الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما هو ضابط اهتمام المسلم بالسياسة
؟
مداخلة: ما هو حد الاعتدال في اهتمام المسلم في السياسة اليوم ضمن ضوابطها الإسلامية؟
الشيخ: نعم، إذا كان المقصود بالسياسة هو سياسة الأمة فالحقيقة أن السياسة ليست من عمل أحد من أفراد الأمة أو أفراد من أفراد الأمة، وإنما هي من واجبات الدولة المسلمة، إذا كان المقصود بالسياسة كما هو المتبادر هو سياسة الأمة وإدارة شؤونها لما فيه صالح دينها ودنياها، فهذا البحث فيه الآن في زعمنا بل في اعتقادنا أمر سابق لأوانه؛ لأنه مع الأسف ليس هناك دولة مسلمة تحكم بما أنزل الله كما ينبغي، وإنما هناك دول قائمة بعضها خير من بعض، أو لعل الأصوب أن نقول: بعضها شر من بعض، أما السياسة الشرعية فهي بلا شك فرض من فروض الكفاية، وإنما يقوم بها أهل الشورى، وهل هناك فيما تعلمون مجلس شورى في دولة من الدول الإسلامية مؤلفة أولاً من نخبة من علماء الشريعة، ثم نخبة من علماء متخصصين في كل العلوم التي تعتبر من الفروض الكفائية، فيتعاون هؤلاء العلماء كل في اختصاصه، أنا أقول آسفاً: قد يوجد في مجلس شورى ومما يسمى اليوم بالبرلمانات من كل ذوي الاختصاصات وفي كل العلوم والمجالات إلا العلم الشرعي، فليس هناك أهل شورى يستشارون فيما ينبغي، على الدولة المسلمة أن تفعله وأن تسوس رعاياها على مقتضى الأحكام الشرعية.
فأقول: إذا كان المقصود بالسياسة هو هذا السياسة التي تدار بها الأمة فهذا فرض كفائي، ولكن ليس على الأفراد الذين لا يملكون دولة ولا صولة ولا يملكون ضراً ولا نفعاً، أما تلقي الأخبار ومعرفة ما عليه واقع المسلمين من الضعف، والانصراف عن كما نقول نحن عن التصفية والتربية، عن تصفية الإسلام وما دخل فيه والانصراف عن تربية المسلمين على هذا الإسلام المصفى، فمعرفة هذه الأوضاع العامة المحيطة بالمسلمين لأن الأمر كما قال الشاعر العربي القديم مقتبساً ذلك من حديث صحيح:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه
…
ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه
قلت هذا مستنبط من حديث وعنيت به حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه الذي جاء في صحيح البخاري ومسلم من قوله: «كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن أقع فيه» .
فمعرفة ما عليه المسلمون من الهوان والضعف والذل بصرفهم عن ذلك إلى الأخذ بوسائل العلم والقوة والمنعة، فهذا واجب من الواجبات، أما التوسع في تلقي الأخبار ومعرفة المعارك والسياسات الغربية، فهذا من باب: العلم بالشيء خير من الجهل به، هذا نحن لا ننكره، لكن لا نتحمس له كثيراً؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقم أمر أصحابه على معرفة وتتبع أخبار أعدائه بدقة، بمقدار ما كان يهتم عليه الصلاة والسلام بتعليم أصحابه من جهة وتربيتهم على ما أمر الله عز وجل من جهة أخرى.
هذا اعتقادنا في السياسة بقسميها اللذين ذكرتهما آنفاً.
(الهدى والنور / 698/ 42: 23: 00)