الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم الإضرابات
مداخلة: بارك الله فيك! هل يجوز للعامة أو بعض العامة أن يصوموا أمام قصور الحكام أو أمام الحكام كي يلبوا لهم بعض الطلبات ..
الشيخ: أن يصوموا عن الطعام؟
مداخلة: يصوموا عن الطعام ويستنكروا يعني: يقفوا أمام القصور وأمام .. حتى يطلبوا.
الشيخ: لا، هذه عادة أجنبية كافرة لا يجوز للمسلمين أن يتخذوها وسيلة لإظهار عدم رضاهم بشيء ما يصدر من قبل الدولة، ويجب أن نستحضر بهذه المناسبة قوله عليه السلام في حديث معروف:«ومن تشبه بقوم فهو منهم» وأحاديث كثيرة وكثيرة جداً جاءت كالتفصيل لهذا الحديث المجمل: «ومن تشبه بقوم فهو منهم» .
من تلك الأحاديث التي يمكن أن تعتبر تفصيلاً لهذا الحديث: «ومن تشبه بقوم فهو منهم» قوله عليه الصلاة والسلام: «صلوا في نعالكم وخفافكم وخالفوا اليهود» وأغرب من هذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان راجعاً من غزوة فمروا بأشجار من السدر كان المشركون يعلقون عليها أسلحتهم فقال بعض الصحابة: «يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» كلمة قالوها .. اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال عليه الصلاة والسلام مستنكراً: «الله أكبر! إنها السنن لقد قلتم كما قال قوم موسى لموسى: {اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ
آلِهَةٌ} [الأعراف: 138]» انظروا الفرق بين المقولتين! أولئك يقولون: اجعل إلهاً نعبده من دون الله، أما أصحاب الرسول: اجعل لنا شجرة ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، شتان بين المقولتين تلك لها علاقة بالعقيدة بل بالعبادة .. بالتوحيد وما ينافي التوحيد من الشرك الأكبر {اجْعَل لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138] وقول بعض الصحابة: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط ليس لها علاقة بالعقيدة ولا بالفقه وإنما لها علاقة يمكن نسميه ببعض النواحي الاجتماعية فما رضي الرسول عليه السلام هذا التشبيه، وإن الموضوع منفك أحدهما عن الآخر كل الانفكاك، فأنكر عليهم أنهم قالوا: كما لهم ذات أنواط.
فهذا الحديث يؤكد أن المسلمين يجب أن يكونوا لهم شخصية مستقلة تماماً عن الكافرين ليس فقط باطناً بل وظاهراً أيضاً فلهم شخصيتهم الخاصة المتميزة عن الشخصيات الأمم أو الشعوب الكافرة.
فتجويع المسلم لنفسه هو يشبه تماماً حلق الرأس .. في بعض الطرق الصوفية كان المسلم إذا انتمى إلى شيخ له طريق فليظهر له خضوعه التام المتمثل في قولهم - أعني الصوفية -: المريد بين يدي الشيخ كالميت بين يدي الغاسل، تحقيقاً لهذا الاستسلام الأعمى المخالف لقوله تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108] يعلنون عن ذاك المبدأ المخالف للبصيرة بأن يأمروا المنتمي إلى الطريق بأن يحلق رأسه.
فنحن نعلم أن حلق الرأس هو عبادة وطاعة لله عز وجل في بعض الأماكن وهو أمر جائز في غير تلك الأماكن كما قال عليه السلام: «احلقوه كله أو دعوه كله» أما في الحج: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] والرسول عليه السلام كما جاء في الصحيحين قال: «اللهم اغفر للمحلقين، اللهم اغفر
للمحلقين، اللهم غفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله! وللمقصرين؟ قال: وللمقصرين» فإذاً: لما كان الحلق عبادة ومنسك من مناسك الحج لا يجوز شرعاً نقله إلى مناسبة أخرى كما اتخذ ذلك الصوفية أو بعض مشايخ الصوفية طريقة ومنهجاً لهم على ما شرحت آنفاً.
كذلك الصيام .. الصيام طاعة لله عز وجل له نظامه وله شروطه وأركانه، لو أن المسلم أراد أن يواصل الليل بالنهار لكان عاصياً؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«لا تواصلوا فإن كان ولا بد فمن السحور إلى السحور» فمواصلة الصيام الذي هو طاعة وعبادة لله لا يجوز فكيف يجوز في شريعة الله أن يضرب عن الطعام ويواصل الليل والنهار اتباعاً لطريقة الكفار، فهنا مخالفتان:
المخالفة الأولى: ما كنا ندندن حولها وهو التشبه بالكفار، والمخالفة الأخرى: أننا سننا لأنفسنا مواصلة الإمساك عن الطعام حيث لا يجوز في العبادة فضلاً أن لا يجوز في غير العبادة، نعم.
مداخلة: شيخنا بمناسبة هذا السؤال يذكرني بشيء قرأته في جريدة أمس أو قبله تدعو بعض الجماعات الإسلامية بعض سكان إحدى المدن في هذا البلد أن يصوموا في يوم كذا ويحملوا المشاعل ويصعدوا السطوح بنية استلهام النصر أو شيء من هذا نعم ..
الشيخ: عجيب!
مداخلة: نعم، يحملوا المشاعل إلى ..
الشيخ: أنا سمعت بالصيام هذا المزعوم لكن مشاعل ماذا؟
مداخلة: جريدة أمس شيخناً قال: يحملون المشاعل ويقفون على الأسطحة
يدعون الله بالنصر وكذا.
مداخلة: عفواً! الداعي لهذا جماعة إسلامية؟
مداخلة: نعم طبعاً جماعة إسلامية.
مداخلة: هذا تقليد للنصارى.
الشيخ: نعم هو هذا.
مداخلة: يحملون المشاعل
…
الشيخ: والله غريبة هذه، أنا سمعت صيام ورأيناه في بعض المساجد لكن بهذا الوصف أيضاً الله أكبر! هذا يا إخواننا هو دليل لما قلنا ونقوله دائماً: أن المسلمين اليوم ينطلقون بجهل، لا ينطلقون مع أحكام الدين؛ لأنهم يجهلون أحكام الدين وفاقد الشيء لا يعطيه؛ ولهذا نقول: لا بد من التصفية والتربية .. لا بد من التعلم للعلم الصحيح والتربية على هذا العلم الصحيح وإلا لن تقوم للمسلمين قائمة.
(الهدى والنور/465/ 09: 16: 00)