الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ترشيح النساء في الانتخابات
السؤال: بالنسبة لترشيح النساء هل كان هناك في الأصول على عهد القرن الأول بشيء أو بآخر ترشيح المرأة للعمل كقائدة، أو كما يعني مثل: نادية أبو شناق، أو غيرها من المرشحات، تقول: أنه كان على أحد الصحابة من كان هناك يضمد الجرحى، ويسعف الجرحى، ويقاتل؟
الشيخ: قل لها: انزلي في المعركة وضمدي الجرحى
…
قبل أن أجيبك عن سؤالك، يجب أن نذكر أن هذا النظام كله يعني نظام الانتخاب، هذا ليس إسلامياً حتى لو لم يكن هناك إلا الإسلاميين؛ فتشجيع الأمة كلها في كل أفرادها أن يختاروا أعضاء لمجلس الأمة، هذا لم يكن يوماً ما نظاماً إسلامياً، والمسلمون عاشوا قرون طويلة لا يعرفون مثل هذا النظام، إلا حينما استعمروا من الكفار، أولاً: استعماراً عسكرياً، وثانياً وأخيراً: استعماراً فكرياً، وكما هو معلوم عند جميع العلماء والكتاب أن الاستعمار الفكري أخطر من الاستعمار العسكري، والشاهد أكبر دليل على ذلك؛ لأن الاستعمار العسكري حينما كان محتلاً في كثيرٍ من البلاد الإسلاميين كان مسؤولون يومئذٍ يعرفون أن عدوهم محتل لأرضهم، وأنهم يتصرفون فيها تصرف المالك لها، ولكن؟ ! الاستعمار بمكثه الطويل في الديار الإسلامية كان أمكر بكثير من ضرره العسكري، ذلك؛ لأنه حينما خرج من تلك البلاد لإعطائهم كما يقولون: الاستقلال التام والناجز على حد زعمه، خلفوا فيهم أفكارهم وعقائدهم وآدابهم وأخلاقهم وقوانينهم،
ولذلك فإن قلت بأن الكافر خرج من بلاد الإسلام أو قلت أنه لم يخرج، ففي كل من القولين أنت صادق؛ لأنك حينما تقول خرج أي خرج ببدنه؛ فإن قلت لم يخرج فأنت صادق لأنك تعني أنه لم يخرج بأفكاره وتقاليده وقوانينه، فالواقع يشهد من آثار هذه القوانين وآثار عدم خروجه ما ترك في بلاد الإسلام من نظم لا يزال المسلمون يعملون بها، والكافر خارج بلادهم.
فهذا النظام نظام الانتخابات ليس إسلامياً إطلاقاً، وأكبر دليل على ذلك ما نشاهده في كثير من البلاد الإسلامية، ما أدري هنا حسبما ينشر في الجرائد بأن هذا الانتخاب كان نظيفاً، وأنا أقول قد يكون الأمر كذلك من حيث عدم استعمال التزوير العلني المكشوف، واستعمال الإرهاب القوة من بعض المتنفذين، أو من بعض الكبار من الموظفين قد ينكر أن يكون لم يقع شيء من ذلك، ولكن الذي وقع يقيناً أن المرشحين استعملوا وسائل غير شرعية، وربما نستطيع أن نقول إنها وسائل غير قانونية، فقد اشتروا أصوات كثير من الناس، تارة بالمادة، تارة بالجاه، تارة ما ادري وسائل كثيرة وكثيرة جداً؛ حتى ينجح، وقد ينجح وقد لا ينجح هذا بحث آخر.
الإسلام لا يرضى بمثل هذا الاختيار والانتخاب الذي يعرض كثيراً ممن يريدوا النجاح على أن يتعاطوا وسائل غير شرعية، كذلك الإسلام يقول:{هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]، الانتخاب البرلماني المتعامل اليوم لا يفرق هذا التفريق الإسلامي، {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9]، هم لا يفرقون وهم يقولون: يستوون، ولذلك فالمسلم الصالح ينتخب، والمسلم الطالح ينتخب، المسلم العالم ينتخب، المسلم الجاهل ينتخب، ما هذا النظام هذا ليس إسلامياً، فقد يجتمع طائفة كبيرة
جداً من جهال المسلمين فيختارون فرداً منهم، ماذا يفيد هذا الفرد وجوده في مجلس الأمة؟ لا شيء.
إذاً: كيف كان الأمر في العهد الأول، أو نسيت أن أقول أن ليس فقط أنه يرشح الذكر بل والأنثى أيضاً، كل هذا ليس نظاماً إسلامياً، كيف كان الأمر سابقاً؟ كان الأمر يعود إلى الخليفة المسلم هو يختار مجلس الشورى، وبلا شك هؤلاء المختارون لمجلس الشورى لا يلاحظ فيهم سوى، - أما الإسلام فالبلد إسلامي، - فما في حاجة لذكره لا يلاحظ فيه غير أن يكونوا أولاً: صالحين، وأن يكونوا من العلماء العاملين بعلمهم، وثالثاً وأخيراً: أن يكونوا أصحاب رأي وفكر، فقد تجد رجلاً صالحاً، كما يقول إمام دار الهجرة الإمام مالك رحمه الله: في المدينة أقوام نتبرك بدعائهم لكن لا نروي الحديث عنهم، الحديث النبوي ما بيروى عنهم، مع أنهم صالحين يتبرك بدعائهم، هو يطلب منهم الدعاء، لكن لا يروي عنهم الحديث؛ لأن الحديث له رجال لا يكفي أن يكونوا رواة الحديث صدوقين كما يقول أهل الجرح والتعديل، بل لا بد أن يكونوا مع ذلك أيْقاظاً نابهين، فلا يفوت عليهم الغش والزغل، فإذا كان الحاكم المسلم يريد أن يختار مجلس الشورى فهو لا يكتفي بأن يكون المختار صالحاً، ولا يكتفي أن يكون عالماً فقط أيضاً، وإنما يجب أن يكون نابهاً يعرف كيف تعالج أمور الأمة يعرف كما يقال قديماً: كيف تؤكل الكتف، فهذا الخليفة أو هذا الإمام يختار هو مستعيناً بمن يعرفهم طيلة حياته مجلس الشورى، هؤلاء مجلس الشورى هم مجلس الوزراء خلينا نسميه الآن، أما هذه الهوبة مثلما يقولوا عندنا بالشام أو إيش قصدي من كل أفراد الشعب ليختاروا ثمانين شخصاً أو اقل أو أكثر حسب عدد نفوس الإقليم، هذا لم يعرفه المسلمون طيلة هذه القرون الطويلة، وإنما أخذوه كما قلنا آنفاً من قبل المستعمرين لهم.
هل كان في مجلس الشورى نساء في ذاك الزمن؟
لم يكن، كل ما يدندن حوله بعض أهل الأهواء في العصر الحاضر ليعطوا المرأة زعموا ما فقدتها من الحقوق، يجدون هناك حوادث نادرة جداً، أن فلانة كانت مشركة مثلاً، أو محتسبة في السوق، يوجد مثل هذه الروايات بغض النظر عن كونها صحت أو لم تصح؛ لأن قلم التحقيق لم يكلف بعد بإجراء مثل هذا التحقيق، لكن كتاريخ يروى هذا، لكن هذا مع قلته وندرته ليس له علاقة بالانتخاب والترشيح في مجلس الشورى، فمجلس الشورى في الإسلام لا يمكن أن يكون فيه من النساء وبخاصة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«ما أفلح قوماً ولوا أمرهم امرأة» ، فلذلك لا يغرك إذا سمعت بعض الروايات أنه كان هناك بعض النساء، ومثلما قلت أنت أنهن كانوا يداوين الجرحى والمرضى وإلى آخره، هذه لظروف طارئة وعارضة، بينما نحن بحثنا في الظروف العادية الطبيعية لا يوجد في النظام الإسلامي انتخاب برلمان .. مجلس أمة، وإنما مجلس الشورى منصوص عليه في القرآن، والذي يختاره هو ولي الأمر الحاكم بكتاب الله، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستعيناً بمن يثق بعلمه وعقله كما ذكرت أنفاً.
(الهدى والنور/287/ 15: 31: 00)