المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أول النشأة فَعِنْدَ ذَلِك صَلَاحه لَا يُرْجَى إِلَّا على الندور - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: أول النشأة فَعِنْدَ ذَلِك صَلَاحه لَا يُرْجَى إِلَّا على الندور

أول النشأة فَعِنْدَ ذَلِك صَلَاحه لَا يُرْجَى إِلَّا على الندور لتضاعف أَسبَاب ضلاله وخذلانه

الرَّابِع المستكثر من الشرور النَّاشِئ عَلَيْهَا اعتقادا أَن التظاهر بذلك هُوَ الْفَضِيلَة الرفيعة على قدر المشتهر بهَا وَفِي مثله قيل من التَّهْذِيب تَهْذِيب الرتب

فَالْأول فَقَط وَالثَّانِي جَاهِل وَالثَّالِث جَاهِل وضال

فَالْأول جَاهِل فَقَط وَالثَّانِي جَاهِل وضال فَقَط وَالثَّالِث جَاهِل وضال وفاسق وَالرَّابِع جَاهِل وضال وفاسق وشرير

الْمُقدمَة السَّادِسَة أَن السَّبَب الَّذِي بِهِ ينَال تَغْيِير الْخلق المذموم أَمر أَن فِي الْجُمْلَة

أَحدهمَا فطري لَا كسبي إِنَّمَا هُوَ بمحض الْجُود الآلهي لمن يُوجد كَامِل‌

‌ الْعقل

حسن الْخلق معتدل الشَّهْوَة وَالْغَضَب عَالما من غير معلم متأدبا من غير مؤدب كالأنبياء عليهم السلام

الثَّانِي كسبي وَهُوَ الرياضة المُرَاد بهَا حمل النَّفس على عمل مُقْتَضى الْخلق الْمَطْلُوب كتكلف طَالب الْجُود يتعاطى فعل الْجواد حَتَّى يصير لَهُ طبعا لَا تكلّف فِيهِ وَكَذَا فِي سَائِر الْخلق الحميدة

‌الْقَاعِدَة الأولى

الْعقل

وفيهَا مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى سبق فِي مُقَدمَات الْكتاب أَنه من شُرُوط ولَايَة السُّلْطَان وَالْمرَاد الْآن مَا يزِيد على ذَلِك الْقدر الغريزي وَهُوَ المكتسب مِنْهُ بِكَثْرَة

ص: 421

التجربة وَطول الْمُبَاشرَة بتقلب الْأَيَّام وَتصرف الْحَوَادِث فقد قيل كفى بالتجارب مؤدبا وبانقلاب الدَّهْر عظة وَقيل التجربة مرْآة الْعقل والغرة ثَمَرَة الْجَهْل

قَالَ الشَّاعِر

(ألم تَرَ أَن الْعقل زين لأَهله

وَلَكِن تَمام الْعقل طول التجارب)

وَقَالَ

(إِذا طَال عمر الْمَرْء فِي غير آفَة

أفادت لَهُ الْأَيَّام فِي كرها عقلا)

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة يتَأَكَّد الإتصال بِهَذَا النَّوْع من الْعقل على السُّلْطَان مَالا يتَأَكَّد على غَيره وَمِمَّا يدل على ذَلِك أَمْرَانِ

أَحدهمَا أَن انتصابه لرعاية الْخلق بِمَا يتكفل لَهُم بمصالح الدَّاريْنِ يتَوَقَّف على وفور حَظه من هَذَا الإتصاف وَلَا يخفى ذَلِك على ذِي بَصِيرَة يتَوَقَّف على وفور حَظه من هَذَا الإتصاف وَلَا يخفى ذَلِك على ذِي بَصِيرَة

الثَّانِي إِن أنفس مطَالب الرياسة الذّكر وَلَا يحصل إِلَّا بِكَمَالِهِ فَفِي سياسة أرسطو الرياسة لَا ترَاد لنَفسهَا إِنَّمَا ترَاد للذّكر وَأول مُنَازع الْعقل الذّكر والرياسة نتيجته

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة الْقَصْد بِهَذَا الْعقل معرفَة خير الخيرين وَشر الشرين

قَالَ الْغَزالِيّ وَذَلِكَ فِي الْأُمُور العاجلة قريب وَإِنَّمَا المتلبس عواقب الْأُمُور فِي الْأَسْبَاب المحظورة وَلَا يشغل بهَا إِلَّا مُسَدّد بالتوفيق من الله تَعَالَى

قلت هُوَ من معنى قَول أَكْثَم بن صَيْفِي

الْأُمُور تتشابه وَهِي مقبلة وَلَا يعرفهَا إِلَّا ذَوُو الرَّأْي فَإِذا أَدْبَرت يعرفهَا الْجَاهِل كَمَا يعرفهَا الْعَاقِل

ص: 422

وَمِنْه قَوْله

(تشابه أَعْيَان الْأُمُور بواديا

وَتظهر فِي أعقابها حِين تدبر)

قَالَ والوصول إِلَى ذَلِك بعد حُصُوله غريرة الْعقل مَبْنِيّ على أَشْيَاء

قَالَ أَحدهَا الفكرة وَالتَّدْبِير بِشَرْط الفطنة والذكاء الثَّانِي النَّقْد لخواطر ذَوي البصائر واستطلاع رَأْي أولى التجارب على طَرِيق الْمُشَاورَة وَهُوَ الرُّكْن الْأَعْظَم فِي التَّدْبِير فَإِن الاستبداد وَإِن كَانَ من ذِي بَصِيرَة مَذْمُوم

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة يستعان على حُصُوله كَمَا يُرَاد بأمرين

أَحدهمَا كسبي بِكَثْرَة التجربة كَمَا مر وَالْآخر عزيزي وَهُوَ خلقه من الله تَعَالَى يخص بهَا من يَشَاء من خلقه فيخلقه ذكيا فطنا

حِكَايَة فِي ذَلِك قَالَ الْأَصْمَعِي قلت لغلام حدث من أَوْلَاد الْعَرَب كَانَ يحدثني فَأَعْجَبَنِي فَصَاحَته وملاحته فَقلت لَهُ أَيَسُرُّك أَن يكون لَك مائَة ألف وَأَن تكون أحمقا قَالَ لَا وَالله قلت وَلم قَالَ أَخَاف أَن يجني الْحمق على جِنَايَة تذْهب على مَالِي وَيبقى على حمقي

قَالَ الطرطوشي فاستخرج هَذَا الصَّبِي بفرط ذكاءه قَضِيَّة مَقْبُولَة فعلا على من هُوَ أكبر سنا مِنْهُ

قيل وَقد قَالَت الْحُكَمَاء الْعقل سرعَة الْفَهم وغايته إِصَابَة الْوَهم وَلَيْسَ للذكاء غَايَة وَلَا لجودة الْمعرفَة نِهَايَة

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة من الفطن فِي الْعقل معرفَة كَمَاله الشَّرْعِيّ وَهُوَ مُتَوَقف على تصَوره فِي نَفسه فعلى أَنه عُلُوم ضَرُورِيَّة بِجَوَاز الجائزات واستحالة المستحيلات وَوُجُوب الْوَاجِبَات فَهِيَ عُلُوم شَرْعِيَّة يظْهر على

ص: 423

وفقها آثَار فعلية وقولية وعَلى أَنه بَصِيرَة فِي الْقلب تدْرك بهَا الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَيظْهر على وفقها آثَار فعلية وقولية

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة من لَازم هذَيْن التعريفين انتقاؤه حَيْثُ لَا تظهر تِلْكَ الْآثَار وَبِه يفهم نَفْيه عَن الْكفَّار فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى صم بكم عمي فهم لَا يعْقلُونَ

فهم عِنْد ذَلِك على الْجُمْلَة لتخلف كَمَال ثَمَرَته وَهُوَ الإمتناع بِهِ عَن العصبية الَّتِي لَا يعود وبالها إِلَّا عَلَيْهِم كَمَا دلّ تَفْسِير أولي الْأَلْبَاب أَي أهل الْعُقُول وَفِي قَوْله تَعَالَى الَّذين يُوفونَ بِعَهْد الله وَلَا ينقصُونَ الْمِيثَاق إِلَى آخر الْآيَة بعد تقدم قَوْله إِنَّمَا يتَذَكَّر أولو الْأَلْبَاب فيفهم من ذَلِك أَن من لم يَتَّصِف بِالْوَفَاءِ بالعهد وَمَا ذكر مَعَه فَلَيْسَ بِذِي عقل

الْمَسْأَلَة السَّابِعَة الإتصاف بِهَذَا الْعقل الْكَامِل فِي جَمِيع الْأَحْوَال والأوقات الْمُخَالفَة لِأَن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ للأنبياء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام ولقليل مِمَّن عداهم وَمن ثمَّ قَالَ مطرف بن عبد الله مَا من النَّاس أحد إِلَّا وَهُوَ أَحمَق فِيمَا بَينه وَبَين ربه وَلَكِن الْحمق بعضه أَهْون من بعض

قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو سعيد بن لب رحمه الله بِهَذِهِ إِشَارَة إِلَى عزة وجود الْعقل الْكَامِل وَإِلَى أَنه لَا يصل أحد أَن يقوم بِحَق الله تَعَالَى كل الْقيام وَأَن يعبده حق الْعِبَادَة

الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة من لَهُ عناية بِطَلَب هَذَا الْأَمر من الْعقل بِحَسب جهده فليعتبر بِمثل مَا يعمر بِهِ الْأَوْقَات

قَالَ وهب بن مُنَبّه حق على الْعَاقِل أَلا يغْفل عَن أَربع سَاعَات سَاعَة يُنَاجِي فِيهَا ربه وَسَاعَة يقْضِي فِيهَا إِلَى إخوانه الَّذين يخبرونه بشؤونه ويصدقونه عَن نَفسه وَسَاعَة يخلي بَين نَفسه وَبَين لذاته فِيمَا يحل

ص: 424

وَيحمل فَإِن هَذِه السَّاعَة عون على تِلْكَ السَّاعَات وأجمام للقلوب وَحقّ على الْعَاقِل أَن لَا يطعن فِي إِحْدَى ثَلَاث زَاد لمعاده وَمَرَمَّة لمعاشه وَلَذَّة فِي غير محرم

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي هَذَا الْوَصْف الْعقل رَأس التَّدْبِير وَصَلَاح النَّفس ومرآة الْعُيُوب وَبِه بذل المكرمات وَبعد المحبوبات وَهُوَ رَأس الْمُحرمَات وأصل الفاجرات وَالْعقل يُرِيك ذَات الشَّيْء وجوهره والحس يُرِيك ظَاهره ولباسه

وَالْعقل يُشِير على النَّفس بترك الْقَبِيح فَإِن لم تقبل مِنْهُ لم يَتْرُكهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غضب لكنه يريها أصلح وَقت يَنْبَغِي أَن يفعل ذَلِك الشَّيْء فِيهِ وَأحمد جِهَة يوجدها لِأَنَّهُ يُعْطي الْخَيْر دَائِما لمن وكل لَهُ

فضل الْعقل على الْهوى وَأَن الْعقل يملكهُ الزَّمَان والهوى يستعبدك لَهُ

حَيْثُ ترى الطبيعة معهودة فالعقل هُنَاكَ نَاقص وَحَيْثُ ترى الْعقل كَامِلا فالطبيعة هُنَاكَ ضَعِيفَة الْعَاقِل يرغب فِي الْأَدَب وَالْجَاهِل يطْلب مِنْهُ الْهَرَب

الْعَاقِل إِذا فَاتَهُ الْأَدَب لزم الصمت

من لم يكمل عقله لم يخالط نَفسه

من غلب هَوَاهُ عقله افتضح وَمن اظهر محاسنه وأخفى مساويه كمل عقله

ص: 425