الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة حول العمل السياسي
مع ذكر الجزائر مثالا
مداخلة: نحن نعرف أن العمل الإسلامي ينقسم إلى قسمين هما: العمل بالإسلام ونحن والحمد لله نعمل بالإسلام العبادات وغيرها، والعمل للإسلام، فما السبيل إلى العمل للإسلام؟
الشيخ: هذا يا أخي أخذت جوابه دون أن توجه سؤاله، السبيل قد وضحته لك، الآن أسألك ويبدو أنك لم تتنبه لورود الجواب ضمناً في البحث السابق عن هذا السؤال اللاحق، هل هناك أفراد مؤمنون فهموا الكتاب والسنة وطبقوها في أنفسهم عملياً؟ يوجد هؤلاء أم لا يوجد؟
مداخلة: يوجد بعض الناس ..
الشيخ: يوجد. طيب، هؤلاء هل هم متفرقون أم مجتمعون؟
مداخلة: متفرقون.
الشيخ: فإذا الجواب حين يجتمع هؤلاء المؤمنون على شيئين اثنين، الشيء الأول: أنهم تفقهوا على الكتاب والسنة، وتربوا على ذلك، والشيء الثاني أنهم اجتمعوا على ذلك، وهذا لا وجود له، فالعمل يبدأ من هنا من هنا ننطلق؛ ولهذا قلت للأخ هنا مشيراً أن لي كلمة مسجلة مراراً وتكراراً: لا بد من التصفية والتربية.
أنت الآن تقول: يوجد، وأنا أشهد معك، ولكن كثير من أولئك الذين يظنون أنهم على الكتاب والسنة ليسوا حقيقة على الكتاب والسنة، وهذه حقيقة مرة مع الأسف الشديد ولكن يجب أن نعترف بها كالمريض أو كالرجل المريض مصاب بمرض فلا ينبغي أن يتكتم في مرضه بل يجب أن يكشف عن مرضه، لكي يتمكن من معالجته.
فالآن المجتمعات الإسلامية في كل البلاد الإسلامية إذا أنت نظرت إليها فستجد هناك أفراداً قليلين جداً هم ضاعوا في تلك الكثرة التي وصفها الرسول عليه السلام بأنهم غثاء كغثاء السيل، الآن نحن في هذا المجتمع أعني المجتمع الأردني، كم مذهب يوجد؟ كم طريقة تتحكم في عقول الناس؟ ودعك عن الأحزاب الجديدة الطارئة، فما وزن هؤلاء الأفراد وما نسبتهم، وأعني بهم الذين فهموا الإسلام فهماً صحيحاً وطبقوه تطبيقاً صحيحاً، هذا مع الأسف نادر وعزيز جداً ولذلك فأمامنا شوط طويل وبعيد جداً، لكي نهيئ الأسباب في ذاك التكتل الذي لا بد منه أن يكون على الكتاب والسنة وأن يكون اجتماعاً في مكان واحد يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله. نعم.
مداخلة: اللي يجتمعوا في محل واحد
…
الشيخ: ما هو هكذا؟ ولذلك الإنسان يجب أن يعرف واقعه، وأن يبدأ كما قلنا في آية سبقت:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة: 105]، نحن نجد كثيراً من الجماعات الإسلامية قد وقعوا مع الأسف في الاستعجال بالأمر فيحرمون العاقبة التي ينشدونها، أنا أعتقد أن أي جماعة وأي طائفة في أي بلد من البلاد الإسلامية تعمل في الحقل السياسي في هذ الزمن فهو عمل غير ناجح،
أقل ما يُقال، لا أقول هذا لأن العمل السياسي لا ينبغي بل هو واجب، لكن هذا العمل السياسي لا ينبغي أن يكون عملاً سياسياً كأي عمل سياسي في أي دولة من الدول الكافرة أو الفاسقة يجب أن يكون عملاً سياسياً متميزاً بأصوله وقواعده عن عمل سياسي آخر في جماعات أخرى وأحزاب أخرى.
أن يكون العمل السياسي من أمة مسلمة أي جماعة مسلمة، وقد أنهو المرحلة الأولى التي لا بد منها والتي بدأ بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي الدعوة إلى الإسلام، وأول ما يبدأ المسلم إنما يبدأ بالتوحيد، الآن ولست أريد أن أسمي، ليتذكر كل واحد من الحاضرين الآن جماعة من الجماعات الإسلامية التي تعمل للإسلام، وربما يكون عندها من الحماس الشيء الكثير، ولكن هل بدؤوا بما بدأ به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ كلنا يعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما بدأ بما بدأ به أسلافه من إخوانه الأنبياء والمرسلين كما أمره رب العالمين في القرآن الكريم فبهداهم اقتده، بدأ بالدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ولذلك كان مما أمر به عليه الصلاة والسلام في القرآن أمراً وجه إلى شخصه والمراد به أمته، {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19].
فالآن قلت آنفاً تأملوا في أي جماعة سياسية هل بدأت بما بدأ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم بدعوة على الأقل لا أقول الأمة كلها، بدعوة الأصحاب والأتباع الذين يلتفون حولها إلى التوحيد والتوحيد الخالص، هذا مع الأسف شيء مفقود، ثم هذا لا يكفي بالنسبة إلينا اليوم؛ لأن الإسلام جاء على سنة الله في التدرج، أما نحن اليوم فقد تلقينا الإسلام كاملاً، حينما قيل له عليه الصلاة والسلام:{قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ* وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 2 - 4]. يعني: أول نزول الوحي عليه لم يكن هناك شيء اسمه صلاة، شيء اسمه صيام إلى آخر أركان الإسلام الخمسة، لم
يكن إلا الركن الأول ألا وهو التوحيد، فبه بدأ عليه الصلاة والسلام ثم بدأ يدعوا الناس إلى ما أنزل الله عليه من أحكام أصولية أساسية، فنحن إذاً اليوم يجب أن نبدأ بما بدأ به الرسول عليه السلام ونهتم ببقية الإسلام وكما قيل:
العلم إن طلبته كثير، والعمر عن تحصيله قصير، فقدم الأهم منه فالأهم.
وعلى هذا أنا أقول العمل السياسي يجب أن يتقدمه العلم الصحيح للإسلام ككل لا يتجزأ، ومن حيث البدء نبدأ بما بدأ به الرسول عليه السلام، وأنا أعلم أن الأحزاب الإسلامية السياسية خالفت هدي الرسول عليه السلام من حيث ما هو بدأ به فعلاً ومن حيث ما هو أمر به قولاً، وقد جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أرسل معاذاً إلى اليمن قال له:«ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك فأمرهم بالصلاة، فإن هم أطاعوك فأمرهم بالزكاة» وهكذا، هكذا تصنيف الأولويات، أرسل الرسول عليه السلام معاذاً إلى اليمن قال له بلسان عربي مبين:«ليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله» نحن اليوم معشر المسلمين يبدو لكثيرين منا أننا لسنا بحاجة إلى أن ندعوا المسلمين إلى شهادة أن لا إله إلا الله؛ لأننا لا ندعو كفاراً وإنما ندعوا مسلمين، والإسلام هو كما سمعتم إنما ..
«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله» ، وإخواننا المسلمون يشهدون أن لا إله إلا الله، إذاً نحن لسنا بحاجة إلى أن ندعو المسلمين إلى شهادة أن لا إله إلا الله، أنا أقوله كذلك: لسنا بحاجة إلى أن ندعوهم أن يقولوا فإنهم قد قالوا، ولكننا بحاجة إلى أن ندعوهم إلى أن يفهموا ما قالوا، لقد قالوا كلمة الإسلام لا إله إلا الله، فهل فهموها؟ مع الأسف الشديد نقول: لا لم يفهموها، وهذا بحث طويل يتعلق بالتوحيد
وأقسامه، توحيد الربوبية، توحيد الألوهية أو العبودية، وتوحيد الأسماء والصفات، أكثر الأحزاب الإسلامية لا تعرف هذا التفصيل أبداً، فكيف نطمع نحن أن نقيم دولة الإسلام على أيدي ناس أولاً لم يفهموا الإسلام فهماً صحيحاً ولا إن كانوا فهموه فهماً صحيحاً فهم يريدون أن يصلوا إلى الأهرام قفزة واحدة ولا يسيرون على السنن الكونية والشرعية، أن نبدأ بالأهم فالأهم كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكما أمر به معاذاً حينما أرسله إلى اليمن.
هذا ما عندي جواب عن هذا السؤال، والبحث الطويل، ولعل هذا يكفي إن شاء الله.
مداخلة: يعني: شيخ بدل ما احنا نقول: احنا ما شيين على الكتاب والسنة، وهذه الدعوة اللي فيها الناس حتى يكونوا مجتمعين على هذه الدعوة، ولكن يعني نرى شخص الشيخ الألباني العالم هو اللي يعني: قائم بمهمة العلم، ولكن التربية على هذا الشيء يعني خلنا نقولها بصراحة مفقود.
الشيخ: الله يهديك، هو الشيخ الألباني نبي الإسلام؟
مداخلة: لا.
الشيخ: الشيخ الألباني بده مئات من أمثاله حتى يتوزعوا المسئوليات كل واحد يقوم بجانب مما فرض الله عليه.
مداخلة: وإن
…
الشيخ: لا نبي بعد رسول الله، رسول الله جمع القوات كلها بمختلف اختصاصاتها في شخصه عليه السلام، فلا غرابة أن الله اصطفاه رسولاً للعالمين جميعاً؛ ولهذا أنا أقول لبعض الجماعات الحزبية يقولون لي: هذا عملك جيد
وطيب وكذا وإلى آخره، ولكن مو بهذا العمل يقوم الإسلام، أنا أقول هو كذلك، هو كذلك بهذا العمل فقط لا يقوم الإسلام، لكني أقول: لن يقوم الإسلام إلا بمثل هذا العمل وغيره، ولذلك لا تنسوا، قلت لكم آنفاً العمل السياسي لا بد منه.
طيب: هل يقوم بالعمل السياسي والعمل التربوي والعمل العلمي والعلوم شتى وشتى إلى آخره، هل يقوم بذلك شخص واحد؟ هذا أمر مستحيل، هذا أمر مستحيل، فأنا أقول لهم: هبوا أن هذا الشيخ الألباني شيخ كتاب، فيه يعني أقل علماً من شيخ كتاب؟ يعلم الأطفال الصغار، هل من عاقل يقول: إن ما بدنا شيخ كتاب؟ بدون شيخ كتاب ما سيوجد الدكتور، صح؟
إذاً هؤلاء الذين ينقمون على بعض الأفراد من المسلمين حيث كَرَّسوا حياتهم للعلم ليكن تنزلاً منا هو مثل علم شيخ الكتاب، مع أني بفضل الله عز وجل أقول هذا العلم الذي منحني الله عز وجل لي ليس من هذا القبيل بل هو مما لا يمكن أن تقوم دعوة إسلامية صحيحة إلا على تصفية السنة وتصفية العقيدة مما دخل فيها، لكن من العبث ومن قلة العقل أن يكلف إنسان واحد سواء كان هو هذا الألباني أو غيره أن يقوم بكل الواجبات المترتبة على الطائفة المنصورة، هذا أمر مستحيل.
ولذلك قلت آنفاً بأن الطائفة المنصورة يجب أن يتجمعوا في مكان واحد، وأن يستعين كل متخصص بأخيه المتخصص بعلم آخر، يعني: هذا يمد هذا بما عنده، وهذا يمد الأول بما عنده، وهكذا يتعاونون جميعاً على الخير.
أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام لدى جميع الناس لم يكونوا في نسبة واحدة في كل أمر، من الضروري أن يكون المسلم متخلقاً به، مثلاً: هل كانوا في
العلم بالسنة سواء؟
مداخلة: لا.
الشيخ: هل أبو بكر كان في السنة -وهو أفضل الصحابة- كأبي هريرة؟
مداخلة: لا.
الشيخ: لكن هل كان أبو هريرة في حسن الصحبة وقوة الصحبة لرسول الله والكياسة والفطنة والسياسة مثل أبي بكر؟ لا، وعلى ذلك قل بالنسبة لعمر وبقية الخلفاء وبقية العشرة وبقية الصحابة، لكن هذه المجموعة الطيبة لما تكتلوا على أساس واحد هو الكتاب والسنة نصرهم الله عز وجل على أعدائهم.
لذلك فأنت بارك الله فيك كن واقعياً لا تكن خيالياً، الألباني بالكاد أن يربي نفسه أولاً بهذا العلم الذي نذر له نفسه، وأن يربي أولاده وذويه الذين يدندنون حوله، أما أن يكون مربياً للشعب، نحن وجدنا مربين للشعب أو لشعوب كثيرين لكن كان ينقصهم العلم الصحيح.
أنا أقول بالنسبة لمناسبة وذكرت هذا أظن في بعض الكتابات أنه حسن البنا له فضل على الشباب المصري حيث أنقذهم من القهاوي والسينمايات و .. و .. إلى آخره، لعل بعضكم يذكر شيئاً من هذا الكلام.
مداخلة: نعم.
الشيخ: أنا كتبته في بعض مؤلفاتي ولكن ..
مداخلة:
…
مجلة المجتمع الكويتية.
الشيخ: نعم؟
مداخلة: في لقاكم مع مندوب مجلة المجتمع الكويتية.
الشيخ: المقصود ولكن كان حسن البنا ناقصاً، وكان يجب أن يكمل هذا النقص بغيره من أصحابه، كان ناقصاً لم يكن عالماً بالكتاب والسنة، ولذلك صدرت منه بعض الآراء التي تخالف السنة الصحيحة.
مثلاً موقفه بالنسبة للأسماء والصفات، موقفه بالنسبة للتوسل بالآخرين، مش موقف رجل عالم متمكن لا، عنده أفكار عامة هكذا ويجعلها من الأمور الخلافية التي يمكن أن يباح الخلاف فيها، قلت: كان المفروض أن يكمل نقصه.
مداخلة: بغيره.
الشيخ: بغيره، وقد كان عنده جماعة من كبار المثقفين، لكن تجد الإخوان المسلمين وقد اضطررنا الآن أن نسميهم إلى اليوم لن يوجد هذا العالم الذي يوجههم ويربيهم على الكتاب والسنة، ولذلك فالعالم الإسلامي الذي يموج بهذه الكثرة الكاثرة يجب أن يتصفى منهم مئات إن لم أقل ألوف العلماء كلهم يجتمعون على كلمة سواء، أي على الكتاب والسنة وهم لا يزالون مختلفون، مختلفين حتى الآن.
يعني مثلاً نضرب البوطي الذي تسمعون تقرؤون عن كتاباته، لا يزال إلى الآن يجادل بالباطل؛ لأنه نحن نقول: يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة ويجب نبذ العصبية المذهبية والتقاء جميع الدعاة ما نقول العامة على هذه الكلمة السواء الرجوع إلى الكتاب والسنة، ما يكون فيه داعية مثل البوطي ما هو مذهبك؟ شافعي، واحد ثاني: ما هو مذهبك؟ حنفي، هذا مثلاً اللي بحلب أو غيره، لماذا هذا التحزب؟ لماذا هذا التمذهب؟ مادام {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: 59]، فإذا كان هؤلاء
الرؤوس بعد لم يتفقوا على أصول وقواعد من قواعد الشريعة الإسلامية فكيف يرجى أن توجد هناك كتلة متوحدة على الفهم الصحيح للكتاب والسنة، وأن يجتمعوا على هذه الأصول وتربية الناس الذين هم حولهم.
على كل حال هذا بحث يعني: الحقيقة له شعب كثيرة وكثيرة جداً، وإنما المقصود هو التذكير بأن العمل السياسي يجب بأن يكون قائماً على العلم ولا يستطيع أن يقوم به شخص منفرد كما هو الواقع الآن.
هذا في الجزائر من سبب هذه الثورة؟ شخص شخصين، ليس عندهم ذاك العلم المنشود، لكن تكتلت الملايين حولهم، فماذا كان وراء ذلك؟ ما كان إلا الضرر بالدعوة، وعلى ذلك فقس على الثورات التي سمعتم بها.
(الهدى والنور / 354/ 05: 27: 00)
(الهدى والنور / 354/ 54: 40: 00)