الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف القراءات:
"القراءات علم بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها معزوًّا لناقله.
فخرج بهذا التعريف علم: اللغة، والنحو، والتفسير"1.
"أو هي مذهب يذهب إليه إمام من الأئمة مخالفًا به غيره في النطق بالقرآن الكريم، مع اتفاق الروايات عنه.
وهي اختلاف في اللهجات وكيفية النطق وطرق الأداء فقط، من إدغام وإظهار، وتفخيم وترقيق، وإمالة وإشباع، ومد وقصر، وتشديد وتخفيف، وتليين، إلخ، نزل بها جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم، فأقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته.
فكانوا إذا أخذ أحدهم كيفية مخالِفَة لما أخذ الآخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ على مسمع أخيه أنكره، واحتكما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأقرَّ كلًّا على قراءته، وأعلن أنها مطابقة لما أنزل"2.
وقد مرَّ بك ما رواه البخاري ومسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المبحث الذي قبله.
وما رواه مسلم عن أُبَيّ بن كعب.
1 انظر مقدمة تحقيق "إبراز المعاني" ص12.
2 انظر اللآلئ الحسان ص90.
الحكمة من تعدد القراءات:
1-
قد عرفت في المبحث السابق أن نزول القرآن على سبعة أحرف كان تيسيرًا على الأمَّة، فإنها كانت قبائل شتَّى، لكل قبيلة لهجة خاصة يصعب عليها أن نتكلم بغيرها، فكان من فضل الله على الناطقين بالعربية على اختلاف لهجاتهم، أن أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها كافٍ شافٍ، بأيِّ حرف قرأ منها المسلم أصاب.
2-
ومن حكمة تعدد القراءات: التعرُّف من خلالها على حكم الصحيح
وحسم مادة الخلاف عنه التعارض في أقوال الفقهاء، أو ترجيح بعضها على بعض، فإن الفقيه يلجأ في تصويب رأيه إلى وجوه القراءات؛ لعلمه أن القرآن يفسِّر بعضه بعضًا.
فمثلًا: قراءة "يطَّهّرن" بتشديد الطاء والهاء في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} 1.
فقد ذهب المالكية والشافعية والحنابلة، ومن نحا نحوهم إلى عدم جواز وطء المرأة حتى تغتسل اعتمادًا على قراءة "يطَّهَّرن" بالتشديد، أي: حتى يقمن بتطهير أنفسهن من الحيض بالاغتسال.
ومثل ترجيح غسل الرجلين على مسحهما، بقراءة نصب "أرجلكم" عطفًا على قوله تعالى:{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} .
ومن رجَّح مسح الرجلين على الغسل اعتمد على قراءة "أرجلكم" بالجر.
وهكذا ترى الفقهاء يعتمدون على وجوه القراءات في تصويب قراءاتهم، وتصحيح أقوالهم، وترجيح بعضها على بعض.
"ولم تزل العلماء تستنبط من كل حرف يقرأ به قارئ معنًى لا يوجد في قراءة الآخر.
فالقراءات حجة الفقهاء في الاستنباط، ومحجَّتهم في الاهتداء إلى سواء الصراط"2.
فتنوع القراءات بمثابة تعدد الآيات، وسعت مدارك العلماء، وفتحت لهم مجالًا رحبًا للتأمُّل والنظر، وفي ذلك من الإعجاز التشريعي والبياني ما لا يخفى.
3-
وفي تعدُّد القراءات تعظيم لأجر الأمَّة في حفظها، والعناية بجمعها، ونقلها بأمانة إلى غيرهم، ونقلها بضبطها مع كمال العناية بهذا الضبط إلى الحدِّ الذي حاز الإعجاب.
1 البقرة: 222.
2 مقدمة تحقيق "إبراز المعاني" ص12.