الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم التحزب والعمل التنظيمي
مداخلة: كنا سألناكم في السابق على التنظيم .. تنظيم الدعوة في الجماعة، وسمعنا منكم سابقًا في حديثكم حول الجماعة يعني: أن الواجب على الجماعات أن يتكاملوا في العمل، أن يعمل كل واحد حسب تخصصه، ومن خلال استماعنا لكم في المدة الأخيرة هذه أنكم تمنعون التحزب والعمل التنظيمي، كيف نوفق بين القولين؟
الشيخ: لا لازم
…
التنظيمي الآن نحن اجتمعنا هنا على تنظيم، أليس كذلك؟ نحن نقر تنظيمًا وننكر تنظيمًا، فالتنظيم الذي ننكره هو ما يهتف به الناس الذين يريدون أن يقيموا دولة الإسلام ما بين عشية وضحاها بهذه التنظيمات التي تقوم على ما يشبه التنظيمات المعروفة لدى غير المسلمين، تنظيمات سرية مثلًا .. استعدادات مادية أن تقوم مثلًا دولة في وسط دولة وما شابه ذلك أو دويلة في وسط دولة وهكذا، التنظيمات هذه التي يدندن حولها كثير من المتحزبين فهذا الذي نحن ننكره.
أما التنظيم في سبيل تدريس العلم وتوجيه الناس وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ونحو ذلك من الأحكام المقطوع بشرعيتها في الإسلام، فهذا نحن لا ننكره.
باختصار: إذا كان التنظيم ينتج منه تحزب فهذا الذي ننكره، أما التنظيم الذي لا يترتب من وراء التحزب والتحزب الذي لا يترتب من ورائه تفريق الأمة إلى
شيع وفرق وأحزاب، فهذا نحن لا ننكره ولا يستطيع الإنسان أن ينكر تنظيمًا يساعد على نشر العلم وعلى توعية الناس وعلى تثقيفهم وتربيتهم على أساس الإسلام الصحيح.
ولعله لا تناقض بين ما كنت سمعت قديمًا
…
مداخلة: لكن هؤلاء الجماعات نعرف أنهم متحزبون، يعملون بعمل التنظيم السياسي ..
الشيخ: أنا ما قلت جماعة معينة هذه مشروعة أو غير مشروعة، أنا أقول: أي جماعة تتحزب وتتكتل ويترتب من وراء ذلك ما تعلمون بيعة رئيس الجماعة وما شابه ذلك فهذا مما يزيد المسلمين فرقة واختلافًا.
مداخلة: نقل من بعض أهل العلم، وأنا أعلم أن هذا النقل غير سليم وغير صحيح، نقلوا نقلًا من كتاب: حياة الشيخ الألباني للشيباني كلامًا مختصرًا، وقالوا: بأن الشيخ الألباني يرى جواز الأحزاب .. تكوين الأحزاب السياسية والدخول فيها، مع أن المعلوم عنك خلاف هذا كله.
الشيخ:
…
هذا
…
لكن يمكن كلام الأخ، أنا أقر أن تقوم كل جماعة بطرف بواجب من الواجبات
…
مداخلة: باختصاصها.
الشيخ: نعم، باختصاصها هذا أقره ولا
…
فيه أبدًا، يعني: أضرب مثلًا سهلًا بسيطًا جدًا وهو: لا أنكر أن يكون هناك جماعة أو طائفة من المسلمين يقومون مثلًا بتمارين رياضية في حدود الشريعة الإسلامية؛ لأن هذا واجب كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وعلى ذلك فقس: أن يكون هناك جماعة يقومون
بتعلم علوم، لا يقوم بها أمثالنا نحن من
…
لكن كل هذه الجماعات يجب أن يعيشوا في حلقة واحدة، وهي: دائرة الكتاب والسنة، وليس هناك اختلاف في الأصل الذي ينبغي أن يقوم عليه صرح الإسلام ومجد الإسلام، فهذا أنا أقره وأقول به دائمًا وأبدًا، لكن هذا شيء والتحزب الذي ننكره والذي يترتب من ورائه أن تتحزب كل طائفة لجماعتها، ثم أن يزدادوا تباعدًا وتباغضًا ونحو ذلك هذا شيء آخر.
مداخلة: وهذا ما قلت
…
القضية هذه، قلت: لما قال الشيخ هذا الكلام يعني به: أن مثل هذه الطائفة تختص بالكتابة وفي السياسية، وطائفة تختص بكتابة
…
إلى أن تقوم الدولة الإسلامية فكل بعد ذلك
…
الشيخ: ولا يمكن أن تقوم الدولة الإسلامية إلا على هذه التخصصات، لا على التحزبات.
مداخلة: فإن خلال ما رأينا ما كتب هؤلاء التنظيميون مثلًا الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في كتاب: العمل الجماعي وكثير منهم، سرور كذلك في كتاباته يعني: يقولون بأن الشيوخ السلفيين وسواء السلفية المعاصرة أو القديمة مثل الشيخ محمد بن عبد الوهاب يحتجون، يقولون: إنه كان لديه تجمع، قام بتجمع من خلال دعوته، ونشر دعوته الإبداعية وخرج خارج الجزيرة.
الشيخ: لا بأس يا أخي! التجمع .. كلمة: التجمع كلمة
…
مطاطة، كلمة سياسيين، تضيقها تضييق
…
تتسع، نحن الآن كما قلنا آنفًا: ألسنا متجمعين؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: أهناك أحد ينكر هذا التجمع؟
مداخلة: لا.
الشيخ: لكن التجمع الذي أشرنا إليه آنفًا الذي هو في الحقيقة واقع التكتلات الحزبية اليوم في الأراضي الإسلامية: محاولة إيجاد دويلة صغيرة ضمن دولة كبيرة؛ لأن لهم آراء تتعلق بهذه الدولة، منهم من يصرح بأن الحكام كفار .. منهم من يقول: إن الحكام كفار فيجب الخروج عليهم ونحو ذلك من الأقوال، هذا لا تنبع من التجمعات العلمية
…
التي نحن أشرنا إليها، وإنما تنبع من التكتلات والتحزبات السياسية، ثم هذه التحزبات والتكتلات السياسية مع الزمن إن كان عندها شيء من الثقافة الإسلامية الصافية تبدأ تضمحل وتذوب وتذوب؛ لأن الجهد سيتوجه إلى الناحية السياسية المحضة، فهذا التجمع وهذا التكتل وهذا التحزب لا ينبغي نحن أني يطغى علينا أن هذا شيء والذي يأمر به الإسلام وقامت به كل الجماعات الإسلامية على مدى الزمان فهذا شيء آخر.
انظر الآن أخونا عبد الرحمن عبد الخالق: عبد الرحمن عبد الخالق هو صاحبنا وأخونا، وهو تلميذي في الجامعة الإسلامية وله كلمات يذكر فيها أو يذكرني فيها بخير، لكن مع ذلك مع الزمن هو تطورت ناحية السلفية فيه؛ لأن العمل السياسي يضطر أن يتزحزح القائم على هذا العمل والخروج ولو بعض الشيء، وقد يكون الخروج فيما بعد أكثر وأكثر.
هو مثلًا يقر جماعة التبليغ على عجرها وبجرها! لماذا؟ لأنها تعمل للإسلام، هذا
…
وأنا أقول: إن جماعة التبليغ كجماعة كثيرون منهم مخلصون، لكن الخط الذي هم سائرون فيه لا يوصل أبدًا هذه الجماعة، أولًا إلى .. إذا جاءهم الأجل أن يموتوا على التوحيد الصحيح .. على عقيدة صحيحة، وماذا يهم المسلم إذا لم يستطع أن يقيم دولة الإسلام على أرض الإسلام؟ لكنه يستطيع أن يقيم دولة
الإسلام في قلبه، وماذا يهمه هو إذا لم تقم دولة الإسلام على الأرض إذا أقامها في قلبه؟ ولكن العكس تمامًا: قامت دولة الإسلام، لكن دولة الإسلام في قلبه لم تقم، ما الفائدة من ذلك؟
فجماعة التبليغ كما تعلمون
…
بحاجة تفصيل القول: لا يدرسون التوحيد .. لا يدرسون الحديث والسنة، كل منهم مثل الإخوان المسلمين كما يقولوا عندنا في بلاد الشام: كل من على دينه الله يعنيه! يعني: هذا حنفي .. هذا حنبلي .. هذا مالكي .. هذا شافعي .. هذا صوفي .. هذا سلفي، كل هذا ما في اختلاف بينهم؛ لأنه ليس لهم هدف اتباع قوله تعالى:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] هذا الأمر ممكن جماعة التبليغ لا يسعون إليه، إلى ماذا يسعى جماعة التبليغ؟ إلى شيء سهل سمح، أشبه ما تكون .. وعفوًا لا
…
بهذا الكلام! دعوة النصارى .. الرهبانية .. التقدم في الأخلاق الحسنة .. لا تزني .. لا تسرق .. لا تكذب .. لا تستغل، إلى آخره، أما العقيدة فلو كان الصراع بين
…
فلا بأس من ذلك، هذا ليست من الإسلام.
تركنا جماعة التبليغ جانبًا أخذنا مثلًا الإخوان المسلمين: مضى عليهم نحو نصف قرن من الزمان وهم لم يتقدموا لا إلى الإسلام الذي ينشدونه أن يكون حكمًا في الأرض، ولا إلى الإسلام الذي أمرهم رئيسهم الأول بقوله: أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم، لا هذا أقاموا ولا ذاك، ولن يستطيعوا إلا إذا ساروا على الدرب.
جاء أخونا عبد الرحمن فأراد أن يوفق، أن يجعل سلفية إخوانية وهذا مستحيل، لا يمكن الجمع بين صفين أبدًا:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153].
أنا في الواقع ألاحظ بعض الملاحظات: أجد شباب الإخوان المسلمين قديمًا كانوا يتزيون بالزي الإفرنجي، لماذا؟ لأن الرئيس الحسن البنا هكذا عمل، لكن هو استطاع أن
…
من جرأته الأدبية أن يخالف الجو المصري هناك في شيء واحد وهو أنه عفى لا أقول عن لحيته، عفى عن بعض لحيته طيب! ثم جرى الإخوان المسلمين في كل بلاد الإسلام على التزي بزيه، لن تجد رجلًا من الإخوان المسلمين له لحية طويلة، صار شعار لهم.
مداخلة: الغالب نعم.
الشيخ: لا، أنا ما رأيت أحدًا منهم، يعني: من الإخوان وله لحية كاملة، ممكن أن يكون قبل أن يكون إخوانيًا، يمكن أن يكون له لحية بناءً على
…
المذهب، ثم صار من الإخوان، أما نشأ وتربى في جملة الإخوان المسلمين ومع ذلك اتبع السنة، ولم يتبع السنة
…
هذا ما عرفوه، فكل الشباب المسلم الآن خاصة في بلاد أوروبا يتزيون بزي حسن البنا، لماذا؟ لأنهم تأثروا بمنهجه ولم يتأثروا بمنهج نبيهم عليه الصلاة والسلام، هذا التحفظ حسبكم مثالًا إلى ما يؤدي إليه بأصحابه.
ومن ذلك أيضًا أنهم لا يرونهم، إن وجدت من الإخوان سلفيًا فلن تجده داعيةً سلفيًا وإنما هو لنفسه ولذات نفسه، أما الآخرين فكما قلنا آنفًا: كل من على دينه الله يعينه! هكذا.
ليس هذا هو الفرق، فإذا كانت الجماعات كلها تتفق على السير على ما كان عليه السلف الصالح، وكل جماعة تعمل كما لو فرضنا أفرادًا، هذا يعمل في الحديث، وهذا في الفقه، وهذا في التفسير .. هذا في اللغة .. هذا في الاقتصاد .. هذا في السياسة، بلا شك لو فرضنا العلوم عشرين علمًا فرضًا، فقام عشرين
شخص بهذه العلوم في العالم الإسلامي لا يكفي، يجب أن يكون مئات في كل علم أن يكون فيه مئات، فيقوموا بالواجب الكفائي هذا، لكن ليسوا إما متكتلين كتلة واحدة يجمعهم قال الله قال رسول الله، إذا فعلوا هذا فهو نِعْم العمل ..
مداخلة: هذا لا يعني أن طائفة منهم تختص بالسياسة وتعمل بالسياسة؟
الشيخ: تعمل في السياسة لكن في حدود
…
الإسلام الكتاب والسنة، وليس يعني: تحزب وتكتل بهذا العمل، بحيث لا نتعرف على الجماعات الأخرى ونعاديها ونحاربها،
…
ذلك نحن نقول: من مزايا الدعوة الإسلامية السلفية أنها تتسع لكل الجماعات، وليس هناك جماعة تتسع لكل الجماعات إلا هذه الجماعة التي تتمسك بالدعوة على الكتاب والسنة، فمن كان هكذا ويعمل في جانب من هذا الإسلام نحن لا نعيبه ولا نأخذ عليه؛ لأنه لا يمكن إلا هذا.
مداخلة: يجوزون العمل؛ لأنهم شبه سياسية .. والقاعدة: ما لا يتم إلا به فهو واجب، يعني: ما ضابط هذه القاعدة؟
الشيخ:
…
الآن يا أخي كلامي واضح في هذا، يعني: الآن أنا متخصص في اللغة؟
مداخلة: في علم الحديث.
الشيخ: قد أكون متخصصًا في علم الحديث، لكن إذا كنت أنت متخصصًا في اللغة تعاديني؟
مداخلة: لا.
الشيخ: أعاديك .. تتحزب .. تتكتل أنت وجماعتك الذين تعملون في اللغة؟ لا، كل واحد منا يكمل الآخر .. كل جماعة تكمل الجماعة الأخرى، وهكذا، لما تكون جماعات على هذه الصورة، فحينئذٍ نحن نقول: هذا هو العمل الإسلامي .. هذا هو العمل الجماعي، وليس هو التحزب.
مداخلة: طيب يا شيخ! هم ينتمون إلى أحزاب معينة، يعملون
…
العمل السياسي،
…
شخص أو داعية من الدعاة مختص مثلًا في الحديث، وهذا مختص في اللغة، هل هذا كلامكم نفهم أن نتعاون معهم؟ وهم يرون العمل الدعوي من خلال
…
الشيخ: نعم، أنا أتعاون معهم ولكن، ما موقفهم معي ومع أمثالي
…
والجواب: لا، نحن نتعاون معه، ولذلك أنا عندما كنت في سوريا أنا كنت مع الإخوان المسلمين كأني واحدًا منهم، يعني: كنت أدعوهم إلى الكتاب والسنة وأجد منهم التجاوب معي كثيرًا، فمثلًا
…
الذي هو
…
المعروف، غير الشاويش كذلك إلى آخره، لكن تتغلب عليهم الحزبية ولا بد، لا يدعون إلى الكتاب والسنة؛ لأنهم يعتقدون أن الدعوة إلى الكتاب والسنة تفرق.
وأنا أقول بكل صراحة: نعم تفرق، لكن تفرق بين الحق والباطل .. تفرق بين المبطل وبين المحق، فهذا لا بد منه، والرسول ما أرسل إلا لهذا، ولذلك يعجبني حديث في صحيح البخاري: أن ملكين نزلا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فتحدث أحدهما عن هذا النائم الذي هو الرسول عليه السلام، فجاء في وصفه أنه مفرق، فالرسول مفرق، أي: مفرق بين الحق والباطل، فهؤلاء بسبب تكتلهم اللاعلمي يحاربون العلم، ويقولون جماعة التبليغ تمامًا: إذا سرت معهم ودعوت إلى ما هم يدعون إليه فقط من تعليم
…
والسرقة
…
وإلى آخره، فهم راضون عنك، أما إذا دندنت حول التوحيد .. دندنت حول السنة .. دندنت حول التحذير عن البدعة، يقولون أيضًا بتعبير سوري: الناحية
…
لا تقترب، يعني: ناحية الشيء الحساس يعتبر لا تقترب منه.
إذًا: كيف يتفاهم هؤلاء إذا كنا نحن نمد أيدينا إليهم بالتعاون كل في مجاله فهم يأبون علينا أن يتعاونوا معنا، هذه نقطة مهمة جدًا فيجب أن نتنبه لها.
(فتاوى جدة- أهل الحديث والأثر (27) /00: 16: 35)