الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العمل الجماعي
مداخلة: سؤال آخر: هل ترون أن أصل فكرة العمل الجماعي اليوم بدعة أو حرام، أم أن نقدكم يتناول أخطاء التطبيق؟
الشيخ: أم؟
مداخلة: أم أن النقد -نقدكم لهذا التجمع والحزبية- يتناول أخطاء التطبيق، أم أن الأصل في فكرة العمل الجماعي بدعة أو حرام؟
الشيخ: العمل الجماعي ليس هناك مجال لإنكاره إذا لم يقترن بالتحزب، العمل الجماعي هو مما يشمله عديد من الآيات الكريمة:{وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]، قول رب العالمين:{وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]، ومثل قوله:{وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر: 18]، {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2].
فمثل هذا التعاون الجماعي ما هناك مجال لإنكاره إطلاقاً؛ لأن الإسلام قائم على هذا التعاون، ولكن الظاهرة التي تبدو في العصر الحاضر هي قد خرجت عن هذه الغاية من التعاون على البر والتقوى؛ حيث خالطها كثير من التحزب والتعصب، إلى درجة أنه صار أمراً مهضوماً مقبولاً عند كثير من الدعاة التكتل باسم التحزب، ونحن نعلم أن الله عز وجل قد نهى في كثير من الآيات القرآنية عن التحزب والتعصب لطائفة أو لجماعة لها نظامها الخاص ولها منهجها الخاص، ولو لم يكن هذا النظام أو هذا المنهاج مطابقاً للسنة من كل جانب.
أصبح التحزب اليوم فرقة تمثل ما حذر عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أحاديثه التي تعتبر تبياناً وتفصيلاً لمثل قوله تبارك وتعالى: {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31 - 32]، ولا يخفى على كل مسلم باحث اليوم كثرة الأحزاب المنتشرة في العالم الإسلامي، وأن لكل حزب منهجه ونظامه، وأن هذه الأحزاب متنافرة متباغضة على خلاف.
فالمقصود من التكتل والتجمع الإسلامي، فلكل منهاجه ولكل رئيسه ولكل طائفته، وكل هذه الطوائف لا تلتقي بعضها مع بعض، وهذا بلا شك مما تشمله أو يشمله عموم الآية السابقة:{وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم: 31 - 32].
خلاصة الأمر: التكتل والتجمع في سبيل العمل بالإسلام الذي كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام هذا أمر واجب لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان كما كان يقال، بل لن تقوم قائمة المسلمين ولن يتحقق المجتمع الإسلامي ولن تقوم الدولة الإسلامية إلا بمثل هذا التكتل وهذا التجمع، لكن شرطه: أن يكون لا عصبية لشخص أو لطائفة دون أخرى، وإنما يكون التعصب كله لما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى منهج السلف الصالح.
(الهدى والنور / 698/ 58: 15: 00)