المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة   ‌ ‌السخاء والجود   وفيهَا منهجان الأول فِي بَيَان هَذَا الْوَصْف وَالْآخر - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: ‌ ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة   ‌ ‌السخاء والجود   وفيهَا منهجان الأول فِي بَيَان هَذَا الْوَصْف وَالْآخر

‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

‌السخاء والجود

وفيهَا منهجان الأول فِي بَيَان هَذَا الْوَصْف وَالْآخر فِي تَقْرِير نقيضه وَهُوَ الْبُخْل

‌الْمنْهَج الأول

وَفِيه مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى قَالَ الطرطوشي هَذِه الْخصْلَة هِيَ الْجَلِيل قدرهَا الْعَظِيم خطرها هِيَ إِحْدَى قَوَاعِد المملكة وأساسها وتاجها وجمالها تعنوا بهَا الْوُجُوه وتذل لَهَا الرّقاب وتخضع لَهَا الْجَبَابِرَة وتسترق بهَا الْأَحْرَار وتستمال بهَا الْأَعْدَاء ويستكثر بهَا الثَّنَاء وَيملك بهَا الْقُرَبَاء والبعداء وَهِي بالعزائم الْوَاجِبَات أشبه مِنْهَا بالجمال والمحبوبات

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة مِمَّا يدل على فَضله وَجْهَان

أَحدهمَا قرب المتخلق بِهِ من سَعَادَة الدّين وَالدُّنْيَا فَعَن أَبى هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ السخي قريب من الله قريب من الْجنَّة بعيد من النَّار والبخيل بعيد من الله بعيد من الْجنَّة قريب من النَّار وجاهل سخي أحب إِلَى الله من عَالم بخيل رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ

الثَّانِي دلَالَة كَثْرَة المتصفين بِهِ على إِرَادَة الْخَيْر بالعباد فَعَن الْحسن رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أَرَادَ الله بِقوم خيرا ولى أَمرهم الْحُكَمَاء وَجعل المَال عِنْد الأسخياء وَإِذا أَرَادَ الله بِقوم

ص: 440

شرا أولى أَمرهم السُّفَهَاء وَجعل المَال عِنْد البخلاء رَوَاهُ أَبُو دَاوُود فِي مراسليه

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة إِذا كَانَ من قَوَاعِد الْملك وعزائم واجباته مَعَ شَهَادَة الشَّرْع لَهُ بالفضيلة فالسلطان بالتخلق بِهِ أولى وبشرف الانتساب إِلَيْهِ أَحْرَى

قَالَ الطرطوشي أحْوج خلق الله إِلَيْهِ من أحتاج إِلَى عطف الْقُلُوب عَلَيْهِ وَصرف الْوُجُوه إِلَيْهِ وَهُوَ الْملك

قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ أحسن الْكَرم مَا يكون من قبل الْوُلَاة فَإِنَّهُم خزان أَمْوَال الْمُسلمين وَمَا مِنْهُم إِلَّا لَهُ عِنْدهم حق أَعْطوهُ أَو منعُوهُ فَإِذا جادوا بِهِ لأربابه كرمت ذواتهم وَطَابَتْ صفاتهم وصفت حالاتهم وعطت درجاتهم وتضاعفت بركاتهم

قلت وأمنوا كل مَخَافَة وَكفوا دفاع الروع والمخافة كَمَا يحْكى أَن النُّعْمَان بن الْمُنْذر لما توج وَاطْمَأَنَّ بِهِ سَرِيره دخل عَلَيْهِ النَّاس وَفِيهِمْ أَعْرَابِي فَأَنْشَأَ يَقُول

(إِذا سست قوما فَاجْعَلْ الْجُود بَينهم

وَبَيْنك تأمن كل مَا تتخوف)

(فَإِن كشفت عِنْد الملمات عَورَة

كَفاك لِبَاس الْجُود مَا يتكشف)

فَقَالَ النُّعْمَان مَقْبُول نصحك فَمن أَنْت قَالَ رجل من حزم فَأمر لَهُ بِمِائَة نَاقَة وَهِي أول جَائِزَة أجازها

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ الْإِمْسَاك حَيْثُ يجب الْبَذْل بخل

ص: 441

والبذل حَيْثُ يجب الْإِمْسَاك تبذير وَبَينهمَا وسط هُوَ الْمَحْمُود الْمعبر عَنهُ بالسخاء والجود

قلت هُوَ معنى قَول أرسطو السخاء هُوَ بذل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَقت الْحَاجة وتوصيله إِلَى مستحقيه بِقدر الطَّاقَة

قَالَ وَقد قيل أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يُؤمر إِلَّا بالسخاء فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا تجْعَل يدك مغلولة إِلَى عُنُقك وَلَا تبسطها كل الْبسط} وَقَالَ {وَالَّذين إِذا أَنْفقُوا لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا وَكَانَ بَين ذَلِك قواما}

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة الْوَاجِب الَّذِي لَا يَسعهُ السخاء قِسْمَانِ وَاجِب بِالشَّرْعِ كَالزَّكَاةِ وَالنَّفقَة وواجب بالمروءة كَتَرْكِ المصانعة وَالِاسْتِقْصَاء فِي المحقرات وَيخْتَلف استقباح ذَلِك بِحَسب الْأَحْوَال والأشخاص وَمَا نعه دون الأول الْبُخْل

قَالَ الْغَزالِيّ فَمن أدّى الْوَاجِب فقد تَبرأ من الْبُخْل نعم لَا يَتَّصِف بالجود والسخاء مَا لم يبْذل زِيَادَة على ذَلِك اطلب الْفَضِيلَة تنَلْ الدَّرَجَات

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة قَالَ الْمَرَاتِب هُنَا ثَلَاثَة السخاء وَهُوَ إِعْطَاء بعض وإمساك بعض ثمَّ الْجُود وَهُوَ إِعْطَاء الْأَكْثَر ثمَّ الإيثار وَهُوَ بذل الْجَمِيع قَالَ الْغَزالِيّ وَلَيْسَ بعده دَرَجَة وَبِه أثنى الله على الصَّحَابَة رضي الله عنهم بقوله تَعَالَى {ويؤثرون على أنفسهم وَلَو كَانَ بهم خصَاصَة}

ص: 442

قلت وَبِه يبلغ إِلَى دَرَجَة الصدْق مَعَ الله تَعَالَى ذكره ابْن الْعَرَبِيّ مستشهدا عَلَيْهِ يَقُول سُفْيَان الثَّوْريّ إِذا أكمل صديق الصَّادِق لم يخلف مَا فِي يَدَيْهِ

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة السخاء ضَرْبَان سخاء فِي الدُّنْيَا وَقد تقدّمت حَقِيقَته وَفِي الدّين وَفِيه لعلماء الْآخِرَة عِبَارَات وَمِنْهَا قَول المحاسبي رَحْمَة الله تَعَالَى أَن تسخو بِنَفْسِك لله تَعَالَى فِي إِرَاقَة دمك من غير كَرَاهَة لَا لارادة ثَوَاب عَاجل أَو آجل وان كنت لَا تَسْتَغْنِي عَن ذَلِك بل تحسن كَمَال السخاء بترك الِاخْتِيَار على الله تَعَالَى حَتَّى يكون هُوَ الَّذِي يفعل بك مَالا تختاره لنَفسك انْتهى مُلَخصا

الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة قَالَ الْحُكَمَاء الْمُلُوك أَرْبَعَة سخي على نَفسه سخي على رَعيته وَصَوَّبَهُ الْفرس وشحيح على نَفسه شحيح على رَعيته وَصَوَّبَهُ الهنود وسخي على نَفسه وشحيح على رَعيته وَأَجْمعُوا على ذمَّة لفساد ملكه بذلك وشحيح على سخي على رَعيته قَالَت للروم لَا عيب عَلَيْهِ فِي ذَلِك

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي هَذَا الْبَاب لَا يَسْتَطِيع أحد أَن يشْكر نعْمَة الله بجميل الْأَنْعَام بهَا على خلق الله

يَا ابْن آدم أَمرك الله أَن تكون كَرِيمًا وَتدْخل الْجنَّة ونهاك أَن تكون شحيحا وَتدْخل النَّار عجبت لمن يَشْتَرِي المماليك بِمَالِه وَلَا يَشْتَرِي الْأَحْرَار بمعروفه

ص: 443

الْجواد هُوَ الَّذِي يُعْطي من غير مَسْأَلَة صِيَانة للأحرار عَن الْمَسْأَلَة

الْملك الْحق هُوَ الَّذِي يملك الْأَحْرَار لَا الْأَرْضين وَالْأَمْوَال

الَّذِي يستفيده السخي من حسن الْقبُول وَرفع الْمنزلَة ومكابرة الرؤوساء هُوَ أَكثر مِمَّا هُوَ لَهُ

الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة من أغرب أَخْبَار الأسخياء فِي الإيثار بِالنَّفسِ حكايتان

الْحِكَايَة الأولى يرْوى أَن الْحَارِث بن هِشَام وَعِكْرِمَة بن أبي جهل وَعَيَّاش بن أبي ربيعَة رضي الله عنهم خَرجُوا يَوْم اليرموك فَدَعَا الْحَارِث بن هِشَام بِمَاء يشربه فَنظر إِلَيْهِ عِكْرِمَة فَقَالَ ادفعوه إِلَى عِكْرِمَة فَلَمَّا أَخذه عِكْرِمَة نظر إِلَى عَيَّاش فَقَالَ ادفعوه إِلَى عَيَّاش فَمَا وصل إِلَى عَيَّاش حَتَّى مَاتَ وَلَا وصل إِلَى وَاحِد مِنْهُم حَتَّى مَاتُوا رضي الله عنهم

قَالَ صَاحب مَشَارِق الأشواق وَانْظُر إِلَى إيثارهم فِي هَذِه الْحَال وسماحة أنفسهم بِمَا هُوَ عديل حياتهم لَا جرم استحقوا رضوَان الله وَحسن المناب

ص: 444

الْحِكَايَة الثَّانِيَة قَالُوا لما سعى غُلَام خَلِيل بالصوفية إِلَى الْخَلِيفَة وَرفع إِلَيْهِ أَنهم زنادقة أَمر بِضَرْب أَعْنَاقهم فَأَما الْجُنَيْد فاستعاذ بالفقه وَكَانَ على مَذْهَب أبي ثَوْر وَأما الشحام والرقام وَأَبُو الْحُسَيْن الثَّوْريّ وَغَيرهم فَقبض عَلَيْهِم وَبسط النطع لضرب أَعْنَاقهم فَتقدم الثَّوْريّ فَقَالَ لَهُ السياف أَتَدْرِي لما تتقدم قَالَ نعم قَالَ وَمَا يعجلك قَالَ أوثر أَصْحَابِي بحياة سَاعَة فَتنحّى السياف وأنهى الْخَبَر إِلَى الْخَلِيفَة فردهم إِلَى القَاضِي لبعرف حَالهم فَألْقى القَاضِي على أبي الْحُسَيْن مسَائِل فقهية فَأجَاب عَن الْكل ثمَّ أَخذ يَقُول وَبعد فَإِن لله عبادا إِذا قَامُوا قَامُوا بِاللَّه وَإِذا تكلمُوا تكلمُوا بِاللَّه وَإِذا فعلوا فعلوا بِاللَّه

ص: 446