الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أول النشأة فَعِنْدَ ذَلِك صَلَاحه لَا يُرْجَى إِلَّا على الندور لتضاعف أَسبَاب ضلاله وخذلانه
الرَّابِع المستكثر من الشرور النَّاشِئ عَلَيْهَا اعتقادا أَن التظاهر بذلك هُوَ الْفَضِيلَة الرفيعة على قدر المشتهر بهَا وَفِي مثله قيل من التَّهْذِيب تَهْذِيب الرتب
فَالْأول فَقَط وَالثَّانِي جَاهِل وَالثَّالِث جَاهِل وضال
فَالْأول جَاهِل فَقَط وَالثَّانِي جَاهِل وضال فَقَط وَالثَّالِث جَاهِل وضال وفاسق وَالرَّابِع جَاهِل وضال وفاسق وشرير
الْمُقدمَة السَّادِسَة أَن السَّبَب الَّذِي بِهِ ينَال تَغْيِير الْخلق المذموم أَمر أَن فِي الْجُمْلَة
أَحدهمَا فطري لَا كسبي إِنَّمَا هُوَ بمحض الْجُود الآلهي لمن يُوجد كَامِل
الْعقل
حسن الْخلق معتدل الشَّهْوَة وَالْغَضَب عَالما من غير معلم متأدبا من غير مؤدب كالأنبياء عليهم السلام
الثَّانِي كسبي وَهُوَ الرياضة المُرَاد بهَا حمل النَّفس على عمل مُقْتَضى الْخلق الْمَطْلُوب كتكلف طَالب الْجُود يتعاطى فعل الْجواد حَتَّى يصير لَهُ طبعا لَا تكلّف فِيهِ وَكَذَا فِي سَائِر الْخلق الحميدة
الْقَاعِدَة الأولى
الْعقل
وفيهَا مسَائِل
الْمَسْأَلَة الأولى سبق فِي مُقَدمَات الْكتاب أَنه من شُرُوط ولَايَة السُّلْطَان وَالْمرَاد الْآن مَا يزِيد على ذَلِك الْقدر الغريزي وَهُوَ المكتسب مِنْهُ بِكَثْرَة
التجربة وَطول الْمُبَاشرَة بتقلب الْأَيَّام وَتصرف الْحَوَادِث فقد قيل كفى بالتجارب مؤدبا وبانقلاب الدَّهْر عظة وَقيل التجربة مرْآة الْعقل والغرة ثَمَرَة الْجَهْل
قَالَ الشَّاعِر
(ألم تَرَ أَن الْعقل زين لأَهله
…
وَلَكِن تَمام الْعقل طول التجارب)
وَقَالَ
(إِذا طَال عمر الْمَرْء فِي غير آفَة
…
أفادت لَهُ الْأَيَّام فِي كرها عقلا)
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة يتَأَكَّد الإتصال بِهَذَا النَّوْع من الْعقل على السُّلْطَان مَالا يتَأَكَّد على غَيره وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَمْرَانِ
أَحدهمَا أَن انتصابه لرعاية الْخلق بِمَا يتكفل لَهُم بمصالح الدَّاريْنِ يتَوَقَّف على وفور حَظه من هَذَا الإتصاف وَلَا يخفى ذَلِك على ذِي بَصِيرَة يتَوَقَّف على وفور حَظه من هَذَا الإتصاف وَلَا يخفى ذَلِك على ذِي بَصِيرَة
الثَّانِي إِن أنفس مطَالب الرياسة الذّكر وَلَا يحصل إِلَّا بِكَمَالِهِ فَفِي سياسة أرسطو الرياسة لَا ترَاد لنَفسهَا إِنَّمَا ترَاد للذّكر وَأول مُنَازع الْعقل الذّكر والرياسة نتيجته
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة الْقَصْد بِهَذَا الْعقل معرفَة خير الخيرين وَشر الشرين
قَالَ الْغَزالِيّ وَذَلِكَ فِي الْأُمُور العاجلة قريب وَإِنَّمَا المتلبس عواقب الْأُمُور فِي الْأَسْبَاب المحظورة وَلَا يشغل بهَا إِلَّا مُسَدّد بالتوفيق من الله تَعَالَى
قلت هُوَ من معنى قَول أَكْثَم بن صَيْفِي
الْأُمُور تتشابه وَهِي مقبلة وَلَا يعرفهَا إِلَّا ذَوُو الرَّأْي فَإِذا أَدْبَرت يعرفهَا الْجَاهِل كَمَا يعرفهَا الْعَاقِل
وَمِنْه قَوْله
(تشابه أَعْيَان الْأُمُور بواديا
…
وَتظهر فِي أعقابها حِين تدبر)
قَالَ والوصول إِلَى ذَلِك بعد حُصُوله غريرة الْعقل مَبْنِيّ على أَشْيَاء
قَالَ أَحدهَا الفكرة وَالتَّدْبِير بِشَرْط الفطنة والذكاء الثَّانِي النَّقْد لخواطر ذَوي البصائر واستطلاع رَأْي أولى التجارب على طَرِيق الْمُشَاورَة وَهُوَ الرُّكْن الْأَعْظَم فِي التَّدْبِير فَإِن الاستبداد وَإِن كَانَ من ذِي بَصِيرَة مَذْمُوم
الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة يستعان على حُصُوله كَمَا يُرَاد بأمرين
أَحدهمَا كسبي بِكَثْرَة التجربة كَمَا مر وَالْآخر عزيزي وَهُوَ خلقه من الله تَعَالَى يخص بهَا من يَشَاء من خلقه فيخلقه ذكيا فطنا
حِكَايَة فِي ذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي قلت لغلام حدث من أَوْلَاد الْعَرَب كَانَ يحدثني فَأَعْجَبَنِي فَصَاحَته وملاحته فَقلت لَهُ أَيَسُرُّك أَن يكون لَك مائَة ألف وَأَن تكون أحمقا قَالَ لَا وَالله قلت وَلم قَالَ أَخَاف أَن يجني الْحمق على جِنَايَة تذْهب على مَالِي وَيبقى على حمقي
قَالَ الطرطوشي فاستخرج هَذَا الصَّبِي بفرط ذكاءه قَضِيَّة مَقْبُولَة فعلا على من هُوَ أكبر سنا مِنْهُ
قيل وَقد قَالَت الْحُكَمَاء الْعقل سرعَة الْفَهم وغايته إِصَابَة الْوَهم وَلَيْسَ للذكاء غَايَة وَلَا لجودة الْمعرفَة نِهَايَة
الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة من الفطن فِي الْعقل معرفَة كَمَاله الشَّرْعِيّ وَهُوَ مُتَوَقف على تصَوره فِي نَفسه فعلى أَنه عُلُوم ضَرُورِيَّة بِجَوَاز الجائزات واستحالة المستحيلات وَوُجُوب الْوَاجِبَات فَهِيَ عُلُوم شَرْعِيَّة يظْهر على
وفقها آثَار فعلية وقولية وعَلى أَنه بَصِيرَة فِي الْقلب تدْرك بهَا الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَيظْهر على وفقها آثَار فعلية وقولية
الْمَسْأَلَة السَّادِسَة من لَازم هذَيْن التعريفين انتقاؤه حَيْثُ لَا تظهر تِلْكَ الْآثَار وَبِه يفهم نَفْيه عَن الْكفَّار فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى صم بكم عمي فهم لَا يعْقلُونَ
فهم عِنْد ذَلِك على الْجُمْلَة لتخلف كَمَال ثَمَرَته وَهُوَ الإمتناع بِهِ عَن العصبية الَّتِي لَا يعود وبالها إِلَّا عَلَيْهِم كَمَا دلّ تَفْسِير أولي الْأَلْبَاب أَي أهل الْعُقُول وَفِي قَوْله تَعَالَى الَّذين يُوفونَ بِعَهْد الله وَلَا ينقصُونَ الْمِيثَاق إِلَى آخر الْآيَة بعد تقدم قَوْله إِنَّمَا يتَذَكَّر أولو الْأَلْبَاب فيفهم من ذَلِك أَن من لم يَتَّصِف بِالْوَفَاءِ بالعهد وَمَا ذكر مَعَه فَلَيْسَ بِذِي عقل
الْمَسْأَلَة السَّابِعَة الإتصاف بِهَذَا الْعقل الْكَامِل فِي جَمِيع الْأَحْوَال والأوقات الْمُخَالفَة لِأَن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ للأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام ولقليل مِمَّن عداهم وَمن ثمَّ قَالَ مطرف بن عبد الله مَا من النَّاس أحد إِلَّا وَهُوَ أَحمَق فِيمَا بَينه وَبَين ربه وَلَكِن الْحمق بعضه أَهْون من بعض
قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو سعيد بن لب رحمه الله بِهَذِهِ إِشَارَة إِلَى عزة وجود الْعقل الْكَامِل وَإِلَى أَنه لَا يصل أحد أَن يقوم بِحَق الله تَعَالَى كل الْقيام وَأَن يعبده حق الْعِبَادَة
الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة من لَهُ عناية بِطَلَب هَذَا الْأَمر من الْعقل بِحَسب جهده فليعتبر بِمثل مَا يعمر بِهِ الْأَوْقَات
قَالَ وهب بن مُنَبّه حق على الْعَاقِل أَلا يغْفل عَن أَربع سَاعَات سَاعَة يُنَاجِي فِيهَا ربه وَسَاعَة يقْضِي فِيهَا إِلَى إخوانه الَّذين يخبرونه بشؤونه ويصدقونه عَن نَفسه وَسَاعَة يخلي بَين نَفسه وَبَين لذاته فِيمَا يحل
وَيحمل فَإِن هَذِه السَّاعَة عون على تِلْكَ السَّاعَات وأجمام للقلوب وَحقّ على الْعَاقِل أَن لَا يطعن فِي إِحْدَى ثَلَاث زَاد لمعاده وَمَرَمَّة لمعاشه وَلَذَّة فِي غير محرم
الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي هَذَا الْوَصْف الْعقل رَأس التَّدْبِير وَصَلَاح النَّفس ومرآة الْعُيُوب وَبِه بذل المكرمات وَبعد المحبوبات وَهُوَ رَأس الْمُحرمَات وأصل الفاجرات وَالْعقل يُرِيك ذَات الشَّيْء وجوهره والحس يُرِيك ظَاهره ولباسه
وَالْعقل يُشِير على النَّفس بترك الْقَبِيح فَإِن لم تقبل مِنْهُ لم يَتْرُكهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غضب لكنه يريها أصلح وَقت يَنْبَغِي أَن يفعل ذَلِك الشَّيْء فِيهِ وَأحمد جِهَة يوجدها لِأَنَّهُ يُعْطي الْخَيْر دَائِما لمن وكل لَهُ
فضل الْعقل على الْهوى وَأَن الْعقل يملكهُ الزَّمَان والهوى يستعبدك لَهُ
حَيْثُ ترى الطبيعة معهودة فالعقل هُنَاكَ نَاقص وَحَيْثُ ترى الْعقل كَامِلا فالطبيعة هُنَاكَ ضَعِيفَة الْعَاقِل يرغب فِي الْأَدَب وَالْجَاهِل يطْلب مِنْهُ الْهَرَب
الْعَاقِل إِذا فَاتَهُ الْأَدَب لزم الصمت
من لم يكمل عقله لم يخالط نَفسه
من غلب هَوَاهُ عقله افتضح وَمن اظهر محاسنه وأخفى مساويه كمل عقله