الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكفائية هذا لا بد منه، لكن بشرط أن يكون تحت دائرة تجمعهم وهي دائرة الإسلام على الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح، فالتخصص في العمل هذا أمر لا ينكر، لكن الخلط بين هذا وبين هذا لا يجوز، فمثلًا: المدير الإداري، مدير المدرسة لا يمكن أن يكون معلمًا .. لا يمكن أن يكون مدرسًا للحديث في التفسير إلى آخره، عمله إداري، كذلك المحدث والمفسر لا يمكن أن يكون مديرًا؛ لأن عمله تعليمي، وهكذا ما يقال في الأفراد يقال في الجماعات تمامًا، فإذا أرادوا جماعة من السلفيين أن يجمعوا بين تعليم الدعوة وبين التنظيم خاصة إذا كان من النوع الذي لا يشرع فقد خسروا ولم يربحوا شيئًا.
(فتاوى رابغ (7) /00: 04: 47)
هل هناك من هو سلفي العقيدة حركي المنهج
؟
مداخلة: يقول السائل: أرجو من الشيخ أن يوضح لنا الفرق الحقيقي بين السلفيين عقيدًة والإخوانيين منهجًا، وبين السلفيين عقيدًة ومنهجًا علمًا بأن هذين المذهبين هما السائدين في جزيرة العرب، وكثير من طلبة العلم يقعون في الأول من حيث لا يشعرون.
الشيخ: ربما يمكننا أن نقول: بأننا في الأمس القريب كان في بعض ما تكلمنا فيه ما يمكن أن يكون جوابًا لهذا السؤال أو بعض الجواب، فإننا قلنا: إن الإسلام يجب أن يفهم كليًا من كل جوانبه فهمًا صحيحًا قائمًا على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح رضي الله عنهم، وقلنا: أن الدعوة السلفية إنما تقوم على كلمتين اثنتين، وهذا اصطلاح جرينا عليه، وهما: أنه لا بد من التصفية والتربية،
وشرحنا أن المقصود بالتصفية: هو أن يتوجه أهل العلم إلى أن يفهموا الإسلام من مصدريه الصافيين، وعلى منهج السلف الصالح، ثم أن ينشروا هذا العلم الصحيح بين الأمة المسلمة، هذا هو النقطة أو الركيزة الأولى للدعوة السلفية: أن يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا من كل جوانبه بناءً على المنهج المذكور آنفًا: على كتاب الله وحديث رسول الله ومنهج السلف الصالح.
وقلنا: إن هذه المهمة لا يستطيع أن ينهض بها فرد ولا عشرة وإنما ينبغي أن يقوم بها الألوف المؤلفة من علماء المسلمين في أقطاب أرض الإسلام كلها، ثم ينبغي أن يقترن مع هذا التعليم والنشر لهذا المفهوم الصحيح للإسلام .. أن يقترن معه تربية المسلمين على هذا الإسلام الصحيح.
هذا هو المنهج، وليس مجرد ادعاء، وأن يكون الداعي أو الداعية بعيدًا عن الفهم الصحيح على هذا المنهاج، ثم هو ينادي ويصيح أن دعوته قائمة على الكتاب وعلى السنة، ثم لا شيء أكثر من مجرد هذه الدعوى.
ونحن نعرف بالتجربة من كثير من الجماعات الإسلامية، ولسنا بحاجة إلى أن نسمي بعضها؛ لأن الغاية إنما هو التذكير والذكرى تنفع المؤمنين: نعرف بعض الجماعات الإسلامية التي لها عناية أو شبه عناية بما نقول نحن في الشرط الثاني الذي ينبغي أن يقوم به الدعاة إلى الإسلام ألا وهو: التربية، أو ما يسمى بالسلوك في بعض الاصطلاحات، إن بعض هؤلاء الجماعات كنا نراهم يجتمعون كل ليل جمعة ليحيوها بالصلاة والعبادة وقيام الليل، ولا بأس من قيام، ولكن يشترط في ذلك إذا ما استندنا على المنهج الصحيح لفهم الإسلام، يشترط ألا يكون قيام الليل جماعيًا، أي: على التداعي كما كان يفعل هؤلاء يتداعون في كل أسبوع أن يجتمعوا ليلة الجمعة ليحيوا الليل، ثم كانوا بسبب بعدهم عن دراسة الإسلام من
مصدريه كما ذكرنا كانوا في غفلة تامة عن قوله عليه الصلاة والسلام: «لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام ولا نهارها بصيام» فهم إذًا باسم إصلاح النفوس وتحسين السلوك كانوا يجمعون بعض سراياهم لإحياء هذه الليلة التي نهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن إحيائها، فكيف يمكن إذًا أن تقوم قائمة الإسلام بمثل هذا المفهوم الخاطئ بالسنة، بل بالعبادة التي جاء بها الإسلام.
لذلك فلا بد من أن يقوم كل الدعاة الإسلاميين كل بحسبهم .. أنا لا أدعي أن على كل جماعة إسلامية أن تعمل عملًا واحدًا، أي: أن يكون كل جماعة يكونوا فقهاء، أو أن يكونوا محدثين، أو أن يكونوا مفسرين، ولكن لا بد لكل هذه الجماعة أن يكونوا جميعًا متفقين على منهج واحد لا يختلفون في المنهج وإن كانوا يختلفون في الاختصاصات لكن تجمعهم دائرة الإسلام على المفهوم السلفي الصحيح، فإذا كانوا يريدون حقًا أن تكون كلمة المسلمين واحدةً، وأن تكون جماعتهم جماعة واحدة، وألا يُفَرِّقوا جماعة المسلمين فعليهم أن يكونوا جميعاً على منهج واحد، ثم من كان يستطيع منهم أن يحقق هذا المنهج علمًا فعليهم أن يتبنوا هذا العلم، وهذا لا يعني أن يتبعوا شخصًا أو أشخاص وإنما الأمر كما قلنا آنفًا: ينبغي أن يقوم به الألوف من علماء المسلمين لكن على منهج واحد.
ولذلك كنا في بعض المؤتمرات التي دعت المؤتمرين إلى أن ينطلقوا في دعوتهم المسلمين إلى دينهم على الكتاب والسنة اقترحنا مع بعض إخواننا أن يضم إلى هذه الدعوة، أي: أن تكون دعوة الدعاة قائمة على الكتاب والسنة، فاقترحنا أن يضم إلى ذلك: وعلى منهج السلف الصالح، فنحن نرى أن كثيرًا من الدعاة أولًا: لا يهتمون فكرياً بمثل هذا الشرط وهو: أن يكون فهم الكتاب
والسنة على منهج السلف الصالح، لا يهتمون فكريًا وبصورة طبيعية ولازم هذا عدم الاهتمام ألا يهتموا بهذا في ذوات نفوسهم، وبعضهم قد يقول بلسانه: بأن هذا النهج هو الصحيح ولكن لا يحققه، لماذا؟ لأنه لا يستفيد من جهود المتخصصين في الدعوة إلى الإسلام على ضوء الكتاب والسنة، فإذًا: بعض الجماعات حينما تريد أن تعمل للإسلام فإذا كان عملهم ليس على هذا المنهج فسوف لا يثمر عملهم ما يبتغونه من إقامة دولة الإسلام على وجه الأرض.
فنحن إذًا: ندعو كل الجماعات الإسلامية أن يكونوا على كلمة سواء، وهذه الكلمة لا تكون إلا على هذا المنهج بدليل: أنه لا يستطيع أحد أتي ذرة من علم أن يأتي بمنهج آخر يخالف هذا المنهاج القائم على كتاب الله وعلى حديث رسول الله وعلى منهج سلفنا الصالح رضي الله عنهم.
ومما لا شك فيه ولا ريب فيه أن إقامة دولة الإسلام التي هي مبتغى كل الجماعات الإسلامية، لا شك في ذلك خلافًا لما قد يقول البعض عن السلفيين بأنهم لا يهتمون بإقامة دولة الإسلام نعرفها من قديم الزمان، لكن الحقيقة أن العمل لإقامة الدولة الإسلامية هي بغية كل مسلم، لكن الأساليب تختلف، فنحن نقول: أن أي أسلوب لأية جماعة تقوم على أساس العمل بالإسلام هذا الذي ورثناه، وفيه فيما يتعلق بالعقائد ما يخالف الكتاب والسنة ويخالف منهج السلف الصالح، وفيه من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وفيه من الأحكام الشرعية ما تخالف الكتاب والسنة، وفيه من الحض على الزهد والانحراف عن السعي في الأرض ما يخالف أيضًا الكتاب والسنة، هذا السلوك الذي يسلكه بعض الجماعات دون الاهتمام بتصفية هذا الإسلام مما دخل فيه سوف لا يثمر البغية التي أنشدها أو تنشدها كل الجماعات الإسلامية، وإنما ستقوم هذه الدولة
بإذن الله على أكتاف وعلى أيدي الذين يتبنون هذا المنهج الصحيح بإجماع جميع الجماعات، لا أظن ولا أتصور أن جماعة تدعي الإسلام بإمكانها أن تنكر هذا المنهاج، وإلا كان ذلك انحرافًا عن الإسلام انحرافًا كليًا، وكان داخلًا وفي وعيد قول الله تبارك وتعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115].
فنحن إذا كنا صادقين في حسن ظننا هذا لكل الجماعات الإسلامية الموجودة اليوم في الساحة الإسلامية فعليها أن تؤكد حسن ظننا بهم أن يتعاونوا بناءً على الاتحاد معنا على هذا النهج الصحيح فكريًا، ثم أن يتعاونوا معنا على تطبيق هذا النهج عمليًا، وإلا فستكون الجماعة التي تكون هي الأحق بأن تقيم حكم الله في الأرض هي التي تتبنى هذا المنهج المجمع عليه فكرًا وتقوم بتحقيقه عمليًا.
لعلي بهذا أجبت عن السؤال السابق!
(لقاءات المدينة لعام 1408 هـ (9) /00: 45: 37)