الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شكل 7 - 19: صندوق صغير مصنوع في قرطبة من العاج المنقوش، وذلك في القرن العاشر من الميلاد (متحف كنسنغتن)(من صورة فوتوغرافية التقطها شارل رلفا).
(4 - 8) الصناعة الخزفية:
استعمالُ الخزف المطلي بالميناء الملون قديم جداً، وقد وُجدت قطعٌ منه في بقايا القصور الفارسية القديمة، ولم يلبث العرب أن استخدموه بدلاً من الفسيفساء؛ لما يتطلبه صنع الفسيفساء من انقضاء زمنٍ أطول من الزمن الذي يتطلبه ذلك، ومن مصاعب أشد مما يستلزمه ذلك، وتجد في أقدم المساجد، كمسجد قرطبة ومسجد القيروان
…
إلخ، نماذجَ شتَّى للخزف المطلي بالميناء.
وما اتفق للعرب في فنِّ العمارة بسرعةٍ اتفق لهم مثله في صناعة الخزف، وقد استطاع العرب، بعد أن اقتبسوا من الأمم الأخرى طُرُق صُنع الخزف الفنية، أن يبتدعوا منه، في بلاد الأندلس على الخصوص، قطعًا مبتكرةً رائعةً متقنةً لم يسبقهم إليها أحد كمالاً.
وترجع صناعة المسلمين للخزف المطلي بالميناء في بلاد الأندلس إلى القرن العاشر من الميلاد، وقد كان لهم فيها مصانع شهيرةٌ تبيع مصنوعاتها في جميع أنحاء العالم، وقد شاهدنا في قصر الحمراء ألواحًا رائعةً مستورة بالخزف المطلي بالميناء ذي الانعكاس المعدني، ومصنوعةً في القرن الثالث عشر من الميلاد ومتشابهةً هي والمصنوعات الإيطالية، التي عُرفت مؤخرًا بالمصنوعات الماجوليكية، تشابهًا يستوقف النظر، وإن في اشتقاق
شكل 7 - 20: إناء عربي مأخوذ من قصر الحمراء (كما جاء في صورة قديمة).
كلمة «ماجوليكة» ، لا ريب من «ميورقة» التي كان فيها مصنع عربي مهم لصنع الخزف المطلي بالميناء دليلًا على أن طُرُق الإيطاليين في صنعه مقتبسةٌ من العرب.
وأشهرُ نموذجٍ لصناعة الخزف المطلي بالميناء الإسلامية هو الإناءُ الذي وُجد في قصر الحمراء، والذي يبلغ ارتفاعه متراً وخمسة وثلاثين سنتيمتراً، وهو مكسوٌّ برسوم زُرْقٍ ذهبية (على أساس أبيض ضارب إلى صفرة) وبنقوشٍ عربية وكتاباتٍ وصورِ حيواناتٍ خيالية تذكرنا بالوَعِلِ، وهو حائز، شكلاً لطابع الإبداع الخاص بجميع آثار العرب.
وكانت أهم المراكز العربية لصناعة الخزف المطلي بالميناء في بَلَنْسِيَة ومالَقَة. قال الرحالة العربي ابن بطوطة مشيراً إلى مالقة سنة 1350 م: «وبمالقة يصنع الفخار المذهب العجيب، ويجلب منها إلى أقاصي البلاد.»