المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تقرير الظهور والاحتجاب - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: ‌تقرير الظهور والاحتجاب

لَا خَفَاء بموقع هَذِه الْوَصَايَا شرعا وسياسة

المسالة الْخَامِسَة من الندوب إِلَيْهِ عِنْد الْقيام من الْمجْلس الإقتداء برَسُول الله صلى الله عليه وسلم فبالذكر الَّذِي كَانَ يَقُوله عِنْد قِيَامه من مَجْلِسه فَفِي التِّرْمِذِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من جلس فِي مجْلِس فَكثر فِيهِ لغطه فَقَالَ قبل أَن يقوم من مَجْلِسه ذَلِك سُبْحَانَهُ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك أشهد أَن لَا اله إِلَّا أَنْت أستغفرك وَأَتُوب إِلَيْك إِلَّا غفر الله لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسه ذَلِك

وَفِي الْحِلْية عَن عَليّ رضي الله عنه من أحب أَن يكتال بالمكيال أَلا وفى فَلْيقل آخر مَجْلِسه أَو حسن يقوم سُبْحَانَ رَبك رب الْعِزَّة عَمَّا يصفونَ

‌الرُّكْن السَّادِس عشر

‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

وَفِيه نظران

النّظر الأول فِي الظُّهُور

وَفِيه مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى الظُّهُور الْوَاجِب على السُّلْطَان للنَّظَر فِي سياسة ملكه ورعيته نَوْعَانِ

النَّوْع الأول للعامة وَقد جعله ابْن حزم يَوْمًا فِي الْجُمُعَة قَالَ وَلَا يمْنَع مِنْهُ مشتك كَائِنا من كَانَ

ص: 362

قلت حَاصله اسْتِحْسَان التقليل من مباشرتهم وَهُوَ ظَاهر لأمرين حرج التكثير مِنْهَا وعودا بِضَرَر الْإِنْسَان بِالْمُشَاهَدَةِ فقد قَالَ حكماء الْهِنْد ظُهُور الْملك للعامة يجرئهم عَلَيْهِ ويهون أمره لديهم وَفِي الافلاطونيات يحْتَاج الْملك إِلَى أَن يكون من عامته فِي ستر فَإِنَّهُ إِذا أُنْسُهَا هان عَلَيْهَا قَالَ وَالْعلَّة فِي ذَلِك أَن طباعها إِن تهين بَعْضهَا بَعْضًا وَلَا توقره فَكل من انبسطت إِلَيْهِ جرى مجْرى بَعْضهَا بعض

النَّوْع الثَّانِي للخاصة الْمُسْتَعَان بهم فِي التَّدْبِير وَقد جعله ابْن حزم أَيْضا سَائِر الْأَيَّام قَالَ وَلَا يسرف على نَفسه لَكِن طرفِي النَّهَار من صَلَاة الصُّبْح إِلَى نَحْو ثَلَاث سَاعَات من النَّهَار وَمن صَلَاة الْعَصْر إِلَى إصفرار الشَّمْس وَيجْعَل وسط نَهَاره لراحة جِسْمه وَالنَّظَر فِي مَاله وَأَهله انْتهى

قلت وأوسع مِنْهُ قَول الجاحظ على الْملك أَن يقسم يَوْمه أقساما أَوله لذكر الله تَعَالَى وتعظيمه وصدره لرعاياه وَإِصْلَاح أمرهَا ووسطه لأكله ومنامه وطرفه لشغله الْخَاص بِهِ ولراحته

قلت وَمن أَخذ فِي الحزم بَالغ فِي ذَلِك جهده

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة الْيَوْم الَّذِي يظْهر فِيهِ السُّلْطَان للعامة وَمن النَّاس اسْتحْسنَ فِيهِ عدم تعينه محتجبا بِأُمُور

أَحدهَا أَنه قد يعوقه عَن ذَلِك الْيَوْم عَارض شغل أَو كسل أَو لَذَّة مغتنمة فَيخرج على كره

الثَّانِي أَنه إِذا تخلف فِيهِ لموجب فَيُقَال مرض أَو أحدث عَلَيْهِ حَادث ذَلِك يكْسب الْعَدو جرْأَة وسرورا والوالي حزنا وخوفا

الثَّالِث أَنه يواعد الْعَدو الماكر اللِّقَاء فِيهِ فَرُبمَا احتال فِيهِ على مَا ينَال فِيهِ غنيمَة الفرصة

ص: 363

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة من صون ظُهُور السُّلْطَان للعامة أَن يكون رَاكِبًا والسياسة فِيهَا فِيمَا ذكرُوا أَن لَا يتَقَدَّم النَّاس فيلقي من يرد عَلَيْهِ دون حَاجِب وَلَا يتَأَخَّر عَنْهُم فيؤذوه بغبارهم وَليكن على حد من التَّوَسُّط يكون فِيهِ من خَلفه أَكثر أَمَامه وَليكن بإزائه من رِجَاله أفهمهم ويليهم أَشَّدهم فِي أنفسهم

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة قَالَ بَعضهم الْهَيْئَة الَّتِي يظْهر عَلَيْهَا للنَّاس وقار فِي غير قطوب وَبسط وَجه فِي غير ضحك

قلت تقدم مَا يُشِير إِلَى طلبه بِفعل الْوَقار امتثالا بترك الضحك اجتنابا فالوقار قَالُوا وَهُوَ من الله تَعَالَى وَمن رزقه إِيَّاه فقد وسمه بسيماء الْخَيْر وَكَثْرَة الضحك قَالَ أرسطو تذْهب الهيبة وتعجل الْهَرم

قلت وَفِي وَصَايَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم لأبي ذَر رضي الله عنه إياك وَكَثْرَة الضحك فَإِنَّهُ يُمِيت الْقلب وَيذْهب بِنور الْوَجْه رَوَاهُ غير وَاحِد فِي حَدِيث طَوِيل

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة تقدم عَن ابْن حزم أَن السُّلْطَان يعود إِلَى الظُّهُور

ص: 364

لخواصه مَا بَين صَلَاة الْعَصْر واصفرار الشَّمْس وَقد عين بعد ذَلِك مَالا يعمر بِهِ ذَلِك الْوَقْت يَجْعَل الإِمَام عشي نَهَاره إِلَى الإصفرار للجلساء ويختارهم من أهل الْعلم وَالْفضل وَالْعقل وَحسن التَّدْبِير يَخُوض مَعَهم فِي الْفِقْه وَفِي سَائِر الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَفِي مذاكرة السياسة وَالْأَخْبَار وَقد كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يجلس مَعَ أَصْحَابه ويذاكرهم ويشاورهم وَيُعلمهُم وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاء بعده

قلت وَكَذَا بعد انقلاب الْخلَافَة ملكا فِي كثير من الدول لَكِن مِنْهُم من يخص هَذَا النَّوْع الْمشَار إِلَيْهِ بِبَعْض فُصُول السّنة كَمَا عَلَيْهِ سيرة مُلُوك بني زيان بتلمسان حَتَّى الْآن

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة من السِّيرَة السياسية الْبَعِيدَة المدى فِي تَرْتِيب الظُّهُور لمباشرة النّظر فِي رِعَايَة الْملك والرعايا مَا ذكرُوا أَن مُعَاوِيَة رضي الله عنه كَانَ يظْهر فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة خمس مَرَّات فَكَانَ إِذا صلى الصُّبْح جلس للقاص حَتَّى يفرغ من قصصه ثمَّ يدْخل فَيُؤتى بمصحفه فَيقْرَأ جزءه ثمَّ يدْخل إِلَى منزله فيأمر وَينْهى ثمَّ يُصَلِّي أَربع رَكْعَات ثمَّ يخرج إِلَى مَجْلِسه فَيَأْذَن لخاصته ويحدثهم ويحدثونه وَيدخل عَلَيْهِ وزرائه فيكلمونه فِيمَا يريدونه من يومهم ثمَّ يُؤْتى بالغداء الْأَصْفَر وَهُوَ فضل عشَاء اللَّيْل من منزله جدي بَارِد أَو فروج أَو مَا يُشبههُ ثمَّ يتحدث طَويلا ثمَّ يدْخل إِلَى منزله لما أَرَادَ ثمَّ يخرج فَيَقُول يَا غُلَام أخرج الْكُرْسِيّ وَيخرج إِلَى الْمَسْجِد ويسند ظَهره إِلَى الْمَقْصُورَة وَيقوم الأحراس فَيقدم إِلَيْهِ الضَّعِيف والأعرابي وَالصَّبِيّ وَالْمَرْأَة فَيَقُول ظلمت فَيَقُول أعدوه وَيَقُول عدى عليي فَيَقُول ابْعَثُوا مَعَه وَيَقُول صنع بِي

ص: 365

فَيَقُول أنظروا لَهُ حَتَّى إِذا لم يبْقى أحد دخل فَجَلَسَ على السرير ثمَّ يَقُول ائذنوا للنَّاس على قدر مَنَازِلهمْ وَلَا يشغلني أحد عَن رد السَّلَام فَيُقَال كَيفَ أصبح أَمِير الْمُؤمنِينَ أدام الله بَقَاءَهُ فَيَقُول بِنِعْمَة من الله فَإِذا اسْتَووا جَلَسُوا قَالَ يَا هَؤُلَاءِ إِنَّمَا سميتم أشرافا لأنكم شرفتم من دونكم بِهَذَا الْمجْلس ارْفَعُوا إِلَيْنَا حَاجَة من لَا يصل إِلَيْنَا فَيقوم الرجل فَيَقُول اسْتشْهد فلَان فَيَقُول أفرضوا لوَلَده وَيُقَال غَابَ فلَان عَن أَهله فَيَقُول اسْتشْهد فلَان فَيَقُول واقضوا حجائجهم وَيُؤْتى بالغداء ويحضر الْكَاتِب فَيقوم عِنْد رَأسه ويتقدم الرجل فَيَقُول لَهُ إجلس على الْمَائِدَة فيجلس ويمد يَده وَيَأْكُل لقمتين أَو ثَلَاثًا وَالْكَاتِب يقْرَأ كِتَابه فيأمر فِيهِ بأَمْره فَيَقُول يَا عبد الله أعقب فَيقوم ويتقدم آخر حَتَّى يَأْتِي على أَصْحَاب الْحَوَائِج كلهم وَرُبمَا قدم عَلَيْهِ من أَصْحَاب الْحَوَائِج أَرْبَعُونَ أَو نحوهم على قدر الْغَدَاء ثمَّ يرفع الْغَدَاء وَيُقَال للنَّاس أجيزوا وينصرف النَّاس وَيدخل منزله فَلَا يطْمع فِيهِ طامع حَتَّى يُنَادي بِالظّهْرِ فَيخرج فَيصَلي ثمَّ يدْخل فَيصَلي أَربع رَكْعَات ثمَّ يجلس فَيَأْذَن لخاصة الْخَاصَّة فَإِن كَانَ الْوَقْت شتاء أَتَاهُم بزاد الْحَاج من الأخبصة الْيَابِسَة والخشكنانج والقراص المعجونة بالسكر وَاللَّبن من دَقِيق السميد والكعك المسمن والفواكه الْيَابِسَة وَإِن كَانَ الصَّيف أَتَاهُم بالفواكه الرّطبَة وَيدخل إِلَيْهِ وزراؤه فيؤمرونه فِيمَا احتاجوا إِلَيْهِ بَقِيَّة يومهم وَيجْلس إِلَى الْعَصْر ثمَّ يخرج فَيصَلي الْعَصْر

ثمَّ يدْخل منزله فَلَا يطْمع فِي طامع حَتَّى إِذا كَانَ فِي أخر وَقت الْعَصْر خرج فَجَلَسَ على سَرِيره وَيُؤذن للنَّاس على قدر مَنَازِلهمْ فؤتي بالعشاء فيفرغ مِنْهَا على مِقْدَار مَا يُنَادي بالمغرب فَيخرج وَيُصلي ثمَّ يُصَلِّي بعْدهَا أَربع رَكْعَات فَيقْرَأ فِي كل رَكْعَة خمسين آيَة يجْهر تَارَة ويخافت أُخْرَى ثمَّ يدْخل منزله فَلَا يطْمع فِيهِ طامع حَتَّى يُنَادي بالعشاء الْآخِرَة فَيخرج

ص: 366