المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نصيحة حول عدم التنازع والتكتل - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٣

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌العلامة الألبانيوالعمل السياسي

- ‌رأي العلامة الألبانيفي العمل السياسي

- ‌حول العمل السياسي

- ‌العمل السياسي في الجزائر

- ‌هل يوصف من اشتغل بالعملالسياسي بأنه مبتدع

- ‌بين العمل بالسياسة والاشتغال بها

- ‌حول العمل السياسي

- ‌نقاش بين الإخوة في حضرة الشيخحول كتاب ينتمي إلى مدرسة الإخوان

- ‌حول الإخوان المسلمين

- ‌ما هو ضابط اهتمام المسلم بالسياسة

- ‌الاهتمام بالعمل السياسي

- ‌الردود على الإخوان المسلمين والتبليغ

- ‌القول بأن الدعوة لا يمكن أن تقوملها قائمة بغير العمل السياسي

- ‌الاستدلال بقصة عثمان بن أبي العاصحول العمل السياسي

- ‌صور من العمل السياسي

- ‌مفهوم عبارة: نتعاونفيما اتفقنا عليه

- ‌المشاركة السياسيةوالتغاضي عن المنكرات

- ‌العمل السياسي، استعجالالشيء قبل أوانه

- ‌قاعدة: الغاية تبرر الوسيلة

- ‌السلفية في السودان .. السلفيون والسياسة

- ‌الكلام حول كتاب فيه رد على الإخوانالمسلمين، وعلى كتاب البوطي: السلفية

- ‌كلمة حول العمل السياسيمع ذكر الجزائر مثالا

- ‌سؤال عن زعيم جماعة العدلوالإحسان بالمغرب

- ‌تعليق حول الجمع بين سلفيةالعقيدة والحركية في المنهج

- ‌حول الإخوان والتبليغهل هم من أهل السنة

- ‌انسجام القوانين مع الشرع

- ‌العمل السياسي في اليمن

- ‌الانضمام للحزب الاشتراكي

- ‌حكم الانتخابات

- ‌حكم الانتخابات

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌حكم طباعة منشوراتالدعاية الانتخابية

- ‌ترشيح النساء في الانتخابات

- ‌حكم الانتخابات الطلابيةفي الجامعات

- ‌الانتخابات البرلمانية

- ‌الانتخابات البلدية

- ‌حكم مشاركة الأمريكيين المسلمين في الانتخاباتللمصلحة وحكم تكوُّن حزب إسلاميفي أمريكا للمشاركة في البرلمان

- ‌حكم انتخاب النصرانيمن باب أخف الضررين

- ‌حكم دخول البرلماناتومجالس الأمة

- ‌حكم دخول مجالس الأمة

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌حكم دخول البرلمان

- ‌باب منه

- ‌‌‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌برلمان إسلامي علماني

- ‌الكويت ودخول البرلمانات

- ‌الدخول في المجالس النيابية

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌رأي العلامة الألبانيفي الحزبية

- ‌حكم الانخراط فيالأحزاب الإسلامية

- ‌الانضمام للأحزاب السياسيةلتفريغ الطاقات

- ‌الانتماء للأحزاب

- ‌مشكلة الأحزاب-التجمع اليمني للإصلاح

- ‌رجل كان ينتمي إلى حزب ثم عرف الحقفهل يبقى في الحزب لإصلاحه

- ‌الانتماء للأحزاب

- ‌هل إقامة الأحزاب السياسيةيدخل في الوسائل المشروعة

- ‌لا فائدة من التكتلات والحزبياتإلا بالرجوع للكتاب والسنة

- ‌حكم تأسيس الأحزاب والجبهات الإسلامية

- ‌حكم من ينحرف عن المنهج بعد أن كانهو نفسه يُحَذِّر من هذه الانحرافات

- ‌الحزبية

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌التكتل الحزبي هل تدلهذه الآية على جوازه

- ‌هل هناك مانع من التعاونمع الأحزاب السياسية

- ‌حكم الديمقراطية

- ‌هل الفكر الديمقراطي يحشر فيفكر الفرق الضالة

- ‌الميثاق الوطني

- ‌حكم من يتبنى الديمقراطية ويدافع عنها

- ‌هل الديمقراطية هي الحل

- ‌حول الديمقراطية

- ‌حكم المظاهرات

- ‌مشاركة الأحزاب الإسلامية في محاربةالقوانين الوضعية عن طريق المظاهرات

- ‌حكم المظاهرات

- ‌حكم المظاهرات والمسيرات

- ‌حكم الإضرابات

- ‌حكم الإضرابات

- ‌رأي العلامة الألبانيفي الأستاذين حسن البناوسيد قطب رحمهما الله

- ‌أتباع سيد قطب-رحمه الله

- ‌رأي الشيخ في حسن البنا وسيد قطب-رحمهما الله- والتطرق لرأيهفي الإخوان المسلمين

- ‌رأي الشيخ في سيد قطب رحمه الله

- ‌رأي الألباني في حسن البنا رحمه الله

- ‌مصطلح (جاهلية القرن العشرين)في نظر الألباني

- ‌العمل الجماعي

- ‌رأي العلامة الألباني في العملالجماعي والتنظيمات والتكتلات

- ‌هل التكتيل أولى أم التعليم

- ‌التكتيل والتنظيم

- ‌التكتيل

- ‌ما هو المأخذ على التكتلات الإسلامية

- ‌التحزب والتكتل

- ‌باب منه

- ‌التكتل والتحزب

- ‌تكتل أهل العلم

- ‌التنظيم والعمل الجماعي

- ‌باب منه

- ‌التنظيم: حكم التسلسل الهرمي

- ‌باب منه

- ‌الفرق بين الجماعة في زمنالضعف وزمن التمكين

- ‌العمل الجماعي

- ‌الحد الفاصل بين التعاونالشرعي والتنظيم البدعي

- ‌الحزبية والعمل الجماعي

- ‌التنظيم من أجل الدعوة

- ‌هل هناك من هو سلفي العقيدة حركي المنهج

- ‌حكم التحزب والعمل التنظيمي

- ‌التكتل في الكويت

- ‌حكم العمل الجماعي

- ‌يُقال: لا قيام للدولة الإسلاميةإلا بالتكتل الحزبي

- ‌حول التكتلات داخل الدعوة السلفية

- ‌نصيحة حول عدم التنازع والتكتل

- ‌هل هناك تلازم بين التحزبالمذموم والعمل الجماعي

- ‌حول الجمعيات:

- ‌حول حكم التنظيم للسلفيين

الفصل: ‌نصيحة حول عدم التنازع والتكتل

‌نصيحة حول عدم التنازع والتكتل

الشيخ: في القرآن الكريم النهي عن التنازع: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] فإذا فشل المسلمون أو على الأقل طائفة منهم كانت آثار هذا الفشل وخيمة جداً، ومنها ما ذكرته أنت آنفاً وهو قلة التزاور الذي يرادفه التدابر، فالتدابر يتضمن ترك التزاور، فلا غرابة أبداً أن ينهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمته عن التباغض والتدابر، وأن يقول لهم: وكونوا إخواناً كما أمركم الله تبارك وتعالى.

فممن يحقق هذا الذي هجره الناس اليوم مما يحقق ويشجع المسلمين على أن يتزاوروا هو أن يتناصحوا لله عز وجل، ولا يخفاك قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة. قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولنبيه ولأئمة المسلمين وعامتهم» .

فنحن عندكم الآن من عامة المسلمين، فعلينا أن نتناصح لنتوادد ثم لنتزاور في الله حتى نكون محبوبين عند الله تبارك وتعالى كما جاء في الأحاديث القدسية، بل كما جاء في ذاك الحديث الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:«خرج رجل يزور أخاً له، فأرسل الله إليه ملكاً في مدرجته فقال له: إلى أين؟ قال: إلى القرية الفلانية. قال: هل لك هناك تجارة تربيها وتنميها؟ قال: لا. قال: إذاً لم؟ قال: أزور أخاً لي في الله. قال: فأنا رسول الله إليك أن الله قد غفر لك بزيارتك لأخيك لله» .

نحن نرجو هذه المغفرة بزيارتنا لك، وليست زيارتي لك تزلفاً وإنما هو تودداً

ص: 480

وتحبباً وتناصحاً في الله عز وجل، لذلك فإني أقول: سمعنا بعض النصائح منك فيما يتعلق بأسلوب الدعوة، طبعاً دعوة الإسلام، دعوة الحق، دعوة الكتاب والسنة، لكنك تعيش كما نعيش في مجتمع تعددت فيه الأحزاب والجماعات والفرق تعدداً حديث العهد لم يكن له ذكر في ما سبق، لأن ما سبق معروف في كتب التاريخ والفرق فما لنا ولتلك الفرق.

وما فينا اليوم من التحزب والتكتل والتفرق يكفينا، ما فينا يكفينا، ما فينا يكفينا. على هذا لا بد أنك سمعت بدعوة تنتمي إلى السلف الصالح، هي كما سمعت في بعض المجالس الذي سعدنا بحضورك لبعضها، أن هذه الدعوة تدندن دائماً حول الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، بينما تسمع بلا شك دعوات أخرى لا تختلف إلا قليلاً عن هذه الدعوة لأن أي طائفة على أرض الإسلام وهي من المسلمين فلا يمكنها لا أن تدعي على الكتاب أنها على الكتاب والسنة، فهل لك من نصيحة توجهها حول الدعوة التي سمعتها الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح؟ على اعتبارها دعوة قائمة على هذا المنهج الواضح البين.

أما النصيحة التي وجهتها حول أسلوب الدعوة فقد سمعناها وقبلناها، لأنها أيضاً من دعوتنا، لأنها من قرآن ربنا:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] فليس البحث الآن في الأسلوب وإنما في صلب الدعوة، فهل لك من ملاحظة حول الدعوة ذاتها القائمة على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح؟ إن كان فنحظى بسماعها ونتناصح فيها سلباً أو إيجابا كما يقضيه كتاب ربنا أيضاً وسنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.

وان كانت الأخرى أي لا يوجد لديك أي ملاحظة في خصوص الدعوة،

ص: 481

وأؤكد حتى نكون على بينة من البحث والتناصح ولا يضيع علينا شيء من هذه الفرصة التي سنحت لنا في هذه الساعة المباركة إن شاء الله

مداخلة: حياكم الله. يا سيدي! الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ونرجو الله سبحانه وتعالى أولاً أن يجعل هذا خالصاً لوجهه الكريم سبحانه وتعالى، ونرجوه كذلك أن ينقذنا بالإسلام، لأننا منذ أن تخلينا عن إسلامنا فقد هنا حتى هنا على الهوان نفسه.

الشيخ: نعم.

مداخلة: فكما تعلم أصبح في الأمة الذل والهوان والاستكانة والاستسلام للأمر الواقع فعاشت الحياة التي ترى كالحياة السالفة قبلها يوم أن أوذي الإسلام وأهله، ولم يبق إلا القلة القليلة، ونحن والله لا نبتغي من وراء ذلك إلا أن نكون من الناجين.

الشيخ: إن شاء الله.

مداخلة: وذلك يعني لقول حبيبنا عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح كما تعلم: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله» .

الشيخ: صدق رسول الله.

مداخلة: فنحن نفتش عن هذه الطائفة، وإذا بحثنا في كتاب الله ما بين دفتيه من مبدئه إلى نهايته لا أجد في كتاب الله إلا حزبان، الحزب الأول هو حزب الله.

الشيخ: سبحانه وتعالى.

مداخلة: وهم الناجين يوم لقاء الله.

ص: 482

الشيخ: اللهم اجعلنا منهم.

مداخلة: والحزب الآخر هو حزب الشيطان.

الشيخ: نعم.

مداخلة: ولكن كما تعلم منذ القرن الرابع الهجري يوم أن بدأت الفتن والمضلات وافترقت الأمة على غير هدي من هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فكان سبب ذلك هو التناحر على الدنيا والوصول إلى ما يبتغون من حطامها، حتى أننا أصبحنا نرى في هذا الزمان ما يقال عنهم بأنهم علماء ولكننا لا نقول بذلك أنهم يتزلفون ويقفون على أبواب السلاطين، وكما تعلم لا نريد أن نبين أحوالاً أخرى؛ لأننا لسنا

في هذا المجال

للناس وربما يكونوا خيراً منا عند الله سبحانه وتعالى.

في ما يقرأ الإنسان من كتب وربما يكون لك نصيب فيها في هذه المكتبة أننا لا نريد أن نفترق كما تفترق اليهود والنصارى وتختلف، بل نحن نريد الطريق الوحيد والأوحد الذي سلكه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

فنحن نريد أن نبدأ من حيث بدأ الحبيب عليه الصلاة والسلام، نبدأ على أول خطوة توصلنا إلى مرضاة الله في النهاية إن شاء الله، وهذه لها طريق واحدة بينها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي يرويه أبو ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه كما تعلم يا سيدي، أنه قال.

الشيخ: نعم.

مداخلة: ما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا وأخبركم عن كل شيء، ما من طائر يطير بجناحيه في جو السماء إلا أنبأكم من أخباره، أو راع يتخبط بمخبطته أو يضرب بمخبطته في شعاف الجبال ليطعم غنمه إلا نبأنا من أخباره عليه الصلاة والسلام.

ص: 483

الشيخ: نعم.

مداخلة: فتركنا على المحجة البيضاء.

الشيخ: جزاه الله خير.

مداخلة: التي هي ليلها كنهارها ونشهد له أنه قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة.

الشيخ: الحمد لله.

مداخلة: ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يوردنا حوضه.

الشيخ: آمين.

مداخلة: وأن يسقينا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً حتى يكون منتهانا الجنة.

الشيخ: ان شاء الله.

مداخلة: وحقيقة الأمر يا سيدي! أن الإنسان يسعد عندما يرى أمثالكم.

الشيخ: عفواً بارك الله فيك.

مداخلة: حفظاً ودراية ونضارة إن شاء الله، ونرجو الله أن ينفعك بالعلم وينفعنا كذلك بما نتعلم.

الشيخ: اللهم آمين.

مداخلة: فأنا ليس من حقي أن أتكلم بحضورك لأنني تلميذ، والتلميذ لا يتقدم على معلمه.

الشيخ: بارك الله فيك.

ص: 484

مداخلة: ولكن أستأذن دائماً من هو أكبر مني سناً، لأنه يوم أن سأل سائل في مكة المكرمة في وقت الحج في سنة ما وأظنها سنة سبعة وسبعين، فجاء سائل يسأل عالم كان يجلس فتردد العالم في الإجابة، يعني لم يعط الإجابة بسرعة لأنه لا بد من التروي، فقال أحد الجالسين: ولم ترددت؟ فقال: يا هذا! ربما يكون السائل أعلم من المسؤول. ربما يكون عنده علم أكثر مني.

الشيخ: نعم.

مداخلة: فلذلك لا بد أن يكون هناك مقارنة، والعلم لا يأتي إلا بالتعلم، وكما تعلم يا سيدي! بأن العلم له شروط:

الشرط الأول: أن نتعلمه.

والشرط الثاني: أن نطبقه واقعاً على أنفسنا.

الشيخ: نعم.

مداخلة: والشرط الثالث: أن نبلغه للناس.

والشرط الرابع: أن نصبر على الأذى فيه. هذه هي دعوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

الشيخ: عليه الصلاة والسلام.

مداخلة: ومن أجلها أوذي في الله. فنحن حقيقة لا أقول هذا كما أسلفت ولكني أقولها حقيقة: أننا الآن بحاجة لمن يعلمون الناس دينهم، وهذا الدين لا يقتصر على مكان معين ولا على زمان معين، لأنك كما تعلم يا سيدي! بأن دعوة الإسلام قد شملت المكان والزمان كله.

الشيخ: الحمد لله.

ص: 485

مداخلة: فلم تكن مقيدة كما سبق في الدعوات غيرها أنها محددة الزمان والمكان، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، وكذلك فضل من الله أن اختارنا أن نكون أتباعاً لرسوله عليه الصلاة والسلام.

الشيخ: الحمد لله.

مداخلة: فهذه منة من الله وتحتاج منا.

الشيخ: الشكر.

مداخلة: الشكر.

الشيخ: نعم.

مداخلة: فأنا أقرأ أحياناً في مجلات قد تصدر في السعودية ومنها واحدة ربما أطلعك على واحدة منها، فيما يتعلق بحركة الوهابية ما لها وما عليها في هذا الزمان.

الشيخ: طيب.

مداخلة: وتحديداً يعني ما هي هذه الحركة؟ أسلوبها في الدعوة، كيفيتها. وإذا أردت أن أقرأ عليك سطوراً قليلة، يعني تسمح لي بهذا أقرأ على أساس ألا نكون ناقدين، بل لا بد أن نكون ناصحين إن شاء الله.

الشيخ: لكن بارك الله فيك أنا سألتك سؤالاً ورجوت منك عليه جواباً.

مداخلة: نعم.

الشيخ: موضوع القراءة ما عندي مانع إطلاقا، لكن في حدود ما بلغك من دعوة الكتاب والسنة.

ص: 486

مداخلة: نعم.

الشيخ: وهي اليوم منتشرة والحمد لله في العالم الإسلامي، ودعك والدعوة التي تسمى بالدعوة الوهابية، لأنها هي نبعت من نجد ثم توزعت وتفرقت إلى بلاد إسلامية أخرى.

نحن أبينا أن ننتسب إلى غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأظنني ختمت كلمتي الملخَّصَة والملخصة لمحاضرتي في الأمس القريب وأنت حاضر فيها بكلمتين مختصرتين: لا نعبد إلا الله، ولا نعبد الله إلا بما شرع الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. هذه الدعوة التي لخصتها بهاتين الكلمتين وفصلت ركائزها تفصيلاً قبل هذا التلخيص الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح، فسؤالي بارك الله فيك يدندن حول: هل لك ملاحظة تفيدنا إياها ولا أقول هذا تواضعاً لأني سأقول: أو أنا أفيدك إياها، لأن المسلم إما أن ينفع وإما أن ينتفع. هذا هو.

فإذا كان عندك - بارك الله فيك - ملاحظة حول هذه الدعوة ودعك ودعوة الوهابية، لماذا؟ وأنا أقول لك الآن بصراحة: حينما تذكر أنت دعوة الوهابية وما لها وما عليها وقد تقرأ في مجلة أو في أخرى يشعرني ذكرك الوهابية أننا نحن ننتمي إلى هذه الدعوة، نحن أبينا أن ننتمي إلى من كنا ننتمي من قبل. (أنا كما تعلم ألباني والألبان كلهم أحناف ولا يعرفون الإسلام إلا من زاوية المذهب الحنفي، فأبي وجدي والى آخر جد نعرفه هو حنفي، وأنا طلبت العلم على هذا الأساس من أبي، أبي رحمه الله وغفر لنا وله كان شيخاً في المذهب الحنفي، وله علي فضلان خاصان على الفضائل التي لكل أب على كل ولد، أنت تعرف قوله عليه السلام:«أنت ومالك لأبيك» فكل والد له أفضال على كل ولد.

أما والدي فله علي فضلان تميز بهما على كل الآباء:

ص: 487

الفضل الأول: أنه هاجر بعائلته، بأولاده الذين أنا أحدهم من ألبانيا إلى دمشق الشام، فكان ذلك سبباً أولاً للخلاص من الجهالة إذا لم نقل: اللادينية التي أحاطت بالألبان بعد هجرة أبي رحمه الله، فأنجانا بهذه الهجرة. هذا أولاً من هذه المصيبة.

ثانياً: كان ذلك سبباً لأن أتعلم اللغة العربية فأتمكن إذا تلوت القرآن أن أفهم، حديث الرسول أنا أفهم. هذه الهجرة وما ترتب عليها هذا فضل كبير لله قبل كل شيء ثم لأبي كسبب.

الشيء الثاني: أنني حينما تخرجت من المدرسة الابتدائية وأبي فقير وعائل ذو عائلة اضطررنا ألا نتابع الدراسة خاصة الدراسة النظامية الحكومية، فلا بد من اتخاذ مهنة فكانت مهنتي الأولى النجارة، والنجارة العربية واشتغلت سنتين ثلاثة، وكان في مثل هذه الأيام أمطار ثلوج هناك في دمشق كنا نتعطل عن العمل، فيوماً قال لي والدي: ما رأيك يا ابني أنا أرى أن الشغل هذا ليس شغل، ما رأيك تشتغل عندي ساعاتي؟ قلت له: كما تريد بطبيعة الحال وكان ذلك، وتعلمت المهنة وبرزت فيها ووفرت الوقت لطلب العلم، وإلى هنا ولا أطيل. فوالدي رحمه الله هو له الفضل علينا بأن نجانا من بلاد الكفر وأدخلنا إلى بلاد الإسلام.

فغرضي أن أقول: إن الدعوة التي أنا نشأت عليها ابتداءً هو مذهب أبي، مذهب أبي حنيفة، لكني لما تبصرت واستنرت بنور الكتاب والسنة أبيت أن أتمسك بهذا المذهب وأن أتبعه وأن أخلص له، فعدلت عن الإخلاص لهذا المذهب في الاتباع إلى نبيي محمد عليه الصلاة والسلام، لذلك كلما مضى علي زمن انتهيت إلى أنه كما يجب على المسلم أن يوحد الله في عبادته يجب عليه أيضاً أن يوحد نبيه في اتباعه.

ص: 488

فبارك الله فيك نحن ليس لنا صلة بأي مذهب في الدنيا، لو كان لنا انتساب لمذهب لبقينا على مذهبي وجدي والى آخره، ولا سيما وأنه ينتمي إلى مذهب إمام من الأئمة الأربعة المشهود لهم بالعلم والفضل والصلاح والزهد والى آخره وهو أبو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله، لكن ما كان لي لأخلص لفرد بأن أكون أنا تابعاً له إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

لذلك لا تؤاخذني يا أبا أسامة إذا قلت لك حينما ذكرت الوهابية، يشعرني بصواب أو بخطأ هذا علمه عند ربي ولا يهمني أنك تتوهم أننا نرتبط بمذهب يسمى بالمذهب الوهابي لا. وأنا أقول لك بصراحة: الذين يقال عنهم وهابية هؤلاء حنابلة. وكما نقلت أنت في مناسبة الهوي إلى السجود على الركب وإلا المناسبة هذه أو غيرها عن المغني لابن قدامة المقدسي، هذا مرجع الحنابلة في كل بلاد الدنيا ومنهم النجديون الذين يلقبون بلقب الوهابية.

أما أنا لست حنبلياً، أنا ما رضيت أن أكون حنفياً فبالتالي لا أرضى أن أكون حنبلياً، لأنني فيما انتسبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أغناني عن كل نسبة أخرى، فأنا أعبد الله وحده. (انقطاع). محمداً وحده، الله لا شريك له في عبادته، محمد لا شريك له في اتباعه. وذكرت حديث:«لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي» لذلك على هذا الضوء أقول لك مكرراً: إن كان لك ملاحظة على مثل هذه الدعوة فنرجو أن تبينها وأن نتناصح فيها، أما الوهابية فما لي ولها، أنا أنقدها ربما أكثر من غيري، وإخواننا الحاضرون يعلمون ذلك.

فهذا الذي نحن جئنا لنتناصح من أجله فقط، مع ذلك فكما يقولون عندنا في دمشق الشام: بساط أحمدي. أنت على بالك أنك تسمعنا ما قرأته عن الوهابية أنا ما عندي مانع، لكن أنا أرى قبل كل شيء أن نتناصح حول هذه الدعوة التي أظن

ص: 489

أنه لا يمكن أن يحيد عنها قيد شعرة رجل فاضل مثلك عنده شيء من الثقافة الإسلامية ومن الوعي ووالى آخره، قد يحيد عن هذا بعض العامة، بعض المتعصبة إلى آخره، نحن نعرف هذا جيداً.

أما أن يحيد عن ذلك من كان على علم فأنا لا أتصور هذا، قد أكون واهماً ومن أجل هذا جئناك نستنصحك، ومن حق المسلم كما جاء في صحيح مسلم:«وإذا استنصحك فانصحه» هذا هو الذي نريده منك.

مداخلة: يا سيدي! يعني من حيث المآخذ والملاحظات إن كان هناك نقد أو تقييم للدعوة فأنا أقول: إن كل دعوة في الأرض لم تصل إلى درجة الكمال، إنما هناك كمال مقدر في الأرض لكل إنسان يصل ولكنه لا يبلغ يعني درجة الكمال المطلق؛ لأنه لله، فإذا كان اتباع الدعوة السلفية بالذات هو قائم على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهماً وحكماً فهي دعوة لا بأس أنها دعوة طيبة تقوم على أسس طيبة وعلى مبادئ طيبة، ونرجو الله أن يكونوا مأجورين على ذلك. الأمر الآخر.

الشيخ: تسمح؟

مداخلة: تفضل.

الشيخ: كلمة لا بأس لعلها سبق لسان.

مداخلة: نعم.

الشيخ: جزاك الله خير.

مداخلة: نعم.

الشيخ: امض فيما أنت فيه.

ص: 490

مداخلة: نعم. الأمر الآخر: أن إخواننا من السلفيين أو ما ينتمون لهذه الدعوة حقيقة يتعلمون، وحقيقة يعني يمكثون في المسجد، وحقيقة ينتظرون الصلاة إلى الصلاة وأنا أرى ويتدارسون القرآن والسنة، ولكن المأخذ أنهم لا ينقلون ما يتعلمون ليكون له ثمرة.

الأمر الثالث كما أسلفت لك بالأمس: أن بعضاً من هؤلاء - لا أقول الكل - تقوم دعوتهم أو أسلوبهم في الدعوة على القوة والشدة والعنف، وهذا - كما تعلم - مما يقطع الصلات بين المسلمين، ويضع التنافر والتناحر والتناجش والبغض بين المسلمين كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

الشيخ: عليه الصلاة والسلام.

مداخلة: وأنا كأنت تماماً، أنا قدوتي هو الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام، لم أتحزب لحزب كان فقدوتي هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ما جاء عنه نأخذ به، وما نهى عنه ننتهي عنه إن شاء الله بالقدر الذي نستطيعه.

الشيخ: أحسنت.

مداخلة: فحقيقة الأمر: أنك عندما تطلب مني أن أنقد دعوة، دعوة قائمة ولها أساس ولها مبادئ وكما تفضلت أنها تقوم على كتاب الله وعلى سنة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فليس من حقي أن أنقد إذا كانت هي تقوم على هذه الأسس.

الشيخ: نعم.

مداخلة: لأنه ليس هناك نقد، فالدعوة قائمة على كتاب الله هو الأصل التشريع الأول وعلى سنة الرسول عليه الصلاة والسلام المبين عن الله سبحانه وتعالى وهو خير خلق الله أجمعين. فأنا يعني كما أرى يعني أنها دعوة إن شاء الله دعوة

ص: 491

طيبة تقوم على أساس طيب إن شاء الله كما تفضلت، ولكن الأتباع ينقصهم العلم، ينقصهم العلم؛ لأنهم أنا أدلل في حادثة وأبين لك.

أحياناً أقف أتكلم في قضية ما تهم المسلمين فيقف أحدهم من غير علم وأمام الناس، وإذا كانت النصيحة كما تفضلت فالنصيحة ليس فيها تشهير، إنما النصيحة بيني وبينك إذا أردنا أن نتناصح ونصل إلى الحقيقة والى المطلوب، وأنا لا أغضب أبداً لأنني مع الحق، أبداً لا أغضب بل أستفيد.

الشيخ: الحمد لله.

مداخلة: ولو وجدت طفلاً صغيراً أستطيع أن أستفيد منه لجلست معه في الشارع لكي أستفيد.

الشيخ: بارك الله فيك.

مداخلة: سأذوب شخصيتي للإسلام. فالدعوة الحمد لله إن شاء الله دعوة طيبة، ونرجو الله لها أن تقوم إن شاء الله على أسسها الطيبة، ولكن ما بينا من ملاحظات وكما قلت لك بالأمس وطلبت منك ورجوتك أن يقوم هؤلاء الناس وهؤلاء الأتباع على الطريق التي بينها الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنا دللت على واقعة بالأمس كان عندي درس فبينت قلت: إن الله سبحانه وتعالى وهو يعلم كم أن الطاغية فرعون طغى وتجبر وادعى الألوهية من دون الله، قال: أنا ربكم الأعلى ومع ذلك كانت الدعوة إليه: {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44] مع علم الله في علمه الأزلي أنه لن يتذكر ولن يخشى لأنه مكتوب عند الله وهكذا، ولكن هذا أسلوب دعوة، دعوة الأنبياء. «إن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين» فالطريق واحدة لا تتغير أبداً هي طريق محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ص: 492

الشيخ: تسمح؟

مداخلة: تفضل.

الشيخ: ذكرت لك في أول هذه الجلسة المباركة إن شاء الله: أن السؤال حول الدعوة ليست حول الأسلوب، لأن الأسلوب متفق عليه بين جميع المسلمين أنه يجب أن يكون كما قال تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].

وأنا أذكر لإخواني بمناسبات كثيرة ومن قريب ذكرت ذلك حديث للبخاري ومسلم من حديث السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: «أن رجلاً من اليهود دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: السام عليك يا محمد، فقال عليه الصلاة والسلام: وعليك» . السيدة عائشة وراء الحجاب صاحت بأعلى صوتها وتكاد تنشق شقتين، قالت: وعليك السام واللعنة والغضب إخوة القردة والخنازير. جلس الرجل اليهود ما جلس ولما خرج قال عليه الصلاة والسلام: «ما هذا يا عائشة؟ قالت: يا رسول الله! ألم تسمع ما قال؟ قال لها: ألم تسمعي ما قلت؟ رددت عليه ما قال وانتهى الأمر. يا عائشة! ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه» .

فأنا الذي أريد أن ألفت نظرك هو أمران اثنان، وهذا من أجل التناصح الذي نحن الآن في صدده:

الأمر الأول: أنك تعلم جيداً كما أن الناس يتفاوتون في العلم فهناك جاهل مستمع وهناك طالب علم وهناك عالم، كذلك هم يتفاوتون في الأخلاق، وما كمل في خلقه سوى محمد عليه الصلاة والسلام، فقد ترى عالماً فاق الدنيا علماً لكنه ضيق الخلق، ولذلك جاءت الأحاديث بالأناة والصبر والإعراض عن

ص: 493

الغضب والأحاديث في هذا المعنى كثيرة وكثيرة جداً.

فإذا كانت هذه حقيقة أو هما حقيقتان الناس يختلفون في العلم ويختلفون في الخلق، فإذا رأينا إنسانا محقاً في دعوته وفي علمه لكنه مخطئ في سلوكه فهذا يستوجب علينا أمرين اثنين:

الأول: أن نذكره وأن ننصحه بأن يحسن أسلوبه كما حسن علمه حتى تظهر الفائدة وتقتطف الثمرة.

الشيء الآخر: ألا نكون بعيداً عنه، ما دام نحن نقول: إن هذه الدعوة هي دعوة حق فإذاً سنكون معه في هذا الجانب ولا نكون معه في الجانب الآخر، وهو: سنكون معه في هذا الجانب العلمي الصحيح القائم على الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح، ولا نكون معه في أسلوبه، بل نكون معه في إحسان أسلوبه ونذكره بمثل قوله:{سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [القصص: 35].

فإذا أنت - بارك الله فيك - ما دام ترى أن هذه الدعوة هي دعوة الحق فلماذا أنت لا تكون واحداً منهم؟ أنت تجمع بين الأمرين، أقول هذا في ما أسمع وأنا لا أشهد لا بهذا ولا بهذا حتى نجرب كما أنت جربت. رأيتم؟ لكن ما دام أنت تريد العلم الصحيح والأسلوب الصحيح وأنت تظن على الأقل وأرجو أن يكون ظنك ظن المؤمن أنك أنت على هذه الدعوة وعلى هذا العلم الصحيح وعلى الأسلوب الحسن أيضاً فلماذا أنت يا أخي لا تكون معهم في دعوتهم لأنها دعوة الحق أولاً؟ ثم لم لا تكون عوناً لهم في تحسين أسلوبهم؟ أي: لماذا أنت لا تتبنى هذه الدعوة وهي دعوة الحق والأمة اليوم أحوج ما تكون إلى هذه الدعوة؟

ولا بد أنك قرأت قبل أن تسمع مني: «الغرباء هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي» فلماذا لا. أنا أقول الآن، أنا أقلب عليك الدور

ص: 494

فأقول: لماذا أنت يا أستاذ، يا أبا أسامة! لماذا لا تحسن أسلوبك في الدعوة؟ لماذا لا يكون أسلوبك الحسن مع علمك الصحيح طعماً لهؤلاء الذين تستنكر عليهم أسلوبهم فتجذبهم أنت إلى دعوة الحق وبالأسلوب الطيب الجميل الحسن؟

أنا أرى الذي نمى إلي، أنا ما شاهدت ولذلك لا أشهد على شيء ما سمعته لا لصالحك ولا لطالحك، لكن أرجو لك ولهم الصلاح دعوة وأسلوباً، لكني كما سمعت منك أنك تأخذ عليهم سوء الأسلوب وتقر الدعوة أنها صحيحة كما شهدت آنفاً تراهم دائماً يحضرون المساجد، يحافظون على الصلوات ويتدارسون القرآن ووالى آخره، لكن أسلوبهم

أسلوبهم فيه شدة إلى آخره، لماذا أنت إذا لا تنبري لدعوة الناس إلى دعوة الحق وبأسلوبك الحق؟ وحينئذ فسيلتفون كلهم حولك وتكسب أجر من دخل على خير فهو كفاعله.

مداخلة: الله يجزيك الخير، إن شاء الله هذا قائم ونحن دائماً

ندعو إلى الحق بإذن الله سبحانه وتعالى. وكما تفضلت أنت يعني كان أبيك حنفياً ولم تقبل بذلك ولم تتمذهب ولم تقلد مذهباً إنما اجتهدت بأسلوبك الخاص.

الشيخ: عفواً أنا ما قلت أستاذ، أرجوك.

مداخلة: لعلي أنا أعرف.

الشيخ: لا.

مداخلة: أن هذا اجتهاد منك.

الشيخ: أرجوك، لا بأس، أنت ينبغي أن تنقل ما تسمع مني.

مداخلة: نعم، نعم. ولكن أنا.

ص: 495

الشيخ: مش تنقل. اسمح لي.

مداخلة: تفضل.

الشيخ: مش تنقل ما هو في ذهنك. أنا لا أنقل إلى الناس ما في ذهني عنك، لا يجوز لي ذلك.

مداخلة: نعم.

الشيخ: إنما أنقل ما أسمعه منك، أنا الآن سأنقل للناس جميعاً في عمَّان وغير عمَّان أننا التقينا مع رجل فاضل يكنى بأبي أسامة والى آخره، وهو يوافق معنا على دعوة الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح لكنه يأخذ على إخواننا

وهو القسوة والشدة في الأسلوب، لكن ما أنقل إليهم ما أنا في ذهني عنك، ولذلك هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ أنت تنقل إلى الناس ما تسمع الناس.

مداخلة: نعم.

الشيخ: أنا متبوعي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقط.

مداخلة: نعم.

الشيخ: لا أعبد إلا الله ولا أتبع إلا رسول الله. أما كيف أصل أنا إلى اتباع رسول الله وحده، وكيف أصل أنا إلى عبادة الله وحده دخلنا في موضوع الأسلوب، وأنا ما تباحثت معك في هذا الأسلوب، وأرجو أن يتاح لي البحث في هذا الأسلوب لأني سأقول لك وأنت الذي فتحت لي هذا الباب وجزاك الله خير: كيف بإمكانك أن تعرف دعوة الحق، دعوة الكتاب والسنة وأنت إما أن تكون حنفياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنبلياً؟ والتجربة القصيرة التي دخلنا فيها معكم في موضوع السجود على الركب أو على اليدين أشعرني بأنك تحمل في ذهنك

ص: 496

دعوة الكتاب والسنة لكن لا تستطيع تطبيقها فقد أكون أنا هذا الرجل أيضاً، ولذلك لا تتكلم راجياً غير آمر لك لا تتكلم عن الأسلوب، نحن نتكلم عن الغاية الآن، غايتي ألا أعبد إلا الله ولا أتبع إلا رجلاً واحداً في الدنيا هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

رأيتك آنفاً بدأت تدخل في متاهات، في أمور أنا مستعد للدخول فيها وذلك أحب إلي من الفرار عنها، لكن ليس هذا الآن مجالها، مجالها كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان على الميزان: ألا نعبد إلا الله ولا نتبع إلا رسول الله، فإذا أنت كنت معنا بأسلوبك وبقدرتك واستطاعتك إخواننا عايشون معك هاهنا وأنا بعيد عنهم فأنت تقوم بهذا الواجب كما أقوم أنا بهذا الواجب، أنا أقوم بالواجبين: أنصحهم بأن يتمسكوا بالكتاب والسنة في حدود ما نعلم. {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] وأنصحهم أن يحسنوا أسلوبهم.

فإذاً أنا معك وأنت معي كما قيل: وافق شن طبقة، وافقه فعانقه. إذاً:{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: 64].

إذاً هذه بارك الله فيك يا أبا أسامة كلمة سواء، التقينا على صحة الدعوة وعلى وجوب تحسين أسلوب الدعوة، لذلك نحن نقول: سنشد عضدك بأخيك، هؤلاء أعوان لك على هذه الدعوة وأنت عون لهم على هذه الدعوة بعلمك في حدود ما تعلم، بعلمهم في حدود ما يعلمون، وكلكم يجب أن يحسن أسلوبه، وفي ذلك خير لهذا المجتمع الذي يعني كما وصفت الآن الإسلام في غربة، وكما قيل: وكل غريب للغريب نسيم.

فإذاً نحن الغرباء علينا أن نتعاون غاية وأسلوباً، والآن حتى ما يصير عليك

ص: 497

حرج إن أردت أن تسمعنا المقال المتعلق بالوهابية ما عندي مانع أبداً.

مداخلة: الكلام طويل صحيح ولكن سنوجز إن شاء الله.

مداخلة: نعم. جزاكم الله خير.

الشيخ: وإياكم إن شاء الله. نعم.

مداخلة: والحكم العام على هذه الحركة. يتكلم عن الحركة الوهابية.

الشيخ: نعم.

مداخلة: هو أنها حركة دينية إصلاحية، ولكن أخذ عليها أنها سعت إلى تحقيق أغراضها بعنف واعتمدت على القوة العسكرية وحدها، ولم تحاول أن تجتذب قلوب الناس، ولم تعبأ بأصول السياسة أو قواعد الدبلوماسية، وكان طابعها التعصب، فلا تعترف بوجهة نظر الغير، ولا تقبل معه مساومة

ولا مفاوضة، وتشددت في فهم الدين فضيقت معنى الإيمان، بحيث يخرج منه عدد كبير من المسلمين نتيجة هذا الضيق والتشدد، ومن ثمَّ تجب محاربة، أو توجب.

الشيخ: توجب.

مداخلة: توجب ولكن كاتبين تجب. ومن ثم توجب محاربتهم وتستحل دماءهم وأموالهم، ثم هي حركة محدودة الأفق ركزت كل جهودها في ناحية خاصة من الدين، وتركت كثيراً من الأصول والمسائل التي تقل عنها بل تفوقها في الأهمية، وفي مقاومتها للبدع على اختلاف أنواعها كان لا بد أن تنبذ كثيراً من الوسائل التي تؤدي إلى رقي الحضارة وتقدم العمران، ولم يكن القائمون عليها أكفاء.

الشيخ: لم يكن القائمون عليها ماذا؟

مداخلة: لو أتيح لهم النجاح إلى حد أن يحكموا العالم الإسلامي لأن يجاروا

ص: 498

النهضة الحديثة لميدان الصناعة والاختراع، ولكنها مع هذا كله وفي حدودها المعينة كانت نهضة أخلاقية شاملة ووثبة روحية جريئة، ودعوة إلى الدين الحق والإصلاح، وقد أيقظت العقول الراقدة، وحركت المشاعر الخامدة، ودعت إلى إعادة النظر في الدين لتصفيه أو لتصفية العقيدة وتحرير الإيمان وتطهير العقول من الخرافات والأوهام، وقد احتوت على مبدأين كان لهما أكبر الأثر في تطور العالم الإسلامي وتقدمه، وهما: الدعوة إلى الرجوع إلى مذهب السلف مع الاعتماد على الكتب والسنة، وتقرير مبدأ الاجتهاد، نحن رجال وهم رجال. وهذا كان يقول لي هذا الكلام الأخ أحمد، أحمد

يقول: أنا رجل والأئمة رجال. فحقيقة الأمر يعني ما تكلمت معه أنا

لأنه لا يعرف ما يقول.

فكان هذان المبدءان أساس النهضة الفلسفية الروحية. يعني كانت تختلف عن الحركة أيضاً صدرت كذلك من مكة وهي حركة سياسية التي قام بها الحسين بن علي. لا نريد أن ندخل في السياسة على أية حال.

فكان هذان المبدءان أساس النهضة الفلسفية الروحية، والواقع أن كل حركات الإصلاح التي ظهرت في الشرق في القرن التاسع عشر كانت مدينة للدعوة الوهابية بتقرير هذه الأصول التي ذكرناها، ويمكن تحديد الصلة بينها وبين كل من هذه الحركات إما عن طريق الاقتباس أو المحاكاة أو مجرد التأثر.

وإذا آثرنا التعبير السياسي؛ فان هذه الحركة كانت ثورة على الاستبداد وصوت احتجاج على الضعيف والانحلال الذي آلت إليه حال العالم الإسلامي حينئذ وأول تحد لخلافة آل عثمان، وأول حركة عربية تحريرية لرفع نيل السيادة التركية فهي في القرن التاسع عشر تقابل الثورة العربية في القرن العشرين كما أسلفنا وهي حركة سياسية. هذا ما أردت أن أسمعك إياه

الشيخ: طيب. ممكن

ممكن نتدارس بعض هذه النقاط: هو أنها حركة

ص: 499

دينية إصلاحية. هل أنت تعتقد بأنها حركة دينية إصلاحية؟

مداخلة: الوهابية؟

الشيخ: نعم.

مداخلة: الوهابية؟

الشيخ: إيه،

عن الوهابية.

مداخلة: حركة دينية إصلاحية؟

الشيخ: أنا عم أقول لك: أنت قرأت علينا ولسان حالك يقول: هذه بضاعتنا ردت ألينا، أنت تعتقد أن الوهابية حركة دينية إصلاحية كما يعتقد كاتب المقال؟

مداخلة: أنا لا أعتقد ذلك، لأن الإسلام لا يحتاج إلى إصلاح.

الشيخ: من كاتب المقال؟ مش مكتوب.

مداخلة: لا، في بداية المقال مكتوب، بداية المقال

اثنين أو ثلاثة.

الشيخ: الأستاذ الدكتور محمد ضياء الدين الريس أستاذ التاريخ الإسلامي بكلية دار العلوم بجامعة فؤاد الأول، هذه قديمة سنة ألف وثلاثمائة وثلاثة وسبعين. أنت لا تعتقد بهذه العبارة، جميل جداً، إذاً ما لي ولها، لكن في ما بعد قرأت على مسامعنا أن الدعوة هذه قامت على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح، أين هذا في الأخير؟

مداخلة: الأول الأول، الأول.

الشيخ: أعلى الصفحة؟

مداخلة: في منتصف الفقرة تقريباً الأولى.

ص: 500

الشيخ: كويس. يقول في منتصف الصفحة كما قلت: ولكنها مع هذا كله وفي حدودها المعينة كانت نهضة أخلاقية شاملة، ووثبة روحية جريئة ودعوة إلى الدين الحق والإصلاح، وقد أيقظت العقول الراقدة، وحركت المشاعر الخامدة، ودعت إلى إعادة النظر في الدين لتصفية العقيدة وتحرير الإيمان وتطهير العقول من الخرافات والأوهام. أنت تعتقد بهذه الفقرة؟

مداخلة: الاعتقاد كله مرفوض أصلاً يعني بداية ونهاية، لأنه كما قلت لك بأن الإسلام.

الشيخ: هذا جواب - بارك الله فيك - يعني متناقض، لأن هذا الكاتب يقدح ويمدح.

مداخلة: نعم.

الشيخ: أنا رأيتك أنت وافقته.

مداخلة: لا لا، لا.

الشيخ: يعني هو يقدح فتقول في ما يقدح: انه مصيب، لكن في ما يمدح أنت معه أو ضده الكاتب هذا؟

مداخلة: المدح من حيث أنها دعوة إصلاحية.

الشيخ: أنا أقول هذا هو قرأت على مسامعك: وقد احتوت ماذا؟ وتحرير الإيمان، أيقظت العقول وحركت المشاعر الخامدة ودعت إلى إعادة النظر في الدين وتصفية العقيدة وتحرير الإيمان وتطهير العقول من الخرافات والأوهام. أنت تعتقد؟

مداخلة: نحن مع تصفية العقول ونحن مع التصحيح، نعم.

الشيخ: طيب.

ص: 501

مداخلة: جميعنا مع التصحيح.

الشيخ: لا، أنا ليس هذا سؤالي بارك الله فيك.

مداخلة: نعم.

الشيخ: أنت تعتقد أن الدعوة التي تسمى بالدعوة الوهابية قامت على هذا الأساس كما يقول الكاتب؟

مداخلة: هي قامت على هذا.

الشيخ: إذاً يا أبا أسامة! خلينا نتفاهم في قرب. أنا قلت: نحن لسنا وهابيين وأنت الآن يتبين أنك لا تعرف الوهابية، لا تعرف خيرها ولا شرها بدليل أن هذا الكاتب يقدح ويمدح، فنحن أي عبارة نقرأها في أي كتاب في أي مجلة المفروض أن يكون في عندنا بصيرة نميز الخبيث من الطيب، لذلك أنا قلت: لست وهابياً وسأقول لك: أنت لا تعرف الوهابية ما لنا وللوهابية.

القائل القديم وهو الإمام الشافعي قال:

إن كان رفضاً حب آل محمد

فليشهد الثقلان أني رافضي

قال أحد المتهمين بأنه وهابي:

إن كان تابع أحمد متوهباً

فأنا المقر بأنني وهابي

ما لنا بقى للوهابية، الدعوة يعني ذهبت مع التاريخ والآن السعوديين جرفتهم الدنيا وجرفتهم السياسة ولم يبق هذا الذي يثني عليه القارئ إلا آثار قليلة وقليلة جداً، ما لنا ولها نحن الآن أمام دعوة انتشرت في العالم الإسلامي كله، من رضي رضي ولمن لم يرض لم يرض، لأن الله عز وجل قال في كتابه الكريم كما تعلم: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ

ص: 502

الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33].

فالآن الوهابية فيها ما تمدح عليه وفيها ما يقدح عليه. نعم. إلى ما اتفقنا عليه أن كل مسلم يجب عليه أن يتبع كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويتبع السلف الصالح في ما فهموه ونقلوه إلينا من معاني الكتاب والسنة والسنة الصحيحة، ويجب أن نحسن الدعوة والأسلوب في ذلك. فهذه مسألة ما فيها خلاف، لذلك نرجو منك أن تظهر بدعوتك الحق وبأسلوبك اللين.

مداخلة: إن شاء الله السميع العليم، أنا يعني كما تفضلت أنت: أنا أعبد الله وحده ولا أشرك به شيئاً.

الشيخ: الحمد لله.

مداخلة: كما أراد هو سبحانه وتعالى، وكذلك أتبع الحبيب عليه الصلاة والسلام لكل ما أستطيع تطبيقه.

الشيخ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].

مداخلة: وإذا يعني كان إخواننا في يوم من الأيام بحاجة أن أقف معهم أو أن أعاونهم وأن يعني سأكون إن شاء الله معهم وسأدافع عنهم إن شاء الله.

الشيخ: لا، هذه لا نوافق عليها، هذه لا نوافق عليها.

مداخلة: لن توافق

الشيخ: كيف لا؟ لأنك أنت تقول يوماً ما: نحن نريد الدهر كله.

مداخلة: إن شاء الله.

الشيخ: أن تكون مع دعوة الحق والأسلوب الحق.

ص: 503

مداخلة: إن شاء الله دائماً.

الشيخ: هذا هو بارك الله فيك.

مداخلة: دائماً.

الشيخ: طيب. اعتماداً على دعوة الحق ما الذي تراه أنت الآن الأمة المسلمة الضائعة ما هي أحوج شيء إليه من هذه الدعوة؟

مداخلة: العودة إلى الكتاب والسنة.

الشيخ: الكتاب والسنة واسع بارك الله فيك.

مداخلة: نعم.

الشيخ: ما هو أهم شيء من ما في الكتاب والسنة من ما يجب أن نبلغه الأمة، يعني مثل ما ذكرنا في الأمس القريب:

العلم إن طلبته كثير

والعمر عن تحصيله قصير

فقدم الأهم منه فالأهم

هنا بحثنا.

مداخلة: نعم.

الشيخ: ما هو الأهم؟

مداخلة: الأهم العقيدة.

الشيخ: طيب

فلعلك أنت تبين العقيدة للناس يا أبا أسامة بارك الله فيك، بدءاً من معنى لا إلا اله إلا الله وانتهاءً إلى الشهادة المكملة محمد رسول الله، على النحو الذي أنا ألمحت إليه رؤوس أقلام.

ص: 504

مداخلة: نعم، نعم.

الشيخ: وإلا شرح هذا يحتاج كما لا يخفاك في ما أظن إلى مجالس ومحاضرات عديدة وعديدة جداً. أنت تعلم بأن كثيراً من المسلمين يحلفون بغير الله وينذرون لغير الله ويذبحون لغير الله ويدعون غير الله في الشدائد والكروب والمصائب إلى آخره، وما نسمع لأحد من هؤلاء الدعاة يذكرون هؤلاء المسلمين ويعودون بهم إلى ربهم سبحانه وتعالى، فهذا ينبغي أن يسمع المسلمون صوت رجل فاضل مثلك مسموع القول مطاع الكلمة حتى أنت تعرف قول الرسول عليه السلام:«لو آمن بي عشرة من اليهود لآمنت يهود» لماذا؟ لأن طبيعة الناس أنهم يتبعوا الكبار سواء كانوا مهتدين أو كانوا ضالين.

مداخلة: نعم.

الشيخ: فأنت والحمد لله ربنا هداك كما هدى إخواننا إلى دعوة الحق، فحينما ترفع صوتك بهذه الدعوة فسيدخل الناس في دين الله أفواجاً، أما تترك الدعوة مع ناس أنت تنكر عليهم أسلوبهم هذا ما ينبغي، هذا هو من تمام التدابر الذي أنت تشترك معنا في الإنكار عليه، فنرجو إن شاء الله أن نجد في سفرة أخرى لنا إلى بلدكم الطيب هذا أن نسمع من أبي أسامة كلمات طيبات يهتدي بها الناس في ظلمات البر والبحر.

مداخلة: إن شاء الله. يا سيدي! أنت ضيفي.

الشيخ: إن شاء الله.

مداخلة: وحق على المزور أن يكرم زائره.

الشيخ: جزاك الله خير.

مداخلة: وسأكون عوناً لهم إن شاء الله.

ص: 505

الشيخ: جزاك الله خير وأكرمك الله.

مداخلة: باستطاعتي.

الشيخ: لا نريد أنا في استطاعتي وزيد وبكر، {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].

مداخلة: وأنا ما نقدت يوماً أحداً من كل الدعوات لأنني أحافظ على مشاعر الناس كما كان يحافظ عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

الشيخ: هذه لا لا، اسمح لي كما كان هذا التشبيه ليس كذلك. اسمح لي، هذا التشبيه ليس كذلك.

مداخلة: تفضل.

الشيخ: رسول الله لما دعا بدعوة الحق ماذا قالوا عنه؟ لقد سفه أحلامنا. يا أستاذ! لا يمكن لإنسان يدعي الحق حينما يصدع بالحق أن يراعي شعور الآخرين، هذا أمر مستحيل، ليس لنا فقط إلا الأسلوب الحسن فقط.

مداخلة: نعم.

الشيخ: أما مراعاة شعور الآخرين هذا أمر مستحيل.

مداخلة: أقصد من حيث النقد يا أستاذي الكريم، يعني نحافظ على مشاعر الناس حتى نجلبهم إن شاء الله ....

الشيخ: حتى هذا بارك الله فيك، حتى هذا. ربنا لما قال في القرآن الكريم:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98] هل راعى مشاعر المشركين؟

ص: 506

مداخلة: لا، لم يراع.

الشيخ: إيه بارك الله فيك. لقد كفر. لا، ماذا قال في القرآن الكريم؟ {لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74] إذاً، الله أكبر. ربنا يهدد نبيه عليه السلام المصطفى:{لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [الإسراء: 74].

مداخلة: {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ} [الإسراء: 74].

الشيخ: نعم، أنا أريد أن أقف عند هذا التهديد يعني، لذلك ليس لنا إلا أن نصدع بالحق وبالأسلوب الحسن.

مداخلة: نعم.

الشيخ: أما أن نراعي شعور الآخرين فهذا شيء آخر، ولا يجوز أن نراعي شعور الآخرين، لأن دعوة الحق تنافي وتناحر وتحارب دعوة الباطل. فإذاً ليس لنا إلا أن ندعو بالحق لا تأخذنا في الله لومة لائم مع الأسلوب الحسن.

مداخلة: سيدي! أنت فهمتني خطأ في ما أقول.

الشيخ: قد يكون أنا فهمت خطأ، قد يكون غيري أفهمني خطأً، مش مهم هذا.

مداخلة: نعم، نعم.

الشيخ: فما هو الصواب الآن؟ دعوة الحق.

مداخلة: نعم، نحن.

الشيخ: هي دعوة الحق التي يجب تبليغها إلى الناس سواء جرح المبلغون أو لم ينجرحوا مع الأسلوب الحسن، أنت معي في هذا أو لا؟

مداخلة: أنا معك في هذا.

ص: 507

الشيخ: إذاً ما فهمتك خطأً.

مداخلة: ولكن أنا قلت لم أخصص يعني سواء كان مثلاً في خطبة أم في درس أم في كذا لم أخصص أقواماً أو أسماء من حيث النقد، لكن ....

الشيخ: ما كان وارداً هذا، موضوع التخصيص ما هو وارد.

مداخلة: أبداً.

الشيخ: المهم بارك الله فيك.

مداخلة: أما من حيث الجهر بالحق ومن حيث فاصدع بما تؤمر هذا لا بد منه.

الشيخ: إيه، لكن.

مداخلة:

إلى قوة.

الشيخ: لكن البدء في الأهم.

مداخلة: نعم.

الشيخ: البدء في الأهم والأهم.

(الهدى والنور/713/ 47: 00: 00)

ص: 508