الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شكل 7 - 10: لوح باب خشبي لردهة السفراء في القصر بأشبيلية (متحف العاديات الإسباني).
(4 - 1) التصوير:
من الأقوال الشائعة أنه حرم على المسلمين تصوير الرب والموجودات الحية، ويعزو القرآن، أو تفاسير القرآن على الأقل، هذا المنع إلى النبي.
والواقع أن المسلمين لم يكترثوا لذلك إلا في زمنٍ متأخر، وأنهم تجاهلوه زمناً طويلاً كما تجاهلوا منع ذلك الكتاب المقدس للعبة الشطرنج والشرب بآنية من ذهبٍ أو فضة.
وكان الخلفاء أولَ من خالف حظر تصوير ذوات الحياة، وظهر من صور النقود التي نشرناها في هذا الكتاب أنهم لم يتردَّدوا في رسم صورهم على نقودهم.
والصور التي على النقود أو الصور غير القليل التي على الآنية العربية من الأدلة المفيدة على استعداد العرب للرسم، على معرفتهم للتصوير، ويمكن الاستدلال على معرفة العرب للتصوير بما ذكره مؤرخوهم الذين أنبأوا بوجود عدة مدارس عربيةٍ كثيرة للتصوير فيما مضى، ومن هؤلاء المؤرخ المحقق المقريزي الذي ترجم مصوِّرَين من المسلمين، وذكر أنه وُجد في قصر الخليفة المستنصر، حين نُهب في سنة 460 هـ،
ألفُ قطعة من المنسوجات مصورة عليها حاشيةُ خلفاء العرب مع مقاتلين ورجالٍ مشهورين، وكانت البُسُط المصنوعة من نسائج الذهب والحرير والمخمل مستورةً بتصاوير ممثِّلةٍ لرجال من كل نوع.
ويدل ما ذكره المقريزي على حِذْق مصوري عرب القاهرة في القرن العاشر من الميلاد، وقد رَوَى وجودَ صورتين لمغنيتين تبدو إحداهما، وهي لابسةٌ ثوباً أبيض على أساسٍ أسود، كأنها داخلة في الجدار المصورة عليه، وتبدو الأخرى، وهي لابسة ثوبًا أحمر على أساس أصفر، كأنها خارجةٌ منه نحو الناظر.
شكل 7 - 11: إسكملة خشبية مرصعة في القاهرة (من صورة فوتوغرافية).
ويظهر أن مصوري ذلك الزمن كانوا من المتقنين لضروب فنِّ المناظر، فاستطاعوا تصوير السُّلَّم الذي روى المقريزيُّ وجودَه في أحد قصور القاهرة على شكل يخيَّل إلى الناظر معه أنه حقيقي.
ويحتوي كثير من المخطوطات العربية على صور، ولا سيما المخطوطات الخاصة بالتاريخ الطبيعي، وترويض الخيل
…
إلخ، ولا يزال يوجد في المكتبات نسخٌ قديمة من مقامات الحريري زيَّنها العرب بالصور، وذكر الغزيري أن أحد المخطوطات في مكتبة الإسكوريال يشتمل على أربعين صورةً لملوك العرب والفرس والملِكات والقادة وأعاظم الرجال
…
إلخ، وأن هذا المخطوط يرجع إلى القرن الثاني عشر.
ويعلم جميع زائري الحمراء أن سَقف قاعة الحكم فيها يشتمل على صور لمختلف الموضوعات، كمجلس أمراء من العرب، وكمطاردة فارس مغربي لفارس نصراني مطاردة المنتصر
…
إلخ، وإن وُجد خلافٌ في مصدرها، ولم يتردد مسيو لافوا في عَزْو قسم منها، على الأقل، إلى العرب، وهي لا تدل على نبوغ فني في مصوريها كما رأيتُ.
شكل 7 - 12: إسكملة خشبية عربية في القاهرة (من صورة فوتوغرافية)
ومع ذلك فإن تلك الوثائق والآثار لا تكفي للحكم في أمر مصوري العرب، وإنما يمكن تقدير نبوغ رساميهم بصور الحيوان والإنسان التي اشتملت عليها مخطوطاتهم أو مصنوعاتهم المعدنية.