الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعليق حول الجمع بين سلفية
العقيدة والحركية في المنهج
مداخلة: يا شيخنا حفظكم الله هناك من الدعاة من يفرق بين العقيدة والمنهج في التبني، فتجد عقيدته سلفية ومنهجه في الدعوة إلى الله إخوانياً حركياً سلبياً سياسياً أو تبليغياً أو هكذا فهل يسعهم ذلك؟
الشيخ: لا أعتقد أن سلفياً عقيدة وسلوكاً بإمكانه أن يتبنى منهج الإخوان المسلمين وأمثالهم، نحن نعلم من حياة جماعة الإخوان المسلمين الحزبية أنه مضى عليهم أكثر من نصف قرن من الزمان لم يستفيدوا لذوات أنفسهم شيئاً فضلاً عن أن يفيدوا غيرهم شيئاً، ذلك لأنه كما يقال فاقد الشيء لا يعطيه، فهم منذ أن كان مرشدهم حسن البنا رحمه الله جمعهم وكتلهم على خلاف المنهج القرآني الذي يقول مثلاً:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]، لقد قام نظام الإخوان المسلمين على قاعدة أنا أعبر عنها من عند نفسي ولا يستطيعون أن ينكروها، ولئن تجرأ أحدهم على إنكارها، فواقعهم يكفينا حجة لنا وعليهم ..
قاعدتهم هي: كتل الناس، جمعهم على ما بينهم من خلافات عقدية أو سلوكية أو فقهية، ثم ثقف، كتل ثم ثقف، على هذا قامت دعوتهم طيلة هذه السنين الطويلة، لكن الواقع يشهد ألا شيء هناك سوى التكتيل، وليس هناك
شيء يسمى بالتثقيف، والدليل على ذلك أنه لا يوجد بين الإخوان المسلمين على اختلاف بلادهم وأقاليمهم رابطة فكرية، رابطة اعتقادية، فالواقع أيضاً يشهد بهذا، فالإخوان المسلمون في مصر هم غير الإخوان المسلمين في الأردن، هم غيرهم في سوريا، بل هم في سوريا يختلفون عن إخوان الجنوب وإخوان الشمال، وأنا أعرف وأنا سوري دمشقي كما تعلمون، وكما يقال: أهل مكة أدرى بشعابها وصاحب الدار أدرى بما فيها، فأنا أعلم أن الإخوان المسلمين في دمشق كانوا متأثرين إلى حد كبير بالدعوة السلفية، من حيث العقيدة ومن حيث العبادة والسبب في هذا واضح جداً؛ لأن نشاط الدعوة السلفية كانت في دمشق ثم في حلب، فكان نظام الأسر في الإخوان المسلمين في دمشق أن يدرسوا في بعضها كتاب فقه السنة للسيد سابق إخوان مسلمون، ولا غرابة في ذلك؛ لأن السيد سابق هو من خواص أصحاب حسن البنا رحمه الله، وكتابه هذا قد قرره حسن البنا بكلمة موجزة في المقدمة، فالمفروض أن الإخوان المسلمين أن يكون هذا الكتاب هو دستورهم في الفقه، في كل بلاد الإخوان المسلمين، لكنك ترى العجب العجاب، الدال على أنه ليس عندهم وحدة فكرية ثقافية، فهذا الكتاب في الوقت الذي يدرس في بعض السرايا في دمشق يحارب في الشمال، من الإخوان المسلمين، وهؤلاء يقولون: إن هذا الكتاب لا يجوز تدريسه؛ لأن مؤلفه وهابي، ومؤلفه من رؤوس الإخوان المسلمين، بل من حواري حسن البنا، فالإخوان المسلمون إذاً منذ أن قامت قائمتهم، هم لا يزالون على النظام العسكري: مكانك راوح، هم يسمون أنفسهم بالحركيين، وامتازوا بهذه النسبة بين كل الجماعات أو الأحزاب الأخرى حركيين، أنا أقول فعلاً حركيين، لكن على النظام العسكري مكانك راوح،
تعرفون في النظام العسكري.
مداخلة: مكانك قف عندنا ..
الشيخ: مكانك قف يحرك رجليه، لكن لا يتقدم، ما فائدة هذه الحركة لا طائل منها، فلا أظن أن جماعة من السلفيين في أي بلد من بلاد الدنيا بإمكانهم أن يتبنوا منهج الإخوان المسلمين؛ لأن هذا المنهج كما قلت لكم آنفاً قائم على أساس التكتيل، ثم التثقيف، ثم لا شيء من هذا التثقيف، والواقع أكبر دليل على ذلك، فإذا ما قامت طائفة كبيرة أو صغيرة من السلفيين حقاً يتبنون نظام الإخوان المسلمين في الدعوة فمصير ذلك ولابد:{وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} [ص: 88]، أحد شيئين لا ثالث لهما: إما أن يرجعوا رغم أنوفهم إلى أحضان الدعوة السلفية وذلك خير لهم وأبقى، وإما أن يضيعوا هذا التراث الذي حصلوه في تلك السنين بسبب انشغالهم بتطبيق منهج الإخوان المسلمين، وهو التجميع والتكتيل لا على أساس فكر موحد، سيكون أحد شيئين لا ثالث لهما أبداً، نحن نعلم اليوم أن الدعوة السلفية في هذا الزمن انتشرت بفضل الله عز وجل أولاً، ثم ببعض الدعاة إليها ثانياً انتشاراً لا يعرفه المجتمع الإسلامي قبل نحو ثلث قرن من الزمان أو نحو ذلك، وهذا شهد به بعض السلفيين الذين يتكلمون الآن بالدعوة السلفية، ولعلها تكون مدعمة بالمنهج الإخواني، فأنا أقول: إن دعوة الإخوان المسلمين عندما كانت قائمة على أساس التكتيل ثم لا شيء من الثقافة، وكانت دعوة السلفيين قائمة على التثقيف وليس على التكتيل، ولذلك كان النصر لهذه الدعوة مقروناً بها حيثما حلت، وقد ظهر هذا الآن في هذا العصر، ولذلك أصبحت الدعوة السلفية أو المنهج السلفي في كل مكان وعلى كل لسان، وبعض الجماعات التي كانت تحارب الدعوة السلفية علناً ولا تزال تحاربها باطناً وخفية تركب الموجة السلفية الآن؛ لأنهم وجدوا ألا قبول لتلك الحركة القائمة على أساس مكانك راوح لا علم ولا سلوك ولا أي شيء جديد نافع، فأنا أعتقد أن أي جماعة سلفية إذا تركت منهجها السابق
متأثرة بأسلوب الإخوان المسلمين، من
حيث محاولة تكتيل أكبر عدد ممكن حولهم فسنة الله عز وجل في خلقه لا تتغير ولا تتبدل، أعني: أن الإنسان كما قال عز وجل: {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]، فهو لا يستطيع أن يقوم بكل شيء، لا يستطيع أن يحقق في العلم وفي السياسية وفي الاقتصاد وفي الاجتماع، لابد من الاختصاص في كل علم هو يعتبر على الأقل من الفروض الكفائية، فإذا ما توجهت جماعة كانت تعمل في دائرة العلم مما نحن نسميه بالتصفية؛ تصفية هذا الإسلام مما هو بريء منه، والتفصيل سمعتموه أكثر من مرة، وقرنوا بذلك تربية الجماعات القليل الذين هم حولهم، فإذا ما وسعوا دائرة التكتيل والتجميع فسيفلت منهم زمام التصفية، وسيفلت منهم الجماهير الكثيرة والكثيرة جداً؛ لأنهم واحد اثنين خمسة عشرة نفترضهم من كبار العلماء ما يستطيعون أن يربوا الألوف المؤلفة على العلم الصحيح وعلى التربية الصحيحة، إذاً: إذا شغلوا أنفسهم بالتكتيل والتجميع على منهج الإخوان المسلمين، فسيخسرون التثقيف على منهج الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح رضي الله عنهم، لهذا أنا أقول: لا أنكر على أي جماعة تقوم بفرض كفائي لا أنكر هذا؛ لأنه لا يمكن إلا هذا، مثلاً أنا لا أنكر على مسلم يتخصص في دارسة اللغة العربية، لكن هو لا يفقه من فقه الكتاب والسنة شيئاً، لا أنكر على شخص في أي علم آخر يكون من فروض الكفاية إلى آخره، لكنني أنكر تفرق ذوي هذه الاختصاصات وعدم تكتلهم وتعاونهم بعضهم مع بعض هذا الذي نحن ننكره، فلو فرضنا أن الإخوان المسلمين أخذوا جانباً من هذه الفروض الكفائية وتخصصوا فيها، لكنهم لم يعادوا الطائفة الأخرى التي تتخصص في غير تخصصهم، كما أن هذه الطائفة الأخرى لا تعادي الإخوان المسلمين؛ لأنهم تخصصوا في واجب آخر، وإنما هم كتلة واحدة كلهم يعملون تحت الإسلام المصفى، وأنا أعتقد جازماً أنه لا يمكن
أن تقوم قائمة الدولة المسلمة التي
يشترك في المناداة بها الطائفة السلفية المنصورة، الإخوان المسلمون، وحزب التحرير غير المنصورين؛ لأنهم الصفات التي جاءت في السنة غير منطبقة عليهم لا يمكن أن تقوم قائمة الدولة الإسلامية إلا بتعاون كل هذه الجماعات على أساس الكتاب والسنة أو على منهج السلف الصالح، أنا أقول: السلفيون المتخصصون في فقه الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح ويحاولون أن يحملوا أنفسهم على الاقتداء بالكتاب والسنة في كل كبيرة وصغير، لا يفرقون بين ما كان فرضاً وما كان سنة، وما كان مستحباً، بل يفعلون من كل ذلك ما هم يستطيعون، بخلاف الآخرين الذين يقنعون بأن يتبعوا مذهباً من المذاهب، دون أن يعرفوا الصواب مما اختلف فيه الناس فهؤلاء السلفيون إذا ظلوا في هذا الجانب فقط، ثم لم يأخذوا بالجوانب من الفروض الأخرى، ولو بالتعاون مع الطوائف الأخرى، فهم أيضاً سيظلون مكانك راوح، فلابد إذاً من تعاون كل الجماعات كل باختصاصه، ولا شك أن أهم شيء مما ينبغي القيام به من الإصلاح هو ما عليه السلفيون في عالم الدنيا كلها؛ وهو تصفية هذا الإسلام مما دخل فيه، وتربية المسلمين على هذا الأساس، نحن لا ننكر القيام بالفرائض الكفائية، لكننا لا نبالغ فيها كما يبالغ الآخرون في ذلك، وعلى هذا الأساس إذا توحدت الجماعات وكل جماعة في اختصاصها مع جماعة أخرى تحت دائرة العمل في حدود الكتاب والسنة كما قلنا آنفاً ابتداء بقوله تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]، أنا أعتقد أنه يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، أما أن يظل كثير من الإخوان المسلمين يقولون: يا أخي هذه الدعوة تفرق الناس ولا تجمع، فنقول: شنشنة نعرفها من أخزم، والمشكلة أنهم لا يتعاونون مع هؤلاء الذين يقومون بواجب التصفية ويتهمونهم بأنهم يفرقون، فإذا تعاونت كل طائفة مع الأخرى كل في حدود
اختصاصه، أعتقد أن هذا هو السبيل في إنجاح المسلمين وإخراجهم من
هذا الضعف الذي وقعوا فيه، الآن يا أستاذ إذا عندك شيء تفضل به.
مداخلة: جزاكم الله خير، قلتم: إن الإخوان مكانك راوح، يعني: وقع في قلبي الاتجاه الجديد الذي يأكل الإخوان أكلاً، وهو يقدمهم في الحقيقة، لكن إلى الوراء لا إلى الأمام، وهو ..
الشيخ: لا مكانك راوح تعني ..
مداخلة: .. لا يكونوا على مكانك راوح، وإنما يقدمهم إلى الوراء ..
الشيخ: إلى الوراء أي نعم.
مداخلة: إلى الوراء، وهو اتجاه الترابي الذي له في صفوف الإخوان منزلة كبيرة وشنشنة ويزينوه وينادوه فيه، وله امتداد سواء في دول أوروبا عند المسلمين أو في أميركا، أو حتى في داخل صفوف الإخوان الذي هو انشق عنهم وخرج عن تنظيمهم، لكن الآن يوجد شق في التنظيم العالمي في الإخوان في كل بلدة من بلدانه أناس يدافعون ويتحمسون ويمدحون فكر الترابي وما ينادي به الترابي.
الشيخ: طيب، ممكن أن نعرف شيئاً عن دعوة الترابي؟
مداخلة: أما الترابي فينادي بالطرح الحضاري للإسلام، يقول ينبغي أن يطرح الإسلام على وجهه الحضاري لا على وجهه التراثي البالي، وينبغي أن تصفى القواعد المسلمة عند العلماء وعند الفقهاء من مثل مثلاً أصول الفقه، من الذي وضع هذه الأصول! ولم شروط القياس وشروط الاجتهاد وشروط .. وشروط، ما المانع أن الحكم الشرعي المختلف فيه على الناس فيختارون رأياً من عشر آراء أو خمس آراء أو أربعة آراء، في الخلاف بين الناس، فيختارون الأنسب لهم
والأنسب للحضارة والأنسب للرقي، وهذه التشديدات التي وقعت والتي ينادي بها المسلمون، التي هي ردود الفعل عند الناس، فما انتشر العري، وما انتشر التفنن في الموضة والأزياء إلا بوجود من يتسترون التستر الزائد وينادون بالغطاء الأسود والذي فيه ستر الوجه أو .. وما إلى ذلك، فهو يطرح الإسلام على زعمه طرحاً حضارياً لا نظر للنصوص وكل نص على رأيه له ملابساته وله ظرفه وله، ولسنا مقيدين بهذا الفهم، فهذه شنشنة مني على فكره العام، لكن فكره الخاص الحقيقة يحتاج إلى متابعة
…
الشيخ: دراسة دقيقة
…
مداخلة: ودراسة دقيقة، لكن هذا ما يقوم في ذهني من خلال سماعي لبعض كلماته وقراءتي لبعض ما كتب، من مثل كتابه عن المرأة، ومن مثل كتابه عن التشديد في أصول الفقه.
الشيخ: عفواً كتابه عن المرأة عندك؟
مداخلة: عندي نعم.
الشيخ: ممكن نستعيره؟
مداخلة: نعم
…
الشيخ: طيب، نحن نتهيأ ننصرف الآن، فأظن الجواب عن هذا السؤال كافي إن شاء الله جزاك الله خيراً.
مداخلة: الله يعطيك العافية يا شيخنا
…
(الهدى والنور/609/ 27: 44: 00)