الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل هناك تلازم بين التحزب
المذموم والعمل الجماعي
.. ؟
هل هناك تلازم بين التحزب المذموم والعمل الجماعي المنظم في الدعوة إلى الله؟
الشيخ: العمل الجماعي المنظم في الدعوة إلى الله قد يكون حزباً وقد لا يكون حزباً .. أنا شخصياً ومعي بلا شك أناس أفاضل لا يرون مانعاً من تقسيم الأعمال بين أفراد المسلمين بل وجماعاتهم، فكل جماعة تقوم بواجب على النحو الذي ذكرته آنفاً، بالنسبة للمجددين، ولكن كما أننا لا نتصور بين أولئك المجددين وإنما يجمعهم دائرة الإسلام الواسعة على ما قد يكون في كل فرد من هؤلاء الأفراد من نقص كما ألمحت إليه آنفاً كذلك أقول في الجماعات التي تنظم أمرها للقيام بالدعوة إلى الإسلام .. إذا كانت هذه الجماعات ليس بينها تباغض وتدابر وتعادي يصل الأمر إلى أن يتحزب الفرد في هذه الجماعة على الجماعة الأخرى بالباطل فهذه الجماعات لا بد من وجودها لكن لا بد من أن تكون مرتبطة بمبدأ وبمنهج موحد .. لا بد من هذا تماماً.
ولهذا أنا أصرح أحياناً فأقول: أنا لا أنكر أن يكون في المسلمين جماعة اسمهم الإخوان المسلمين، أو جماعة اسمهم جماعة التبليغ، أو جماعة اسمهم حزب التحرير، أنا أنكر هذه الجماعات اليوم لكن لا أنكر أن يكون مثل هذه الجماعات إذا كانت تتفق مع دعوة الحق وهي اتباع الكتاب والسنة مع من كانت وحيثما كانت، فلما كانت هذه الجماعات ولنسمها الآن كما هم يسمون أنفسهم هذه الأحزاب .. لما كانت هذه الأحزاب لا تلتقي مع دعوة الحق بل ويصرحون
في كثير من البلاد أن هذه الدعوة التي تدعون إليها هي تفرق ولا توفق كأنهم يعنون أن غاية الإسلام هو الجمع بين متناقضات كما هو شأن بعض الجماعات القائمة اليوم فهي تجمع بين السني وبين البدعي .. بين السلفي وبين الخلفي وهكذا.
وقد يكون في بعضهم من هو ليس كما يقال اليوم هو من أهل السنة والجماعة، وهذا يذكرني بكلمة سجلتها آنفاً عندي أردت أن ألفت النظر بمناسبتها: جاء في كلمتك بارك الله فيك ذكر أهل السنة والجماعة .. هذا الاسم أرى أن استعماله اليوم لا يعبر عن دعوة الحق؛ ذلك لأن هذا الاسم أهل السنة والجماعة كان ولا يزال يطلق على مذهبين عقديين هم الأشاعرة والماتريدية فهؤلاء هم أهل السنة والجماعة وما كان يخطر في بال أحد هؤلاء الذين ورثنا منهم هذا الاصطلاح أنه يدخل في أهل السنة والجماعة أهل الحديث أتباع السلف الصالح.
لهذا وقد أمرنا أن نُكَلِّم الناس على قدر عقولهم فأنا أرى أن نستعيض بديل هذه الكلمة هي التي نحن ندندن دائماً حولها وحينما نؤكد على الناس أنه لا يكفي اليوم أن نقتصر في الدعوة على الكتاب والسنة فقط وهذا لا بد منه وإنما يجب أيضاً أن نضم إلى دعوة الكتاب والسنة ضميمةً أخرى هي الحكم الفصل بين كل الجماعات التي تنتمي إلى الإسلام مع البعد الشاسع القائم بينها.
فمثلاً الشيعة والرافضة هم ينتمون إلى الكتاب والسنة، وهم يزعمون أنهم يعملون بالكتاب والسنة، لكن السنة عندهم لها مفهوم غير المفهوم عند أهل السنة، يعني: عند أتباع المذاهب الأربعة، ثم هؤلاء الأتباع أتباع المذاهب الأربعة كماهم اليوم ونحن نعيش اليوم لا يفهمون السنة كما جاء في السنة حينما ذكر الرسول عليه السلام الفرق الثلاث والسبعين وقال عنها: كلها في النار إلا واحدة ووصف الفرقة الناجية بأنها التي على ما كان عليه الرسول عليه السلام وأصحابه الكرام، لا يفهمون السنة بهذا القيد، أي: ما كان عليه أصحاب الرسول
- صلى الله عليه وآله وسلم وما كان عليه الخلفاء الراشدون؛ لذلك ما ينبغي للداعية المسلم أن يدندن فقط حول دعوة المسلمين إلى الكتاب والسنة وهذا لا بد منه، بل لا بد أن يضم الفارق بين هذه الدعوات التي كلها تزعم وتدعي الانتماء إلى الكتاب والسنة.
وأنا في علمي أن الجماعات القائمة اليوم تأبى الانتساب عملياً - لا أقول: اسماً - تأبى الانتساب عملياً إلى السلف الصالح؛ ذلك لأن هذا الانتساب يضيق عليهم دائرة الانفلات من بعض الأحكام الشرعية باسم التأويل الذي هو عين التعطيل فضلاً عن أن يرضوا الانتساب اسماً لهذا فهم ينكرون علينا انتسابنا إلى السلف الصالح وأخيراً إذا سئل أحدنا: ما مذهبك فنقول: سلفي، سيقول لك: ما معنى سلفي؟ قل: مسلم كما سمانا الله عز وجل في القرآن الكريم، وهذه كلمة ظاهرها جيدة لكن باطنها ليس كذلك!
في هذه الغرفة بالذات جرى بيني وبين أحد المنتمين إلى العمل بالكتاب والسنة وهو إلى حد ما معنا في ذلك لكن تعلمون أن الأمر يختلف اختلاف .. تضلع هذا المنتسب في علم الكتاب والسنة فقد يخفى عليه شيء كثير من علم الكتاب والسنة، لكن هو يقول: لا يقول: أنا حنفي أو شافعي، أو مالكي، على الكتاب والسنة لكن بقدر ما بلغه من العلم.
ففي كثير من الجلسات التي قامت بيني وبينه والمباحثات عرفت ولمست منه أنه يفر من هذا الانتساب وبخاصة اسماً: سلفي! فوجهت إليه السؤال التالي وأظن حكاية هذه الجلسة مفيدة من هذه الناحية، قلت له: لو سألك سائل: ما مذهبك؟ قال: أقول له مسلم، قلت: هذا ليس جواب السؤال، قال: لم؟ قلت: لو سألك سائل: ما دينك؟ ما جوابك؟ هو نفس الجواب، بينما ينبغي أن يختلف الجواب باختلاف السؤال .. سؤالي: ما مذهبك؟ فوضح له بداهة أن جوابه خطأ؛ ولذلك عدله لكن لم يعتدل، قال: إذاً أقول: أنا مسلم على الكتاب والسنة .. صواب لكن لا يكفي اليوم لا يكفي، قلت: لو كان المسئول غيرك من هؤلاء