المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ظهور العناية بمن له حق أو فيه منفعة - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: ‌ظهور العناية بمن له حق أو فيه منفعة

يسمونها المورة فَقعدَ عيها ثمَّ دَعَا بِالذَّهَب وَالْمِيزَان وَأمر الْمَرِيض أَن يقْعد فِي إِحْدَى كفتي الْمِيزَان فَقَالَ لَو علمت أَنَّك تفعل هَذَا للبست عَليّ ثيابًا كَثِيرَة فَقَالَ لله إلبس الْآن مَا عنْدك من الثِّيَاب فَلبس ثِيَابه الْمعدة للبرد المحشوة بالقطن وَقعد فِي كَفه الْمِيزَان وَوضع الذَّهَب فِي الكفة الْأُخْرَى حَتَّى رجح الذَّهَب وَقَالَ لَهُ خُذْهَا هَذَا وَتصدق بِهِ عَن رَأسك

‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

هم أَصْنَاف

الصِّنْف الأول آل النَّبِي صلى الله عليه وسلم وخصوصا الشرفاء بِحَسب الْعرف الْمُتَأَخر الإستعمال وهم من لفاطمة رضي الله عنها عَلَيْهِ ولادَة كَرِيمَة وتتضح حمل الْعِنَايَة بهم بِعرْض مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى مِمَّا يدل على وُجُوبهَا على جَمِيع الْأمة أَمْرَانِ

أَحدهمَا تَأْكِيد وَصِيَّة النَّبِي صلى الله عليه وسلم بهم وتشيد الْأَمر بهَا خُصُوصا وعموما فَعَن زيد بن أَرقم رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أنْشدكُمْ الله فِي أهل بَيْتِي ثَلَاثًا قُلْنَا لزيد من أهل بَيته قَالَ آل عَليّ وَال جَعْفَر وَآل عقيل ال أمهاتهن وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

ص: 386

عَلَيْهِ السَّلَام إِنِّي تَارِك فِيكُم مَا أَن أَخَذْتُم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بَيْتِي فانظروا كَيفَ تخلفون فيهمَا

الثَّانِي ضَمَان حبهم وولايتهم للنجاة من النَّار قَالَ صلى الله عليه وسلم معرفَة آل مُحَمَّد بَرَاءَة من النَّار وَحب آل مُحَمَّد جَوَاز على الصِّرَاط وَالْولَايَة لآل مُحَمَّد أَمَان من الْعَذَاب قَالَ عِيَاض عَن بعض الْعلمَاء معرفتهم هِيَ معرفَة مكانهم من النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَإِذا عرفهم بذلك عرف وجوب حَقهم ومعرفتهم بِسَبَبِهِ

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة من وَاجِب حَقهم بعد الْمعرفَة لعَظيم شرفهم تَنْفِيذ مَا فرض لَهُم من الْحُقُوق الكائنة لَهُم فِي بَيت مَال الْمُسلمين قبل وُصُول كل ذِي حق إِلَى حَقه كَمَا فعل عمر رضي الله عنه حِين دون الْعَطاء قدمهم وَمن يليهم فِي الْقُرْبَى من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى على نَفسه وَقَومه قَائِلا وَهُوَ الْحق الَّذِي أنطقه الله على قلبه وَلسَانه إبدأوا بقرابته صلى الله عليه وسلم ثمَّ الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب مِنْهُ حَتَّى تضعوا عمر حَيْثُ وَضعه الله وابدأوا من الْأَنْصَار من سعد بن معَاذ وَالْأَقْرَب بالأقرب مِنْهُ فَقَالَ الْعَبَّاس

رضي الله عنه وصلتك رحم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا الْفضل لَوْلَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ومكانه الَّذِي وَصفه الله بِهِ لَكنا كغيرنا من الْعَرَب إِنَّمَا تقدمنا بمكاننا مِنْهُ فَإِن لم نَعْرِف لأهل الْقَرَابَة مِنْهُ قرابتهم لم تعرف لنا مِنْهُ قرابتنا

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة من مأثور الْقيام بحقهم صلَة وتعظيما حكايتان

ص: 387

الْحِكَايَة الأولى أَن مُعَاوِيَة رضي الله عنه حج فَلَمَّا قضى حجه وَانْصَرف قَالَ الْحسن رضي الله عنه أَن عَليّ دينا وَلَا بُد من لِقَاء هَذَا الرجل وإعلامه فَركب فِي أَثَره وَتَبعهُ فَلحقه فَسلم عَلَيْهِ وَأخْبرهُ بِشَأْنِهِ فَبَيْنَمَا هُوَ يُخبرهُ إِذْ مر عَلَيْهِ بعير من بعض رواحله عَلَيْهِ ثَمَانُون ألف دِينَار وَقد أعيى وتخلف عَن الْإِبِل فَقَالَ لأتباعه مَا هَذَا فأخبروه بِخَبَرِهِ فَقَالَ اصرفوه بِمَا عَلَيْهِ لأبي مُحَمَّد

قَالَ ابْن رضوَان عَن أبي سَالم وَفِي تَأْخِير هَذَا الْبَعِير كَرَامَة لِلْحسنِ رضي الله عنه

الْحِكَايَة الثَّانِيَة أَن عبد الله بن حسن بن حسن قَالَ أتيت عمر بن عبد الْعَزِيز فِي حَاجَة فَقَالَ لي إِذا كَانَت لَك حَاجَة فَأرْسل إِلَيّ أَو أكتب فَإِنِّي استحي من الله تَعَالَى أَن يراك على بَابي

الصِّنْف الثَّانِي الْعلمَاء

وَمن بَيَان الْعِنَايَة بهم مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى يتَأَكَّد على السُّلْطَان أَن تقع مِنْهُ هَذِه الْعِنَايَة بالمنزلة الَّتِي تُوصَف لفوائد

الْفَائِدَة الأولى أَن تعظيمهم من التَّعْظِيم الْوَاجِب لله جل جلاله فَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن من إجلال الله تَعَالَى إكرام ذِي الشبيه الْمُسلم وحامل الْقُرْآن غير المغالي فِيهِ والجافي فِيهِ وإكرام ذِي السُّلْطَان رَوَاهُ أَبُو دَاوُود

ص: 388

قلت وَيشْهد لَهُ قَوْله تَعَالَى ذَلِك {وَمن يعظم شَعَائِر الله فَإِنَّهَا من تقوى الْقُلُوب} إِذْ هُوَ من جملَة الشعائر المضافة إِلَى الله تَعَالَى

الْفَائِدَة الثَّانِيَة أَن إذايتهم الناشئة عَن الْإِخْلَال بِمَا يجب لَهُم من التَّعْظِيم إِعْلَام بمحاربة الله تَعَالَى وأنى لأحد أَن يُطيق ذَلِك فَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن الله عز وجل يَقُول من آذَى لي وليا فقد آذنني بِالْحَرْبِ رَوَاهُ البُخَارِيّ قَالَ الإمامان أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله إِن لم يكن الْعلمَاء أَوْلِيَاء الله فَلَيْسَ لَهُ ولي حَكَاهُ عَنْهُمَا النَّوَوِيّ قَالَ عَن ابْن عَسَاكِر إعلم يَا أخي وفقك الله تَعَالَى وإيانا لمرضاته وَجَعَلنَا مِمَّن

ص: 389

يتقيه ويخشاه حق تُقَاته أَن لُحُوم الْعلمَاء مسومة وَعَادَة الله فِي هتك أَسْتَار متنقصيهم مَعْلُومَة وَأَن من أطلق لِسَانه فِي الْعلمَاء بالثلب ابتلاه الله قبل مَوته يَمُوت الْقلب فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة أَو يثيبهم عَذَاب أَلِيم

قلت وَمن هَذَا الْمَعْنى قَول الشَّافِعِي الْعلمَاء وَاسِطَة بَين الله تَعَالَى وعباده فَمن أبْغضهُم فقد قطع الْوَاسِطَة بَينه وَبَين الله تَعَالَى

إِلَيْهِم وَإِذ ذَاك فَكيف يَصح الِاسْتِغْنَاء عَنْهُم مِمَّن تمسك بشريعة وَمن ثمَّ اخْتَار ابْن الْعَرَبِيّ أَن أولى الْأَمر الْمَأْمُور بطاعتهم الْأُمَرَاء وَالْعُلَمَاء قَائِلا لِأَن الْأُمَرَاء أهل الْأَمر مِنْهُم وَالْحكم إِلَيْهِم وَالْعُلَمَاء يجب الْعَمَل بفتواهم مَعَ تسميتهم حكاما فِي قَوْله تَعَالَى يحكم بهَا النبئون الَّذين أَسْلمُوا للَّذين هادوا والربانيون والأحبار فَرجع الْأَمر كُله للْعُلَمَاء وَزَالَ عَن الْأُمَرَاء لجهلهم واعتدائهم والعادل مِنْهُم مفتقر إِلَى الْعَالم كافتقار الْجَاهِل انْتهى مُلَخصا

ص: 390

الْفَائِدَة الرَّابِعَة أَن الْعِنَايَة بِإِظْهَار الِاعْتِدَاد على مَا لديهم عَسى أَن يكون ناجحة السَّعْي فِي جبر الْخلَل الْوَاقِع مُنْذُ افترق الْأُمَرَاء عَنْهُم ومالوا إِلَى من سواهُم فقد قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ كَانَ الْأُمَرَاء قبل هَذَا الْيَوْم وَفِي صدر الْإِسْلَام هم الْعلمَاء والرعية هم الْجند فاطرد النظام وَكَانَ الْعَوام القواد فريقا والأمراء آخر ثمَّ فصل الله الْأَمر بِحِكْمَتِهِ الْبَالِغَة وقضائه السَّابِق فَصَارَ الْعلمَاء فريقا والأمراء آخر وَصَارَت الرّعية صنفا وَصَارَ الْجند آخر فتعارضت الْأُمُور وَلم يَنْتَظِم حَال الْجُمْهُور وَطرح النَّاس عَن الطَّرِيق ثمَّ أَرَادوا الاسْتقَامَة بزعمهم فَلم يجدوها وَلنْ يَجدوا أبدا فَإِنَّهُ من الْمحَال أَن يبلغ الْقَصْد من حاد عَنهُ

تذكير تقدم أَن مثل خلال الْخَيْر الدَّال تنافس ذَوي العصبية فِيهَا على اسْتِحْقَاق الْملك والرياسة إجلال الْعَالم وَالْوُقُوف عِنْدَمَا يحده من فعل أَو ترك وَحسن الظَّن بِهِ ظَاهرا وَبَاطنا فَلْيَكُن ذَاك مِنْهَا على بَال من النَّاطِق السَّائِل فَفِيهِ مَا يشْهد لنا هَذِه الْعِنَايَة

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة من أثر الْعِنَايَة بهم توفيه مَا لَهُم من الْحق فِي مَال الله وإيصالهم لما وَجب لَهُم مِنْهُ وَأَن تطابق الشَّرْع والسياسة على تَأْكِيد

ص: 391

الْوَصِيَّة بهم وَلَا وضح دَلِيل على نهج من سلك من جادة الْعَمَل بهما على وَاضِحَة السَّبِيل وَفِي العهود اليونانية وَأعلم أَن مواقع الْعلمَاء فِي مملكتك مواقع المصابيح من دَارك فَإِن إضاءتها على حسب تعاهدك إِيَّاهَا فَلَا تشغلها بالكدح فِي معائشها وأعنها بِمَا يقر عينا لتحسن مَا يحسن إياك وبفضل دولتك وأذكر مَا فِي الصَّحِيفَة الصَّفْرَاء أَشد الْأَزْمِنَة زمَان شغل فِيهِ الْعَالم عَن عمله وتفرغ فِيهِ الهازل بهزله وأجدت فِيهِ الرذائل وأكدت فِيهِ الْفَضَائِل فَإِن بِمثلِهِ تختم الدول وتدال الدهور

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة من كَافِي الْمَنْقُول فِي الْعَمَل بِهَذِهِ الْعِنَايَة مَعَ الْإِعْرَاض عَن مُوجب الضّر لظُهُور عودهَا بخالص النصح حكايتان

الْحِكَايَة الأولى روى الْمقري فِي التحف والطرف أَن القَاضِي أَبَا عبد الله بن أبي الصَّبْر أَمر الْوَالِي بفاس أَن يَبْنِي فندق الشماعين بهَا وَكَانَ قد خرب فتوقف حَتَّى يَأْذَن السُّلْطَان فَقَالَ أَسْلفنِي مَا أنبيه بِهِ فَإِن أجَاز ذَلِك السُّلْطَان وَإِلَّا رَددته عَلَيْك فَفعل فَلَمَّا طُولِبَ ذكر مَا قَالَ لَهُ القَاضِي فَغَضب السُّلْطَان وَبعث فِيهِ فَجعل المبعوثون يأتونه وَاحِدًا وَاحِدًا وَهُوَ متمهل فِي وضوئِهِ وَإِصْلَاح زيه ومركوبه ثمَّ جعل يمشي الهوينا فَلَقِيَهُ ابْنه فَقَالَ لَهُ أسْرع لقد أَكثر السُّلْطَان من التَّوْجِيه إِلَيْك وَهُوَ وَاجِد عَلَيْك فَقَالَ مِسْكين أَبُو يحيى خلف وَثَبت على حَاله إِلَى أَن لَقِي بعض الصَّالِحين فتعرض إِلَيْهِ فَقَالَ قل بخفى لطفك بلطيف صنعك بجميل سترك دخلت فِي كنفك تشفعت بنبيك فحفظه ثمَّ طلبه فَلم يجده فَجعل يَقُول ذَلِك فَلَمَّا رَآهُ السُّلْطَان سكن مَا بِهِ ثمَّ سَأَلَهُ عَن ذَلِك بِرِفْق فَقَالَ كرهت

ص: 392

الخراب بِقرب الْقرَوِيين وبالشماعين الَّذِي هُوَ عين فاس فَسَأَلت الْوَالِي ذَلِك على أَنِّي أعزم أَن لم تجز وَقلت لَهُ المرجو من السُّلْطَان أَن يَجعله حبسا فَقَالَ فعلت ثمَّ بعث إِلَى الشُّهُود وحبسه على الْجَامِع وشكر القاصي صَنِيعه وَصَرفه مغبوطا

تَعْرِيف قَالَ الْمقري توفّي هَذَا السُّلْطَان وَهُوَ أَمِير الْمُسلمين أَبُو يَعْقُوب ابْن أبي يُوسُف بن عبد الْحق محاصرا لتلمسان فِي ذِي الْقعدَة عَام سِتَّة وسِتمِائَة وَكَانَ ابْتِدَاء حصاره إِيَّاهَا فِي سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة وَكَانَ حصاره لَهَا مُدَّة مائَة شهر انْتهى

الْحِكَايَة الثَّانِيَة كَانَ ملك الْعرَاق السُّلْطَان مُحَمَّد خدانبده قد صَحبه فِي حَال كفره فَقِيه من الرافضة الأمامية يُسمى جمال الدّين بن مطهر فَلَمَّا أسلم السُّلْطَان وَأسلم بِإِسْلَامِهِ التتر زَاد فِي تَعْظِيم هَذَا

ص: 393

الْفَقِيه فزين لَهُ هَذَا الْفَقِيه مَذْهَب الرافضة وفضله على غَيره مَعَ حدثان عهد السُّلْطَان بالْكفْر وَعدم مَعْرفَته بقواعد الدّين فَأمر السُّلْطَان بِحمْل النَّاس على الْمَذْهَب الْمَذْكُور وَكتب بذلك إِلَى العراقين وَفَارِس وأذربيجان وأصبهان فَأَما أهل بَغْدَاد فأمتنع أهل بَاب الكرخ مِنْهُم وهم أهل السّنة وَأَكْثَرهم على مَذْهَب الإِمَام أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله تَعَالَى وَقَالُوا لَا سمع وَلَا طَاعَة وَأتوا الْمَسْجِد الْجَامِع يَوْم الْجُمُعَة فِي السِّلَاح وَبِه رَسُول السُّلْطَان فَلَمَّا صعد الْمِنْبَر قَامُوا إِلَيْهِ وهم نَحْو إثني عشر ألفا فِي سِلَاحهمْ وهم حماة بَغْدَاد والمشار إِلَيْهِم فِيهَا فَحَلَفُوا أَنه إِن غير الْخطْبَة الْمُعْتَادَة أَو زَاد فِيهَا أَو نقص مِنْهَا فأنهم قَاتلُوهُ وقاتلوا رَسُول الْملك ويستسلمون بعد ذَلِك لما شاءه الله تَعَالَى وَكَانَ السُّلْطَان أَمر بِأَن يسْقط أَسمَاء الْخُلَفَاء وَسَائِر الصَّحَابَة رضي الله عنهم من الْخطْبَة وَلَا يذكر إِلَّا إسم عَليّ وَمن تبعه كعمار بن يَاسر فخاف الْخَطِيب من الْقَتْل وخطب الْخطْبَة الْمُعْتَادَة وَفعل أهل شيراز وأصبهان كَفعل أهل بَغْدَاد فَرَجَعت الرُّسُل إِلَى الْملك

ص: 394

فأخبروه مَا جرى فِي ذَلِك فَأمر أَن يُؤْتى بقضاة المدن الثَّلَاث فَكَانَ أول من أَتَى مِنْهُم القَاضِي مجد الدّين قَاضِي شيراز وَالسُّلْطَان إِذْ ذَاك فِي مَوضِع يعرف بكراباج وَهُوَ مَوضِع مصيفه فَلَمَّا وصل القَاضِي أَمر أَن يرْمى بِهِ إِلَى الْكلاب الَّتِي كَانَت عِنْده وَهِي كلاب ضخام فِي أعناقها السلَاسِل معدة لأكل بني آدم فَلَمَّا أرْسلت الْكلاب على القَاضِي مجد الدّين ووصلت إِلَيْهِ بصبصت لَهُ وحركت أذنابها بَين يَدَيْهِ وَلم تؤذه بِشَيْء فَبلغ السُّلْطَان ذَلِك فَخرج من دَاره حافي الْقَدَمَيْنِ فأكب على رجْلي القَاضِي وقبلهما وَأخذ بيدَيْهِ وقبلهما وخلع عَلَيْهِ جَمِيع مَا كَانَ عَلَيْهِ من الثِّيَاب وَهِي أعظم كرامات السُّلْطَان عَنْهُم وَإِذا خلع ثِيَابه على أحد كَانَت تشرفا لَهُ ولبنيه وَلَا عِقَابه يتوارثونه مَا دَامَت تِلْكَ الثِّيَاب أَو شَيْء مِنْهَا وَرجع السُّلْطَان عَن مَذْهَب الرَّفْض وَكتب

ص: 395