الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْبَاب الثَّانِي
فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام
والمقرر مِنْهَا عشرُون قَاعِدَة وَقبلهَا سِتّ مُقَدمَات
الْمُقدمَة الأولى إِن الْإِنْسَان مركب من خلق مَحْمُود يشبه بهَا الْملك قَالَ الله تَعَالَى {إِن هَذَا إِلَّا ملك كريم} وَخلق مذمومة يشبه بهَا الْبَهِيمَة أَو الشَّيْطَان قَالَ الله تَعَالَى {أُولَئِكَ كالأنعام بل هم أضلّ}
قلت وَمن ثمَّ إِن المسخ فِي الْبَاطِن وَاقع فِي هَذِه الْأمة وَقد قَالَ ابْن الْحَاج أَن الظلمَة لَا فرق بَينهم وَبَين السبَاع إِلَّا فِي الصُّورَة الظَّاهِرَة والمعاني جَامِعَة بَين النَّوْعَيْنِ
الْمُقدمَة الثَّانِيَة قَالَ الْحُكَمَاء الْخلق ملكة تصدر بهَا عَن النَّفس الْأَفْعَال بسهولة دون تقدم روية كالكاتب دون تقدم روية والقادر على إِحْضَار علومه دون إِحْضَار روية
قَالَ الإِمَام فَخر الدّين وَالْفرق بَينهمَا وَبَين الْقُدْرَة نسبتها إِلَى الضدين على السوَاء والخلق لَيْسَ كَذَلِك
الْمُقدمَة الثَّالِثَة قَالَ أصُول الْفَضَائِل ثَلَاثَة الْحِكْمَة والشجاعة الْخلق الَّذِي يصدر بِهِ الْفِعْل الْمُتَوَسّط بَين فعلى الحدة والغباوة والشجاعة الْخلق الَّذِي يصدر بِهِ الْفِعْل الْمُتَوَسّط بَين
فعلى التهور والجبن والعفة الْخلق الَّذِي يصدر بِهِ الْفِعْل الْمُتَوَسّط بَين فعلي الْفُجُور والخمود
الْمُقدمَة الرَّابِعَة أَن الْأَخْلَاق قَابِلَة للتغيير بطرِيق الرياضة على معنى ردهَا إِلَى الِاعْتِدَال وَهُوَ مُمكن رَفعهَا بالحركة إِذْ هُوَ مُمْتَنع فَلَا يرد قيل الْأَخْلَاق صُورَة الْبَاطِن كَمَا أَن الْخلق صُورَة الظَّاهِر والخلقة الظَّاهِرَة لَا قدرَة على تغييرها فَكَذَا الْبَاطِنَة وَغَايَة مَا يُقَال أَنه عسير الْإِمْكَان فَحسب
قَالَ الْبَلْخِي وَلَيْسَ الْمُمكن العسير فِي زَوَال الْمُمْتَنع لِأَن الأول فِيهَا يَنْتَهِي خُرُوجه إِلَى الْوُجُود وَالثَّانِي لَا سَبِيل إِلَى الْوُجُود الْبَتَّةَ
الْمُقدمَة الْخَامِسَة إِن النَّاس فِي هَذَا الْمقَام على مَا قسم الْغَزالِيّ أَرْبَعَة
أَحدهمَا الْبَاقِي على أصل الْفطْرَة فِي الْخُلُو من الاعتقادات وفقدان التميز بَين الْحق وَالْبَاطِل وَلم يُبَالغ شَهْوَته فِي انقباض اللَّذَّات فَهَذَا سريع الْقبُول لتغيير خلقه فِي أقرب زمَان
الثَّانِي الْعَارِف بقبح الْقَبِيح مَعَ الْإِصْرَار عَلَيْهِ انقيادا للشهوة وإعراضا عَن الصَّالِحَات الَّتِي لم يتعودها فَأمره أصعب لعسر مبلغ مَا رسخ فِي نَفسه من صبغة تعود الْفساد وصعوبة قبُوله لتعود الصّلاح لكنه للرياضة أَن أَخذ فِيهَا بصادق عزم
الثَّالِث المعتقد فِي الْقَبِيح أَنه الْوَاجِب المستحسن لرسوخه بذلك مُنْذُ