الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العمل السياسي، استعجال
الشيء قبل أوانه
أن نستبق الأمور للحكمة القديمة التي تقول: «من استعجل الشيء قبل أوانه ابتلي بحرمانه» والتاريخ المعاصر اليوم يؤكد هذه الحكمة فإن بعض الجماعات الإسلامية تعجل الأمر هنا وهناك فكانت عاقبة أمرهم بوراً ولم يستفيدوا من ثورته شيئا، شيئا مذكورا ، ذلك لأن الجماعة التي تتحد حتى تصير على قلب رجل واحد كما كان الأمر في عهد الرسول عليه السلام حيث كان أولا: يربيهم على الإسلام الذي لا يحتاج إلى تصفية كنحن لأنه ((
…
)) من السماء فربى أصحابه على هذا الإسلام حتى صارت كتلة لها وزنها وكان لها أثرها في أعداء الله حتى أعز الله جنده ، لذلك فنحن لا يجوز لنا أن ننسى دعوتنا وأن ننشغل بشيء يعرف اليوم بالسياسة أو بالتكثر الحزبي أو بنحو ذلك أنا لا أنكر السياسة ولكن ليس هذا أوانها لأننا لم نر بعض كتلة اجتمعوا على فهم الإسلام فهما صحيحا وربوا عليه تربية صحيحة ثم لم يبق لهم إلا أحد شيئين:
إما كما يقولون عندنا في سوريا (يُسند الإيطال)(1): أي لا يعملون شيئا ، وإما أن يعمل الشيء وهو العمل السياسي ، التنظيم السياسي فأين هذا التنظيم وكيف يمكن تحقيقه قبل أن نضع الأسس الأساسية لتحقيق الدعوة الإسلامية فما المعاملة؟ أنا أذكر من تاريخ حياتي هناك في سوريا أنني دعيت مرارا وتكرارا
(1) مَثَل شامي يحتاج إلى تحرير.
إلى المحاضرات وأنتم تعلمون محاضرات أناس يعني أقل ما يقال فيهم إنهم ليسوا بالإسلام بسبيل وفيه من ملاحدة الكفار العلويين الإسماعيليين، وفيهم بعض المنافقين ممن يقال لهم إنهم أهل سنة وجماعة المهم استنطقت واستجوبت مرارا وتكرارا ، منذ بضع سنين كان بعض هذه الإستجوابات فالمعتاد هناك أن يقال عنا (( .. ))
هذا رجل فاضل ويدعو لبعض الوهابية والسياسة السعودية ونحو ذلك، فجرى استنطاق حول هذه النقطة فبينت له نحن لسنا حزبا ولا ننتمي إلى دولة على وجه الأرض وإنما ننتمي إلى العمل بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح وشرحت له هذه الدعوة، وذكرت أن ليس هناك دعوة على وجه الأرض اسمها وهابية وإنما بعض الأعداء بسبب سياسة تركية كانت قديما أشار أن أنصار التوحيد الذين يعني بعثهم الله عز وجل في نجد لإحياء دعوة التوحيد أثار عنهم لأجل إثارة الأمة الإسلامية ضدهم بأنهم وهابيون ومذهب خامس ونحو ذلك من الكلمات المنفرة، هؤلاء جماعة التوحيد ومذهبهم مذهب أحمد بن حنبل معروف لدى من يعرف التواريخ العصرية القائمة ، نحن لا ننتمي لا لهؤلاء ولا لهؤلاء إنما إلى الكتاب وإلى السنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح، وشرحت له ما وسع من الشرح أمام هذا المستنطق، أخيرا لما لم يجد مغمزاً ومأخذاً في كلامي قال: انصرف وأنا كان لي حلقات في مكان معد للدروس ما كنا نخرج بدعوتنا للمساجد لأن المشايخ مع الأسف هم مع هؤلاء الحكام علينا ، الحكام علينا بسبب سياستهم اللاإسلامية والشيوخ علينا بسبب عصبيتهم المذهبية ، فكنا في الدور وندعو في المجالس وفي المساجد بما نستطيع.
قال: «إذن أنت اذهب وتابع دروسك -لأنه كان ممنوع هناك التكتل بزعم ما يسمونه (( .. )) - ألق دروسك بس لا تقترب من الناحية السياسية» ، وهنا الشاهد من كلامه.
قلت له: أنا كنت ذكرت لك آنفا أنا نحن دعوتنا إصلاحية وليست دعوتنا
سياسية أنا وأنت اختُلِفت علي الآن وبتقولي لا تتكلم في السياسة فأريد أن أوضح لك شيئا حتى لا تظن أننا نحن ننافق لكم نداهنكم ، أنا حينما قلت لك أن لا نعمل الآن بالسياسة وإنما لإصلاح العقائد وإصلاح الفقه وإصلاح الأخلاق والسلوك إلى آخره كما هو الإسلام كلنا (( .. )) أرجو أن لا تفهم أن العمل بالسياسة ليس من الإسلام لأن الإسلام لا تقوم دولته إلا بالعمل بهذا الإسلام وهو الذي يعرف بالعمل السياسي ، لكنني أنا شخصيا لعظمة المسؤولية القائمة على بعض الدعاة على الأقل إسلاميين وبسبب ابتعاد المسلمين عن أصول دينهم نرى أن الأمر الواجب علينا الاشتغال به الآن هو إصلاح العقائد والتوحيد ونحو ذلك وضربت له بعض الأمثلة وإن كان هو يعني لا يهمه ذلك فلا تتوهمن أن العمل السياسي ليس من الإسلام بل هو من الإسلام ، لكني أعتقد أنه من السياسة الآن ترك السياسة ، هذا الذي قلته لهذا (المثل) فأنا رميت بذلك عصفورين كما يقولون بحجر واحد ، أفهمته أولا أن العمل للإسلام الذي يسمونه بالعمل السياسي هذا أمر واجب لكن متى؟ حينما نتمكن من إيجاد جماعة تستطيع أن تكون قبل كل شيء على قلب رجل واحد متحابين متوادين غير متدابرين غير مختلفين وأنتم ترون الآن المثل المؤسف جدا في أفغانستان وما وقع فيهم بعد عشر سنوات من الصبر والجلد وو إلى آخر ما هنالك من مصائب لحقت بهم وإذا في نهاية المطاف تتدخل الحزبية والأحزاب السياسية التي فرقت عليهم صارت أحزاب قامت الحرب الأفغانية لإقامة دولة الإسلام لسبعة أحزاب وكل حزب بما لديهم فرحون ، فأنا قلت لهذا الرجل المستنطق نحن لا نرى العمل السياسي اليوم ليس لأنه لا يجب بل هو يجب ولكن قبل ذلك نرى أن ننشغل بإصلاح ما فاتنا من العقائد والأفكار والأخلاق ونحو ذلك وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين.
(فتاوى جدة- أهل الحديث والأثر (28) /01: 58: 26)