المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وسرد كلَاما بليغا حَتَّى أبكى القَاضِي قَالَ وَإِن كَانَ هَؤُلَاءِ - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: وسرد كلَاما بليغا حَتَّى أبكى القَاضِي قَالَ وَإِن كَانَ هَؤُلَاءِ

وسرد كلَاما بليغا حَتَّى أبكى القَاضِي قَالَ وَإِن كَانَ هَؤُلَاءِ زنادقة فَمَا على وَجه الأَرْض مُسلم وَأرْسل إِلَى الْخَلِيفَة وَأمر بالتخلي عَنْهُم

‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

وَفِيه مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى مِمَّا يدل على ذمّ الْبُخْل وَجْهَان

أَحدهمَا استعادة النَّبِي صلى الله عليه وسلم مِنْهُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس بن مَالك رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْبُخْل والكسل وأرذل الْعُمر وَعَذَاب الْقَبْر وفتنة الْمحيا وَالْمَمَات

الثَّانِي طرده عَن مجاورة رب الْعِزَّة فَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خلق الله جنَّة عدن بيدَيْهِ ودلى فِيهَا ثمارها وشق فِيهَا أنهارها ثمَّ نظر إِلَيْهَا فَقَالَ لَهَا تكلمي فَقَالَت قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ فَقَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يجاورني فِيك بخيل رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة مِمَّا يدل على ذمّ الشُّح وَجْهَان

أَحدهمَا حمله على الْفَوَاحِش الْمُوجبَة للهلاك فَفِي الصَّحِيح عَن جَابر رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ اتَّقوا الظُّلم فَإِن الظُّلم ظلمات يَوْم الْقِيَامَة وَاتَّقوا الشُّح فَإِن الشُّح أهلك من كَانَ قبلكُمْ حملهمْ على أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمهمْ

عدم اجتماعه مَعَ الْإِيمَان فِي قلب إِنْسَان فَعَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يجْتَمع غُبَار فِي سَبِيل الله ودخان جَهَنَّم فِي جَوف عبد مُؤمن أبدا وَلَا يجْتَمع شح وإيمان فِي قلب عبد أبدا رَوَاهُ النَّسَائِيّ

ص: 447

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة قيل هما بِمَعْنى وَاحِد وَقيل الْبُخْل بِمَا فِي الْيَد وَالشح بِمَا بيد الْغَيْر قَالَه طَاوُوس وَقَالَ رجل لِابْنِ مَسْعُود رضي الله عنه إِنِّي أَخَاف أَن أكون قد هَلَكت سَمِعت الله يَقُول {وَمن يُوقَ شح نَفسه فَأُولَئِك هم المفلحون} وَأَنا رجل لَا يكَاد يخرج من يَدي شَيْء فَقَالَ لَيْسَ بالشح الَّذِي ذكر الله وَلَكِن الشُّح أَن تَأْكُل مَال أَخِيك ظلما وَلَكِن ذَلِك الْبُخْل وَلَيْسَ الشُّح هُوَ الْبُخْل قَالَ الطرطوشي فَفرق بَينهمَا

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة قَالَ ابْن قيم الجوزية الْفرق بَين الشُّح والاقتصاد أَن الاقتصاد خلق مَحْمُود يتَوَلَّد بَين عدل الْمَنْع والبذل من حسن الظَّن وَحكمه وضع كل مِنْهُمَا مَوْضِعه وَالشح خلق مَذْمُوم يتَوَلَّد من سوء الظَّن وَضعف النَّفس ويمده وعد الشَّيْطَان حَتَّى يصير هالعا شَدِيد الْحِرْص شَرها فيتولد عَنهُ الْمَنْع لبذله والجزع لفقده قَالَ الله تَعَالَى {إِن الْإِنْسَان خلق هلوعا إِذا مَسّه الشَّرّ جزوعا وَإِذا مَسّه الْخَيْر منوعا}

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة تقدم إِن حِدة الْإِمْسَاك حَيْثُ يجب الْبَذْل وَأَن أشده منع مَا وَجب شرعا ودونه منع مَا وَجب مُرُوءَة وَإِن استقباحه يخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص وَالْأَحْوَال

قلت وشناعة قبحه بِحَسب رُتْبَة السُّلْطَان بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ فِي الرذيلة العائدة بشر الْفساد وَيَكْفِي من ذَلِك أُمُور

ص: 447

أَحدهمَا فَوت النَّصِيحَة لأَجله قَالَ الطرطوشي إِذا كَانَ السُّلْطَان بَخِيلًا لم بناصحه أحد وَلَا تصلح الْولَايَة إِلَّا بالمناصحة

الثَّانِي شياع توقع الْمَكْرُوه بِهِ قَالَ أفلاطون إِذا كثر الْمُلُوك الإرجاف بهم

الثَّالِث استلزامه للجور غَالِبا فَفِي الأفلاطونيات قل من يكون من الْمُلُوك بَخِيلًا فَيكون عادلا لِأَن الْعدْل يعطل الضرائب وَإِذا كَانَ بَخِيلًا لم يسمح بإسقاطها

الرَّابِع اتصافه مِنْهُ بشر الْخِصَال فقد قيل شَرّ خِصَال الْمُلُوك الْجُبْن على الْأَعْدَاء وَالْقَسْوَة على الْأَوْلِيَاء وَالْبخل عِنْد الْإِعْطَاء

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة قَالَ الْغَزالِيّ علاج الْبُخْل بِعلم وَهُوَ يرجع إِلَى معرفَة آفَة الْبُخْل وَفَائِدَة الْجُود وبعمل وَهُوَ يرجع إِلَى الْبَذْل على سَبِيل التَّكَلُّف وَلَكِن قد يُقَوي الْبُخْل بِحَيْثُ يعمى ويصم فَيمْنَع تحقق الْمعرفَة بآفاته وَإِذا لم تتَحَقَّق لم تتحرك الرَّغْبَة فَلم يَتَيَسَّر الْعَمَل فِيهِ فَتَصِير عِلّة مزمنة

قَالَ وَمن الْأَدْوِيَة النافعة كَثْرَة التَّأَمُّل فِي أَحْوَال البخلاء ونفور الطَّبْع عَنْهُم فَإِنَّهُ مَا من بخيل إِلَّا ويستقبح الْبُخْل من غَيره ويستثقل كل بخيل فَيعلم أَنه كَذَلِك

الْمَسْأَلَة السَّابِعَة قَالَ أفلاطون لَا يحسن الْبُخْل إِلَّا فِي أَربع الدّين وَالْحرم وَأَيَّام الْحَيَاة والمقاتلة

قلت لِأَن الشُّح فِي الدّين هُوَ الْخَيْر الَّذِي لَا خير مثله والسخاء الَّذِي لَا خير مثله والسخاء بِالْحرم خسة لَا حضيض بعْدهَا وبأيام الْحَيَاة تضيع مَالا عوض عَنهُ وبالمقاتلة قبل وَقتهَا تغرير لَا تلجأ إِلَيْهِ ضَرُورَة

ص: 448

الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي هَذَا

شح الْغَنِيّ فضيحة

من طلب مَا عِنْد الْبَخِيل مَاتَ جوعا

إِذا قصدت الْبَخِيل فِي حَاجَة أبدى لَك الحرمان والعداوة فَهُوَ شَرّ مِنْهُ وَمن لم يواس الإخوان فِي دولته خذلوه فِي نكبته

من نقص الْبَخِيل أَنه يصون مَا فِي ذَات يَده من الْخَارِج عَنهُ ويبذل نَفسه وَقواهُ اللَّتَيْنِ هما ذاتيتان لَهُ فيفضل الْبعيد على الْغَرِيب والوضيع على الرفيع

الْبَخِيل يسخو من عرضه بِمِقْدَار مَا يسخو بِهِ من مَاله والسخي يبخل من عرضه بِمِقْدَار مَا يسخو بِهِ من مَاله

البخلاء يكون عفوهم عَن الذَّنب أسهل عَلَيْهِم من الْمُكَافَأَة على صَغِير الْإِحْسَان

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة من حكايات البخلاء مَا يُقَال أَن مُحَمَّد بن يحي بن خَالِد بن برمك كَانَ بَخِيلًا قَبِيح وَالْبخل فَسئلَ نسيب لَهُ كَانَ يألفه عَنهُ وَقيل لَهُ صف مائدته قَالَ هِيَ فتر فِي فتر وصحائفه منقورة من حب الخشخاش قيل فَمن يحضرها قَالَ الْكِرَام الكاتبون قيل أفيأكل مَعَه أحد قَالَ بل الذُّبَاب قيل واسواة لَهُ فَأَنت خَاص بِهِ وقميصك مخرق قَالَ أَي وَالله مَا أقدر على إبرة أخيطه بهَا وَلَو ملك مُحَمَّد بَيْتا من بَغْدَاد إِلَى النّوبَة مملوءا إبرا ثمَّ جَاءَ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل عليهما السلام ومعهما يَعْقُوب عليه السلام يضمنُون عَلَيْهِ إبرة ويسألونه إعارتهم إِيَّاهَا ليخيط بهَا قَمِيص يُوسُف الَّذِي قد من دبر مَا فعل

ص: 449