المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ثوم فَكرِهت أَن تشمه قَالَ صدقت ارْجع إِلَى مَكَانك فقد - بدائع السلك في طبائع الملك - جـ ١

[ابن الأزرق]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌بَدَائِع السلك فِي طبائع الْملك

- ‌الْمُقدمَة الأولى

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْكتاب الأول

- ‌النّظر الأول

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌النّظر الثَّالِث

- ‌الطّرف الأول

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْكتاب الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌الرُّكْن التَّاسِع

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌الرُّكْن التَّاسِع عشر

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الثَّالِث

- ‌الْكتاب الرَّابِع

- ‌الْمُقدمَة الأولى فِي تَقْرِير مَا يوطىء للنَّظَر فِي الْملك عقلا وَفِيه عشرُون سَابِقَة

- ‌السَّابِقَة الأولى

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة

- ‌تمهيد قَالَ ابْن خلدون

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة

- ‌السَّابِقَة الْعَاشِرَة

- ‌السَّابِقَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌بَيَان الأول

- ‌بَيَان ثَانِي

- ‌تَنْبِيه

- ‌السَّابِقَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌تَنْبِيه

- ‌استظهار

- ‌السَّابِقَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار بالخليفة

- ‌برهَان وجود

- ‌السَّابِقَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌عاطفة اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌اعْتِبَار

- ‌السَّابِقَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌السَّابِقَة الْعشْرُونَ

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌فِي تمهيد أصُول من الْكَلَام فِي الْملك شرعا

- ‌الْفَاتِحَة الأولى

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة

- ‌وَقَاعِدَة

- ‌الْفَاتِحَة الْحَادِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌استظهار

- ‌الْفَاتِحَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌تَنْزِيل

- ‌الْفَاتِحَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْفَاتِحَة الْعشْرُونَ

- ‌الْكتاب الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أنولع الرياسات وَسبب وجود ذَلِك وَشَرطه

- ‌فِي حَقِيقَة الْملك والخلافة وَسَائِر أَنْوَاع الرياسات

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌النّظر الأول

- ‌فِي حَقِيقَة الْخلَافَة

- ‌الرياسة الأولى

- ‌رياسة كوهن

- ‌الرياسة الثَّانِيَة

- ‌رياسة البابا

- ‌عاطفة تَكْمِيل

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الرياسة غير الشَّرْعِيَّة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي شَرط وجوب الْملك وَهِي

- ‌العصبية أَو مَا يقوم مقَامهَا

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّادِسَة

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة

- ‌تَصْدِيق بواقعين

- ‌اعْتِبَار

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌بَيَان الْعَكْس

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌مزِيد اعْتِبَار

- ‌بَيَان الثَّانِي من وَجْهَيْن

- ‌الْمَسْأَلَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الْمقَام الأول

- ‌الْمَسْأَلَة الْعشْرُونَ

- ‌الطّرف الثَّالِث

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌فِي صفة الحروب

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌فِي تعبئة العساكر

- ‌تَنْبِيه

- ‌تَكْمِيل

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌فِي ضرب المصاف وَرَاء العساكر

- ‌الْفَصْل الرَّابِع

- ‌فِي مَكَائِد مَا قبل الْقِتَال وآدابه

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌فِيمَا يخدع بِهِ الْعَدو عِنْد الْقِتَال

- ‌الْفَصْل السَّادِس

- ‌فِي مَكَائِد حِصَار المدن والحصون

- ‌فِي الْأَفْعَال الَّتِي تُقَام بهَا صُورَة الْملك ووجوده

- ‌الرُّكْن الأول

- ‌نصب الْوَزير

- ‌الْمُقدمَة الثَّانِيَة

- ‌الْموضع الأول الْمشرق

- ‌الْموضع الثَّانِي فِي الْمغرب وَذَلِكَ فِي دوَل

- ‌الْمطلب الأول

- ‌فِي شُرُوطه الضرورية والمكملة

- ‌الْمطلب الثَّالِث

- ‌الرُّكْن الثَّانِي

- ‌إِقَامَة الشَّرِيعَة

- ‌تركيب

- ‌تَنْبِيه

- ‌الرُّكْن الثَّالِث

- ‌إعداد الْجند

- ‌الْعِنَايَة الثَّالِثَة

- ‌فِي اخْتِيَار قَائِم الْجند ورئيسه

- ‌الرُّكْن الرَّابِع

- ‌حفظ المَال

- ‌وَفِيه مسَائِل

- ‌الرُّكْن الْخَامِس

- ‌تَكْثِير الْعِمَارَة

- ‌الرُّكْن السَّادِس

- ‌إِقَامَة الْعدْل

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌تَوْلِيَة الخطط الدِّينِيَّة

- ‌الخطة الأولى

- ‌إِمَامَة الصَّلَاة

- ‌الخطة الثَّانِيَة

- ‌الْفتيا

- ‌الخطة الثَّالِثَة

- ‌التدريس

- ‌الخطة الرَّابِعَة

- ‌الْقَضَاء

- ‌الخطة الْخَامِسَة

- ‌الْعَدَالَة

- ‌الخطة السَّادِسَة

- ‌الْحِسْبَة

- ‌الخطة السَّابِعَة

- ‌السِّكَّة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن

- ‌تَرْتِيب الْمَرَاتِب السُّلْطَانِيَّة

- ‌ الحجابة

- ‌الْمرتبَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة

- ‌نَوَادِر

- ‌الْمرتبَة الثَّانِيَة

- ‌الْكِتَابَة

- ‌الْمَسْأَلَة الأولى

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة

- ‌الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة

- ‌الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة

- ‌الْمرتبَة الثَّالِثَة

- ‌ديوَان الْعَمَل والجباية

- ‌الْمرتبَة الرَّابِعَة

- ‌الشرطة

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌رِعَايَة السياسة

- ‌الرُّكْن الْعَاشِر

- ‌وَفِيه مُقَدمَات ومقامات

- ‌الْمقَام الأول

- ‌المستشير

- ‌الْمقَام الثَّانِي

- ‌المستشار

- ‌الْمقَام الثَّالِث

- ‌المستشار فِيهِ

- ‌الْمقَام الرَّابِع

- ‌الرُّكْن الْحَادِي عشر

- ‌بذل النَّصِيحَة

- ‌الرُّكْن الثَّانِي عشر

- ‌إحكام التَّدْبِير

- ‌الرُّكْن الثَّالِث عشر

- ‌تَقْدِيم الْوُلَاة والعمال

- ‌الرُّكْن الرَّابِع عشر

- ‌إتخاذ البطانة وَأهل الْبسَاط

- ‌الرُّكْن الْخَامِس عشر

- ‌تنظيم الْمجْلس وعوائده

- ‌الرُّكْن السَّادِس عشر

- ‌تَقْرِير الظُّهُور والاحتجاب

- ‌وَهُوَ نَوْعَانِ

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌الْمَمْنُوع مِنْهُ

- ‌الرُّكْن السَّابِع عشر

- ‌رِعَايَة الْخَاصَّة والبطانة

- ‌الرُّكْن الثَّامِن عشر

- ‌ظُهُور الْعِنَايَة بِمن لَهُ حق أَو فِيهِ مَنْفَعَة

- ‌الصِّنْف الثَّالِث

- ‌الصالحون

- ‌الرُّكْن السَّابِع

- ‌مُكَافَأَة ذَوي السوابق

- ‌الرُّكْن الْعشْرُونَ

- ‌تخليد مفاخر الْملك ومآثره

- ‌الْبَاب الثَّانِي

- ‌فِي الصِّفَات الَّتِي تصدر بهَا تِلْكَ الْأَفْعَال على أفضل نظام

- ‌ الْعقل

- ‌الْقَاعِدَة الأولى

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة

- ‌الْعلم

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة

- ‌الشجَاعَة

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة

- ‌الْعِفَّة

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة

- ‌السخاء والجود

- ‌الْمنْهَج الأول

- ‌الْمِنْهَاج الثَّانِي

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة

- ‌الْحلم

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة

- ‌الطّرف الثَّانِي

- ‌فِي الْغَضَب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة

- ‌الْعَفو

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة

- ‌الرِّفْق

- ‌الْقَاعِدَة الْعَاشِرَة

- ‌اللين

- ‌الْقَاعِدَة الثَّانِيَة عشرَة

- ‌الْوَفَاء بالوعد

- ‌الْقَاعِدَة الثَّالِثَة عشرَة

- ‌الصدْق وضده وَهُوَ الْكَذِب

- ‌الْقَاعِدَة الرَّابِعَة عشرَة

- ‌كتم السِّرّ

- ‌الْقَاعِدَة الْخَامِسَة عشرَة

- ‌الحزم

- ‌الْقَاعِدَة السَّادِسَة عشرَة

- ‌الدهاء والتغافل

- ‌النّظر الثَّانِي

- ‌فِي التغافل

- ‌الْقَاعِدَة السَّابِعَة عشرَة

- ‌التَّوَاضُع

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْكبر

- ‌الْمطلب الثَّانِي

- ‌فِي الْعجب

- ‌الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة

- ‌سَلامَة الصَّدْر من الحقد والحسد

- ‌الطّرف الأول

- ‌فِي الحقد

- ‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

- ‌الصَّبْر

- ‌الْقَاعِدَة الْعشْرُونَ

- ‌الشُّكْر

- ‌النَّوْع الأول

- ‌الْقلب

- ‌النَّوْع الثَّانِي

- ‌اللِّسَان

- ‌النَّوْع الثَّالِث

- ‌الأذنان

- ‌النَّوْع الرَّابِع

- ‌الْبَصَر

- ‌النَّوْع الْخَامِس

- ‌اليدان

- ‌النَّوْع السَّادِس

- ‌الرّجلَانِ

- ‌النَّوْع السَّابِع

- ‌الْفرج

- ‌النَّوْع الثَّامِن

- ‌الْبَطن

الفصل: ثوم فَكرِهت أَن تشمه قَالَ صدقت ارْجع إِلَى مَكَانك فقد

ثوم فَكرِهت أَن تشمه قَالَ صدقت ارْجع إِلَى مَكَانك فقد كَفاك الْمُسِيء مساويه

‌الْقَاعِدَة التَّاسِعَة عشرَة

‌الصَّبْر

وَفِيه مسَائِل

الْمَسْأَلَة الأولى قَالَ الطرطوشي الصَّبْر زِمَام سَائِر الْخِصَال وزعيم الْغنم الظفر وملاك كل فَضِيلَة وَبِه ينَال كل خير ومكرمة

قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ هُوَ وصف كريم وحظ لمن وهب لَهُ عَظِيم وَقد كثر ذكره فِي الشَّرِيعَة قُرْآنًا وَسنة

قلت قَالَ البلالي ذكره تَعَالَى فِي خمس وَتِسْعين موضعا من الْقُرْآن وَلكُل مَوضِع بهجة

ص: 534

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة مَا يدل على فَضله وُجُوه هِيَ فَوَائده أَحدهمَا الثَّنَاء من الله تَعَالَى قَالَ عز وجل {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نعم العَبْد إِنَّه أواب} قيل كَانَ حبيب ابْن أبي حبيب إِذا قَرَأَ هَذِه الْآيَة بَكَى ثمَّ يَقُول واعجباه أعْطى وَأثْنى

الثَّانِي الْبشَارَة وَالصَّلَاة وَالرَّحْمَة قَالَ الله تَعَالَى {وَبشر الصابرين} إِلَى قَوْله (وَأُولَئِكَ هم المهتدون)

الثَّالِث الدَّرَجَات العلى فِي الْجنَّة قَالَ الله تَعَالَى {أُولَئِكَ يجزون الغرفة بِمَا صَبَرُوا}

الرَّابِع الْكَرَامَة الْعَظِيمَة قَالَ الله تَعَالَى سَلام عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنعم عَقبي الدَّار

الْخَامِس تَوْفِيَة الثَّوَاب عَلَيْهِ بِغَيْر حِسَاب قَالَ الله تَعَالَى {إِنَّمَا يُوفى الصَّابِرُونَ أجرهم بِغَيْر حِسَاب}

قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ فَجعل أجره موازيا لأجر جَمِيع الْأَعْمَال لقَوْله تَعَالَى من عمل عملا صَالحا من ذكر وَأُنْثَى وَهُوَ مُؤمن فَأُولَئِك يدْخلُونَ الْجنَّة يرْزقُونَ فِيهَا بِغَيْر حِسَاب

ص: 535

السَّادِس استقصاء البصيرة بِهِ فَفِي الصَّحِيح عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الطّهُور شطر الْإِيمَان وَالْحَمْد لله تملأ الْمِيزَان وسبحانه الله تمل كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض وَالصَّلَاة نور وَالصَّدَََقَة برهَان وَالصَّبْر ضِيَاء وَالْقُرْآن حجَّة لَك أَو عَلَيْك كل النَّاس يَغْدُو فبائع مَعَ نَفسه فمعتقها أَو موبقها

السَّابِع أَنه خير الْعَطاء من الله تَعَالَى وأوسعه فَفِي الصَّحِيح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي حَدِيث وَمن يتصبر يصبره الله وَمَا أعْطى أحد عَطاء خيرا وأوسع من الصَّبْر

الثَّامِن اشتماله على نصف الْإِيمَان فَعَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه الصَّبْر نصف الْإِيمَان وَالْيَقِين الْإِيمَان كُله رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ مَوْقُوفا

قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَقد رَفعه بَعضهم

التَّاسِع اخْتِصَاص الْمُؤمن بخيره فَفِي الصَّحِيح عَن صُهَيْب رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عجبا لأمر الْمُؤمن إِن أمره

ص: 536

كُله لَهُ خير وَلَيْسَ ذَلِك لأحد إِلَّا الْمُؤمن إِن أَصَابَته سراء شكر فَكَانَ خيرا لَهُ وَإِن أَصَابَته ضراء صَبر فَكَانَ خيرا لَهُ

الْعَاشِر التقوية عَلَيْهِ لهَذِهِ الْأمة بواردات الْإِمْدَاد من الله تَعَالَى فَعَن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قَالَ سَمِعت أَبَا الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم يَقُول إِن الله أنزل فِي زبر عِيسَى إِنِّي باعث من بعْدك أمة إِن أَصَابَهُم مَا يحبونَ حمدوا الله وَإِن أَصَابَهُم مَا يكْرهُونَ احتسبوا وصبروا وَلَا علم وَلَا حلم فَقَالَ يَا رب يكون هَذَا فَقَالَ أعطيهم من حلمي وَعلمِي رَوَاهُ الْحَاكِم

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة من كَمَال فَضله مَاله من فَوَائِد مُعجلَة

الْفَائِدَة الأولى الْفَوْز بالنجاة

قَالَ الله تَعَالَى {وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب}

قَالَ الإِمَام الْغَزالِيّ مَعْنَاهُ من يتق الله بِالصبرِ يَجْعَل لَهُ مخرجا من الشدائد

الْفَائِدَة الثَّانِيَة التأييد على الْأَعْدَاء

قَالَ تَعَالَى {فاصبر إِن الْعَاقِبَة لِلْمُتقين}

قَالَ ابْن الْعَرَبِيّ يَعْنِي الَّذين اشتغلوا بِاللَّه وصبروا على بلَاء الله وَرَضوا بِقَضَاء الله وَلم يُؤثر فيهم الْخُرُوج عَن الوطن وَلَا تعذر الزَّمن

ص: 537

الْفَائِدَة الثَّالِثَة الظفر بالمراد

قَالَ الله تَعَالَى {وتمت كلمة رَبك الْحسنى على بني إِسْرَائِيل بِمَا صَبَرُوا}

قيل كتب يُوسُف فِي جَوَاب يَعْقُوب عليهما السلام أَن آباءك صَبَرُوا فظفروا فاصبر كَمَا صَبَرُوا تظفر كَمَا ظفروا

وَقيل فِي معنى ذَلِك

(لَا تيأسن وَإِن طَالَتْ مطالبه

إِذا استعنت بصبر أَن ترى فرجا)

(أخلق بِذِي الصَّبْر أَن يحظى بحاجته

وَمد من القرع للأبواب أَن يلجا)

الْفَائِدَة الرَّابِعَة إِمَامَة النَّاس والتقديم عَلَيْهِم

قَالَ الله تَعَالَى {وَجَعَلنَا مِنْهُم أَئِمَّة يهْدُونَ بأمرنا لما صَبَرُوا}

قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما لما أخذُوا بِرَأْس الْأَمر جعلهم الله رُؤَسَاء

الْفَائِدَة الْخَامِسَة ضَمَان النُّصْرَة بِهِ

فَعَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما قَالَ كنت خلف النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا غُلَام إِنِّي أعلمك كَلِمَات احفظ الله يحفظك احفظ الله تَجدهُ أمامك إِذا سَأَلت فاسأل الله وَإِذا استعنت فَاسْتَعِنْ بِاللَّه واعم أَن الْأمة لَو اجْتمعت على أَن ينفعوك بِشَيْء لم ينفعوك إِلَّا بِشَيْء قد كتبه الله لَك وَإِن اجْتَمعُوا على أَن يضروك بِشَيْء لم يضروك إِلَّا بِشَيْء قد كتبه الله عَلَيْك رفعت الأقلام وجفت الصُّحُف رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ

قَالَ النَّوَوِيّ وَفِي رِوَايَة غَيره احفظ الله تَجدهُ أمامك تعرف إِلَيْهِ فِي الرخَاء يعرفك فِي الشدَّة وَاعْلَم أَن مَا أخطأك لم يكن ليصيبك وَمَا أَصَابَك لم يكن ليخطئك وَفِي آخِره وَاعْلَم أَن النَّصْر مَعَ الصَّبْر وَأَن الْفرج مَعَ الكرب وَأَن مَعَ الْعسر يسرا

ص: 538

قَالَ وَهَذَا حَدِيث عَظِيم الْموقع

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة يتَأَكَّد على السُّلْطَان التخلق بِهَذَا الْوَصْف الْعَظِيم لمصَالح

الْمصلحَة الأولى حُصُول ثَمَرَات القوى الْمعبر عَنْهَا بِهِ

قَالَ ابْن المظفر هُوَ عبارَة عَن ثَلَاث قوى قُوَّة الْحلم وثمرتها الْعَفو وقوى الكلاءة وَالْحِفْظ وثمرتها عمَارَة المملكة وقوى الشجَاعَة وثمرتها فِي الْمُلُوك الثَّبَات وَفِي حماتهم الْإِقْدَام فِي المعارك

الْمصلحَة الثَّانِيَة إبقاؤه بِهِ على نَفسه عِنْد فَوَات مقصدها فيرغم أعداءه

قَالَ أرسطو يَا اسكندر لَا تجزع على مَا فاتك فَإِن ذَلِك من خَواص النِّسَاء والضعفاء وَأظْهر الْأَدَب والمروءة فَإِنَّهُ ينمي مَالك ويذل أعداءك

الْمصلحَة الثَّالِثَة احْتِمَال تَعب التَّدْبِير بِهِ

قَالُوا لَيْسَ فِي الأَرْض عمل آكِد من سياسة عَامَّة

وَعنهُ قَالُوا سيد الْقَوْم أشقاهم وَطلب الْمُلُوك الرَّاحَة فحصلوا على التَّعَب

وَفِي محَاسِن البلاغة ثَلَاثَة لَا غناء للْملك عَنْهَا رحب الذِّرَاع وَحسن التثبت وَالصَّبْر على معاناة الْأُمُور

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة الصَّبْر نَوْعَانِ بدني وَهُوَ تحمل المشاق

ص: 539

قَالَ البلالي وَرُبمَا ذمّ لتتحمل قَادِح فِي الدّين من وجع تعلق زَوَاله بالإختيار

ونفساني وَهُوَ الصَّبْر عَن مشتهى الطَّبْع واقتضاء الْهوى فَإِن كَانَ عَن شَهْوَة الْبَطن والفرج فعفة أَو الْقِتَال فشجاعة أَو كظم غيظ فحلم أَو فِي إحتمال نَائِبه فسعة صدر أَو فِي إخفاء أخر فكتمان سر أَو فضول عَيْش فزهد أَو قدر يسير فقناعة أَو عَن مَعْصِيّة فَصَبر

قَالَ البلالي لَا مدْخل فِيهِ للمحاسن

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة يَنْقَسِم بِاعْتِبَار آخر إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام صَبر على إمتثال مَا أَمر بِهِ وَاجْتنَاب مَا نهى عَنهُ وصبر على مَا فَاتَ إِدْرَاكه من مَسَرَّة أَو انْقَضتْ أوقاته وَاجْتنَاب مَا نهى عَنهُ مُصِيبَة فِيمَا ينْتَظر من مرجو مَرْغُوب فِيهِ أَو يتَوَقَّع من مَحْذُور مهروب عَنهُ وصبر على مَا هُوَ وَاقع فِي الْحَال لما وَهُوَ مَكْرُوه

قَالَ الطرطوشي وَجَمِيع ذَلِك مَحْمُود فِي مِلَّة وَعند كل أمة مُؤمنَة أَو فاجرة

الْمَسْأَلَة السَّابِعَة وَهُوَ من جِهَة أُخْرَى أَيْضا أَرْبَعَة صَبر على الطَّاعَة ليحصل ثَوَابهَا الْمُرَتّب على سلامتها من القوادح وَعَن الْمعْصِيَة ليسلم من شؤمها عَاجلا وآجلا وصبر عَن فضول الدُّنْيَا ليتخلص من الشّغل بهَا فِي الْحَال والسمعة فِي المَال وصبر على المحن والمصائب ليبقى ثَوَابهَا موفورا

قَالَ الْغَزالِيّ فَيحصل بِالصبرِ الطَّاعَة وَالتَّقوى والزهد وَالثَّوَاب وتفصيل ذَلِك أَمر لَا يُعلمهُ أحد إِلَّا الله تَعَالَى

ص: 540

الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة قَالَ ابْن قيم الجوزية الْفرق بَين الصَّبْر وَالْقَسْوَة أَن الصَّبْر خلق كسبي وَهُوَ حبس النَّفس عَن التسخط وَاللِّسَان عَن التشكي والجوارح عَمَّا لَا يَنْبَغِي وَالْقَسْوَة غلظة فِي الْقلب تَمنعهُ من التَّأْثِير بالنوازل الغلطة وقساوته لَا لِصَبْرِهِ واحتماله

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة من الْكَلِمَات الْحكمِيَّة فِي هَذَا الْوَصْف

الصَّبْر مَطِيَّة لَا تكبو والقناعة سيف لَا ينبو

الصَّبْر كَفِيل بالنجاح الصَّبْر حصن منيع الْمَكَان مشيد الْبُنيان الصَّبْر جنَّة واقية وَعزة بَاقِيَة

الصَّبْر بَاب الْعِزّ والجزع بَاب الذل

السعيد من قمع بِالصبرِ شَهْوَته ودبر بالحزم أمره

بمفتاح عَزِيمَة الصَّبْر يعالج مغاليق الْأُمُور

أفضل الْعدة الصَّبْر عِنْد الشدَّة

من صَبر نَالَ المنى وَمن شكر حصن النعماء

وَقد قيل

(الصَّبْر مِفْتَاح كل خير

وكل صَعب بِهِ يهون)

(فاصبر وَإِن طَالَتْ اللَّيَالِي

فَرُبمَا ساعد الحزون)

(وَرُبمَا نيل باصطبار

مَا قيل هَيْهَات لَا يكون)

ص: 541