الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة
اللين
وَفِيه مسَائِل
الْمَسْأَلَة الأولى هُوَ فِي معنى الرِّفْق وَمن ثَمَرَات حسن الْخلق وَمن الْوَارِد فِيهِ أَمْرَانِ
أَحدهمَا تَحْرِيم المتخلق بِهِ عَن النَّار فَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا أخْبركُم بِمن يحرم على النَّار أَو بِمن تحرم عَلَيْهِ النَّار تحرم على كل هَين لين سهل رَوَاهُ الترميذي
الثَّانِي تنزله من الْمُؤمن منزلَة الْأَخ الْمعِين فِي الْخَيْر فَفِي الْخَبَر الْعلم خَلِيل الْمُؤمن والحلم وزيره وَالْعقل دَلِيله والرفق وَالِده واللين أَخُوهُ وَالصَّبْر جنده
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة جعل الطرطوشي هَذَا الْوَصْف من الْخِصَال الَّتِي بهَا نظام الْملك والدول وَمِمَّا يشْهد بذلك أَمْرَانِ
أَحدهمَا دلَالَته على الصلاحية بِهِ لإستحقاق الْملك فقد كَانَ عمر رضي الله عنه يَقُول أَن هَذَا الْأَمر لَا يصلح لَهُ الإ اللين فِي غير ضعف والقوى من غير عنف
الثَّانِي مَا يُشِير إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فبمَا رَحْمَة من الله لنت لَهُم وَلَو كنت فظا غليظ الْقلب لانفضوا من حولك} أَي من الفظاظة بَين الْأَصْحَاب والجلساء
قَالَ الطرطوشي وَالْملك إِنَّمَا هُوَ بجلسائه وَأَصْحَابه لاغير
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة دوَام الْأَخْذ بِهِ مَتْرُوك لرجحان مصلحَة الْآخِذ بِمُقَابلَة وَهُوَ الفظاظة والشدة فقد قَالَ تَعَالَى للنَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ صَاحب الْخلق الْعَظِيم يَا أَيهَا النَّبِي جَاهد الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ وَأَغْلظ عَلَيْهِم ومستحق للغلظة دونهم فِي الدُّنْيَا جَار مجراهم
وَمن ثمَّ قَالَ السفاح لأعملن اللين حَتَّى لَا ينفع إِلَّا الشدَّة ولأكرمن الْخَاصَّة مَا أمنتهم على الْعَامَّة ولأغمدن سَيفي حَتَّى يَسلهُ الْحق ولأعطين حَتَّى لَا أرى للعطية موضعا
وَفِيه مسَائِل
الْمَسْأَلَة الأولى من فَوَائِد الْمُطَالبَة بِهِ على الْإِطْلَاق أَمْرَانِ
أَحدهمَا محبَّة الله تَعَالَى للمتخلق بالتثبت وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَهُوَ التأني فَقدم تقدم قَوْله صلى الله عليه وسلم للأشبح أَن فِيك خَصْلَتَيْنِ يحبهما الله وَرَسُوله الْحلم والأناة
الثَّانِي إِضَافَة التأني إِلَى الله تَعَالَى وَمُقَابِله وَهُوَ العجلة إِلَى الشَّيْطَان فَعَن أنس بن مَالك رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ التأني من الله والعجلة من الشَّيْطَان
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة قَالَ ابْن المقفع كل النَّاس يَحْتَاجُونَ إِلَى التثبت وأحوجهم إِلَيْهِ مُلُوكهمْ الَّذين لَيْسَ لقَولهم وفعلهم دَافع وَلَيْسَ عَلَيْهِم مستحث من النَّاس وَفِي وَصِيَّة بعض الْحُكَمَاء للإسكندر وَقد أَرَادَ سفرأ وَاجعَل وزيرك التثبت وسميرك التيقظ
الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة يتَأَكَّد هَذَا التثبت فِي مَوَاضِع أَحدهمَا عِنْد نقل مَا يُوجب الْمُؤَاخَذَة بِتَقْدِير صِحَّته مُخَالفَة النَّدَم على التَّعْجِيل بهَا إِذا تبين بُطْلَانه كَمَا يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِن جَاءَكُم فَاسق بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تصيبوا قوما بِجَهَالَة فتصبحوا على مَا فَعلْتُمْ نادمين} الثَّانِي وَالثَّالِث عِنْد الْعَطاء وَالْمَنْع
قَالَ ابْن المقفع لَا يدعن السُّلْطَان التثبت عِنْدَمَا يُعْطي وَيمْنَع فَإِن الرُّجُوع عَن الصمت أحسن من الرُّجُوع بعد الْكَلَام وَإِن الْعَطِيَّة بعد الْمَنْع أفضل من الْمَنْع بعد الْعَطِيَّة وَأَن الْإِقْدَام على الْعَمَل بعد التأني فِيهِ أحسن من الْإِمْسَاك عَنهُ بعد الْإِقْدَام عَلَيْهِ
الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي هَذَا الْوَصْف
رَأس الْعقل التثبت وقائده الْحلم
بالأناة تنَال الفرصة
من لَازم الأناة أحرز النجَاة
أَنَاة عواقبها دَرك خير من عجلة فِي عواقبها فَوت بالفكر الثاقب يدْرك الرَّأْي فِي العواقب وبالتالي تسهل المطالب
الثَّانِي فِي الْأُمُور أول الحزم
الأناة حصن السَّلامَة والعجلة مِفْتَاح الندامة
الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة من الحكايات فِي عدم التثبت عِنْد نقل الْبَاطِل مَا ذكر ابْن الْجَوْزِيّ أَن غلامين كَانَا لبَعض الْمُلُوك فَمضى أَحدهمَا إِلَى الْوَزير يطْلب مِنْهُ شَيْئا فَلم يُعْطه فَقَالَ لِأَخِيهِ لأزيلن الْوَزير عَن غرَّة فَقَالَ لَهُ أَخُوهُ وَمن أَيْن لَك يَا أخي أَن تقدر على هَذَا قَالَ