فِي الْحَسَد

وَفِيه مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى عد الْحُكَمَاء هَذَا الْوَصْف من الْخِصَال الَّتِي لَا تغتفر من السُّلْطَان قَالَ الطرطوشي لِأَنَّهُ إِذا كَانَ حسودا لم يشرف أحدا وَإِذا ضَاعَت الْأَشْرَاف هَلَكت الإتباع

ص: 527

قلت ولوجوه آخر وَهُوَ قَول أفلاطون حسد الْملك يخفى بهجة الْملك

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة مِمَّا يدل على ذمَّة فِي الْجُمْلَة أَمْرَانِ

أَحدهمَا عده فِي الْجُمْلَة الصِّفَات الْمنْهِي عَنْهَا فَفِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إيَّاكُمْ وَالظَّن فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث وَلَا تجسسوا وَلَا تنافروا وَلَا تنافسوا وَلَا تباغضوا وَلَا تدابروا وَكُونُوا عباد الله إخْوَانًا الْمُسلم أَخُو الْمُسلم لَا يَظْلمه وَلَا يَخْذُلهُ وَلَا يتحقره التَّقْوَى هَا هُنَا التَّقْوَى هَاهُنَا التَّقْوَى هَاهُنَا يُشِير إِلَى صَدره بِحَسب أمريء من الشَّرّ أَن يحقره أَخَاهُ الْمُسلم على الْمُسلم حرَام دَمه وَعرضه وَمَاله

الثَّانِي أكله للحسسنات فَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إيَّاكُمْ والحسد فَإِن الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا بِأَكْل النَّار الْحَطب الرَّقِيق أَو قَالَ العشب رَوَاهُ أَبُو دَاوُود قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَرَوَاهُ ابْن ماجة من حَدِيث أنس رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ إِن الْحَسَد يَأْكُل الْحَسَنَات كَمَا تَأْكُل النَّار الْحَطب الرَّقِيق وَالصَّدَََقَة تُطْفِئ الْخَطِيئَة كَمَا يُطْفِئ المَاء النَّار وَالصَّلَاة نور الْمُؤمن وَالصِّيَام جنَّة من النَّار

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة من أعظم آفاته العاجلة أَمْرَانِ

أَحدهمَا حمله على ارْتِكَاب الشرور المتناهية الذَّم كتملقه فِي الْحُضُور واغتيابه فِي المغيب وشماتته فِي الْمُصِيبَة

قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ وحسبك أَن الله تَعَالَى أَمر بالاستعاذة من شَرّ الْحَاسِد إِذا حسد

ص: 528

فَقَالَ {وَمن شَرّ حَاسِد إِذا حسد} حَتَّى لَا مستعان عَلَيْهِ إِلَّا بِاللَّه رب الْعَالمين

الثَّانِي مَنعه من الظفر بالمراد وخذلانه عِنْد الِانْتِصَار على الْأَعْدَاء فقد قيل الْحَاسِد غير مَنْصُور

قَالَ الْغَزالِيّ كَيفَ يظْهر بمراده وَمرَاده زَوَال نعم الله على عباده الْمُسلمين أَو ينصر على أعدائه وهم عباد الله الْمُؤمنِينَ

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة حَقِيقَته كَرَاهَة النِّعْمَة وَحب زَوَالهَا عَن الْمُنعم عَلَيْهِ فَتخرج المنافسة إِذْ لَا كَرَاهَة فِيهَا للنعمة وَلَا حب لزوالها بل غايتها تمني النَّفس مثلهَا فَحسب وَلذَلِك أَمر فِيمَا هُوَ دين كَقَوْلِه تَعَالَى {وَفِي ذَلِك فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافسُونَ} وَحرم الْحَسَد بِكُل حَال قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ إِلَّا نعْمَة كَافِر أَو فَاجر يَسْتَعِين بهَا على فَسَاد فَلَا يضر كراهتها ومحبة زَوَالهَا

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة للحسد مَرَاتِب أَن يحب زَوَال النِّعْمَة وَإِن كَانَت لَا تنْتَقل إِلَيْهِ يجب انتقالها من حَيْثُ هِيَ مَطْلُوبَة لَا مُجَرّد زَوَالهَا نولا يُرِيد عينهَا بل مثلهَا فَإِن عجز عَن ذَلِك أحب زَوَالهَا لِئَلَّا يفوتهُ بهَا أَو يُرِيد مثلهَا فَإِن عجز لم يحب زَوَالهَا وَهَذِه الْأَخِيرَة قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ مَعْفُو عَنْهَا فِي الدُّنْيَا ومندوب إِلَيْهَا فِي الدّين وَالثَّالِثَة فِيهَا مَذْمُوم وَالثَّانيَِة أخف من الثَّالِثَة وَالْأولَى غَايَة الْخبث

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة أَسبَاب الْحَسَد أَنْوَاع

أَحدهمَا الْعَدَاوَة وَهُوَ أقواها وَتُؤَدِّي إِلَى التَّنَازُع وضياع الْعُمر فِي إِعْمَال الْحِيلَة فِي زَوَال النِّعْمَة

ص: 529

الثَّانِي خَوفه من ترفع غَيره عَلَيْهِ بِنِعْمَة فيريد سلبها ليحصل التَّسَاوِي فَيَأْمَن مَكْرُوه الْكبر عَلَيْهِ

الثَّالِث خشيَة أَن لَا يحْتَمل ذُو النِّعْمَة المستجدة مَعْهُود الترفع عَلَيْهِ فيتمنى زَوَالهَا لِئَلَّا يفوتهُ ذَلِك أَو يُسَاوِيه بهَا فَيَعُود متكبرا بعد أَن كَانَ متكبرا عَلَيْهِ

الرَّابِع تعجبه من رُتْبَة خص بهَا غيرَة كَقَوْل بعض الْكَفَرَة مَا أَنْتُم إِلَّا بشر مثلنَا تَعَجبا من تَخْصِيص بشر مثلهم بمزية الرسَالَة

الْخَامِس خوف فَوت الْمَقَاصِد وتختص بمتزاحمين على مَقْصُود وَاحِد كالغزاة والتلاميذ وخواص الْمُلُوك وَنَحْوهم

قَالَ البلالي وَأما الْغِبْطَة ومحبة نِهَايَة لَا تدْرك فَحسن

السَّادِس حب الِانْفِرَاد بالرياسة بِحَيْثُ إِذا تخْتَص بِصفة كَمَال وَسمع فِي أقْصَى الْعَالم بنظير أحب مَوته أَو زَوَال النِّعْمَة الَّتِي بهَا الْمُشَاركَة

السَّابِع خبث النَّفس وردائتها فَيشق عَلَيْهِ إِذا وصف أحد بفضيلة ويرتاح لذكر رذائل النَّاس وَمَا هم عَلَيْهِ من النقائض

قَالَ الْغَزالِيّ فَهُوَ أبدا يحب الأدبار لغيره وَيبْخَل بِنِعْمَة الله على عباده

تبصرة

قَالَ البلالي مُخْتَصرا لكَلَامه ومنشأ هَذِه الْأَسْبَاب حب الدُّنْيَا لضيقها فَارْحَمْ نَفسك بنعيم لَا زحام فِيهِ وَهُوَ معرفَة الله تَعَالَى وعجائب ملكوته وَبهَا تُدْرِكهُ فِي الْآخِرَة وَمن قلت فِيهَا رغبته فَلَيْسَ بِرَجُل إِذْ شوقه

ص: 530

بعد ذوقه وَمن يذقْ لم يشتق وَمن لم يشق لم يطْلب وَمن لم يطْلب لم يدْرك وَمن لم يدْرك بَقِي من المحرومين

الْمَسْأَلَة السَّابِعَة يَكْفِي مِمَّا يَنْفِي الْحَسَد أَمْرَانِ

أَحدهمَا عمله بِعُود ضَرَره عَلَيْهِ وَدُنْيا فَفِي الدّين بمفارقة الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ ومشاركة أَعدَاء الله تَعَالَى بتسخط قَضَائِهِ وَكَرَاهَة قسمته لِعِبَادِهِ وَحب زَوَالهَا عَن الْمُؤمن ونزول الْبلَاء بِهِ مَعَ الْوُقُوع فِيهِ غَالِبا بالغيبة وَنَحْوهَا وَفِي الدُّنْيَا بتألمه بتوالي الغموم عَلَيْهِ مِمَّا يرى من نعْمَة على محسودة تمنى محبته بزوالها عَنهُ فتعجل لَهُ المحنة الدائمة بغمة وكربه وكمده

الثَّانِي مَعْرفَته بنفع الْمَحْسُود بِهِ دنيا ودينا فَفِي الدّين بِنَقْل حَسَنَاته إِلَيْهِ إِذْ هُوَ مظلوم لَهُ مِمَّا وصل مِنْهُ إِلَيْهِ وَفِي الدُّنْيَا بمحبته العائدة عَلَيْهِ وَلذَلِك لَا يتَمَنَّى مَوته بل طول حَيَاته لَكِن فِي غم الْحَسَد وأليم عَذَابه

قَالَ الشَّاعِر

(لامات أعداؤك بل خلدوا

حَتَّى يرَوا مِنْك الَّذِي يكمد)

(لَا زلت محسودا على نعْمَة

فَإِنَّمَا الْكَامِل من يحْسد)

الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة قَالَ الْغَزالِيّ لَك فِي أعدائك ثَلَاثَة أَحْوَال

أَحدهمَا أَن تحب مساءتهم بطبعك وَتكره حبك لذَلِك وتود زَوَاله من قَلْبك وَهَذَا مَعْفُو عَنهُ إِذْ لَا يدْخل تَحت الِاخْتِيَار أَكثر مِنْهُ

ص: 531

الثَّانِي وَأَن تحب ذَلِك مظْهرا للفرح بِهِ وَهُوَ الْحَسَد الْمَحْظُور وَأَن تحسد بقلبك من غير إِنْكَار على نَفسك وَلَكِن تحفظ جوارحك عَن طَاعَة الْحَسَد من مقتضاها

الثَّالِث وَهُوَ مَحل الْخلاف وَالظَّاهِر أَنه لَا يَخْلُو عَن إِثْم بِقدر شدَّة ذَلِك الْحبّ وَضَعفه

قلت وَبِه جزم الشَّيْخ عز الدّين قَائِلا لِأَن الْحَسَد من أَفعَال الْقُلُوب وَقد يتجوز بِهِ إِلَى آثاره وَإِنَّمَا نهى عَنهُ لِأَن تَمْكِينه فِي الْقلب يحمل على الْمُعَامَلَة بآثاره فَيكون تَحْرِيمه من بَاب تَحْرِيم الْوَسَائِل

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة قَالَ الشَّيْخ عز الدّين الْحَسَد بِالْقَلْبِ ذَنْب بَين الْحَاسِد وَبَين الرب تَعَالَى لَا تقف صِحَة التَّوْبَة عَنهُ على تَحْلِيل الْمَحْسُود بِخِلَاف آثاره فَإِنَّهَا اذاية للمحسود فَلَا تصح التَّوْبَة عَنْهَا إِلَّا بِالْخرُوجِ عَن عهدتها لِأَن الضَّرَر لَيْسَ بِمُجَرَّد الْحَسَد وَإِنَّمَا هُوَ بتعاطي آثاره

الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي هَذَا الْخلق

الْحَسَد جرح لَا يبرأ

ويحسب الْحَاسِد مَا يلقى الْحَاسِد لَا ينَال من الْمجَالِس إِلَّا مذمة وذلا وَلَا من الْمَلَائِكَة إِلَّا لعنة وبغضة وَلَا من الْخلق إِلَّا خزيا وغما وَلَا عِنْد النزع إِلَّا شدَّة وَهولا وَلَا فِي الْموقف إِلَّا فضيحة ونكالا

لَا يرْتَفع الْحَسَد عَن أحد إِلَّا لحقته رَحْمَة النَّاس

والحاسد إِذا رأى أَدَاء النِّعْمَة قد فعل جميلا لم يرضه إِلَّا أَن يكون أفضل أَنْوَاع الْجَمِيل وَلَيْسَ على فَاعل الْجَمِيل أَن يبلغ أقْصَى مَنَازِله وكل مَا أَتَاهُ مِنْهُ فَهُوَ مَحْمُود عَلَيْهِ الحسود ظَالِم ظلوم ضَعِيفَة يَده عَن انتزاع مَا حسدك عَلَيْهِ فَلَمَّا قصرت عَنهُ بعث إِلَيْك بأسفه

والغر من المتنعمين يتَأَذَّى بِهِ كَمَا يتَأَذَّى برائحة الثوم الَّذِي لَا يَنْفَعهُ مِنْهُ

ص: 532

الْأَطْعِمَة المستطابة والحازم يفرح بِهِ وَيَوَد زِيَادَته

من أَرَادَ أَن يشجى حاسده من غير حجَّة تلْحقهُ فليزدد فِي الْفَضِيلَة الَّتِي حسده عَلَيْهَا

الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة من المتعظ بِهِ فِي عود مضرَّة الْحَسَد على صَاحبه مَا يحْكى أَن رجلا كَانَ يغشى بعض الْمُلُوك فَيقوم بحذاء الْملك وَيَقُول أحسن إِلَى المحسن بإحسانه والمسيء ستكفيه مساويه فحسده رجل على ذَلِك الْمقَام وَالْكَلَام فسعى بِهِ إِلَى الْملك فَقَالَ إِن هَذَا الَّذِي يقوم بحذائك وَيَقُول مَا يَقُول بزعم أَن الْملك أبخر

فَقَالَ لَهُ الْملك وَكَيف يَصح ذَلِك عِنْدِي قَالَ تَدْعُو بِهِ إِلَيْك فَإِذا دنا مِنْك وَوضع يَده على أَنفه لِئَلَّا يشم ريح البخر فَقَالَ لَهُ انْصَرف حَتَّى أنظر فَخرج من عِنْد الْملك فَدَعَا الرجل إِلَى منزله فأطعمه طَعَاما فِيهِ ثوم فَخرج الرجل من عِنْده وَقَامَ بحذاء الْملك فَقَالَ أحسن إِلَى المحسن بإحسانه والمسيء ستكفيه مساويه فَقَالَ لَهُ الْملك أدن مني فَدَنَا مِنْهُ فَوضع يَده على فِيهِ مَخَافَة أَن يشم الْملك مِنْهُ رَائِحَة الثوم فَقَالَ الْملك فِي نَفسه مَا أرى فلَان إِلَّا وَقد صدق

قَالَ وَكَانَ الْملك لَا يكْتب بِخَطِّهِ إِلَّا جَائِزَة أَو صلَة فَكتب لَهُ كتابا بِخَطِّهِ إِلَى عَامل من عماله إِذا أَتَاك حَامِل كتابي هَذَا فاذبحه واسلخه واحش جلده تبنا وَابعث بِهِ إِلَيّ فَأخذ الْكتاب وَخرج فَلَقِيَهُ الرجل الَّذِي سعى بِهِ فَقَالَ مَا هَذَا الْكتاب قَالَ خطّ الْملك لي بصلَة فَقَالَ هبة لي فَقَالَ هُوَ لَك فَأَخذه وَمضى إِلَى الْعَامِل فَقَالَ الْعَامِل فِي كِتَابه أَن أذبحك وأسلخك قَالَ إِن الْكتاب لَيْسَ هُوَ لي الله الله فِي أَمْرِي حَتَّى أرجع إِلَى الْملك فَقَالَ لَيْسَ لكتاب الْملك مُرَاجعَة فذبحه وسلخه وحشا جلده تبنا وَبعث بِهِ ثمَّ عَاد الرجل إِلَى الْملك كعادته وَقَالَ مثل قَوْله فَعجب الْملك وَقَالَ مَا فعل الْكتاب فَقَالَ لَقِيَنِي فلَان فاستو هبني إِيَّاه فَوَهَبته فَقَالَ الْملك أَنه ذكر لي أَنَّك تزْعم أَنِّي أبخر قَالَ مَا قلته قطّ قَالَ فَلم وضعت يدك على فِيك لم أدنيتك وقربتك قَالَ كَانَ أَطْعمنِي طَعَاما فِيهِ

ص: 533