المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

بِكُل مَا يسمع قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تقف مَا لَيْسَ - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: بِكُل مَا يسمع قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تقف مَا لَيْسَ

بِكُل مَا يسمع قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم إِن السّمع وَالْبَصَر والفؤاد كل أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مسؤولا} وَفِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ كفى بِالْمَرْءِ كذبا أَن يحدث بِكُل مَا سمع وَعَن ابْن مَسْعُود أَو حُذَيْفَة رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول بئس مَطِيَّة الرجل زَعَمُوا

الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي هَذَا الْخلق

الْكَذِب عَدو الصدْق والجور مُفسد للْملك فَإِذا استصحب الْكَذِب استخف بِهِ وَإِذا أظهر الْجور فسد سُلْطَانه آفَة الشدَّة التهيب وَآفَة الْمنطق الْحيَاء وَآفَة كل شَيْء الْكَذِب لَا يطمعن فِي الكذوب والمطبوع على الشَّرّ أَن يعظمها الْإِحْسَان فَإِنَّهُمَا كالقرد كلما سمن بإطعام الْحَلَاوَة وَالدَّسم ازْدَادَ وَجهه قبحا

من صَبر على مَوَدَّة الْكَذِب فَهُوَ مثله

لَا شَيْء أضرّ من ضَرَر الْكَذِب أَن ينسى صَاحبه الضَّرُورَة المحسوسة الْحَقِيقِيَّة ويتشبث عِنْد الضَّرُورَة الكاذبة فيبنى عَلَيْهَا أمره فَيكون غشه قد بدا بِنَفسِهِ

‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

‌كتم السِّرّ

وفيهَا مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى قَالَ الطرطوشي هُوَ من الْخِصَال المحمودة فِي جَمِيع الْخلق وَمن اللوازم فِي حق بِهِ الْمُلُوك والفرائض الْوَاجِبَة على الوزراء والجلساء والإتباع قلت وَمن كَلَام أزدشير فِي الْعِنَايَة بِالْوَصِيَّةِ

ص: 491

وَلَا تكن على أَحْكَام شَيْء أحرص مِنْك على أَحْكَام الْأَخْبَار حَتَّى تصح فَإِنَّمَا تجرى أُمُور المملكة كلهَا عَلَيْهَا وأقلل الشُّرَكَاء فِي أسرارك ينكتم أَمرك

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة كَمَا أَنه وَاجِب فِي حق الْمُلُوك وَمن يليهم فَكَذَا هُوَ فِي حق كل وَاحِد وَاحِد من سَائِر الطَّبَقَات إِذا ائتمنوا عَلَيْهِ وَكَانَ فِي إفشائه إِضْرَار بِصَاحِبِهِ وَقد تمّ فِي الْوَفَاء بالعهد مَا يُشِير لتقرير دَلِيله من حَيْثُ هُوَ أَمَانَة وَبِه اسْتدلَّ الطرطوشي قَائِلا وَإِذا كَانَ أَمَانَة حرمت فِيهِ الْخِيَانَة كالأمانات فِي الْأَمْوَال ثمَّ أردفه بقول أبي بكر بن حزم إِنَّمَا يتجالس المتجالسون بالأمانة فَلَا يحل لأحد أَن يفشي على صَاحبه مَا يكره

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة قَالَ الْغَزالِيّ لمستودع السِّرّ أَن يُنكره وَإِن كَانَ كَاذِبًا وَلَيْسَ الصدْق وَاجِبا فِي كل مقَام وكما يجب للرجل أَن يخفي عُيُوب نَفسه وأسراره فَكَذَلِك يجب أَن يخفي عُيُوب أَخِيه الْمُسلم وأسراره قَالَ وَإِن احْتَاجَ إِلَى الْكَذِب فَلهُ أَن يفعل ذَلِك فِي حق أَخِيه فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ وهما كشخص وَاحِد لَا يَخْتَلِفَانِ إِلَّا بِالْبدنِ

قلت كَمَا روى أَنه قيل لبَعْضهِم كَيفَ تخفي السِّرّ قَالَ أجحد الْمخبر وأحلف للمستخبر فَزَاد الْحلف للضَّرُورَة

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة لكَتم السِّرّ فَوَائِد شاهدة بفضله

الْفَائِدَة الأولى دلَالَته على فضل صَاحبه وكرم أخلاقه

قَالَ الطرطوشي وَاعْلَم أَن كتمان الْأَسْرَار يدل على جَوْهَر الرِّجَال وكما أَنه لَا خير فِي آنِية لَا تمسك مَا فِيهَا كَذَلِك لَا خير فِي الْإِنْسَان إِذا لم يملك سره قلت هُوَ من معنى قَوْلهم صُدُور الْأَحْرَار قُبُور الْأَسْرَار حَتَّى لَو كَانَت لعدو كَمَا قيل

ص: 492

(سر الْعَدو وسر الْخلّ مَا كتما

عِنْد اطلَاع إِلَى خلق من الْبشر)

(كِلَاهُمَا ظن بِي خيرا فأودعني

سرا فلست بمفشيه مدى عمري)

الْفَائِدَة الثَّانِيَة الإستعانة بِهِ على حُصُول الْمَقَاصِد فَفِي الحَدِيث اسْتَعِينُوا على حَوَائِجكُمْ بِالْكِتْمَانِ فَإِن كل ذِي نعْمَة مَحْسُود قَالَ أنو شرْوَان من حصن سره فَلهُ بتحصينه خصلتان الظفر بحاجته والسلامة من السطوات

الْفَائِدَة الثَّالِثَة حفظ السِّرّ بِهِ من مَحْذُور انقلابه مَالِكًا لصَاحبه فَعَن عَليّ ين أبي طَالب رضي الله عنه سرك أسيرك فَإِذا تَكَلَّمت بِهِ صرت أسيره

قلت وَمن عَجِيب النَّوَادِر فِي الْإِبَانَة عَن هَذَا الْمَعْنى أَن أَرْبَعَة من أعظم الْمُلُوك صدرت عَنْهُم أَربع كَلِمَات كَأَنَّمَا أرْسلت عَن قَوس وَاحِد

قَالَ كسْرَى لم أندم على مَا لم أقل وَقد نَدِمت على مَا قلت مرَارًا

وَقَالَ قَيْصر أَنا على رد مَا لم أقل أقدر مني على رد مَا قلت

وَقَالَ ملك الصين إِذا تَكَلَّمت بِالْكَلِمَةِ ملكتني وَإِذا لم أَتكَلّم بهَا ملكتها

وَقَالَ ملك الصين إِذا تَكَلَّمت بِالْكَلِمَةِ ملكتني وَإِذا لم أَتكَلّم بهَا ترفع لم تَنْفَعهُ

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة من مسَائِل إفشاء السِّرّ الَّتِي قد تُؤدِّي إِلَى العطب آفَات

ص: 493

الآفة الأولى تَعْرِيض السِّرّ بِهِ للإذاعة والشياع فَمن كَلَام الْحُكَمَاء حفظك لسرك أولى من حفظ غَيْرك لَهُ

قَالَ الطرطوشي وَبِالْجُمْلَةِ إِذا زَالَ من عذبة لسَانك فالإذاعة مستولية وَإِن أودعته قلب من حفظ غَيْرك لَهُ

قَالَ

(ألم تَرَ أَن وشَاة الرِّجَال

لَا يتركون أديما صَحِيحا)

(فَلَا تفش سرك إِلَّا إِلَيْك

فَإِن لكل نصيح نصيحا)

الآفة الثَّانِيَة عودة بمضرة المكيدة على من زل بِهِ لِسَانه قَالَ الله تَعَالَى حِكَايَة عَن يَعْقُوب عليه السلام يَا بني لَا تقصص رُؤْيَاك على إخْوَتك فيكيدوا لَك كيدا

قَالَ الطرطوشي لما أفشى يُوسُف عليه السلام سره فِي رُؤْيَاهُ بمشهد إمرأة أَبِيه أخْبرت أخوته فَحل بِهِ مَا حل

الآفة الثَّالِثَة وَهِي أدهى مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ فَوَات الْحَيَاة بتعجيل الْحمام

قَالَ الطرطوشي كم من إِظْهَار سر أراق دم صَاحبه وَصَرفه عَن بُلُوغ أمله وَلَو كتمته أَمن سطوته

قَالَ بعض الْحُكَمَاء سرك من دمك فَلَا تجريه فِي غير أوداجه وَإِذا تَكَلَّمت بِهِ أرقته

ص: 494

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة من عجائب أَمر السِّرّ أَمْرَانِ

أَحدهمَا شدَّة الْمُؤْنَة حفظه حَتَّى على صَاحبه قيل لبَعض الْحُكَمَاء أَي شَيْء أصعب على الْإِنْسَان قَالَ أَن يعرف نَفسه ويكتم سره وَكَانَ يُقَال أَصْبِر النَّاس من صَبر على كتم سره فَلم يُبْدِهِ لصديقه فَأوشك أَن يصير عدوا قَالَ الطرطوشي أَن الرجل يتَحَمَّل الْحمل الثقيل فَيَمْشِي بِهِ وَيحمل السِّرّ الْيَسِير فيلحقه من القلق وَالْكرب مَالا يلْحقهُ بِحمْل الأثقال فَإِذا أذاعه استراح قلبه وكأنما ألْقى عَن نَفسه حملا

الثَّانِي ضيَاع أَمَانَته بِكَثْرَة الْأُمَنَاء عَلَيْهِ

قَالَ الطرطوشي وَمن عَجِيب الْأَمر أَن إغلاق الدُّنْيَا كلما كثر خزانها كَانَ أوثق لَهَا إِلَّا السِّرّ فَإِنَّهُ كلما كثر خزانه كَانَ أضيع لَهُ

قلت بقدم فِي وَصِيَّة أردشير أقلل الشُّرَكَاء فِي أسرارك تنكتم

الْمَسْأَلَة السَّابِعَة تقدم أَن من فَوَائِد كتم السِّرّ دلَالَته على الْفَضِيلَة وَفَوق ذَلِك كتمان سر نَفسه فقد قيل أدنى أَخْلَاق الشريف كتمان السِّرّ وأعلاها كتمان مَا أسر بِهِ إِلَيْهِ

قلت كَمَا يُقَال أَن رجلا أودع سره عِنْد أحد إخوانه فَقَالَ لَهُ أفهمت فَقَالَ بل جهلت قَالَ حفظت قَالَ بل نسيت وَفِي مَعْنَاهُ قيل

(يَا ذَا الَّذِي أوعدتني سره

لَا ترج أَن تسمعه مني)

(لم أجره قطّ على خاطري

كَأَن لم يجر فِي أُذُنِي)

ص: 495

الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة إِذا دعت الضَّرُورَة المفشو إِلَيْهِ لإفشاء السِّرّ فعلى شَرط صداقة المفشو لَهُ أَو نصيحته إِذا اتّصف بِمَا تتحفظ بِهِ الْأَمَانَة فَمن كَلَام الْحُكَمَاء مَا كتمته عَن عَدوك فَلَا تطلعن عَلَيْهِ صديقك فَإِن لم يكن لَك بُد من إذاعته لقرينه تَقْتَضِيه من صديق مساهم أَو استشارة نَاصح مسالم فَمن صِفَات أَمِين السِّرّ أَن يكون ذَا عقل وَدين ونصح ومودة فَإِن هَذِه الْأُمُور تمنع من الإذاعة وتوجب حفظ الْأَمَانَة

تَنْبِيه على صَاحب السِّرّ أَن يحْتَرز من مستدعيه مِنْهُ لدلَالَة استدعائه على الْخِيَانَة فقد قيل لَا تودع سرك عِنْد من يستدعيه فَإِن طَالب الْوَدِيعَة خائن

قلت وخصوصا إِذا ألح على ذَلِك فَمن الْأَمْثَال السائرة الْحِرْص على الْأَمَانَة دَلِيل على الْخِيَانَة

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة تقدم أَن أكتم السِّرّ من الْوَاجِبَات على حَاشِيَة السُّلْطَان وَذَلِكَ حَتَّى عَن أقرب الْأَقَارِب

قَالَ الجاحظ من أَخْلَاق الْملك أَن يكتم أسراره عَن الْأَب وَالْأَخ وَالزَّوْجَة وَالصديق فَإِن الْملك يتَجَاوَز عَن كل مَنْقُوص ومأنوف وَلَا يتَجَاوَز عَن ثَلَاثَة طاعنا فِي ملكه ومذيعا لأسراره وخائنا فِي حرمه

قَالَ وَقد كَانَ أبرويز يَقُول يجب على السُّلْطَان السعيد أَن يَجْعَل همه كُله فِي إمتحان أهل هَذِه الصِّفَات إِذْ هِيَ أَرْكَان ملكه ودعائمه

ص: 496

قلت من الإمتحان بِحَسب السُّلْطَان فَمن دونه قَول بَعضهم أردْت أَن تواخي رجلا فأغضبه ثمَّ دس عَلَيْهِ من يسْأَله عَنْك وَعَن أسرارك فَإِن خيرا تكلم وكتم أسرارك فأصحبه

الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة من الْمَنْقُول فِي الْوَصِيَّة بِحِفْظ سر السُّلْطَان وعقوبة من إفشاء حكايتان

الْحِكَايَة الأولى قَالَ الْعُتْبِي أسر مُعَاوِيَة إِلَى عُثْمَان بن عَتبه حَدِيثا قَالَ عُثْمَان فَقلت لأبي أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ أسر إِلَيّ حَدِيثا افأحدثك بِهِ قَالَ لَا قلت وَلم قَالَ لِأَنَّهُ من كتم حَدِيثا كَانَ الْخِيَار لَهُ وَمن أظهره كَانَ الْخِيَار عَلَيْهِ فَلَا تجْعَل نَفسك مَمْلُوكا بعد أَن كنت مَالِكًا قلت أَيَدْخُلُ هَذَا بَين الرجل وَبَين أَبِيه قَالَ نعم وَلَكِن أكره أَن تذلل لسَانك بإفشاء السِّرّ قَالَ فَحدثت بِهِ مُعَاوِيَة فَقَالَ أعتقك أخي من رق الْخَطَأ

الْحِكَايَة الثَّانِيَة كَانَ لعُثْمَان رضي الله عنه كَاتب يُقَال لَهُ حمدَان فاشتكى عُثْمَان فَقَالَ أكتب الْعَهْد من بعدِي لعبد الرَّحْمَن

ص: 497