الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل الديمقراطية هي الحل
؟
السؤال: يا فضيلة الشيخ! الديمقراطية كلمة أجنبية تتردد على ألسنة الحكام وتعني على ما يظهر نظام غربي الأسلوب، وقد اعتبرها كثير من الجماعات الإسلامية حلاً لما يسمى بالحكم الفردي الذي لا يُمَكِّن أحداً من المشاركة، وسمعناها على ألسنة قادة بعض الجماعات كحجة على الخصم الحكومي على أن البعض قيدها بالديمقراطية قيدها بالإسلام، وقد نال المؤمنون الديمقراطية من صفوف الجماعات والحركات الإسلامية شيئاً من المناصب وإن كانت في كثير من الأحيان خاوية المضمون، ويكاد يكون في اليمن صور لمثل ما ذكرتم.
والسؤال: ما موقف الإسلام من مثل هذه المصطلحات الغربية، وهل تروا الاستفادة من النواحي الإيجابية للديمقراطية للوصول إلى مناصب لخدمة الإسلام أو حتى لحماية الجماعة الإسلامية على الأقل؟
الجواب: لا نرى شيئاً من ذلك إطلاقاً، ولسنا مع كل هذه الجماعات التي ترشح أنفسها لتكون أعضاء في مثل هذه البرلمانات القائمة على غير شرع الله عز وجل والتي منها النظم التي تارة يميلون إلى تسميتها بالاشتراكية وتارة بالديمقراطية، هذه في الحقيقة نذر خطيرة جداً تدل العاقل المسلم البصير في دينه أولاً ثم في أمته ثانياً أن هؤلاء الذين يحكمون المسلمين هم ليسوا حكاماً بل هم محكومون، وليت أنهم كانوا محكومين من مسلمين من أمثالهم، ولكنهم محكومون من الكفار الذين لا يراقبون ولا يلاحظون في المسلمين إلاً ولا ذمة،
متى انتشرت هذه الكلمة الديمقراطية في مزاجكم وفي مزاجنا هنا هي حديثة عهد وإن كانت قديمة معروفة في بعض البلاد الغربية وبخاصة أمريكا التي تحاول الآن أن تسيطر بأفكارها وبمبادئها الكافرة على البلاد الإسلامية ولا يفوتها ولا يعوزها أن تجد من المسلمين أن تجد من المسلمين أنصاراً لها باسم الديمقراطية، هذه كما جاء في سؤالك لفظة أجنبية وأنا لا أنسى أن في مكتبتي هذه كتاب في حياة أو ترجمة عمر بن الخطاب رضي الله عنه طبع هذا الكتاب من نحو أربعين خمسين سنة كتب في أسفل العنوان: أول ديمقراطي في الإسلام، كذبوا؛ لأننا أولاً لو أردنا أن نعطي لكلمة الديمقراطية معنى شرعي فليس عمر بأول ديمقراطي إسلامي وإنما هو تابع لسيد البشر عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك فليس لهذه الكلمة معنى إسلامي صحيح؛ لأنها تعني أن الحكم للشعب، تعني أن الحكم للشعب وهذا مع ظهور بطلانه، ومخالفته لنصوص الشرع الإسلامي ألا إن الحكم لله وليس للشعب والشعب تابع للحكم الإسلامي، هذا الديمقراطية تعني ضد الحكم الإسلامي تماماً الحكم للشعب.
مثال لا ينساه التاريخ تاريخ هذا القرن وهو أن الأمريكان بدا لهم في تجربتهم أن الخمر هي كما جاء في بعض الآثار عندنا أم الخبائث، عرفوا أنها أم الخبائث بانتشار هذه الآفة في بلادهم فاتخذوا قراراً لتحريم الخمر، اتخذوا قراراً في البرلمان مجلس الشعب ولكن سرعان ما اضطروا إلى أن يلغوا هذا القرار بقرار آخر يبيح الخمر لأن الشعب ما صبر على هذا التحريم وما دامت الديمقراطية هي حكم الشعب فإذاً الشعب يحلل والشعب يحرم حسب هواهم.
الإسلام أعز من أن يسمى باسم أجنبي كافر ينطوي تحته الضلال المبين.
بل أنا أقول: لو كانت الديمقراطية تعني معنى إسلامياً صرفاً لا غبار ولا شائبة
عليه نحن لا نجيز أن نسمي معنى شرعياً بلفظ كافر أجنبي، ولذلك فنحن ننكر هذا الاستعمال الذي بدأ يظهر في بعض البلاد العربية اليوم من ناحيتين:
أولاً من ناحية المعنى؛ لأنه يعني كما قلنا: أن الحكم للشعب وهذا كلام باطل فإن الحكم إنما هو لله عز وجل، ثم من ناحية اللفظ؛ لأنه لفظ غربي أجنبي لو كان يتضمن معنى صحيح ما نرى استعماله؛ لأنها رطانة غربية مقيتة فكيف وهو يتضمن معنى مخالف للشريعة.
من هنا نحن ننكر على بعض الجماعات الإسلامية التي ترفع عقيرتها بالدعوة إلى الديمقراطية ولو أنهم يزينونها بكلمة إسلامية فيقولون: ديمقراطية إسلامية، لقد ابتلينا في هذا العصر مما حذرنا نبينا صلوات الله وسلامه عليه من قبل أن نقع في مثل ما وقعنا فيه حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم:«ليكونن في أمتي أقوام يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها» ، قديماً سموا الخمر نبيذاً، وجرى هنا خلاف بين بعض الفقهاء العراقيين وغيرهم والسنة تقول صراحة: ما أسكر كثيره فقليله حرام.
لكن في العصر الحاضر أصبحت هذه المسكرات تسمى بألفاظ رقيقة وناعمة (إنبيت، وسكي)، ونحو ذلك من الألفاظ، كما يسمون الربا فائدة، حتى المتشرعين، حتى الإسلاميين الذين يتمسكون بالإسلام إلى حد ما انطلى عليهم هذا الاسم فلا تعود، لا تكاد تسمع منهم استعمال كلمة الربا وإنما بديلها الفائدة، هذا كله وقع في هذه الآونة الأخيرة بين المسلمين.
من ذلك الاشتراكية الإسلامية، قبل الديمقراطية الإسلامية، فيه إشتراكية إسلامية وألفت بعض الكتب في ذلك، وحاولوا في بعض الأحكام التي تتضمنها الإشتراكية الكافرة أن يصبغوها بصبغة إسلامية وقع بعضهم في مثل هذا، من هذا القبيل أيضاً البنوك الإسلامية هذه مصائب المسلمين، من هذا القبيل أيضاً
الأناشيد الإسلامية كلها تنبع من منبع واحد وهو يسمونها بغير اسمها تسمعون بالفنون الجميلة وتسمعون بالمشروبات الروحية، على هذا الميزان كلمة الديمقراطية في العصر الحاضر الآن، ولذلك فنحن نحذر كل من كان مؤمناً بالله ورسوله حقاً أن يغتر بما يسمى بالديمقراطية أو بالديمقراطية الإسلامية فإنها نظام كافر، ألست ترى أن من طرق هذا النظام إجراء الانتخابات وما معنى إجراء انتخابات معناه وخيم جداً جداً من الوجهة الإسلامية، أولاً التسوية بين المسلم والكافر، الصالح الطالح، وربنا عز وجل يقول:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: 35 - 36]، هذا النظام نظام الانتخابات الديمقراطي لا يفرق أولاً بين مسلم وكافر، لا يفرق بين صالح ومجرم، لا يفرق بين رجل وامرأة، كل هؤلاء لهم حرية الانتخاب أن ينتخب وأن ينتخب، أي: أن ترشح المرأة الفاسقة الفاجرة المتبرجة بل الكافرة نفسها فتصبح عضواً في البرلمان بل تصبح وزيرة من الوزراء وربما يأتي يوم تصبح هي الحاكمة ويصدق في أقل من ذلك على هؤلاء قوله عليه الصلاة والسلام كما جاء في صحيح البخاري: «ما أفلح قوم ولوا قومهم امرأة» هذا من آثار النظام الديمقراطي الذي يراد الآن فرضه على البلاد الإسلامية باسم الحكمة والسياسة الشرعية، وهذا من آثار غزو الكفار لبلاد الإسلام برضا بلاد الإسلام، احتلال الأمريكان الآن للسعودية وغزوها للعراق بعد أن تعاون معها كثير من الدول العربية مما مكن لهؤلاء الكفار ألا وهم الأمريكان وفيهم اليهود مكن لهم في الأرض التي كنا نرجو منها
أن تكون هي القائدة للدول الآخرى لتحكم بما أنزل الله، وإذا بها تعود القهقرى، وإن كنا لا نزال نرى فيها من الخير ما لا نراه في الدول الأخرى، لكن حلول الأمريكان في هذه البلاد هي قاصمة الظهر، ولذلك فإن كنت تسمع الآن الدعوة إلى فرض النظام الديمقراطي في اليمن فهذا يذكرنا بمثل سوري
يقول: إذا حلق جارك بل أنت، ولذلك ستنتقل هذه العدوى من اليمن إلى السعودية وأنا أخشى ما أخشاه أن تعود السعودية قسمين بل ثلاثة أقسام، إذا كان النظام الكافر الروسي جعل اليمن قسمين فالنظام الأمريكان الكافر المحتل الآن للسعودية سوف يجعلها على أقل ثلاثة أقسام، نجد وحجاز وما أدري خاص بالشيعة الذين يعيشون هناك في بعض البلاد.
ونسأل الله عز وجل أن يخيب ظننا هذا، وأن يظل السعوديون كما كانوا من قبل محافظين أولاً على توحيدهم ثم على تحكيم شريعة ربهم ولو بقدر كما كان يشكوا بعض الدعاة الإسلاميين لكنهم على كل حال هم خير من كثير من البلاد الأخرى، ولذلك الخطر نخشى أن يستمر وأن يستمر، فما عليكم معشر اليمانيين إلا أن تكونوا دعاة حكماء فقهاء، وقد شهد لكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قديماً بالحكمة والفقه، ولا تلجؤوا لاستعمال القوة لأن القوة المادية لا تفيد الآن قبل أن تتحقق القوة الإيمانية في النفوس وفي القلوب. غيره.
(الهدى والنور / 353/ 44: 19: 00).