المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحد الفاصل بين التعاونالشرعي والتنظيم البدعي - جامع تراث العلامة الألباني في المنهج والأحداث الكبرى - جـ ٣

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌العلامة الألبانيوالعمل السياسي

- ‌رأي العلامة الألبانيفي العمل السياسي

- ‌حول العمل السياسي

- ‌العمل السياسي في الجزائر

- ‌هل يوصف من اشتغل بالعملالسياسي بأنه مبتدع

- ‌بين العمل بالسياسة والاشتغال بها

- ‌حول العمل السياسي

- ‌نقاش بين الإخوة في حضرة الشيخحول كتاب ينتمي إلى مدرسة الإخوان

- ‌حول الإخوان المسلمين

- ‌ما هو ضابط اهتمام المسلم بالسياسة

- ‌الاهتمام بالعمل السياسي

- ‌الردود على الإخوان المسلمين والتبليغ

- ‌القول بأن الدعوة لا يمكن أن تقوملها قائمة بغير العمل السياسي

- ‌الاستدلال بقصة عثمان بن أبي العاصحول العمل السياسي

- ‌صور من العمل السياسي

- ‌مفهوم عبارة: نتعاونفيما اتفقنا عليه

- ‌المشاركة السياسيةوالتغاضي عن المنكرات

- ‌العمل السياسي، استعجالالشيء قبل أوانه

- ‌قاعدة: الغاية تبرر الوسيلة

- ‌السلفية في السودان .. السلفيون والسياسة

- ‌الكلام حول كتاب فيه رد على الإخوانالمسلمين، وعلى كتاب البوطي: السلفية

- ‌كلمة حول العمل السياسيمع ذكر الجزائر مثالا

- ‌سؤال عن زعيم جماعة العدلوالإحسان بالمغرب

- ‌تعليق حول الجمع بين سلفيةالعقيدة والحركية في المنهج

- ‌حول الإخوان والتبليغهل هم من أهل السنة

- ‌انسجام القوانين مع الشرع

- ‌العمل السياسي في اليمن

- ‌الانضمام للحزب الاشتراكي

- ‌حكم الانتخابات

- ‌حكم الانتخابات

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌حكم طباعة منشوراتالدعاية الانتخابية

- ‌ترشيح النساء في الانتخابات

- ‌حكم الانتخابات الطلابيةفي الجامعات

- ‌الانتخابات البرلمانية

- ‌الانتخابات البلدية

- ‌حكم مشاركة الأمريكيين المسلمين في الانتخاباتللمصلحة وحكم تكوُّن حزب إسلاميفي أمريكا للمشاركة في البرلمان

- ‌حكم انتخاب النصرانيمن باب أخف الضررين

- ‌حكم دخول البرلماناتومجالس الأمة

- ‌حكم دخول مجالس الأمة

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌حكم دخول البرلمان

- ‌باب منه

- ‌‌‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌برلمان إسلامي علماني

- ‌الكويت ودخول البرلمانات

- ‌الدخول في المجالس النيابية

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌رأي العلامة الألبانيفي الحزبية

- ‌حكم الانخراط فيالأحزاب الإسلامية

- ‌الانضمام للأحزاب السياسيةلتفريغ الطاقات

- ‌الانتماء للأحزاب

- ‌مشكلة الأحزاب-التجمع اليمني للإصلاح

- ‌رجل كان ينتمي إلى حزب ثم عرف الحقفهل يبقى في الحزب لإصلاحه

- ‌الانتماء للأحزاب

- ‌هل إقامة الأحزاب السياسيةيدخل في الوسائل المشروعة

- ‌لا فائدة من التكتلات والحزبياتإلا بالرجوع للكتاب والسنة

- ‌حكم تأسيس الأحزاب والجبهات الإسلامية

- ‌حكم من ينحرف عن المنهج بعد أن كانهو نفسه يُحَذِّر من هذه الانحرافات

- ‌الحزبية

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌باب منه

- ‌التكتل الحزبي هل تدلهذه الآية على جوازه

- ‌هل هناك مانع من التعاونمع الأحزاب السياسية

- ‌حكم الديمقراطية

- ‌هل الفكر الديمقراطي يحشر فيفكر الفرق الضالة

- ‌الميثاق الوطني

- ‌حكم من يتبنى الديمقراطية ويدافع عنها

- ‌هل الديمقراطية هي الحل

- ‌حول الديمقراطية

- ‌حكم المظاهرات

- ‌مشاركة الأحزاب الإسلامية في محاربةالقوانين الوضعية عن طريق المظاهرات

- ‌حكم المظاهرات

- ‌حكم المظاهرات والمسيرات

- ‌حكم الإضرابات

- ‌حكم الإضرابات

- ‌رأي العلامة الألبانيفي الأستاذين حسن البناوسيد قطب رحمهما الله

- ‌أتباع سيد قطب-رحمه الله

- ‌رأي الشيخ في حسن البنا وسيد قطب-رحمهما الله- والتطرق لرأيهفي الإخوان المسلمين

- ‌رأي الشيخ في سيد قطب رحمه الله

- ‌رأي الألباني في حسن البنا رحمه الله

- ‌مصطلح (جاهلية القرن العشرين)في نظر الألباني

- ‌العمل الجماعي

- ‌رأي العلامة الألباني في العملالجماعي والتنظيمات والتكتلات

- ‌هل التكتيل أولى أم التعليم

- ‌التكتيل والتنظيم

- ‌التكتيل

- ‌ما هو المأخذ على التكتلات الإسلامية

- ‌التحزب والتكتل

- ‌باب منه

- ‌التكتل والتحزب

- ‌تكتل أهل العلم

- ‌التنظيم والعمل الجماعي

- ‌باب منه

- ‌التنظيم: حكم التسلسل الهرمي

- ‌باب منه

- ‌الفرق بين الجماعة في زمنالضعف وزمن التمكين

- ‌العمل الجماعي

- ‌الحد الفاصل بين التعاونالشرعي والتنظيم البدعي

- ‌الحزبية والعمل الجماعي

- ‌التنظيم من أجل الدعوة

- ‌هل هناك من هو سلفي العقيدة حركي المنهج

- ‌حكم التحزب والعمل التنظيمي

- ‌التكتل في الكويت

- ‌حكم العمل الجماعي

- ‌يُقال: لا قيام للدولة الإسلاميةإلا بالتكتل الحزبي

- ‌حول التكتلات داخل الدعوة السلفية

- ‌نصيحة حول عدم التنازع والتكتل

- ‌هل هناك تلازم بين التحزبالمذموم والعمل الجماعي

- ‌حول الجمعيات:

- ‌حول حكم التنظيم للسلفيين

الفصل: ‌الحد الفاصل بين التعاونالشرعي والتنظيم البدعي

‌الحد الفاصل بين التعاون

الشرعي والتنظيم البدعي

مداخلة: السؤال الثاني: عن الحد الفاصل بين التعاون الشرعي في الدعوة إلى الله وبين التنظيم البدعي أو الحزبي بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى.

الشيخ: الدعوة إلى الله عز وجل، أولاً: لا تكون صحيحةً إلا إذا صدرت من عالم، والعالم لا يكون عالماً إلا إذا كان متمكناً في علم الكتاب والسنة، وهذا وحده لا يكفي حتى يكون علمه بالكتاب والسنة على منهج السلف الصالح، وهذه نقطة مهمة جداً.

كل الجماعات الإسلامية المعروفة اليوم وقبل اليوم يتبنون الكتاب والسنة؛ لأن من لا يتبنى ذلك لا يكون مسلماً، وهذا لا يحتاج إلى بيان وشرح، ولكن الشيء الذي هو بحاجة إلى بيان وشرح هو هناك شيء ثالث لا يدندن حوله كل الجماعات الإسلامية الموجودة اليوم على وجه الأرض، إلا طائفة واحدة وهم الذين ينتمون إلى السلف الصالح.

فنحن نقول: لا يكفي العالم المسلم اليوم أن تكون دعوته على الكتاب والسنة فقط، وإنما يضم إلى ذلك: وعلى منهج السلف الصالح، ليس هذا تحزباً كما قد يتصور بعض الناس ولا هو تكتل حزبي، وإنما هو القرآن والسنة أي: لا بد من هذه الضميمة إلى الكتاب والسنة منهج السلف الصالح لماذا؟ لنصوص

ص: 417

في الكتاب والسنة ولإجماع الأمة على أن خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وخير القرون قرنه ثم الثاني ثم الثالث، كما جاء ذلك صريحاً في الأحاديث الصحيحة.

الكتاب يقول: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] هنا ذكر سبيل المؤمنين، لم يقل:(ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى) بل ضم إلى مشاققة الرسول قال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] إذاً: هنا شيء مع الرسول سبيل المؤمنين، وهذه نقطة مهمة جداً.

وأرجوا من إخواننا الحاضرين إن لم يكونوا قد حفظوا في أذهانهم هذه الآية فلا أقل من أن يستحضروا المعنى، قال تعالى:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115] لماذا قال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] ألا اكتفى بقوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى) أراد أن يفهمنا أن هناك شيئاً ثالثاً بالنسبة لهؤلاء الذين تأخروا وجاءوا من بعد الرسول عليه السلام، خاصة في هذا القرن الذي نحن فيه عليهم أن يلاحظوا هذا الشيء الثالث، وهو: وجوب اتباع سبيل المؤمنين وتحريم الخروج عن سبيل المؤمنين، من هم المؤمنون المذكورون في هذه الآية؟ هم المشهود لهم بالخيرية في القرون الثلاثة، قال عليه السلام:«خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» .

من أجل هذا ذكر عز وجل في الآية السابقة: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] تأيد هذا المعنى المذكور في الآية ببعض الأحاديث الصحيحة، كلكم يذكر حديث الفرق الثلاث والسبعين، ولا حاجة أن نذكر لفظه

ص: 418

وسياقه، والشاهد منه: أنه عليه السلام ذكر أن فرقةً واحدةً من ثلاث وسبعين فرقة التي ستختلف بعده عليه السلام هذه الفرقة هي الفرقة الناجية، واثنين وسبعين من الفرق الإسلامية هي هالكة .. هي في النار، أمر خطير جداً، واحد من ثلاث وسبعين هو الناجي والبقية من الهالكين.

ولذلك كان بدهياً جداً وضروري جداً أن يتوجه ذاك السؤال من بعض الأصحاب قالوا: يا رسول الله! من هي هذه الفرقة الناجية؟ كان الجواب يلتقي تماماً مع الآية قال: «هي التي ما أنا عليه وأصحابي» هنا نلاحظ أن في الحديث نكتة كالنكتة التي لفتنا النظر إليها في الآية، الآية لم يكتفِ فيها على قوله:{يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} [النساء: 115] بل عطف فقال: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] كذلك في الحديث لم يكتفِ عليه الصلاة والسلام على قوله: ما أنا عليه، وإنما قال: وأصحابي .. أصحابي هم المؤمنون، المقصودون في الآية ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.

على هذا النمط أيضاً جاء الحديث الآخر، حديث العرباض بن سارية:«عليكم بسنتي» أيضاً أذكر الشاهد منه: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» إلى آخر الحديث، لماذا لم يقتصر أيضاً الرسول على قوله:«عليكم بسنتي» وهي كافية فعلاً، لكنه عطف عليها:«وسنة الخلفاء الراشدين» الجواب عن هذه النكتة في هذا الحديث، والنكتة في الحديث الذي قبله، والنكتة في الآية التي قبلهما ما يأتي وهو:

أننا نعلم نحن جميعاً أننا تلقينا الإسلام بواسطة هؤلاء السلف الصالح، لم نعرف القرآن إلا من طريقهم، ولم نعرف سنة الرسول عليه السلام إلا من طريقهم، فبقي علينا أن نعرف شيئاً آخر من طريقهم؛ لأننا سنقول حقيقةً لا مراء

ص: 419

ولا ارتياب ولا شك فيها وهي: أن هؤلاء السلف الذين سمعوا القرآن والسنة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم غضاً طرياً هم تلقوه مبيناً مفسراً .. تلقوه منه عليه السلام مبيناً مفسراً، وبيان الرسول عليه السلام، وهنا نقطة يجب أن نتذكرها دائماً بمثل هذه المناسبة: بيانه عليه السلام ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

بقوله .. بفعله .. بتقريره، فهو يقول شيئاً وهذه أحاديث الرسول القولية، ويفعل شيئاً وهذه أحاديثه الفعلية، ويرى شيئاً فيسكت عنه فيصبح شرعاً، وآنفاً ذكرت لكم قصة تيمم عمرو بن العاص خوفاً من البرد والماء متيسر، فلم يقل له عليه السلام قولاً لكنه أقره على ما فعل، فأخذنا منه حكماً، من الذي نقل لنا هذا التقرير؟ هو هذا عبد الله بن عمرو الذي وقعت له القصة فهو صحابي من أولئك الصحابة.

إذاً: هؤلاء الذين نقلوا إلينا الألفاظ هم أيضاً نقلوا إلينا المعاني، فمن طريقهم كما تلقينا الألفاظ يجب أن نتلقى المعاني لماذا؟ لأن الرسول عليه السلام يقول:«ليس الخبر كالعيان» نحن الآن يأتينا الخبر، لكن الصحابي مشاهد، فإذاً: هو يفهم هذا الخبر حينما شاهد الرسول يتكلم أفضل منا نحن حيث لم نشاهد وإنما جاءنا الخبر، وهذا أمر مهم جداً.

وأضرب على ذلك مثلاً: أمر الإنسان غيره بأمر ما يمكن أن يفهم: أن هذا الأمر ضروري تنفيذه، ويمكن أن يفهم بأنه غير ضروري، من هنا جاء الاختلاف الأصولي بين العلماء: أن الأمر في القرآن أو في السنة هل يقتضي الوجوب، أم لا يقتضي الوجوب؟ خلاف طويل في علم الأصول.

منهم من يقول: الأصل في كل أمر الوجوب إلا لقرينة، ومنهم من يقول: الأصل فيه الاستحباب إلا لقرينة، منهم من يقول: لا يفهم من الأمر شيء إلا

ص: 420

بقرينة، والراجح عند علماء الأصول وهو الحق: أن الأمر يفيد الوجوب إلا لقرينه.

لولا هذا ضاعت الأوامر في القرآن كلها سدى، إذا قلنا لا يفهم من الأمر شيء إلا لقرينة هات ابحث عن القرائن؟ ! ! وأنا أذكر لكم قصة: جرى خلاف بين رجلين أحدهما سلفي المنهج والآخر تحريري الحزب، يقول هذا الحزب بالقول الأخير في علم الأصول أن الأمر لا يفيد شيئاً إلا بالنسبة للقرائن، المذهب الذي كان عليه السلف الصالح أن الأمر يفيد الوجوب إلا لقرينة.

وقع خلاف بين الرجلين فأنا نصحت الرجل الذي يتبنى أن الأمر يفيد الوجوب وكان مرؤوساً تحت رئاسة ذلك الحزبي، قلت له: الأمر سهل إن شاء الله! وأنت بالنسبة إليه ضعيف في العلم لكن سأدلك على طريق، قال: ما هو؟ قلت: كلما أمرك بشيء بالتعبير السوري: طنش، ما معنى: طنش؟ يعني: أعرض عن هذا الأمر ولا تبالي به وكأنك لم تسمعه، وسيضيق ذرعاً بإعراضك، سيكرر الأمر طنش، وهكذا حتى يضيق ذرعاً ويغضب، ويقول لك: يا أخي! مراراً أنا آمرك بهذا الشيء وأنت لا تستجيب! قل له: يا سيدي! أنت قلت: أن الأمر لا يفيد الوجوب إلا حينما يكون معه قرينة وأنت لم تضم قرينة إلى هذا الأمر؛ ولذلك أنا أعاملك على مذهبك! هذا الحقيقة تعطيل النصوص .. تعطيل الأوامر الشرعية.

فالشاهد: الآن حضر الحديث الثاني: «ليس الخبر كالعيان» لكن حديث آخر: «الشاهد يرى ما لا يرى الغائب» والحديث هذا له مناسبة طريفة جداً، يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: أن موسى عليه السلام حينما ذهب لمناجاة ربه، أخبره أخوه هارون بأن قومه عبدوا العجل، حينما أخبره بالخبر لم يغضب موسى عليه السلام، لكن

ص: 421

حينما وصل إلى قومه ووجدهم فعلاً يعبدون العجل كانت الألواح التوراة التي أنزلها الله عليه في يده فغضب غضباً شديداً وألقى الألواح، حينما أخبر الخبر لم يغضب، حينما رأى المخبر عنه تأثر وغضب غضباً شديداً وألقى الألواح وهو غضبان.

إذاً: «الشاهد يرى ما لا يرى الغائب» فنحن هذه الأوامر التي تأتينا ما يدرينا أنها كانت بصيغة الحزم، أو كانت بصيغة اللطف:«الشاهد يرى ما لا يرى الغائب» .

خلاصة الكلام: السر في قوله: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 115] .. «ما أنا عليه وأصحابي» .. «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» ؛ ذلك لأن هؤلاء نقلوا لنا القول والفعل والتقرير .. نقلوا اللفظ والمعنى، ولذلك فلا يجوز لنا إلا أن نفهم القرآن والسنة على ما كان عليه السلف الصالح.

ومن هنا يأتي أمر عظيم جداً وهو: كيف نستطيع أن نميز هذه سنة، وهذه بدعة؟ من طريق السلف الصالح، إذا شيء فعله السلف الصالح نفعله للسبب الذي سبق ذكره، لم يفعله السلف الصالح لا نفعله.

وهذا كله في إطار الدين .. في إطار العبادات، أما في إطار العادات فالأمر واسع جداً ما لم يخالف نصاً من كتاب أو سنة.

إذا عرفنا هذه الحقيقة، إذاً: فنحن يجب أن تكون دعوتنا قائمة على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، من الذي يمكنه أن يتحقق بهذه الأمور؟ هو الرجل العالم، إذاً: العالم هو الذي ينبغي أن يتولى الدعوة وهو الذي ينبغي أن يتولى إقامة الحجة.

كثير من إخواننا طلاب العلم يقول: أنا اجتمعت مع الشيخ الفلاني قد يكون

ص: 422

شيخ كبير أزهري، أو اجتمعت مع الدكتور فلان يعلم الشريعة في الجامعة، ويقول: قال كذا وكذا وأنا أقمت الحجة عليه، لا يطلع بيديه هذا طويلب علم ليس بعالم، طالب علم ليس بطالب علم، إنما هو مبتدئ في طلب العلم مع ذلك يظن بأنه استطاع أن يقيم الحجة على ذاك الشيخ الأزهري، أو على هذا الدكتور الجامعي.

فأنا أقول لهؤلاء ناصحاً: يا إخواننا! لا تتحمسوا كثيراً من حيث أنكم تستطيعون أن تبلغوا الدعوة، أما أن تحملوا الدعوة في أنفسكم كما فهمتموها من مشايخكم فهذا واجبكم، أما أن تنقلوا الدعوة بأدلتها من الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح فهذا إنما يتعلق بأهل العلم.

من هنا نأتي إلى الآية ولعله يكون نهاية الجواب عن هذا السؤال الثاني قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7] فالمجتمع الإسلامي قسمان من حيث العلم:

قسم عالم، وقسم غير عالم، وعل كل من القسمين واجب، واجب الذي ليس بعالم أن يسأل أهل العلم، وواجب هؤلاء أن يجيبوا من سألوهم، كما قال عليه السلام:«من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار» ولذلك تكون النتيجة إذا قصر العلماء في القيام بواجب الدعوة فسيقوم بهذا الواجب من لا يستحق أن يقوم به وهم من دونهم، وهذا هو الواقع اليوم؛ ولذلك فنحن نحذر كل من هؤلاء وهؤلاء أن يقصروا في واجبهم، نحذر العلماء أن يقصروا في القيام بواجب الدعوة إلى الله عز وجل على المنهج الذي سبق بيانه، ونحذر غيرهم أن يتولوا القيام بما يجب على غيرهم ولا يستطيعون هم أن يقوموا به نحذرهم أن يقوموا به، هذا ما عندي أخيراً بالنسبة لهذا، نعم.

ص: 423

مداخلة: إذا كان هذا الآن كلام يعني: عام كمنهج، إذا أردنا تبيانه بصورة خاصة للإخوة الذين اجتمعنا بهم في جمعيتهم وبالتالي عندهم معهد، الصورة عندهم بشكل مختصر: أنه .. طبعاً هم مستأجرين مبنى جعلوها كجمعية ومدرسة فيها المتوسط والثانوي، التدريس عندهم .. أمر الدعوة عبر حصص بدروس كأنها معهد بشكل منظم، لكن لا يوجد مثلاً أمير يدين الله سبحانه وتعالى بطاعته حتى في الأمور المباحة فإن عصي كأنما عصي الله ما عندهم هذا الأمر، وإنما عندهم رئيس ونائب رئيس لتنظيم أمر الدعوة في المعهد وخارج المعهد، هذه الصورة التي عندهم، فكان السؤال يعني: هل هذا يعتبر دخلنا في التنظيم الغير مشروع أم هذا

؟

الشيخ: لا، لا هذا أمر إداري لا بد منه.

مداخلة: وإن سموا بغير .. سموا مثلاً جمعية

؟

الشيخ: لا يهمنا الأسماء بقدر ما يهمنا المسميات، نعم.

مداخلة: فذكرت لهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما سئل عن الفرقة لم يقل هم أعطاهم اسم مثلاً أهل السنة أو كذا، وإنما وصف حالهم، فإن عرضتم حالكم إلى الكتاب والسنة ..

الشيخ: أخي! التنظيم المستنكر هو التنظيم الذي يراد به إقامة دولة مسلمة في دولة غير مسلمة، التنظيم المستنكر هو الذي تتخذ الوسائل للقيام بثورة ضد الحكم القائم وليس التنظيم الذي هو تنظيم علمي.

نحن .. لعل بعض الحاضرين يعلم أن دعوتنا قائمة على أساسين اثنين، ونرى أنه لا حياة ولا نجاة للمسلمين من هذا الذل الذي ران بهم في كل بلاد الإسلام مع الأسف إلا على هاتين الركيزتين: التصفية والتربية، تحقيق التصفية وتحقيق

ص: 424

التربية هذا لا بد له من تنظيم، لكن التنظيم يدور على الناحية الأولى وهي التصفية، هو المقصود بها كما شرحت ذلك مراراً وتكراراً، هو: قيام العلماء بواجبهم العلمي أن يأخذوا هذا التراث الذي ورثناه من القرون الكثيرة والكثيرة جداً، ودخل في هذا التراث ما ليس منه تارةً خطأً، وتارةً قصداً وكيداً بالإسلام، لا بد لهؤلاء العلماء من أن يقوموا بواجب تصفية هذا الإسلام مما دخل فيه مما هو بريء منه، لماذا؟ ليتحقق أثر هذا الإسلام في المتمسكين به كما تحقق في الأولين المتمسكين به إسلاماً صافياً، لا شك أن إسلامنا اليوم كفكر لا يمكن أن يصور أنه مصفى، كيف وهناك فرق كثيرة جداً ممن ذكرنا آنفاً المعتزلة والخوارج والإباضية والشيعة والرافضة وإلى آخره، كل هؤلاء يدعون الإسلام، فإذاً: لا بد من أن يقوم العلماء بواجب تصفية هذا الإسلام وتقديمه إلى الناس، نحن قلنا آنفاً في قوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7].

(الهدى والنور /735/ 03: 36: 00)

(الهدى والنور /735/ 08: 56: 00)

ص: 425