الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف المثل في اللغة:
قال ابن فارس1: "الميم، والثاء، واللام، أصل صحيح يدل على مناظرة الشيء للشيء، وهذا مِثْلُ هذا، أي: نظيره".
وقال الفيروزابادي2: "المثَل، والمِثْل، والمثيل؛ كالشبه، والشبه، والشبيه، لفظًا ومعنًى، والجمع أمثال.
وقد يستعمل المثل -بكسر الميم- عبارة عن المشابه لغيره في معنى من المعاني، أي معنًى كان".
وهو أعمّ الألفاظ الموضوعة للمشابهة، وذلك أن الندَّ يقال فيما يشاركه في الجوهرية فقط، والشكل يقال فيما يشاركه في الكيفية فقط، والمساوي يقال فيما يشاركه في الكمية فقط، والمثل عام في جميع ذلك، ولهذا لما أراد الله نفي التشبيه من كل وجه خصَّه بالذكر، فقال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} 3.
أي: ليس مثل صفته شيء من أوصاف الخلق، فالكاف بمعنى: مثل، والمثل بمعنى: الصفة، وفي الآية تأويلات أخرى4 أهمها هذا التأويل -والله أعلم.
والمثل -بفتح الميم والثاء- يستعمل غالبًا في الأمور المعنوية، لهذا قال تعالى:{لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 5.
وقال -جل شأنه:
1 معجم مقاييس اللغة ج5 ص296 ط2 حلبي.
2 بصائر ذوي التمييز في لطائف القرآن العزيز ج4 ص481.
3 الشورى: 11.
4 للشيخ دراز في كتابه النبأ العظيم ص132، بحث جليل في تفسير الآية، فراجعه إن شئت.
5 النحل: 60.
6 الروم: 27.
وقد نقل الزركشي في البرهان1 عن بعض العلماء في تعليل الفرق بين المِثْل والمَثَل: بأنه لو كان المِثْل والمَثَل سيان، للزم التنافي بين قوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} ، وقوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} .
فإن الأولى نافية، والثانية مثبتة له.
ونحن نسلم أن بين المَثَل والمِثْل فرقًا ما، ولكننا لا نسلم بلزوم التنافي بين الآيتين، فإن قوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} معناه كما قال ابن كثير في تفسيره: "الكمال المطلق من كل وجه وهو منسوب إليه"2.
وأما قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء} فمعناه: ليس مثل صفته شيء من صفات الخلق كما تقدَّمَ.
وبهذا التفسير لا يكون بين آية الشورى وآيتي النحل والروم تنافٍ من أي وجه.
هذا، وقد فرَّق الإمام فخر الدين الرازي -من جهة أخرى- بين المثل -بالكسر، والمثل -بالفتح، فقال:"المثل -بالكسر: هو الذي يكون مساويًا للشيء في تمام الماهية، والمثل -بالفتح: هو الذي يكون مساويًا له في بعض الصفات الخارجة عن الماهية"3.
"وقيل: المكسور بمعنى شبه، والمفتوح بمعنى الوصف"4.
وابن منظور في لسان العرب لا يفرِّق بين المثل بالكسر، والمثل بالفتح، بل
1 ج1 ص49 ط عيسى الحلبي.
2 ج2 ص496". دار الشعب.
3 انظر البرهان للزركشي ج1 ص491.
4 المصباح المنير ص564 ط. دار المعارف.
يجعلها بمعنى واحد فيقول: "مثل كلمة تسوية، يقال: هذا مِثْله، ومَثَله، كما يقال: شِبهه وشَبهه بمعنى"1.
قال الراغب في مفرداته2: "أصل المثول: الانتصاب، والمثل المصور على مثال غيره، يقال: مثل الشيء، أي: انتصب وتصوّر، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحب أن يمثل له الرجال فليتبوأ مقعده من النار" 3.
والتمثال4 الشيء المصوَّر، وتمثَّل كذا تصوَّر، قال تعالى:{فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} 5.
والمثال مقابلة شيء بشيء هو نظيره، أو وضع شيء ما ليحتذى به فيما يفعل.
والمثلة: نقمة تنزل بالإنسان، فيُجْعَل مثالًا يرتدع به غيره، وذلك كالنكال، وجمعه: مَثُلات. قال تعالى في سورة الرعد: {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ} 6.
قال: وقد أمثل السلطان فلانًا إذا نكَّل به، والأمثل يعبَّر به عن الأشبه بالأفضل، والأقرب للخير، وأماثل القوم كناية عن خيارهم.
وعلى هذا قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} 7.
1 انظر لسان العرب ج6 ص4132 ط. دار المعارف.
2 ص462.
3 الحديث أخرجه أبو داود والترمذي ولفظه عند أبي داود: "من أحب أن يمثل له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار". انظر جامع الأصول ج6 ص536 حديث رقم 4748.
4 قال صاحب بصائر ذوي التمييز: التمثال بالفتح: التمثيل، والتمثال بالكسر: الصورة.
5 مريم: 17.
6 الرعد: 6.
7 طه: 104.