المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قَالُوا يجب على الإِمَام أَن يولي ذَلِك ثِقَة دينا صَارِمًا - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: قَالُوا يجب على الإِمَام أَن يولي ذَلِك ثِقَة دينا صَارِمًا

قَالُوا يجب على الإِمَام أَن يولي ذَلِك ثِقَة دينا صَارِمًا فِي الْحُقُوق وَالْحُدُود متيقظا غير مُغفل

قَالَ ابْن حزم وَيلْزمهُ الإِمَام أَن لَا يبْحَث عَن شَيْء من الْحُدُود إِلَّا أَن يُجَاهر بهَا صَاحبهَا أَو يشتكي إِلَيْهِ بهَا وَحِينَئِذٍ يلْزمه السُّؤَال عَن ذَلِك

‌الرُّكْن السَّابِع

‌رِعَايَة السياسة

وللنظر فِيهَا منهجان أَحدهمَا بِسَبَب الْمُعْتَمد مِنْهُ عقلا وَلآخر من جِهَة الْمُعْتَبر مِنْهَا شرعا وَقبل ذَلِك فَهُنَا مقدمتان

الْمُقدمَة الأولى أَن أَحْكَام الْملك القاهر بِمُقْتَضى الْغَضَب لما كَانَت مائلة عَن الْحق غَالِبا تحمل صَاحبهَا على مَا فَوق الطَّاقَة من أغراضه وشهواته وَإِذ ذَاك فتعسر الطَّاعَة وتخشى الْمعْصِيَة المؤذنة بِفساد الِاجْتِمَاع الإنساني وَجب الْمرجع فِي ذَلِك إِلَى قوانين سياسية الْوَضع يسلكها الكافة وينقاد لحكمها الْمَفْرُوض

الْمُقدمَة الثَّانِيَة أَن هَذِه القوانين الْمَفْرُوضَة إِن كَانَت من الْعُقَلَاء وَذَوي البصيرة بتدبير الدولة كَانَت سياسة عقلية نافعة فِي الدُّنْيَا فَقَط وَإِن كَانَت عَن الله تَعَالَى بِوَاسِطَة شَارِع يشرعها كَانَت سياسة دينية نافعة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لما سبق من تَقْرِير حمل الْخلق على حمل الدّين الَّذِي خلقُوا لَهُ عَاجلا أم آجلا

ص: 291

الْمنْهَج الأول وَفِيه مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى الْجَارِي على الْحِكْمَة من السياسة الْعَقْلِيَّة مَا روعيت فِيهِ الْمصَالح عُمُوما ومصالح السُّلْطَان فِي استقامة ملكه خُصُوصا كالمنقول ذَلِك عَن الْفرس وَقد أغْنى الله عَنْهُم بِأَحْكَام الْملَّة الإسلامية لاشتمالها على الْمصَالح الْعَامَّة والخاصة واندراج أَحْكَام الْملك فِيهَا تعم أَن أهمل الْعَمَل بِمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من ذَلِك فالسياسة الْعَقْلِيَّة أَنْفَع مِنْهَا فِي الدُّنْيَا وَهِي

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

قَالَ الطرطوشي وَلِهَذَا يُقَال أَن السُّلْطَان الْكَافِر الْحَافِظ لشروط السياسة الإصلاحية أبقى وَأقوى من السُّلْطَان الْمُؤمن الْعدْل المهمل إِذْ لَا أصلح للسُّلْطَان من تَرْتِيب الْأُمُور وَلَا أفسد لَهُ من الحكم وَلَا يقوم سُلْطَان إِيمَان أَو كفر إِلَّا بِعدْل نبوي أَو تَرْتِيب اصطلاحي

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

السياسة الَّتِي لسَائِر مُلُوك الْعَالم من مُسلم وَكَافِر من هَذَا النَّوْع الْعقلِيّ مِنْهَا مَا يُرَاعِي فِيهِ مصلحَة السُّلْطَان فِي استقامة ملكه قهرا واستطالة الْمصَالح الْعَامَّة بِحكم التبع لذَلِك إِلَّا إِن مُلُوك الْإِسْلَام يسلكون فِيهَا على مُقْتَضى الشَّرِيعَة الإسلامية بِحَسب جهدهمْ

تَحْصِيل قَالَ ابْن خلدون فقوانينها إِذا مجتمعة من أَحْكَام شَرْعِيَّة وآداب خلقية وقوانين فِي الِاجْتِمَاع طبيعية وَأَشْيَاء من مُرَاعَاة الشَّوْكَة والعصبية ضَرُورِيَّة ولاقتداء فِيهَا بِالشَّرْعِ أَولا ثمَّ بالحكماء فِي آدابهم والملوك فِي سيرهم

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

الْمُوجب لانقياد الكافة لأحكام الساسة الْعَقْلِيَّة مَا يتوقعون من ثَوَاب الْحَاكِم بهَا بعد مَعْرفَته بمصالحهم

ص: 292

قلت وَمَا يتخوفون من عِقَابه بِتَقْدِير عدم الانقياد ويتحصل من ذَلِك أَن ملاك الطَّاعَة الرَّغْبَة والرهبة

فَائِدَة فِي تَنْبِيه قَالَ ابْن خلدون وَمَا تسمعه من السياسة المدنية لَيْسَ من هَذَا الْبَاب وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ عِنْد الْحُكَمَاء مَا يجب أَن يكون عَلَيْهِ كل وَاحِد فِي نَفسه وخلقه حَتَّى يستغنوا عَن الْحُكَّام ويسمون الْمُجْتَمع الْحَاصِل فِيهِ ذَلِك بِالْمَدِينَةِ الفاضلة والقوانين المراعاة فِي ذَلِك بالسياسة المدنية وَغير السياسة الَّتِي يحمل عَلَيْهَا الْجُمْهُور بِالْأَحْكَامِ

قَالَ وَهَذِه الْمَدِينَة الفاضلة عِنْدهم نادرة أَو بعيدَة الْوُقُوع وَالْكَلَام عَلَيْهَا على جِهَة الْفَرْض وَالتَّقْدِير

الْمنْهَج الثَّانِي وَفِيه مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى قَالَ ابْن فَرِحُونَ السياسة نَوْعَانِ ظالمة تحرمها الشَّرِيعَة وعادلة توجب الْمصير إِلَيْهَا والاعتماد فِي إِظْهَار الْحق عَلَيْهَا وَهِي بَاب وَاسع فضل فِيهِ الإفهام وتزل فِيهِ الْإِقْدَام وإهمالها يضيع الْحُقُوق ويعطل الْحُدُود ويجرءي أهل الْفساد والتوسع فِيهِ يفتح أَبْوَاب الْمَظَالِم وَيُوجب سفك الدِّمَاء وَأخذ الْأَمْوَال بِغَيْر حق

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

أَن اعْتِبَارهَا على التَّوَسُّط اتقاء لمحذوري الإهمال والتوسع هُوَ الْحق فَلَا جَانب الِالْتِفَات إِلَيْهَا ظنا لِأَنَّهَا مُنَافِيَة للقواعد الشَّرْعِيَّة فينكر مَا شهد لَهُ الشَّرْع مِنْهَا بِالِاعْتِبَارِ

قَالَ فَرِحُونَ وَهُوَ رد لنصوص الشَّرِيعَة وتغليظ للخلفاء الراشين وَلَا يفرط فِي التعويل عَلَيْهَا توهمه أَن الشَّرِيعَة وتغليظ مِنْهَا قَاصِرَة عَن رِعَايَة الْخلق فيجنى على الشَّرِيعَة ويرميها بِالنَّقْصِ وَهُوَ تَعَالَى يَقُول

ص: 293

الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَفِي الحَدِيث تركت فِيكُم مَاء أَن تمسكتم بِهِ لن تضلوا كتاب الله وسنتي قَالَ ابْن فَرِحُونَ وَهُوَ جهل وَغلظ فَاحش

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

من الدَّلِيل على مَشْرُوعِيَّة هَذِه السياسة اشْتِمَال أَحْكَامهَا على حكم يشْعر مَا أدْرك مِنْهَا بعناية الشَّارِع برعاية مصَالح الْعباد عَاجلا وآجلا لَا وجوبا وَهِي أَنْوَاع

أَحدهَا مَا شرع لكسر النَّفس ومرورها تَحت حكم الانقياد كالعبادات الَّتِي لَا يلوح فِيهَا تَعْلِيل جزءي تَنْزِيلا عَن ذَلِك

الثَّانِي مَا قصد بِهِ بَقَاء نوع الْإِنْسَان كالآذان فِي الْمُبَاحَات الحافظة لوُجُود كالطعام وَالشرَاب وَنَحْو ذَلِك

الثَّالِث مَا وضع لدفع الضرورات كَالْبيع وَالْإِجَارَة والقراض والمساقات لاحتياج الْإِنْسَان إِلَى مَا لَيْسَ عِنْده واضطراره إِلَى اسْتِخْدَام غَيره تحصيلا لمصلحته

الرَّابِع مَا نبه بِهِ على مَكَارِم الْأَخْلَاق كالمواساة والهبات وَالْعِتْق وَالْحَبْس وَالصَّدَََقَة وَنَحْو ذَلِك

الْخَامِس مَا شرع للزجر الْمَانِع من الْإِخْلَال بِهَذِهِ الْمَقَاصِد

قلت وَقد تقدم مَا يشْعر بذلك فِي كليات مَا تتحفظ بِهِ الشَّرِيعَة من جَانِبي الْوُجُود والعدم وَبَقِي من ذَلِك مَا هُوَ خَاص بِهَذَا الْموضع وَهُوَ الزّجر التعزيري بِحَسب الْجِنَايَة كَمَا دلّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {ليذوق وبال أمره} أَي جَزَاء فعله

ص: 294

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

إِن التَّوسعَة بهَا على الْحُكَّام لَا تخْتَلف دَلِيل مشروعيتها بل هُوَ شَاهد لَهَا بِالِاعْتِبَارِ على أوضح دلَالَة وَبَينهَا الْقَرَافِيّ من وُجُوه يَكْفِي مِنْهَا اثْنَان

أَحدهمَا أَن الْفساد الْمُنْتَشِر بعد الْعَصْر الأول مُوجب لاخْتِلَاف الحكم لَكِن بِحَيْثُ لَا يخرج عَن الشَّرْع بِالْكُلِّيَّةِ دفعا للضَّرَر وَالْفساد

قلت وَهُوَ قَول عمر بن عبد الْعَزِيز رضي الله عنه تحدث للنَّاس أقضية بِقدر مَا أَحْدَثُوا من الْفُجُور زَاد الشَّيْخ عز الدّين وَأَحْكَام بِقدر مَا يحدثُونَ من السَّيِّئَات والمعاملات والاحتياطات

قَالَ وَهِي على القوانين الأول غير أَن الْأَسْبَاب تَجَدَّدَتْ وَلم تكن فِيمَا سلف قَالَ الْمقري فَإِذا وجدت وَجب اعْتِبَارهَا

الثَّانِي أَن قَاعِدَة الْمصَالح الْمُرْسلَة وَهُوَ مَا لم يشْهد لَهُ الشَّرْع لَا بِاعْتِبَار وَلَا بإلغاء وَهُوَ ملائم لتصرفاته شَاهد لذَلِك بِالصِّحَّةِ كجمع الْمُصحف وَتَدْوِين الدَّوَاوِين وَضرب السِّكَّة واتخاذ السجْن وتضمين الصناع

قلت وَدَعوى جمَاعَة تَخْصِيص إِمَام الْأَئِمَّة مَالك رَحمَه الله تَعَالَى الاسترسال فِي اعْتِبَار هَذِه الْقَاعِدَة لَيْسَ كَذَلِك بل الشَّافِعِيَّة وهم مُعظم المنكرين عَلَيْهِ أوسع فِيهَا مجالا حَتَّى قَالَ السُّبْكِيّ فِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ كَاد يُوَافقهُ مَعَ مناداته عَلَيْهِ بالنكير

ص: 295

تَكْمِيل

السياسة الْبَاطِلَة شرعا لَا تَنْحَصِر أمثلتها وَيَكْفِي فِي التَّنْبِيه عَلَيْهَا مَا يذكر

الْمِثَال الأول الْقَتْل بالرهبة

قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ هُوَ لضبط الدولة والسياسة من عادات الْجَبَابِرَة وَمَا حدث إِلَّا بعد الْعَصْر الأول

قلت وَأَشد من هَذَا الِاعْتِقَاد تَحْلِيله كَمَا ورد الْإِنْذَار بِهِ فِي حَدِيث ورد عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما مَرْفُوعا يَأْتِي على النَّاس زمَان يسْتَحل فِيهِ خَمْسَة أَشْيَاء يسْتَحلُّونَ الْخمر بأسماء يسمونها بهَا والسحت بالهدية وَالْقَتْل بالرهبة وَالزِّنَا بِالنِّكَاحِ والربا بِالْبيعِ

قَالَ ابْن تَيْمِية وَهَذَا الْخَبَر صدق ثمَّ فسر استحلال الْقَتْل باسم الإرهاب لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُسَمِّيه وُلَاة الظُّلم سياسة وأبهة للْملك

ص: 296

الْمِثَال الثَّانِي الْعقُوبَة بِالْمَالِ

قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ لَا عهد بهَا فِي الْإِسْلَام وَلَا تلائم تَصَرُّفَات الشَّرْع مَعَ أَنَّهَا لم تتَعَيَّن لشرعية الْعُقُوبَات الْبَدَنِيَّة بالسجن وَالضَّرْب وَغَيرهمَا

قلت وَمَا ورد من ذَلِك فِي أول الْإِسْلَام فقد اجْتَمعُوا على نُسْخَة قَالَه الطَّحَاوِيّ وَابْن رشد وَفِي سَماع أَشهب من كتاب السُّلْطَان أَن مَالِكًا رحمه الله سُئِلَ هَل يجوز انتهاب مَتَاع أهل السُّوق إِذا خالفوا مَا أمروا بِهِ فَقَالَ لَا يحل ذَنْب من الذُّنُوب مَال إِنْسَان وَإِن قتل نفسا وَأرى أَن يضْرب من نهب أَو انتهب يَعْنِي الْآمِر بِهِ والطائع لَهُ

كشف تَدْبِير الْحَاكِم على الحكم بِهَذِهِ الْعقُوبَة مُنْضَمًّا لانتفاع الْحَاكِم بهَا توهم أَن غرم المَال أزْجر للنفوس من الْعقُوبَة بِغَيْرِهِ لعزة المَال عَلَيْهَا وَهُوَ غير مخلص لِأَن مُخَالفَة الْهوى أَشد من عَلَيْهَا وأصعب بِدَلِيل أَن شَهْوَة الْقَتْل أَو الزِّنَا إِذا استحكمت يسهل فِي تَحْصِيلهَا بذل المَال فَكيف ينْهض عَن غرمه زاجر عَمَّا هُوَ أَشد مِنْهُ قرر هَذَا الْمَعْنى أَبُو الْعَبَّاس بن الشماع التّونسِيّ قَائِلا وَلذَلِك يجْرِي على أَلْسِنَة الْعَامَّة الْأَمْوَال تحْتَاج للأمراض أَو للأغراض

فَائِدَة عَن تَنْبِيه قَالَ الشَّيْخ الإِمَام أَبُو اسحق الشاطبي الْعقُوبَة فِي المَال عِنْد مَالك ضَرْبَان

ص: 297

أَحدهمَا عُقُوبَة على الْجِنَايَة وَلَا مرية انه غير صَحِيح وَإِتْلَاف مَا فِيهِ الْجِنَايَة أَو فِي عوضه عُقُوبَة للجاني وَهِي ثَابِتَة عِنْده لقَوْله الزَّعْفَرَان الْمَغْشُوش إِذا وجد بيد الَّذِي غشه تصدق بِهِ على الْمَسَاكِين قل أَو كثر وَعَن ابْن الْقَاسِم ومطرف وَابْن الْمَاجشون يتَصَدَّق بِمَا قل مِنْهُ دون مَا كثر وَذَلِكَ محكى عَن عمر رضي الله عنه فِي إِرَاقَة اللَّبن الْمَغْشُوش بِالْمَاءِ

الْمِثَال الثَّالِث الزِّيَادَة على الْحُدُود الْمقدرَة

نقل الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس ابْن الشماع عَن أبي الْعَرَبِيّ فِي كِتَابه الِاسْتِيفَاء فِي الْقيَاس مَا حَاصله أَن الْقَائِل بقصورها عَن الْوَفَاء بكف الْجِنَايَات حَتَّى يتَجَاوَز فِيهَا إِلَى قطع من لم تثبت سَرقته وَقتل من لم يَصح قَتله خَارج عَن دين الْإِسْلَام وَإِن كَونهَا لَا تفي فِي الردع لِأَنَّهَا لَا تستوفي بل تبَاع وتشترى

ص: 298

قَالَ وَحِكْمَة حكمه فِيمَن ظهر عَلَيْهِ الْحَد انفاذه فِيهِ وَمن خشيت معرته وقويت ظنته حبس حَتَّى لَا يَمُوت

قَالَ والمحبوسين يجب أَن يَكُونُوا أَضْعَاف المقتولين لِأَن التُّهْمَة أَضْعَف الْبَينَات قلت وحكاية ابْن الصَّيْرَفِي عَنهُ أَنه أَتَى بزان فِي أَيَّام قَضَائِهِ فثقب شدقه حَتَّى أفسد هواءه حملهَا ابْن الشماع بعد تَسْلِيم نِسْبَة القَوْل بذلك إِلَيْهِ من حِكَايَة تَارِيخ على أَنه لم يصادم فِي ذَلِك نصبا بتحديد عُقُوبَة المشتهر بِالْغنَاءِ وَذكر غير ذَلِك

ص: 299

الْمِثَال الرَّابِع وضع المكوس فِي الْمُعَامَلَات ظلما وجورا

قَالَ الشَّيْخ الإِمَام أَبُو اسحق الشاطبي لَا يَخْلُو وَضعهَا الْمحرم أَن يقْصد بِهِ حجر التَّصَرُّفَات وقتا مَا أَو حَالَة مَا لنيل حطام الدُّنْيَا أَو يقْصد بِهِ جعله كَالدّين الْمَفْرُوض دَائِما أَو فِي أَوْقَات محدودة وعَلى كيفيات مَضْرُوبَة بِحَيْثُ تضاهي التشريع الَّذِي تحمل عَليّ الكافة وتتوجه على الْمُمْتَنع مِنْهُ الْعقُوبَة فَالْأول مُجَرّد مَعْصِيّة وَالثَّانِي بِدعَة بِلَا شكّ

قلت قسمهَا هَذَا التَّقْسِيم لِأَن الْقَرَافِيّ عدهَا من الْبدع الْمُحرمَة وَلَا يصبح فِيهَا ذَلِك إِلَّا على المأخذ الثَّانِي وأيا مَا كَانَت فتحريمها ثَابت

تحذير قَالَ النواوي مِمَّا يتَأَكَّد النَّهْي عَنهُ والتحذير مِنْهُ قَول الْعَوام وشبههم فِي المكوس الْمَأْخُوذَة مِمَّن يَبِيع أَو يَشْتَرِي وَنَحْو ذَلِك هُوَ حق السُّلْطَان وَنَحْوه مِمَّا يشْتَمل على تَسْمِيَته حَقًا ولازما وَهُوَ من أَشد الْمُنْكَرَات وأشنع المستحدثات حَتَّى قَالَ بعض الْعلمَاء فَمن سمى هَذَا حَقًا فَهُوَ كَافِر وَالصَّحِيح أَنه لَا يكفر إِلَّا إِذا اعتقده حَقًا مَعَ علمه بِأَنَّهُ ظلم قَالَ فَالصَّوَاب أَن يُقَال فِيهِ المكس أَو ضريبة السُّلْطَان أَو نَحْو ذَلِك من الْعبارَات

الْمِثَال الْخَامِس تَوْلِيَة المناصب الشَّرْعِيَّة من لَا يصلح لَهَا بطرِيق التوريث استنادا لقَوْل المناصب الشَّرْعِيَّة من لَا يصلح لَهَا بطرِيق التوريث استنادا لكَون المنصب كَانَ لِأَبِيهِ وَهُوَ فَاقِد الْأَهْلِيَّة فِي نَفسه ذكر ذَلِك الْقَرَافِيّ فِي أَمْثِلَة الْبدع الْمُحرمَة وَلَا خَفَاء أَن الْقَصْد بِهِ حفظ الرتب

ص: 300

بقصرها على الْمُسْتَحق وَأَنه من هَذِه الْجِهَة وَالْحَالة هَذِه أولى بهَا من الْمُسْتَحق بِنَفسِهِ وَهُوَ قصد حائد عَن السياسة الْمُعْتَبرَة أما شرعا فَظَاهر وَأما عقلا

فقد قَالَ أفلاطون فِي اعْتِبَاره مُطلقًا أخرجت كثيرا من الْمُلُوك الْغيرَة على الْمَرَاتِب إِلَى أَن حبسوا الْمنَازل على أَهلهَا منعُوا كل إِنْسَان عَن الْخُرُوج عَن مَنْزِلَته وَهَذَا خطأ مِنْهُم يعود ضَرَره فِي هَذَا الْموضع على الْعَالم بأسره وَذَلِكَ أَن الْقَوْم إِذا تَنَاسَلُوا فِي مرتبَة أَو صناعَة تلاشت فِيهِ فضائلهم وتشبهوا بِأَرْض ألح عَلَيْهَا صَاحبهَا بزرع شَيْء وَاحِد من أَنْوَاع النَّبَات فَإِنَّهُ إِذا تَمَادى بهَا الزَّمَان فسد فِيهَا ذَلِك النَّوْع وَإِنَّمَا تتربى الصناعات والرياسة فِي استدارة الْأَحْوَال وتنقل الْمنَازل انْتهى

وَعَن بعض الْحُكَمَاء أَن السُّلْطَان لَا يقرب الْأَبْنَاء لقرب آبَائِهِم وَلَا يبعدهم لبعدهم وَلَكِن ينظر إِلَى مَا عِنْد طل وَاحِد مِنْهُم فَيقرب الْبعيد لنفعه وَيبعد الْقَرِيب لضرره

وَقَالَ وشبهوا ذَلِك بالجرذ الَّذِي هُوَ فِي بَيت مجاور فَمن أجل ضَرَره نفي والبازي وَهُوَ وَحشِي من أجل نفعة اجتنى

تَنْبِيه انتظام هَذَا الْقَصْد فِي سلك الْبدع الْمُحرمَة إِنَّمَا هُوَ مَعَ تحري الْعَمَل بِهِ دَائِما وعده كالشرع الَّذِي لَا يُخَالف أما تصدير هَذَا المتخلف عَن مَرَاتِب آبَائِهِ لَا من هَذِه الْجِهَة فَهُوَ فَسَاد فِي السياسة لَا ابتداع فَيُبَاح ذَلِك فِيهِ عَلَيْهِ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشاطبي

ص: 301