الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم المظاهرات والمسيرات
السؤال: هل يجوز القيام بمظاهرات ومسيرات سلمية للتعبير عن طلبات الشعب الإسلامية، فإن كان الجواب بلا، فنرجو ذكر الدليل؛ لأن القيام بهذه المسيرات هي من قبيل المصالح المرسلة، فمن جهة أنه لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كالأصل في الوسائل أنها بحال الإباحة حتى يأتي النص بتحريمها، وكذلك إن القيام بهذه المظاهرات أو المسيرات هي موافقة للضوابط التي ذكرها الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في رسالته المسلمون والعمل السياسي.
الجواب: صحيح أن الوسائل إذا لم تكن مخالفة للشريعة فهي الأصل فيها الإباحة هذا لا إشكال، لكن الوسائل إذا كانت عبارة عن تقليد لمناهج غير إسلامية فمن هنا تصبح هذه الوسائل غير شرعية، فالخروج بتظاهرات أو المظاهرات وإعلان عدم الرضا أو الرضا وإعلان التأييد أو الرفض لبعض القرارات أو بعض القوانين، هذا نظام يلتقي مع الحكم الذي يقول: الحكم للشعب من الشعب وإلى الشعب.
أما حينما يكون المجتمع إسلامياً فلا يحتاج الأمر إلى مظاهرات وإنما يحتاج إلى إقامة الحجة على الحاكم الذي يخالف شريعة الله كما يروى وأنا أقول هذا كما يروى إشارة إلى ضعف ما يروى ولكنها على كل حال تبين حقيقة معروفة من ناحية تاريخية أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قام خطيباً يحض الناس على ترك المغالاة في المهور وإلى هنا الحكم صحيح .. الرواية صحيحة.
وإنما الشاهد في الرواية الأخرى التي في سندها ضعف وهي أن امرأة قالت يا عمر الأمر ليس بيدك، إن الله عز وجل ذكر في القرآن الكريم فإن أتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً، فكيف أنت تقول: لا يجوز إلا أربعمائة درهم مهراً لبناتكم.
فكان جواب عمر إن صحت الرواية: أخطأ عمر وأصابت المرأة، فيكون المجتمع الإسلامي ليس بحاجة لمثل هذه النظم وما يترتب من ورائها من وسائل، عندما يتحقق المجتمع الإسلامي يستطيع الإنسان أن يدخل ويبلغ رأيه وحجته إلى الذي بيده الأمر أو على الأقل إلى ممثله.
فهو ليس بحاجة إلى ظهور لمثل هذه التظاهرات التي تلقيناها من جملة ما تلقيناها من عادات الغربيين ومن نظمهم، وكما هو الشأن الآن نحن نقلد الغربيين في كثير من عاداتهم وتقاليدهم سوف لابد من التفصيل بين ما يجوز ولا نأخذه عنهم وما لا يجوز، فانظر مثلاً نحن نأخذ عنهم بعض الوسائل، هذه الوسائل إذا كانت تؤدي إلى غرض مشروع أو على الأقل جائز وليس فيه إحياء لمعنى التشبه بالكفار فهذا هو أمر جائز، والمثال في ذلك ممكن أن نستحضر مثلين اثنين أحدهما ثابت من حيث الرواية والآخر فيه ضعف أما الثابت فهو ما جاء في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه في قصة خروجه عليه الصلاة والسلام مسافراً ونزوله في مكان، فلما أصبح به الصباح خرج لقضاء الحاجة فأراد المغيرة بن شعبة أن يصب الوضوء على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فصب عليه حتى جاء الرسول عليه الصلاة والسلام إلى تشبيك كميه، الشاهد قال المغيرة: وعليه جبة رومية ضيقة الكمين فلم يستطع من ضيقها أن يشمر عن ذراعيه فأخرجها وألقى الجبة على كتفيه حتى توضأ عليه الصلاة والسلام وغسل ذراعيه، الشاهد
أنه عليه الصلاة والسلام لبس جبة ورومية، فهذا يعني أنه إذا كان هناك لباس من ألبسة الكفار تنسب إليهم ولم يكن فيه ظاهر التشبه التقليد لهم فيجوز لما يترتب من وراء ذلك من مصلحة الدفء ونحو ذلك.
وكذلك المثال الثاني أذكره لشهرته في السيرة وإن كان غير ثابت على الطريقة الحديثية وهي: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمرهم أن ينزلوا في مكان في غزوة الخندق لما قال المنذر بن حباب أن هذا وحي ..
مداخلة:
…
الشيخ: نعم، حباب المنذري أم هو الرأي والحرب والمكيدة، قال: له غير ذلك، قال: فإذاً ننزل في مكان آخر، الآن أستدرك على نفسي فأقول لكن فيه فائدة هذا مروي في السيرة وغير صحيح لكن ليس له صلة بمثالنا إنما المثال هو حفر الخندق حيث قال سلمان كما روي عنه أنهم كانوا إذا حوصروا في بلد ما أحاطوا البلدة بخندق، ورسولنا عليه الصلاة والسلام وافق على ذلك لما فيه من مصلحة جلية مجردة عن أي مفسدة، فبهذا الميزان يجب نحن أن نتلقى عادات الغربيين.
الآن نأتي بمثال آخر: هناك أناس يلبسوا جواكيت مختلفة لا يوجد مانع، لكن ما معنى لبس البنطلون ما معنى لبس الجرافيتة، لا فائدة من ذلك سوى تمثل عادات الغربيين والتأثر بتقاليدهم، فإذاً يجب أن نفرق بين ما ينسجم مع الإسلام ومبادئه وقواعده وبين ما ينبو وَيْنفِر عنه، فإذاً هذه المظاهرات ليست وسيلة إسلامية تنبئ عن الرضا أو عدم الرضا من الشعوب المسلمة لأن لهم وسائل أخرى باستطاعتهم أن يسلكوها، والذي يخطر في بالي أننا في الواقع عندما نقر مثل هذه المظاهرات كأننا نتصور أن المجتمع الإسلامي بعد أن يصبح فعلاً
مجتمعاً إسلامياً سيظل في نظمه وفي عاداته على عادة الغربيين، سيتغير كل شيء سوف يكون الوطن الاجتماعي في المجتمع الإسلامي في غنية عن مثل هذه المظاهرات.
وأخيراً أصحيح أن هذه مظاهرات تغير من نظام الحكم إذا كان القائمون مصرين على ذلك، وكم وكم من مظاهرات قامت ووقعت وقتل فيها قتلى كثيرين جداً ثم بقي الأمر على ما كان عليه قبل المظاهرات.
فلا نرى أن هذه وسيلة تدخل في قاعدة أن الأصل في الأشياء الإباحة لأنها من تقاليد الغربيين.
(الهدى والنور /210/ 39: 33: 00)