المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الرَّابِع أَن يرى لنَفسِهِ فضلا على من تقدمه بل يرى - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: الرَّابِع أَن يرى لنَفسِهِ فضلا على من تقدمه بل يرى

الرَّابِع أَن يرى لنَفسِهِ فضلا على من تقدمه بل يرى الْفضل عَلَيْهِ ويتخوف على ذمَّته

قَالَ لقَوْله صلى الله عليه وسلم الإِمَام ضَامِن والمؤذن مؤتمن

الْخَامِس أَن يكون أكبر اهتمامه التحفظ من الْبدع المحدثة لنه علم للعامة فِي الإقتداء بِهِ خُصُوصا مَا يَقع من ذَلِك فِي الْمَسْجِد الَّذِي هُوَ من رَعيته

‌الخطة الثَّانِيَة

‌الْفتيا

وفيهَا بِحَسب الْوَضع مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى شرف هَذِه الْمنزلَة فِي الْمَرَاتِب الدِّينِيَّة لَا يحفى على متأمل وَيَكْفِي من ذَلِك أَن صَاحبهَا قَائِم فِي الْأمة مقَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم لمرين

أَحدهمَا صَرِيح النَّص بذلك فَفِي الحَدِيث الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء وَأَن الْأَنْبِيَاء لم يورثوا دِينَار وَلَا درهما وَإِنَّمَا ورثوا الْعلم وَمن ثمَّ قيل الْمُفْتِي موقع عَن الله

الثَّانِي نيابته عَنهُ صلى الله عليه وسلم فِي تَبْلِيغ الْأَحْكَام لقَوْله أَلا ليبلغ الشَّاهِد مِنْكُم الْغَائِب وَقَالَ بلغُوا عني وَلَو آيَة وَهُوَ معنى كَونه يقوم مقَامه صلى الله عليه وسلم فِي التَّبْلِيغ والتعليم

اعْتِرَاف بِفضل

روى سهل بن عبد الله أَنه قَالَ من أَرَادَ أَن ينظر إِلَى مجَالِس

ص: 240

الْأَنْبِيَاء عيهم السَّلَام فَلْينْظر إِلَى مجَالِس الْعلمَاء يَجِيء الرجل فَيَقُول مَا تَقول فِي رجل حلف على امْرَأَته بِكَذَا فَيَقُول طلقت امْرَأَته وَهَذَا مقَام الْأَنْبِيَاء فاعرفوا لَهُم ذَلِك

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة ابْن خلدون للخليفة تصفح أهل الْعلم والتدريس ورد الْفتيا إِلَى من هُوَ أهل لَهَا وإعانته على ذَلِك وَمنع من لَيْسَ بِأَهْل لَهَا وزجرها لِأَنَّهَا من مصَالح الْمُسلمين فِي أديانهم فَيجب عيه مراعاتها لِئَلَّا يتَعَرَّض لذَلِك من لَيْسَ بِأَهْل فيضل النَّاس انْتهى

قلت لقَوْله صلى الله عليه وسلم إِن الله لَا يقبض الْعلم الحَدِيث

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة إِذا كَانَ الإِمَام لَا يسْتَقلّ بِهَذَا التصفح لفَوَات الْعلم بِهِ فَيَكْفِي استطلاع مَا عِنْد عُلَمَاء الْوَقْت فِي أَهْلِيَّة الْمصدر للْفَتْوَى مَعَ علمه هُوَ ذَلِك من نَفسه وَهُوَ معنى قَوْلهم لَا يُفْتى حَتَّى يرَاهُ النَّاس أَهلا لذَلِك وَيرى هُوَ نَفسه أَهلا لذَلِك فَإِن فقدوا أَو كَانَت معرفتهم لَا توفى بذلك وَرَأى هَذَا الْمُقدم أَنه أهل فولايته صَحِيحَة لوَجْهَيْنِ

أَحدهمَا أَن تعْيين الْأُمَرَاء من يقوم بِوَاجِب التَّنْفِيذ حَتَّى يثبت أَنه لَيْسَ بِأَهْل وَإِلَّا انخرم نظام الدُّنْيَا

الثَّانِي أَن اعْتِقَاد هَذَا المبدأ أَهْلِيَّته لذَلِك كَافِيَة فِي انتصابه حَيْثُ لَا يكون هُنَاكَ غَيره وَلَو لم يقدم أحد فَكيف بِهَذَا قَالَه الشَّيْخ الإِمَام أَبُو اسحق الشاطبي فِي بعض تقييداته

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة قَالَ ابْن الصّلاح يشْتَرط فِيهِ أَن يكون مُكَلّفا

ص: 241

مُسلما ثِقَة مَأْمُونا منزها عَن أَسبَاب الفسوق ومسقطات الْمُرُوءَة لِأَن من لم يكن كَذَلِك فَقَوله غير صَالح للاعتماد وَإِن كَانَ من أهل الِاجْتِهَاد وَيكون فَقير النَّفس سليم الذِّهْن رصين الْفِكر صَحِيح التَّصَرُّف والاستنباط متيقظا

قلت ودرجاته بعد ذَلِك مقررة فِي موَاضعهَا من كتب الْأُصُول وَغَيرهَا

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة قَالَ الشَّيْخ أَبُو اسحاق الشاطبي الْمُفْتِي البالع ذرْوَة الدرجَة هُوَ الَّذِي يحمل النَّاس على الْمَعْهُود الْوسط فِيمَا يَلِيق بالجمهور فَلَا يذهب يهم الشدَّة وَلَا يمِيل بهم إِلَى طرف الإنحلال

قلت مِمَّا اسْتدلَّ بِهِ على صِحَة ذَلِك أَمْرَانِ

أَحدهمَا أَن من قصد الشَّارِع حمل الْمُكَلف على التَّوَسُّط من إفراط وَلَا تَفْرِيط وَهُوَ الطَّرِيق الْمُسْتَقيم الَّذِي جَاءَ بِهِ وَحِينَئِذٍ فالخروج عَن ذَلِك فِي المستفتي انحراف عَن ذَلِك الْمَقْصد

قَالَ لذَلِك كَانَ مَا خرج عَن الْمَذْهَب الْوسط مذموما عِنْد الْعلمَاء الراسخين

الثَّانِي أَن الْخُرُوج إِلَى الْأَطْرَاف حائد عَن الْعدْل وناكب عَن صراطه وَحِينَئِذٍ فَلَا مصلحَة فِيهِ الْبَتَّةَ أما فِي طرف التَّشْدِيد فَلَمَّا فِيهِ من الْحَرج الْمُؤَدِّي لِبُغْض الدّين والانقطاع عَن التزود بِهِ إِلَى الْمعَاد وَأما فِي طرف الانحلال فَلَمَّا فِيهِ من اتِّبَاع الْهوى والشهوة

ص: 242

قلت وَعند ذَلِك فَمن عرف بالتساهل فِي فتياه من هَذِه الْجِهَة منع استفتاؤه وَهِي

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة كَمَا صرح بِهِ ابْن الصّلاح قَائِلا أَن من فعل ذَلِك بِأَن تحمله الْأَغْرَاض الْفَاسِدَة على تتبع الْحِيَل الممنوعة والتمسك بالشبه طلبا للترخيص على من يُرِيد نَفعه أَو التَّغْلِيظ على من يقْصد ضره فقد هان عَلَيْهِ دينه ونسأل الله الْعَفو والعافية

الْتِفَات قَالَ وَإِذا صَحَّ قَصده فِي تطلب حِيلَة لَا شُبْهَة فِيهَا وَلَا تجر إِلَى مفْسدَة ليتخلص بهَا المستفتي من ورطة يَمِين أَو نَحْوهَا فَذَلِك حسن جميل فقد قَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ إِنَّمَا الْعلم عندنَا الرُّخْصَة من ثِقَة فَأَما التَّشْدِيد فيحسنه كل أحد

الْمَسْأَلَة السَّابِعَة إِذا كَانَ التساهل فِي الْفتيا مَانِعا من استفتاء من عرف بِهِ فَمن الْوَاجِب على السُّلْطَان أَن يكون أول مُمْتَنع من ذَلِك فِي نَفسه وَأولى أَن لَا يكلفه التمَاس رخصَة على غير شَرطهَا يطبق بهَا غَرَضه بِتَقْدِير أَنه مَا كَانَ يساعده لَوْلَا هَذَا التَّكْلِيف أما أَولا فَلَمَّا يخْشَى من وزر ذَلِك فِي الْجُمْلَة

وَفِي حكم الْهِنْد وَهُوَ ظَاهر من التمس من الإخوان الرُّخْصَة عِنْد المشورة وَمن الْأَطِبَّاء عِنْد الْمَرَض وَمن الْفُقَهَاء عِنْد الشُّبْهَة أَخطَأ الرَّأْي وأزداد مَرضا أَو تحمل الْوزر

أما ثَانِيًا فَلَمَّا ينشأ عَنهُ من إِدْخَال الْفساد بِهِ على الدّين من وُجُوه لَا تخفى مَعَ التَّأَمُّل وَهُوَ لَا محَالة مُوجب لتضعيف وزره أضعافا مضاعفة وَفِي مثل ذَلِك قَالَ ابْن الْمُبَارك

(وَهل افسد الدّين إِلَّا الْمُلُوك

وأخبار سوء ورهبانها)

(وَبَاعُوا النُّفُوس وَلم يربحوا

وَلم تغل فِي البيع أثمانه) ا

(لقد رتع الْقَوْم فِي جيفة

يبين لذِي الْعقل أنتانها)

ص: 243

تَعْرِيف من مَشْهُور مَا وَقع من تساهل طلب الرُّخْصَة فِي الْفتيا على غير شَرطهَا إرضاء للسُّلْطَان بِمَا يُتَابع هَوَاهُ مَا حَكَاهُ عِيَاض وَغَيره عَن مُحَمَّد بن يحي بن لبَابَة أخي الشَّيْخ ابْن لبَابَة الشهير وَذَلِكَ أَنه عزل عَن قَضَاء البيرة لرفع أَهلهَا عَلَيْهِ ثمَّ عَن الشورى لأمور نقمت عَلَيْهِ وسجل بسخطه القَاضِي حبيب ابْن زِيَاد وَأمر بِإِسْقَاط عَدَالَته وإلزامه بَيته وَأَن لَا يُفْتِي أحدا فَأَقَامَ على ذَلِك وقتا

ثمَّ إِن النَّاصِر احْتَاجَ إِلَى شِرَاء مجشر من أحباس المرضى بقرطبة بعدوة

ص: 244

النَّهر فتشكي إِلَى القَاضِي ابْن بَقِي ضَرُورَته إِلَيْهِ لقابلته منزهة وتأذيه برؤيتهم أَو أَن تطلعه من علالية فَقَالَ لَهُ ابْن بقى لَا حِيلَة عِنْدِي فِيهِ وَهُوَ أولى أَن يحاط لحُرْمَة الْحَبْس فَقَالَ لَهُ تكلم مَعَ الْفُقَهَاء فِيهِ وعرفهم رغبتي وَمَا أجزله لَهُ من أَضْعَاف الْقيمَة فِيهِ فلعلهم أَن يَجدوا فِي ذَلِك رخصَة

فَتكلم ابْن بَقِي مَعَهم فَلم يَجدوا إِلَيْهِ سَبِيلا فَغَضب النَّاصِر عَلَيْهِم وَأمر الوزراء بالتوجيه فيهم إِلَى الْقصر وتوبيخهم فجرت فجرت بَينهم وَبَين الوزراء مكالمة وَلم يصل النَّاصِر مَعَهم إِلَى مَقْصُوده وَبلغ ابْن لبَابَة هَذَا الْخَبَر فَرفع إِلَى النَّاصِر من أَصْحَابه الْفُقَهَاء وَيَقُول إِنَّهُم حجروا عَلَيْهِ وَاسِعًا وَلَو كَانَ حَاضرا لأفتاه بِجَوَاز الْمُعَاوضَة وتقلدها وناظر أَصْحَابه فِيهَا فَوَقع الْأَمر بِنَفس النَّاصِر وَأمر بِإِعَادَة مُحَمَّد بن لبَابَة إِلَى الشورى إِلَى حَالَته الأولى

ثمَّ أَمر القَاضِي بِإِعَادَة الشورى فِي الْمَسْأَلَة فَاجْتمع القَاضِي وَالْفُقَهَاء وَجَاء ابْن لبَابَة آخِرهم وعرفهم القَاضِي ابْن بَقِي بِالْمَسْأَلَة الَّتِي جمعهم من أجلهَا وغبطة الْمُعَاوضَة فِيهَا فَقَالَ جَمِيعهم بقَوْلهمْ الأول من الْمَنْع بتغيير الْحَبْس عَن وَجهه وَابْن لبَابَة سَاكِت فَقَالَ لَهُ القَاضِي مَا تَقول أَنْت يَا أَبَا عبد الله قَالَ أما قَول إمامنا مَالك بن أنس فَالَّذِي قَالَه أَصْحَابنَا الْفُقَهَاء وَأما أهل الْعرَاق فَإِنَّهُم لَا يجيزون الْحَبْس أصلا وهم عُلَمَاء أَعْلَام يَهْتَدِي بهم أَكثر الْأمة وَإِذ بأمير الْمُؤمنِينَ من الْحَاجة إِلَى هَذَا المجشر مَا بِهِ فَمَا يَنْبَغِي أَن يرد عَنهُ وَله فِي السّنة فسحة وَأَنا أَقُول بقول أهل الْعرَاق وأتقلد ذَلِك رَأيا فَقَالَ لَهُ الْفُقَهَاء سُبْحَانَ الله تتْرك قَول مَالك الَّذِي أفتى بِهِ أسلافنا ومضوا عَلَيْهِ واعتقدناه بعدهمْ وأفتينا بِهِ لَا نحيد عَنهُ بِوَجْه وَهُوَ رأى أَمِير

ص: 245

الْمُؤمنِينَ ورأي الْأَئِمَّة آبَائِهِ فَقَالَ لَهُم مُحَمَّد بن يحي ناشدتكم الله الْعَظِيم ألم تزل بِأحد مِنْكُم ملمة بلغت بكم أَن أَخَذْتُم فِيهَا بقول بِغَيْر قَول مَالك فِي خَاصَّة أَنفسكُم وأرخصتم لأنفسكم فِي ذَلِك قَالُوا بلَى قَالَ فَأمر أَمِير الْمُؤمنِينَ أولى بذلك فَخُذُوا بِهِ مأخذكم وتعلقوا بقول من يُوَافقهُ من الْعلمَاء فكلهم قدوة فَسَكَتُوا فَقَالَ للْقَاضِي أَنه إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ فتياي فَكتب القَاضِي إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ بِصُورَة الْمجْلس وَبَقِي مَعَ أَصْحَابه بمكانهم إِلَى أَن أَتَى الْجَواب بِأَن يُؤْخَذ لَهُ بِفُتْيَا مُحَمَّد بن يحيى بن لبَابَة وَينفذ ذَلِك ويعوض للمرضى من هَذَا المجشر بأملاك ثمينة عَجِيبَة وَكَانَت عَظِيمَة الْقدر جدا تزيد أضعافا على المجشر ثمَّ جِيءَ من عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ بِكِتَاب مِنْهُ إِلَى أَيْن لبَابَة بولايته خطة الوثائق ليَكُون هُوَ الْمُتَوَلِي لعقد هَذِه الْمُعَاوضَة فهنيء بِالْولَايَةِ وأمضى القَاضِي الحكم بفتواه وَأشْهد عَلَيْهِ وَانْصَرفُوا فَلم يزل ابْن لبَابَة يتقلد خطة الوثائق الشورى إِلَى أَن مَاتَ سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة

قَالَ عِيَاض ذاكرت بعض مَشَايِخنَا بِهَذَا الْخَبَر فَقَالَ يَنْبَغِي أَن يُضَاف هَذَا إِلَى الْخَبَر الَّذِي حل مَحل السخطة إِلَى سجل السخطة فَهُوَ أولى ولأشد فِي السخطة مِمَّا تضمنه أَو كَمَا قَالَ

توضيح قَالَ الشَّيْخ الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الشاطبي وشأن مثل هَذَا لَا يحل لوَجْهَيْنِ

أَحدهمَا أَنه لم يحِق الْمَذْهَب الَّذِي حكم بِهِ لن الْعِرَاقِيّين لَا يبطلون الإحباس مُطلقًا بل مَذْهَبهم قريب من مَذْهَب مَالك كَمَا فِي كتب الحنيفة

الثَّانِي على تَسْلِيم صِحَّته بترجيح أحد الْقَوْلَيْنِ إِنَّمَا هُوَ بالوجوه الْمُعْتَبرَة شرعا اتِّفَاقًا لَا بالصحبة أَو الْإِمَارَة أَو قَضَاء الْحَاجة قَالَ فَكل من اعْتمد على تَقْلِيد قَول غير مُحَقّق أَو رجح بِغَيْر معنى مُعْتَبر فقد خلع الربقة واستبد إِلَى غير شرع عَافَانَا الله من ذَلِك بفضله

ص: 246