الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتقع المدينة في الحجاز أيضاً، وهي أقدم عاصمة للدولة العربية، وتلي مكة في الشرف عند المسلمين من الناحية الدينية، فإلى المدينة هاجر محمد، وفيها توفي بعد أن وطد دعائم دينه.
وتحيط بالمدينة أرض جديبة كما تحيط بمكة، ولا تنبت هذه الأرض ما يحتاج إليه أهلوها من الحبوب، فيجلب هؤلاء الأهلون ما يضطرون إليه منها من ميناء ينبع الواقع على ساحل البحر الأحمر.
وأصبحت المدينة ذات غنى وثراء بفضل تقوى الحجاج وبرهم، وتتألف بيوتها، المبنية من الحجارة المنحوتة، من طبقتين على الأقل، وشوارعها مبلطةٌ، ويحيط بها سور مرتفع.
وليس في المدينة مبانٍ قديمة، خلا مسجدها المشهور الذي دفن فيه محمد بعد أن كان يعلم الناس فيه أحكام الإسلام، وصارت المدينة، بفضل قبر الرسول، مكان حج وزيارة مهم مثل مكة تقريباً.
(3 - 4) بلاد عسير
تقع بلاد عسير الواسعة بين الحجاز واليمن، وكان الأوربيون يجهلونها حتى أوائل القرن التاسع عشر، ونحن لا نعلم من أمرها سوى أنه يسكنها قوم مقاتلون، وأنها ذات مدن مهمة كثيرة.
(3 - 5) بلاد اليمن
تتألف بلاد اليمن من القسم الجنوبي الغربي من جزيرة العرب، وهي أغنى جزيرة العرب وأخصبها وأكثرها سكاناً، وهي أهم جزء من البقاع التي كان يسميها القدماء «بلاد العرب السعيدة.»
ويتعاطى سكان اليمن الزراعة والتجارة معاً، وترجع علاقاتهم بالمصريين والفرس والهنود وغيرهم إلى أقدم القرون.
واليوم يدين أهل اليمن بالطاعة لمن يسمونه «الإمام» ، ويقيم الإمام بصنعاء التي يبلغ عدد سكانها ستين ألفاً، ومن قول العالم الجغرافي العربي الإدريسي عن صنعاء: أنها كانت مقر ملوك اليمن وعاصمة جزيرة العرب، وأنه كان لملوكهم قص متين شهير،
وأنها كانت تشتمل في زمانه على عدة قصور تحيط بها الحدائق الواسعة، وعلى بيوتٍ مصنوعة من الحجارة المنحوتة ومحتويةٍ نوافذ زجاجية، وأن فيها عشرين مسجداً تعلو أكثرها قباب مذهبة فتساعد على تزيين هذه العاصمة القديمة.
وأتيح لغروتندن أن يزور صنعاء، فوصف موكب الإمام فيها يوم الجمعة بما يأتي:«يشق طريق المسجد خمسون أعرابياً مدججون بالسلاح سائرون ستة ستة منشدون بعض الأناشيد، فيأتي خلفهم أمراء البيت المالك راكبين عتاق الخيل حاملين رماحاً طويلة تعلوها رايات خفاقة، فيأتي الإمام خلف هؤلاء الأمراء ممتطياً صهوة جوادٍ أشهب ناهض من جياد الخيل التي تربى في صحراء الجوف بشمال صنعاء، والتي تعدل خيول نجد سرعة ورشاقةً وتزيد عليها علواً، حاملاً بيده اليمنى قناةً ذات قارية من فضة ومقبض من ذهب منقوش، متكئاً بيده اليسرى على كتف خصيًّ، تاركاً العنان لاثنين من عبيده، متقياً وهج الشمس بمظلة وسيعة مهدبة ذات جلاجل من فضة، فيأتي خلف الإمام سيف الخليفة مستظلاً بمظلة أقل أهمية من تلك، فيأتي خلف سيف الخليفة قائد الجيش وأقرباء الإمام وخواص ضباطه، فمائة أعرابي مسلح» .
ولا تزال صنعاء أهم مدن جزيرة العرب، وقال مسيو هاليفي الذي زارها منذ زمن قريب:«يذكرنا فن عمارتها بالمباني الشهيرة التي شيدت على حسب فن العمارة الإسلامية» .
وتشتهر مدن اليمن، ولا سيما الروضة القريبة من صنعاء، بحدائقها وبيوت لهوها، ويستعان في الروضة بالكرمة في صنع العرش كما يستعان بها في إيطالية.
وتقع بعد ثلاثين فرسخاً من صنعاء خرائب مدينة مأرب أو سبأ التي كانت عاصمة البلاد في غابر الأزمان، فغدت اليوم قريةً، وكانت تلك الخرائب تشتمل في زمن الإدريسي، الذي ألف كتابه في القرن الثاني عشر من الميلاد، على أنقاض قصرين أقام أحدهما سليمان وأقامت الآخر نساء داود (! ) وكانت الملكة التي زارت سليمان تملك سبأ كما روت كتب اليهود.
ومن بين من اليمن المشهورة نذكر المرفأين، مخا وعدن، الواقعين على البحر الأحمر، وتنحصر أهمية مدينة عدن المتهدمة، التي استولى عليها الإنكليز، في موقعها، وكانت عدن فيما مضى زاهرة كثيرة السكان، ومما قاله العالم الجغرافي الإدريسي عنها منذ ستمائة سنة «أنه يجلب إليها من السند والهند والصين ثمين الأدوات كنصال السيوف المرصعة والجلود المحببة والمسك وسروج الخيل، والفلفل والبهار والنارجيل والأبازير والهال،